طلعت فؤاد قاسم في سجل الخالدين
د/احمد زكريا
===================
إن قلبي يملؤه الوجل والهيبة ،وأنا أفكر في الكتابة عن هذا الجبل الشامخ ،وأعرف أني بهذا المقال أنكأ جرحا غائرا في قلوب أبناء الإسلام لم يندمل بعد حزنا على شيخنا رحمه الله ،وسيحرك الذكريات المرة الأليمة التي صاحبت نهاية البطل الشهيد – نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا.
فقد تربينا على صوته الأخاذ ،وبياناته البليغة،فعلى الرغم من أنه لقي ربه ولم يتم الأربعين من عمره إلا أنه ملأ الأرض دعوة وحسبة وجهادا.
فعلى مثلك يا أبا طلال فلتبك البواكي،ولتحزن القلوب،وليمت الجبناء حسرة وكمدا.
علو في الحياة وفي الممات ×× لحق أنت إحدى المعجزات
إنّه الداعية المجاهد, والكاتب الأديب, والمربّي والخطيب طلعت فؤاد قاسم, الشهير بأبي طلال القاسمي. . كذلك كانت كنيته وبها كان يناديه إخوانه وتلامذته صغيرهم وكبيرهم, فيشرق وجهه بابتسامة وضيئة, مع كلمات من الإجابة والبشر. .
بدأ أبو طلال القاسمي حياته عاشقاً للأدب منذ صباه, وكانت له محاولات أدبيّة وإنتاج واعد في دراسته الثانويّة, حتّى التحق بكليّة الهندسة جامعة المنيا, وهناك - كما كان الحال في كلّ جامعات مصر في منتصف السبعينات- أخذت الصحوة الإسلامية تبعث ضياءها في جنبات البلاد طولاً وعرضاً, ومع أنّ الصحوة كانت لا تزال غضّة طريّة إلا أنّها بدت فتيّة صلبة العود منذ نشوئها .
ولد شيخنا – رحمه الله - في نجع حمادى محافظة قنا، عام 1957 .
حيث التقى منذ طفولته بالشيخ محمد شوقي الاسلامبولى والشهيد خالد الاسلامبولى، حيث أقاما هناك فترة بمناسبة عمل والدهما بشركة السكر.
تخرج فى كلية الهندسة قسم الميكانيكا عام 1988 , وكان من الذين سبقوا الى الصحوة الإسلامية المعاصرة أواسط السبعينيات , عرف بإخلاصه الشديد وتواضعه الجم واندفاعاته من أجل تبليغ الناس دعوة ربهم وعودتهم للالتزام بأحكامه وشريعته وآدابه، فقاد قوافل الدعوة الى المقاهي حيث يجلس عامة الناس للتلهى فيحدثهم أبوطلال حديثا لم يألفوه عن يوم الدين وسبب استخلاف الله للإنسان فى الأرض لعبادته وطاعته فيخرج من حلقته بمن شرح الله صدره للإسلام.
نبوغ مبكر وإيمان صادق
راح الشباب المسلم يتصدّى لمظاهر العصيان باللسان وباليد أيضاً إن لزم الأمر, يدفعه إلى ذلك إيمان خالطت بشاشته القلوب والتزامٌ صادف قلوباً على الفطرة, وعقولاً وجدت ضالّتها بعد حقبةٍ من التيه والحيرة, وبعدما أعلنت كلّ الأطروحات اليساريّة والعلمانيّة إفلاسها وعجزها.
كان التنامي المطّرد للجماعات الإسلامية في جامعات مصر, مع تميّزها الواضح عن الاتجاهات الموجودة يومئذٍ؛ حدثاً حرّك في نفسيّة أبي طلا القاسمي روح التأمّل والتقويم, ثمّ جاءت حركة التغيير الاجتماعيّة داخل مجتمع الجامعة على يد الإسلاميين لتصادف نفسيّةً جسورة توّاقة وقلباً جريئاً غير هيّاب, يعرف ذلك عن أبي طلال كلّ من عاشره.
فسرعان ما دلف الرجل إلى حياة الالتزام, وقد كان لنشأته الدينيّة دور كبير في تهيئته لسلوك هذا الطريق, وما أن خطى فيه الخطوة الأولى حتّى هرول متقدّماً الصفوف, أهَّله لتلك المكانة الخاصّة قوّة الحافظة, وفصاحته الخطابيّة, وشخصيّته الآسِرَة التي حازت احترام إخوانه ومحبّتهم منذ عهده بالالتزام.
