<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

 

جامعة المنوفية

كلية التربية

قسم أصول التربية

المسئولية المدنية للمعلم

 

بحث غير منشور

 

إعداد

 

دكتور / جمال على  الدهشان

أستاذ أصول التربية المساعد

كلية التربية - جامعة المنوفية

 

2001

 

 

 

 

 

 

 

المحتويات

- مقدمة عن أهمية وضرورة دراسة  المسئولية المدنية للمعلم

- معنى المسئولية والمسئولية  المدنية

- أركان المسئولية

- المسئولية المدنية للمعلم : حالات مسئولية المعلم واثباتها.

- صور خطأ المعلم ومحل وعبأ إثباتها .

- طرق دفع مسئولية المعلم .

- أثر انعقاد مسئولية المعلم .

- المراجع .

 

 

 

 

 

مقدمة عن أهمية وضرورة دراسة المسئولية المدنية للمعلم :

يحتل موضوع المسئولية المدنية جانباً مهماً وأساسياً من موضوعات القانون بوجه عام والقانون المدنى بوجه خاص ، إذ هى محور القانون فى كافة نواحيه، وهى شق الرحى الذى يدور عليه صراع الخصوم فى أغلب ما يطرح من منازعات بدور القضاء وساحات المحاكم، ثم أنها تنفرد بالتطور والتجديد اللذين يلاحقانها على مختلف العصور، استجابة للمقتضيات الاجتماعية والاقتصادية ، وبما يجد عليها تبعاً لذلك من آراء ونظريات متعددة .

كما يعد موضوع المسئولية المدنية للمعلم شأنه شأن سائر المسئوليات المدنية لمختلف الوظائف والمهن من الموضوعات الجديرة بالبحث والدراسة لأسباب متعددة من بينها : ـ

1 ـ المعلم يتعرض فى عمله لمخاطر عديدة لا تقل جسامة عن المخاطر التى يتعرض لها غيره كالطبيب والمهندس المعمارى والمقاول ، وعلى الرغم من أن هناك دراسات عديدة ومستفيضة كُرست حول مسئوليتهم المدنية ـ استناداً إلى ما يتعرضون له فى عملهم من مخاطر- فإن مسئولية المعلم المدنية لم تحظ بنفس الدرجة من العناية والدراسة خاصة فى الفقه العربى.

2 ـ أن الظروف الحالية التى تشهدها مؤسساتنا التعليمية (تعدد الفترات ـ ارتفاع كثافة الفصول ـ سوء المرافق التعليمية) والأهداف الطموحة التى يسعى المجتمع إلى تحقيقها ، تلقى على المعلمين أعباء كثيرة ـ حيث يتولون تعليم ورقابة أعداد ضخمة من الأطفال والصبيان فى سن حيوية ونشاط ـ تتعلق بالمحافظة على النظام المدرسى ، وتحقيق الأهداف المرغوبة، هذه الأعباء تتطلب ضرورة دراسة جوانب مسئولية المعلم ، ومحاولة البحث عن أفضل الوسائل التى تحكمها ، والبحث عن أفضل الحلول الممكنة لها.

3 ـ إن ما تشهده المؤسسات التعليمية من حوادث مدرسية عديدة سواء ما تعلق منها باعتداء التلاميذ بعضهم على بعض، أو اعتداء التلاميذ على مدرسيهم، أو التطرف فى استخدام المعلمين للعقاب البدنى مع التلاميذ ، وهو ما كان مادة إعلامية للصحف اليومية فى الآونة الأخيرة ، حيث قامت بنشر العديد من هذه الحوادث باعتبارها ظاهرة تستحق التوقف عندها بالدراسة من قبل خبراء التربية والاجتماع وعلم النفس ورجال القانون ، كما تتطلب توفير قدر أكبر من الحماية للمعلمين من خلال إصدار بعض التشريعات الجديدة لحماية المعلم فى مصر ، ومساعدته على أداء عمله بصورة أفضل، كان تحل مسئولية الدولة محل مسئولية المعلم كما هو الحال فى بعض الدولة مثل فرنسا والكويت ولبنان.

4 ـ إنه مما يزيد من أهمية دراسة المسئولية المدنية للمعلم ، أن القانون المصرى لم يخص المعلمين ـ بالرغم من كونهم يشكلون قطاعاً كبيراً وهاماً فى المجتمع ـ بنظام خاص فيما يتعلق بمسئوليتهم المهنية والمدنية، أى أنه لم يميزهم عن غيرهم ممن يكلفون بالرقابة كالوالدين وأصحاب الحرف.

