أمل خيري
جريدة الشعب
العدد الثاني- الثلاثاء 24 يوليو 2012
في ظل انخفاض دخول المصريين من جهة وارتفاع أسعار المواد الغذائية من جهة أخرى، فإن جزء كبير من دخل الأسرة المصرية السنوي يتم إنفاقه على الأطعمة والمشروبات، والتي قدرتها أحدث دراسة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء بما يتراوح بين 35,6 % في المدن و45% في الريف، أي بمتوسط 40% على مستوى الجمهورية .
حيث أكدت الدراسة أن نسبة الإنفاق السنوي للأسرة على الطعام والشراب تبلغ 39,9% بمتوسط سنوي قدره 8887,5 جنيها، في حين تصل نسبة الإنفاق السنوي على المسكن ومستلزماته 18% بمتوسط سنوي قدره 3996,3 جنيها، أما نسبة الإنفاق على الخدمات والرعاية الصحية فلم تتعد 8,1% بمتوسط سنوي قدره 1831,5 جنيها، وبلغت نسبة الإنفاق على الاتصالات نسبة 2,5% بمتوسط سنوي قدره 555,4 جنيها، وأخيرا جاء الإنفاق على الثقافة والترفيه في المرتبة الأخيرة؛ إذ وصل إلى 2,2% بمتوسط سنوي قدره 482,7 جنيها.
وعلى مستوى التوزيع النوعي للأطعمة احتل الإنفاق على اللحوم المرتبة الأولى؛ إذ استحوذ على 28,9% من إجمالي الاستهلاك على الطعام والشراب بمتوسط استهلاك سنوي 2747 جنيها في الحضر مقابل 2422 جنيها في الريف، تليها نسبة استهلاك الخضر التي بلغت 15,3% ثم الحبوب والخبز بنسبة 13,9%.
كما أكد التقرير اختلاف نمط استهلاك بنود الطعام والشراب بعض الشيء بين كل من الحضر والريف؛ ففي الحضر يرتفع استهلاك الألبان والأسماك والفاكهة، في حين ارتفعت نسبة استهلاك الخضر والحبوب والخبز والزيوت في الريف.
وتختلف نسبة الإنفاق كذلك تبعا للمستوى التعليمي لرب الأسرة؛ حيث تصل نسبة الانفاق علي الأطعمة والمشروبات للأميين إلي45,5%، في حين تنخفض هذه النسبة في الأسر التي يحمل عائلها شهادة متوسطة إلي 40,5%، وتصل إلي 30,8% بالنسبة للحاصلين علي شهادات جامعية فأكثر.
كما تتناسب أيضا نسبة الإنفاق على الطعام عكسيا مع مستوى سكن الأسرة؛ فكلما ارتفع هذا المستوى كلما انخفض الإنفاق على الغذاء، والعكس صحيح، على سبيل المثال تصل نسبة الإنفاق على الغذاء إلى 63% لسكان المدافن والأحواش والدكاكين والجراجات وغيرها من المساكن العشوائية، في الوقت الذي تنخفض فيه إلى 50% بالنسبة للأسر التي تقطن في وحدة سكنية مكونة من غرفة أو أكثر، وإلي 38,4% للأسر التي تقطن في شقة خاصة، وإلي 24,4% للأسر التي تعيش في فيلات، كما ينخفض انفاق الأسر علي الأطعمة والمشروبات كلما قل عدد أفراد الأسرة.
وتشير التوقعات إلى ارتفاع نسبة إنفاق الأسر على الطعام في رمضان؛ فقد أشارت دراسة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى أن المصريين ينفقون من30 إلى 45 مليار جنيه على الطعام والشراب خلال شهر رمضان، مع نسبة فاقد لا تقل عن 60% يكون مصيرها صناديق القمامة، وتزداد إلى 75% في العزومات والولائم.
وأكدت الدراسة أن مصروفات شهر رمضان تعادل تكاليف 90 يوما عاديا، وأن 83% من الأسر المصرية تغير عاداتها الغذائية خلال هذا الشهر لتتضاعف النفقات بسبب العزومات والولائم الجماعية بنسبة 23% بالمقارنة بالأشهر العادية، بالإضافة إلى ازدياد نسبة استهلاك المكسرات بنحو 25%، وكذلك زيادة استهلاك اللحوم والطيور، كما ترتفع نسبة استهلاك الزيوت والسكر بسبب الحلويات وكعك العيد.
يأتي هذا في الوقت الذي يدعو فيه ديننا الحنيف إلى ترشيد الإنفاق والاستهلاك، ومن ثم كان من المفترض زيادة ادخار الأسر المصرية في هذا الشهر الفضيل بدلا من زيادة الإقبال على الاستهلاك الغذائي غير الرشيد، والذي يأتي في كثير من أسبابه إلى عادات غذائية موروثة من العهد الفاطمي، تسعى لتكريسها بشدة الآلة الإعلامية عبر كم هائل من الإعلانات لسلع غذائية لا تمتلأ منها سوى جيوب المعلنين والفضائيات التي فتحت الباب على مصراعية لتغذية ثقافة الاستهلاك والتبذير.
ساحة النقاش