فتولّى مسؤولية الجماعة الإسلامية بكليّته ثمّ أميراً لجامعة المنيا كلّها في الفترة ما بين 79-1981م, ولقد كان للقاسمي دور كبير في الحفاظ على التوجّه السلفي للجماعة الإسلامية داخل جامعة المنيا.
وكانت جامعات الصعيد قد توحّدت تحت مجلس شوري واحد برئاسة د. ناجح إبراهيم, واختير طلعت قاسم ليكون أحد أعضاء المجلس المختار على مستوى الجامعات.
وفى عام 1980 أقامت الجماعة الإسلامية فى صعيد مصر سوقا خيريا للسلع المعمرة يواجهون بها حالة الغلاء التي استعرت فى مصر وغياب بعض السلع التموينية ، فقدمت الجماعة فى سوقها هذه السلع بأسعار التكلفة ، وكان الشيخ طلعت فؤاد قاسم هو المسئول عن متابعة إنشاء الأسواق فى المحافظات المختلفة ،ومع إصابة الشيخ في قدمه ووضعه في الجبس لحادث ألّم به ، ورغم ذلك
فهو يتنقل هنا وهناك ويواصل الليل بالنهار دعوة إلى الله عز وجل،وهو دائما في إقبال على الله وهدوء شديد يغلف كلماته يحمل على الاعتقاد أنه يكبر سنه بمراحل كثيرة وأنه يحمل هموما كبيرة .
كان أبو طلال القاسمى شديد الولوع بالدعوة الإسلامية والاحتكاك بالناس وهموم العمل العلني , لذلك تعرض للابتلاء سريعا ، و لانه يمارس الدعوة العلنية فقد شمله قرار التحفظ
الذي أصدره السادات بالقبض على 1536 من قيادات الحركة الوطنية بمصر ، ومن بينها بالطيع وأكثرهم من الحركة الإسلامية ، واحتجز طلعت فؤاد قاسم بسجن استقبال طره مع من تم القبض عليهم مبكرا .
ومع أحداث المنصة وقيام خالد الاسلامبولى وأصحابه ؛ عبد الحميد عبد السلام وعطا طايل حميدة وحسين عباس باغتيال السادات والقبض عليهم ، عرف قدر طلعت فؤاد قاسم وأنه أحد أبرز أعضاء مجلس شورى الجماعة الإسلامية ، بعد أن تحالفت مع جماعة الجهاد بقيادة
الشهيد محمد عبد السلام فرج , وانه لعب دورا بارزا فى إقناع الدكتور عمر عبد الرحمن بقبول مهمة قيادة الجماعة ، عندما سافر إليه صحبة المشايخ كرم زهدي و عبود الزمر وأخرين لاقناع فضيلته بهذه المهمة ، ومن الطبيعي إذا أن يشمله قرار الاتهام فى قضية الجهاد الكبرى وتقضى المحكمة بمعاقبته بالأشغال الشاقة سبع سنوات قضاها صابرا محتسبا .
موقف لاينسى
ويذكرنا بذلك الأستاذ منتصر الزيات يقول:(وأذكر لأخي طلعت فؤاد قاسم رحمه الله موقفا لا أنساه أبدا ، علمني أن القيادة فن لا
يقدر عليه أي أحد وأن معالجة الأمور نعمة لا يمن الله بها إلا على المخلصين
وأصحاب الموهبة ؛فعند دخولي عليه ومعه بعض إخواننا بسجن طره - أذكر منهم المهندس أسامة حافظ والأخ فؤاد الدواليبي - وكانوا جلوسا فى حضرة الشيخ عمر عبد الرحمن بعنبر المستشفى قام أبو طلال فى استقبالي وتمتم بالآية الكريمة ( الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح ) ، فعالج في بساطة شديدة بآية رددها فى هذا الموقف آلاما مبرحة عانيتها طيلة تسعة أشهر كاملة عزلت خلالها فى سجن القلعة .