 

 

معنى المسئولية بوجه عام والمسئولية المدنية بوجه خاص :

المسئولية بوجه عام هى حالة الشخص الذى ارتكب أمراً يستوجب المؤاخذة عليه، فإذا كان هذا الأمر مخالفاً قواعد الأخلاق فقط ، وصفت مسئولية مرتكبه بأنها مسئولية أدبية، واقتصر على إيجاب مؤاخذته مؤاخذة أدبية ، لا تعدو استهجان المجتمع ذلك المسلك المخالف للأخلاق ، فالمسئولية الأدبية تكون أساساً حين يقترف المرء إثماً يسأل عنه أمام الله ويحاسب عليه الضمير ، سواءً كان ذلك بعمل أم بالامتناع أو ترك عمل ، والمعيار هنا ينحصر فى حسن النية أو سوئها ، والأمر فى هذا شخصى بحت.

وإذا كان الأمر مخالفا لقواعد الأخلاق، وكان القانون ـ أيضا ـ يوجب المؤاخذة عليه، فإن مسئولية مرتكبه لا تقف عند حد المسئولية الأدبية ، بل تكون فوق ذلك مسئولية قانونية تستوجب جزاء قانونياً.

فالمسئولية ـ إذن ـ نوعان أدبية وتتعلق بالحالة التى يوجد فيها الشخص الذى يخالف قاعدة من قواعد الأخلاق ،وقانونية وتتعلق بالحالة التى يوجد فيها الشخص الذى ارتكب فعلاً سبب به ضررا للغير ، فا ستوجب هو مؤاخذة القانون إياه على ذلك ، فهى الحالة التى يوجد فيها من يخل بقاعدة من قواعد القانون.

والواقع أن مدى أو نطاق المسئولية الأدبية أوسع بكثير من مدى أو نطاق المسئولية القانونية ذلك أن دائرة الأخلاق أوسع بكثير من دائرة القانون، لأنها تشمل سلوك الإنسان نحو خالقه ، ونحوه نفسه ، ونحو غيره ، أما دائرة القانون فتقتصر على سلوك الإنسان نحو غيره، وفى هذه الدائرة الضيقة يكتفى القانون بتنظيم نشاط الإنسان الخارجى، ولا يحفل بالنوايا الباطنة مادامت لم تتخذ لها مظهراً خارجياً.

والمسئولية القانونية نوعان جنائية ومدنية ، النوع الأول يتعلق بالحالة التى يكون مرتكب الفعل الضار مسئولاً قبل الدولة باعتبارها مشخصة للمجتمع ، ويكون جزاؤه عقوبة توقع عليه باسم المجتمع زجراً له ، وردعاً لغيره ، وتتولى النيابة العامة إقامة الدعوى عليه أمام المحاكم الجنائية ، وتقوم الدولة بتنفيذ العقوبة فيه بما لها من عمال تابعين لسلطتها التنفيذية.

ولقد حددت القوانين والشرائع الحديثة الأفعال التى تستتبع مسئولية جنائية، كما حددت العقوبة التى يستوجبها كل من هذه الأفعال،حيث أصبح من المبادئ الأساسية فى دساتير الدولة المتمدنة "أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص".

أما النوع الثانى : المسئولية المدنية ـ فيتعلق بالحالة التى يكون فيها الفرد قد أخل بالتزام مقرر فى ذمته ، وترتب على هذا الإخلال ضرر للغير ، فيصبح مسئولاً قبل المضرور، وملتزم بتعويضه عما أصابه من ضرر ، ويصبح للمضرور وحده حق المطالبة ، ويعتبر هذا الحق حقاً مدنياً خالصاً له، فالمسئولية المدنية تقوم حين يخل الفرد بما التزم به قبل الغير قانوناً أو اتفاقاً ، والجزاء فيها تعويض الضرر الناشئ عن هذا الإخلال .

