الصلاة القلبية واثارها المعنوية

غانم سرحان صاحي     

فلا شك أن الصلاة أمرها عظيم وهي صلة بين العبد وخالقه ، تنفرج بها الهموم وتستجلب بها الأرزاق وتدفع بها الآفات والمصائب الملمات ان الصلاة المبنية على الخشوع والخضوع والتذلل لله سبحانه وتعالى .وتنير القلب وتهذب النفس وتعلم العبد آداب العبودية لله تعالى ، بما تغرسه في القلب صاحبها من جلال الله وعظمته ، وانها تحلي المرء بمكارم الاخلاق كالصدق والوفاء والامانة .... وتسموا بصاحبها وتوجهه الى الله وحده ، فتكثر من خشية الله تعالى حتى تعلوا بذلك همته وتزكوا نفسه فيبتعد عن الرذائل ويرتفع عن البغي والعدوان ، فيتحقق بذلك (  إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)، لقد ثبت اليوم وبالعلم الحديث ، ان الصلاة المصحوبة بتدبير العقل وخشوع العقل ، ذات فؤاد جمة منها ،صحية وجسدية وعقلية ونفسية فضلا عن فوائدها الاخلاقية والاجتماعية .وفي الصلاة جانب رياضي بدني لا يخفى على اصحاب الادراك ، نعم ان اساس الصلاة هو ذكر الله تعالى {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } ، لكن يمكننا القول بان في حركات الصلاة ، تشبه بحركات الرياضة البدنية ، يقول ( احمد مرزوق) المختص في التربية في جامعات اسكتلندا والمانيا والسويد :( ان هناك شبها بين حركات الصلاة البدنية وبين الرياضة السويدية التي وضعها "لنغ السويدي" ، ان في القيام والركوع والسجود والاعتدال ، تحركا لجميع عضلات الجسم وتحركا لكل مفاصله حتى مفاصل العمود الفقري واربطته، وفي هذا التحرك المستمر للعضلات والمفاصل كافة ترويض للجسم على التأقلم مع الوضعيات المفاجئة . ويشير المختصون الى ان احسن انواع الرياضة من الناحية الصحية تلك التي تتكرر يوميا وتتوزع على اوقات اليوم وتكون خفيفة غير مجهدة ، وتحرك جميع عضلات الجسم ومفاصله، ويستطيع كل انسان ان يؤديها وكل هذه الخصائص تتوفر في الحركات البدنية للصلاة ، لذلك نجد ان اهم ما يميز حركات الصلاة صحيا هو السجود ، فيقال : ( ان في ثني الجذع اثناء السجود فائدة في منع الامساك ، وعلاجا لهبوط المعدة ، كما يوصف للحامل اليوم تمرين السجود من بين تمارين اخرى ،اذ تبينت فائدته في ابقاء الرحم في مكانه الطبيعي ومنع انقلابه للامام والخلف  او انثنائه للجانب .والاعظم من ذلك انه في اثناء السجود تزداد التروية الدموية للدماغ ومراكز الحواس في الراس ، العين ، الاذان، الانف ،اللسان، وبقية اجزاء الوجه ،اذ ان في ثني الجسم في السجود يجعل الدم يندفع في شرايين الراس، والدماغ بقوة اكبر وغزارة اكثر ، ما يؤدي الى فتح ادق للشرايين النهائية المسماة بالشعيرات والاوعية الشعرية ،وبالتالي يؤمن وصول الدم الكافي الى كل خلية ، هذه العملية مهمة لان الانسان يقضي معظم وقته واقفا او قاعدا ، وفي هذين الوضعين لا يكون الفتح القلبي جهة الاعلى بنفس قوة الضغط وكمية جهة الاسفل اثناء السجود يؤدي الى اتساع الاوعية ، وعند ارتفاع الراس الى الاعلى فجاه تضعف الاوعية وتكرر هذه الحالة العلمية من ضيق واتساع (6) مرات في كل ركعة وتكرر بأداء الفرض في اليوم (102)مرة اما في الشهر فتكرر (3060) مرة وفي السنة (36720)مرة ، ان هذه الحركات المتكررة يوميا في الاوعية الدماغية بين انقباض واتساع تزيد من مرونة الاوعية وتقوي جدرانها وتحافظ على مرونتها وبالتالي تقاوم التمزق اكثر ، وهذا امر مهم جدا اذ ان كثيرا من الامراض العصبية الخطيرة تنجم عن اضطرابات تحصل في الاوعية الدماغية من تصلب وانسداد وتمزق . ان هذا الارواء الدماغي في كل ركعة وسجدة تحمي صاحبها من التعرض لبعض الاعراض التي تصيب الكثير من الناس ، كأدوار وزيغ البصر . كما تفيد هذه العملية بشكل خاص المصابين بنقص الارواء الدماغي لسبب ما . وان اخطر المناطق المصابة بهذا النقص تتمثل بالدماغ والعين والذي يظهر مع الزمن .كما نرى هذا الارواء الدماغي في ضياء الوجه ونعومة البشرة عند المصليين- لاسيما كبار السن – بخلاف غيرهم ، حيث ترهل جلود وجوههم وتظهر تجاعيدها باكرا ، يقول الله تعالى { تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُود } وباختصار ان للسجود كفاءات ووظائف الدماغ من ثراء فكري عندما يصفوا الذهن بالخشوع وتتحسن وظائف الدماغ بالسجود { والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما }.يتضح من الآيات القرآنية والتجارب العلمية أهمية الصلاة في حياة المؤمن، وأهمية الخشوع فيها وأهمية الاطمئنان بذكر الله تعالى. ومن هنا تنبع الحكمة من تأكيد الإسلام على خطورة ترك الصلاة.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 101 مشاهدة
نشرت فى 30 يوليو 2012 بواسطة ghanem0000

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

20,642