وأذكر أنه بعد الإفراج عنه عام 1988 وكان قد قدروا عليه خمس سنوات يقضيها تحت المراقبة الشرطية ، بمعنى لا بد أن يوقع كل يوم مساء بمخفر الشرطة ولا يجوز له الانتقال من بلدته الى أي مكان إلا بعد إخطار الشرطة باعتزامه السفر إليه ، فقد اختار أبو طلال الإقامة
بمسكني بالقاهرة كمقر رسمي له ، كانت خلالها تتوافد الوفود لزيارته بمسكني
ونعمت بصحبته طيلة شهرين قبل أن يعيدوا القبض عليه مرة أخرى ويقبع فى معتقله قرابة عام ثم يتمكن من الفرار أثناء عملية ترحيله من سجن إلى أخر ، ويتمكن بفضل الله من السفر إلى خارج البلاد .حيث استطاع أن يصل إلي أرض الجهاد في أفغانستان قبل تحرير كابول) صفحة جديدة من العطاء
وفي أفغانستان أسس أبو طلال – رحمه الله - مع ثلة من إخوانه مجلة المرابطون - لسان الجماعة الإسلامية - وانطلقت في عز مجدها تدعو إلي الله وتحرض على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، فكان الناس يتلقفونها ويتقبلونها بالبشر والترحاب .
والحمد لله فقد عوض الله الجماعة الإسلامية –بهذا الموقع المبارك –نافذة إعلامية دعوية شاملة،وهي بداية الغيث بإذن الله.
فإن المطبوعات التي تعالج هموم المسلمين ،والمواقع والقنوات الهادفة, من الممكن أن تلعب دورا بارزا في مواجهة تغول العولمة على هوية الأمة ومحاولة مسخها ، بأن تلهب مشاعر الجماهير غيرة على دينها وتقاليدها وآدابها , وأن تقدم للأجيال المختلفة وجبة صالحة من التراث والفكر والأصالة والمعرفة فقها وسلوكا وعقيدة وتاريخا وعلوما إنسانية مختلفة , إن الآليات الإعلامية للحركات الإسلامية تظلم نفسها وتهدر طاقتها في الانكفاء على مجرد إصدار البيانات الحماسية المشبعة بلغة الصراخ التي قد تذهب أدراج الرياح فلكل عصر أسلوب في خطابه وأدواته .
ووصل المجاهد إلى الدنمارك
وبعد أن تغيّرت الأوضاع في أفغانستان, اضطرّ الرجل إلى الرحيل وطاف بعدّة بلدان باحثاً عن مأوىً لدعوته, حتّى استقرّ به المقام في دولة الدانمارك, وهناك حصل على حقّ اللجوء السياسي, ومن خلال تواجده هناك بدأ ينشط في دعوته حتّى سلّمت له منابرها بالريادة والأستاذيّة, رغم أن غيره من الدعاة بها كانوا أسبق عليه.
وفي نقلة نوعيّة فذّة, بل في طفرة قويّة, استطاع ذلك الطامح أن يؤسّس أوّل برنامج تلفزيوني إسلامي تمكّن من خلاله من عرض فكر الجماعة الإسلامية بمصر, وبيان منهجها ومشاريعها التغييرية في صفائها ونقائها وأصالتها, بعيداً عن تشويه الإعلام الرسمي وتزويره وتشنيعه ،ثم استقر مقامه في الدانمرك بعد أن حصل على اللجوء السياسي هناك, وطوال فترة وجوده بالدانمارك لم ينقطع عطائه الدعوي وبذله لهذا الدين.
وكان رحمه الله على كثرة أعبائه وثقل ما يتحمل، دائم الاتصال والتودد الى إخوانه , واسع الأفق , شديد الغيرة على دين الله , دائم التواضع لإخوانه .
خيانة وشهادة
وفى ليلة مظلمة من ليالي سبتمبر من العام 1995 تم اختطاف طلعت فؤاد قاسم من كرواتيا في مؤامرة دولية ، تناست فيها دول كبرى كل العهود والمواثيق التى قامت عليها , تناست القيم والمبادئ في أن تسوغ لأجهزتها خطف رجل أعزل لاجئ سياسي في جوار أوربا .