ولأن المسئولية المدنية لا يقصد بها الزجر بل تعويض الضرر، فهى لا تعنى بحالة المسئول النفسية ، وإنما تعنى بما وقع من ضرر ، وبتعيين من يتحمل نتائجه المالية ـ المصاب به أو فاعله ـ وبتقدير التعويض بقدر الضرر بقطع النظر عن المسئولية الأدبية ومداها، فالمسئول مدنياً يمكن إلزامه بالتعويض ، ولو لم يمكن نسبة أى خطأ أدبى إليه ، كما فى مسئولية المتبوع عن فعل تابعه.

وإذا كانت المسئولية المدنية هى بوجه عام الالتزام بتعويض الضرر المترتب على الإخلال بالتزام أصلى سابق  واذا كانت الالتزامات ينشأ بعضها عن عقد (كالالتزام بتسليم المباع) وينشأ بعضها الآخر من القانون (فالقانون يلقى على كل فرد فى المجتمع التزاما بألا يضر بالغير ، فإن أضر كان مخلاً بهذا الالتزام) ، فإن رجال القانون المدنى يميزون بين نوعين من المسئولية المدنية يتعلق النوع الأول بالمسئولية التى تنشأ عن الإخلال بالتزام عقدى (كمسئولية البائع عن عدم تسليم المبيع فى الزمان والمكان المتفق عليهما) ويطلق عليه المسئولية العقدية ، ويتعلق النوع الثانى بالمسئولية التى تترتب على الإخلال بالتزام قانونى (كمسئولية السائق عن إضاءة الأنوار ليلاً ، أو مجاوزة قدر معين من السرعة) ويطلق على هذا النوع من المسئولية المدنية مسئولية تقصيرية.

فالمسئولية العقدية هى تلك المسئولية التى تنشأ عن الإخلال بما التزم به المتعاقد ، أما المسئولية التقصيرية فهى تلك المسئولية التى تترتب على ما يحدثه الفرد من ضرر للغير بخطئه.

ويوضح الشكل التالى أنواع المسئولية وتصنيفاتها

المســئولية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

               قــــانونيــة

 

 

 

 

أدبية أو معنوية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جنائيــة

 

 

  مــدنية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

     عقدية

 

 

تقصيرية

 

 

q أركان المسئولية بوجه عام :

للمسئولية أركان ثلاثة لا تقوم بدونها أو بدون واحدة منها ـ كقاعدة عامةـ وإذا توافرت هذه الأركان فإن المسئولية تقوم ويترتب على قيامها آثار معينة أهمها جبر الضرر الذى ترتب، هذه الأركان الثلاثة هى : ـ

1 ـ  الخطــــأ : وهو ركن المسئولية الأول ، وفى نفس الوقت هو أساسها ، فالقاعدة هى بناء المسئولية على أساس الخطأ ، وهذا هو المغزى الذى قصدت إليه المادة 163 من التقنين المدنى الحالى حين قررت أن "كل خطأ سبب ضرر للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض .

والواقع أنه إذا كان من اليسير التأكيد على أن الخطأ ركن فى المسئولية فإنه من العسير إعطاء تعريف له يعلو على النقد ، فتعريف الخطأ يختلف باختلاف وجهة نظر كل فقيه ، ولعل من أشهر تعريفات الخطأ تعريف بلانيول والذى يرى "أن الخطأ إخلال بالتزام سابق" ولعل هذا التعريف صحيح تماماً بالنسبة للالتزام ببلوغ غاية ، ولكنه يحتاج إلى إيضاح فى حالة الالتزام ببذل مجهود إذ يثور التساؤل عن ماهية الإخلال به.

أما التعريف الذى يجذب نظر غالبية الفقهاء فيذهب إلى أن الخطأ هو انحراف عن السلوك الواجب مع إدراك هذا الانحراف ، هذا السلوك الواجب سلوك تصورى ، هو سلوك الرجل العادى وهذا الرجل واحد من الجمهور ، من أواسط الناس ، فهو ليس أشدهم حرصاً، ولا أكثرهم إهمالاً .

وللخطأ وفق هذا التعريف ركنين لا يقوم بدون اجتماعهما: فهو انحراف وهو إدراك لهذا الانحراف فالانحراف يعرف بأنه الركن المادى للخطأ ، وكثيراً ما يطلق عليه "التعدى" ، أما الإدراك وهو الركن المعنوى للخطأ فهو يشير إلى أن الخطأ لا يعتبر قد صدر من شخص إلا إذا اسند إليه إسناداً قانونياً أى إلا إذا أتى الشخص الفعل المادى وهو مدرك لما يأتيه ، ذلك أن الخطأ يستوجب المؤاخذة والمؤاخذة تستوجب الإدراك.

للخطأ أوصاف شتى ، فيقال خطأ عمدى وخطأ بإهمال ، وخطأ جسيم وخطأ يسير ، وخطأ تافه ، خطأ واجب الإثبات وخطأ مفترض.

2 ـ الضــــــــرر :  وهو الركن الثانى للمسئولية بحيث إذا انتقى لما قامت ، إذ حينئذ لن يكون لقيامها هدف تحققه ، إذ أن هدفها هو إزالة الضرر، كما وإن الدعوى نفسها تكون غير مقبولة إذ لا دعوى بغير مصلحة.

والضرر بالمعنى العام هو الأذى الذى يصيب الشخص من جراء المساس بحق من حقوقه أو بمصلحة مشروعة له حتى ولو لم يكون القانون يكفل تحقيقها، والمقصود بهذا الأذى أن يصبح الحق أو المصلحة أسوأ مما كان عليه قبل وقوع الخطأ.

والضرر على نوعين : مادى ويتمثل فى الخسائر المالية التى تتأتى نتيجة المساس بحق سواء كان الحق حقاً مالياً أو غير مالى ، ومعنوى (أدبى) وهو ما يصيب الإنسان فى مصلحة غير مالية (الشعور ، العاطفة ، الكرامة ، الشرف ، الارتياح النفسي، الظهور فى شكل غير لائق).

والضرر ثلاثة : ضرر وقع ، وضرر مؤكد الوقوع ، وضرر محتمل الوقوع ، وليست هناك مشكلة بالنسبة للنوع الأول من الضرر ، ولكن المشكلة فى الضرر الثانى والثالث والذى لم يقع أصلاً .

3 ـ علاقة السببية بين الخطأ والضرر : وهذه العلاقة تمثل الركن الثالث للمسئولية ، لا تقوم بدونها تماماً ، كما لا تقوم حيث انتفى الخطأ أو الضرر ، فالمسئولية تهدف إلى التعويض عن الضرر الذى أحدثه المسئول بخطئه، ومن ثم فما لم يكن خطأ المسئول هو الذى أحدث الضرر فلن يكون لهذا الأخير شأن به ، ومن هنا لزم أن يثبت مايسمى بعلاقة السببية بين خطأ المدعى عليه والضرر الذى يراد جبره ، فلو أن المدعى عليه أخطأ ولكن خطأه لم يتسبب فى الضرر ، أو لو أن الضرر لم ينشأ عن خطئه فلا مسئولية ، إذ لا يعقل أن يطلب من شخص دفع تعويض عن أضرار سببها الآخرون.

ويرى فقهاء القانون أنه إذا كانت فكرة السببية فكرة منطقية وبداهية ، فإن تحديدها أو القول بتوافرها أمر بالغ التعقيد ، والذى يدعو إلى هذا التعقيد أن الضرر ينشأ عادة عن أكثر من سبب ، وهنا ينبغى أن نحدد أى الأسباب أدى إليه ، ومن ناحية ثانية فقد تتعاقب الأضرار وهنا ينبغى أن نحدد ما الأضرار التى نتجت عن الخطأ ، وما الأضرار التى لم تنتج عنه وذلك حتى يتوقف التعويض عند حد معين ، فكلاً من تعدد الأسباب وتعاقب الأضرار يؤدى إلى تعقيد فكرة السببية ، بل أن هذه الفكرة لا تتضح إلا من خلالهما.

q المسئولية المدنية للمعلم :

تنبع المسئولية المدنية للمعلم من كونه شخص يتولى تعليم تلاميذ ، هم غالباً من الأطفال أو الصبيان ، فيكونون دائماً بحاجة إلى الملاحظة والإشراف والتوجيه ولهذا فإن من الطبيعى أن يلتزم برقابتهم ، خلال فترة أدائه لمهمته التعليمية ، وإذا ما أحدث هؤلاء التلاميذ ، أو حدث لهم ، ضرر منهم أو من الغير أو من المعلم نفسه ، فتثور حينئذ مسئولية المعلم باعتباره متولياً الرقابة عليهم.