واقتيد أبو طلال بإيمانه الذي لم ينقطع بالله الى سفينة أمريكية ، وقالت الكروات ؛ انهم لم يعلموا شيئا عنه بعد إطلاقه, غير أننا نستودع أباطلال أمانة استردها صاحبها ونحتسبه شهيدا يرتع في الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
وقائع اختطاف "أبو طلال القاسمى" في سبتمبر1995
عملية اختطاف المهندس طلعت فؤاد قاسم أحد قيادات الجماعة الإسلامية في مصر والذي كان حاصلا على حق اللجوء السياسي في الدنمارك، تمت في العاصمة الكرواتية زغرب التي وصلها بتأشيرة نظامية حصل عليها من سفارة كرواتيا في بروكسل على وثيقة سفره الدنماركية، وقد منح التأشيرة بعد فترة انتظار دامت عدة أسابيع تمت فيها الموافقة على منحه تأشيرة الدخول من وزارة الخارجية الكرواتية، حيث جرى اعتقاله في نفس الليلة التي وصل فيها بمعرفة المخابرات العسكرية الكرواتية بأوامر من الـ CIA ، بينما كان يبيت في منزل طبيب عراقي يؤجر غرفة في منزله وكان جارا للمترجم الكرواتي من أصل فلسطيني الذي استقبل أبو طلال في المطار والذي كان يفترض أن يرافقه في رحلته القصيرة إلى كرواتيا والبوسنة حيث رتب له هذا المبيت، بعدما فشلوا في إيجاد غرفة في أحد الفنادق في تلك الليلة حيث كانت المدينة تشهد معرضا تجاريا أدى لازدحام الفنادق.
لقد كان أبو طلال –رحمه الله- يعد كتابا عن مأساة البوسنة، وأراد نقل الحقيقة كما يعيشها أهل البوسنة يومها، وكانت رحلته مدتها عشرة أيام حيث كان يحجز للعودة سريعا ترقبا لولادة زوجته، التي وضعت بالفعل بعد اختطافه بأيام طفله الرابع الذي أتم الآن عامه الخامس عشر ولم يقدر له أن يرى أباه.
وبعد إنكار طويل ومزاعم ساقطة من النظام الكرواتي الذين زعموا في روايتهم الرسمية في حينه أنه جرى اعتقاله في أحد ساحات العاصمة بدون أوراق وأن المحكمة حكمت بإبعاده وأنه غادر لجهة غير معلومة .. هكذا يختطف الناس.
وبعد عدة سنوات قدم أرفع مسئول كرواتي اعترافا علنيا بخطف أبوطلال بإيعاز من المخابرات الأمريكية.
فقد اعترف منسق المخابرات الكرواتية "ميروسلاف توجمان"، ابن الرئيس الكرواتي الراحل فرانيو توجمان، والذي كان مسئولا عن جميع أجهزة المخابرات الكرواتية عندما احتدم الخلاف بينه وبين الأمريكان بعد رفض أمريكا تقديم وثائق لتبرئة الجنرال الكرواتي "أنتي جوتوفينا" الذي يعتبرونه بطلا قوميا في كرواتيا والمطلوب لمحكمة جرائم الحرب في لاهاي لجرائم تتعلق بتصفية عدد من الصرب أثناء عملية تحرير الجيب الكرواتي في كرايينا عام 95 -ولم يتم اعتقاله إلا في السابع من ديسمبر 2005-
فاتهم ابن الرئيس الكرواتي الراحل توجمان واشنطن في تصريحات نادرة نقلتها صحيفة الشرق الأوسط يوم 12 سبتمبر 2001 :
بأن واشنطن خرقت قرار حظر بيع الأسلحة لجمهوريات يوغوسلافيا السابقة والذي فرضه مجلس الأمن الدولي، وأنها هي من قدمت الأجهزة العسكرية المتطورة ومساعدات عسكرية لكرواتيا، بل وشارك بعض الضباط الأميركيين في معركة «العاصفة» عام 1995، عندما تمكن الكروات من تحرير أراضيهم في "كرايينا" من المتمردين الصرب. وعرض صورا لجنرالات أمريكيين كانوا يقفون بجانب المتهم الكرواتي الجنرال أنتي جوتوفينا أثناء معركة العاصفة هذه.
وقدم أيضا ابن الرئيس الكرواتي الراحل في اعتراف صريح "أن أجهزته قامت باعتقال الأصولي المصري «أبو طلعت» ((وهو يقصد طلعت فؤاد قاسم)) احد قادة الجماعات الأصولية، عندما دخل كرواتيا متجها إلى البوسنة بجواز سفر دنماركي بناء على طلب من وكالة المخابرات الأميركية وتم تسليمه للسلطات المصرية بشكل سري، كتأكيد على العلاقة الجيدة بين الطرفين".