فالمعلم ـ من الناحية القانونية ـ هو كل شخص يكلف بتعليم أطفال أو صبيان قصر ، ويلتزم فى نفس الوقت بالرقابة عليهم ، يستوى بعد ذلك ، أن يتناول التعليم المواد العادية التى تعطى فى المدارس العادية ، أو مواد العلوم والفنون ، أو المواد التى تختص بها المدارس المهنية والتقنية والرياضية، فمن اللازم لثبوت صفة المعلم وخضوعه بالتالى للأحكام الخاصة بمسئولية المعلم، توافر معيارين أو عنصريين جوهريين ومتكاملين : عنصر معنوى وهو التعليم أو التربية ، وعنصر موضوعى وهو الرقابة .

ومما تجدر الإشارة إليه أن الالتزام بالرقابة أو التعليم إنما هو التزام ببذل عناية ، أى التزام بوسيلة ، وليس التزاماً بتحقيق نتيجة أى بغاية ، يستوى فى ذلك أن يكون التزاماً قانونيا، أو أن يكون التزاماً عقدياً ، وبعبارة أخرى ، فالالتزام يتمثل فى أن يتخذ المعلم الوسائل اللازمة وتدابير الحيطة فى الحدود المفترضة المألوفة لتجنب وقوع حادث للتلميذ ، أو من التلميذ للغير ، مع بذله عناية الشخص العادى ،  فالمعيار هنا هو معيار الشخص العادى، على عكس ما إذا كان التزاماً محدداً بنتيجة ، ويكون للقاضى سلطة التقدير الكاملة بالنسبة للوفاء به من عدمه ، ولهذا كان من الطبيعى أن يقع على المضرور أو ممثليه عبء إثبات الخطأ الذى ارتكبه المعلم فى الرقابة.

والحديث عن مسئولية المعلم المدنية يستلزم التحدث فى النقاط التالية:

qحالات مسئولية المعلم وإثباتها.            q صور خطأ المعلم وإثباتها.

q طرق دفع مسئولية المعلم.                q أثر انعقاد مسئولية المعلم .

أولاً : حالات مسئولية المعلم وإثباتها :

يمكن تحديد الأضرار التى تنعقد مسئولية المعلم بسببها في مواجهة المضرور فى الآتى :

 

1 ـ الأضرار التى يحدثها التلاميذ للغير :

وقد نظمت مسئولية المعلم عن هذه الأضرار على أساس وجود قرينة بسيطة على الخطأ فى الرقابة ، وذلك على نحو ما يسأل الوالدين مدنياً عما يحدثه أولادهم من أضرار للغير (بمعنى أنه خطأ مفترض) ، وهذه الأضرار تتضمن حالات ثلاثة : ـ

أ ـ ضرر يقع للغير بخطأ التلميذ      ب ـ ضرر يقع للغير بفعل التلميذ.

ج ـ ضرر يقع للغير بشئ بين يدى التلميذ.

2 ـ الأضرار التى تصيب التلاميذ :

وقد نظمت مسئولية المعلم عما يقع للتلاميذ الخاضعين لرقابته من أضرار ، على أساس القواعد العامة للمسئولية المدنية من حيث وجوب إثبات خطأ المعلم (بمعنى أنها حالات واجبة الإثبات) ، ومن الحالات التى يسأل فيها المعلم عما يقع للتلميذ من أضرار ما يأتى :

أ ـ أضرار تقع للتلميذ بواسطة الغير .  ب ـ أضرار يحدثها التلميذ لنفسه.

ج ـ أضرار تقع للتلميذ بواسطة المعلم .

1 ـ الأضرار التى يحدثها التلاميذ للغير : وتتضمن هذا الأضرار ما يأتى : ـ

أ ـ الأضرار التى تقع للغير بخطأ التلميذ : أن أولى حالات مسئولية المعلم عما يحدثه التلاميذ من أضرار للغير هى تلك التى ترجع إلى خطأ هؤلاء التلاميذ ، والشرط الرئيسى لمسئولية المعلم فى هذه الحالة هو أن يكون التلميذ مميزاً ، حتى يمكن نسبة الخطأ إليه ، يستوى بعد ذلك ، كما يرى البعض أن يكون قاصراً أو رشيداً ، وإن كان البعض الآخر يرى أنه متى كان التلميذ رشيداً ، فلا يمكن أن تنعقد مسئولية المعلم عن خطأ فى رقابته ، على اعتبار أن هذا التلميذ الذى بلغ سن الرشد لن يكون فى حاجة إلى رقابة ، فالأصل أن الرقابة تقوم على القاصر إلى أن يبلغ سن الرشد حتى تنفك عنه الرقابة ، إلا إذا وجد ما يدعو لبسطها عليه وهو بالغ بسبب حالته الجسمية أو العقلية .

وانعقاد مسئولية المعلم فى مواجهة المضرور تقتضى توافر ثلاثة شروط هى :

الشرط الأول : أن ينسب إلى التلميذ خطأ سبب ضرراً :

اتجه القانون إلى وجوب نسبة خطأ إلى التلميذ ، متى كان التلميذ مميزاً ، وأن يكون هذا الخطأ هو الذى سبب الضرر للغير إذ كيف نلوم المعلم على أنه لم يستطع أن يمنع التلميذ الخاضع لرقابته من القيام بفعل ما ، متى كان هذا الفعل من الأفعال المشروعة ، وبالتالى فلا خطأ فى جانب المعلم ، مادام لا يوجد خطأ فى جانب التلميذ ، أن خطأ التلميذ شرط ضرورى لاعتبار المعلم مقصراً فى رقابته ، وعبء إثبات خطأ التلميذ يقع على المضرور . فمسئولية المعلم هنا مسئولية غير مباشرة لأن المعلمين حتى عندما يسألون ، إنما يسألون عن ضرر لم يترتب على خطئهم مباشرة ، وإنما يرتبط بخطأ التلميذ الخاضع لرقابتهم.

الشرط الثانى : أن يكون المعلم مكلفاً برقابة التلميذ :

إن من الضرورى قانوناً ، حتى تنعقد مسئولية المعلم عما أحدثه التلميذ من ضرر للغير بفعله غير المشروع ، أن يكون هذا المعلم مكلفاً برقابة التلميذ ، يستوى فى ذلك أن يكون مصدر الالتزام بالرقابة القانون أو الاتفاق ، ومما تجدر ملاحظته أنه ليس من المفروض أن يراقب المعلم كل تلميذ منفرداً، بل الغالب أن يراقب مجموعة من التلاميذ فى نفس الوقت ، ويكون عليه أن يقوم بالرقابة الفعالة بالقدر المألوف الذى يقتضيه وضع التلاميذ فى المدرسة ، كما أن عدم تنفيذ المعلم لهذا الالتزام ، أو تنفيذه تنفيذاً معيباً ـ وهو مايسمى القصور أو الخطأ فى الرقابة ـ يتحقق متى ثبت أنه لو تمت مراقبة التلميذ مراقبة جيدة ، فلم يكون يستطيع التلميذ ارتكاب الخطأ الذى سبب الضرر للغير .

الشرط الثالث : أن يرتكب التلميذ الخطأ وقت خضوعه لرقابة المعلم.

إذا كان الشرط الأول لانعقاد المسئولية بالنسبة للمعلم هو وجوب ارتكاب التلميذ عمل غير مشروع أى خطأ ، وأن يكون هذا التلميذ خاضعاً لرقابة المعلم وفقاً للشرط الثانى ، فإن من الضرورى أن يكون ارتكاب التلميذ لذلك الخطأ قد تم وقت خضوعه لهذه الرقابة، فهذا هو ما يبرر انعقاد مسئولية المعلم ، فرغم خضوع التلميذ لرقابة المعلم ، إلا أنه قد ارتكب خطأ سبب ضرراً للغير ، مما يعنى وجود قصور فى الرقابة من جانب المعلم . ومما تجدر الإشارة إليه أن الالتزام بالرقابة لا يقتصر على الوقت المخصص للدروس التقليدية ، وإنما يمتد إلى أوقات الاستراحة بين الدروس، وكذلك أوقات الرحلات والنزهات والجولات المدرسية ، كما أن الالتزام بالرقابة على المعلم خلال فترة التعليم يقوم حتى إذا لم يمارس تلك الرقابة من الناحية العملية ، كأن يغيب عنهم فجأة دون سبب مشروع ، أو يتركهم ويخرج من الفصل دون ترتيب مراقبة أخرى فعالة ، أو دون تبليغ إدارة المدرسة مسبقاً حتى توفر من يتولى رقابة التلاميذ فى غيبة معلمهم.