وهكذا كما تقول العرب :"قطعت جهيزة قول كل خطيب"
وكانت المخابرات الدنماركية وغيرها على علم كامل بوقائع ما حدث ولكنهم تستروا عليه رغم أن أبو طلال يعد مواطنا لهم، وقد صرح مسئول سياسي رفيع المستوى لجريدة "POLITIKEN" الدنماركية بتاريخ 6 نوفمبر 1995 أن الـ FBI سلمت طلعت فؤاد قاسم للمخابرات المصرية.
هكذا تكون الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالمسلمين!!
وعن مسار عملية الاختطاف نقلت في حينه وكالة الأنباء الفرنسية أدق رواية للعملية، ومصدر الدقة أن هذه المعلومات أرسلت لوكالة أنباء العالم الثالث في الدنمارك وهي الوكالة التي كان أبو طلال وقت اختطافه يحمل ضمن أوراقه عقداً معهم لنشر بعض موضوعات مجلة المرابطون على شبكة الانترنت فاختيار هذه الوكالة لتسريب الخبر من الكروات كان مقصودا.
فتقلت فرانس بريس عن وكالة "ثيرد وورلدبرس" الدنمركية ((وكالة أنباء العالم الثالث)): "أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي ”FBI“سلم مصر الناطق باسم "الجماعة الإسلامية" طلعت فؤاد قاسم الذي اختفى منذ أواسط سبتمبر الماضي لدى زيارته كرواتيا.
وأضافت الوكالة نقلاً عن مصادر متطابقة جديرة بالثقة أن طلعت قاسم "38سنة" الذي كان لاجئاً سياسياً في الدانمارك منذ 1992 سلم ليل 22 سبتمبر إلى المصريين في ميناء أنكون الإيطالي.
ولم يعلق مكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن على هذه الأنباء عندما سألته وكالة فرانس بريس في الأمر أمس . ونفت ثيرد وورلد برس" من جهة أخرى الأنباء التي أوردتها صحف عربية وكرواتية عن تسليم طلعت فؤاد قاسم إلى مصر عبر فرنسا.-وأضافت الوكالة- أن أجهزة الاستخبارات العسكرية الكرواتية أوقفت طلعت فؤاد قاسم الذي وصلها في 12 أيلول إلى زغرب قادماً من أمستردام وسلمته إلى عناصر من ”FBI” في قاعدة بحرية كرواتية -وأضافت- أنه نقل إلى السفينة الحربية "إم إس جونسون" في بحر الأدرياتيك حيث خضع للاستجواب طوال يومين!!( وتابعت أن طلعت قاسم نقل إثر استجوابه إلى السفينة المصرية "السامر"ثم إلى مصر وهو معتقل في مركز للاستخبارات المصرية في مدينة نصر.
ومن الواضح أن القضاء الإيطالي قد توصل الآن في إطار مراجعاته لأنشطة الـ CIA في إيطاليا لصدقية هذه المعلومات واستخدام الأراضي الإيطالية في العملية وهو التحقيق الذي نتمنى متابعته حتى تعرف عائلته وأطفاله الذين كبروا ماذا حل بوالدهم، وأين قبره، وأين شهادة وفاته ومن المسئول عن قتله؟
والحقيقة أن الشيخ طلعت فؤاد لم يضطلع بأي دور عسكري لا في مصر ولا في غيرها، ولم يكن متهما بأي حال في أمريكا وكان يعيش بشكل قانوني في دولة قانون حيث كان يمكن مقاضاته إن كانت هناك ثمة قضية ضده ولم يكن يشكل تهديدا لا لأمريكا ولا لغيرها من البلاد، بل كان من أوائل من واجهوا الأفكار التكفيرية والمغالية في أوروبا وكانت له وقفات ومحاضرات في هذا الموضوع.
وحتى المحكمة العسكرية التي حكمت عليه بالإعدام في مصر كانت كل تهمته رئاسته لتحرير مجلة المرابطون!!. ولكن يبدوا أن معلومات الـ CIA عنه لم تكن أفضل من معلوماتهم عن أسلحة الدمار الشامل في العراق!!.
وحسبنا أن الله قد اختاره شهيدا واصطفاه،هذا نموذج رائع من فتية الإسلام وشيوخه الذين بذلوا كل غال في سبيل هذا الدين،نقدمه قدوة لشبابنا في زمن غابت فيه القدوة.
نسأل الله ان يخلفنا في شيخنا خيرا ،وأن يبارك في أولاده،وأن يلحقنا به على خير.