ب ـ الأضرار التى تقع للغير بفعل التلميذ : سبق أن ذكرنا عند الحديث عن أركان المسئولية أن للخطأ ركنان لا قيام له بدون أحدهما ركن مادى وهو التعدى ، وركن معنوى وهو الإدراك والتميز ، وإذا تخلف هذا الركن الأخير، لم نكن بصدد خطأ ، أو عمل غير مشروع بالمعنى القانونى ، وإن كان من الممكن أن نوجد أمام فعل ضار ، وإذا كنا قد أوضحنا أن انعقاد مسئولية المعلم توجد متى وقع ضرر للغير بخطأ من التلميذ الخاضع لرقابته أى بعمله غير المشروع ، فهل يمكن أن تنعقد مسئولية المعلم عن ضرر أحدثه تلميذ غير مميز للغير ؟ أى بفعل التلميذ الضار وليس بخطئه؟

من المعلوم أن التلميذ كأى شخص آخر يكون غير مميز إما لأنه لم يبلغ السابعة من عمره ، وإما لأنه رغم بلوغه قد أصيب بالجنون والعته ، فإن من الأمور التى يسلم بها القانون المصرى أن الفعل الضار يمكن أن يصدر من تلميذ غير مميز ، ولا يمكن لعدم إدراكه، إن ينسب إليه خطأ ، ويقدر القانون المصرى بحق أن إقامة المسئولية المدنية فى مواجهة المعلم عما يسببه هذا التلميذ من أضرار للغير، يعتبر اشد  ضرورة، ويتعين من ثم أن يكون التزامه أكثر صرامة ، فالتزام المعلم بالرقابة يكون أكثر شدة عندما يتعلق الأمر بطفل عديم التميز ، نظرا لما يتميز به هذا الأخير من خفة وطيش وعدم القدرة على ضبط السلوك ، فإذا كان التلميذ غير مميز ، فلا يكون أمام المضرور سوى مسئول واحد ،هو المعلم متولى الرقابة ، ولا يرجع على التلميذ الخاضع للرقابة ، إلا إذا انتفت مسئولية المعلم متولى الرقابة ، لانتفاء الخطأ ،أو لإنعدام رابطة السببية.

جـ ـ الأضرار التى تقع للغير بشئ بين يدى التلميذ :  وقد يحدث فى بعض الأحوال أن يكون الضرر الذى أصاب الغير قد حدث بفعل إيجابى لشئ وليس بفعل شخص، فإذا كان هذا الشئ مما تتطلب حراسته عناية خاصة أو آلة ميكانيكية، ثارت حينئذ مشكلة الخطأ فى الحراسة ، ورغم أن الشئ قد يكون بين يدى التلميذ ، إلا أنه ليس بالضرورة أن يكون حارساً له ، فقد يكون كذلك وقد يكون المعلم هو الحارس، كما قد يكون أحد والدى التلميذ.

q بالنسبة للحالة الأولى التى يكون فيها التلميذ حارساً للشىء :

فإن الأشياء التى تحتاج إلى عناية خاصة فى حراستها ، ويمكن أن تكون فى حراسة التلميذ كثيرة ومتنوعة، أسلاك كهربائية ، زجاجات مواد كيماوية ، أدوات طبية ، أدوات نجارة ، أدوات زراعية بمزرعة أو حديقة المدرسة ...الخ . وإذا كان التلميذ لا يمكن اعتباره حارساً إلا إذا كان مميزاً ، لأن حارس الشئ لا يجوز أن يكون عديم التمييز ، فهل تنعقد مسئولية المعلم عما يقع للغير من ضرر كان فى حراسة التلميذ ؟ ، يرى البعض أنه إذا كان الوالدان يسألان عما يحدثه ولدهما من ضرر للغير بشئ كان فى حراسته وذلك باعتبارهما يتوليان الرقابة عليه ، فإنه لا يجوز الاعتراض على هذا الحل بالنسبة للمعلم ، إذ لا يوجد سبب يحول دون انعقاد مسئولية المعلم فى هذه الحالة وذلك متى تم إثبات أنه لم يراقب الطفل حين استعماله للشىء ، أى عندما يثبت خطؤه فى الرقابة ، فلا يوجد ، إذن ، أى تناقض بين انعقاد مسئولية التلميذ كحارس ، ومسئولية المعلم كمتولى للرقابة عليه ، وعندما ينسب إلى التلميذ خطأ فى الحراسة ، وإلى المعلم خطأ فى الرقابة ، فإنه يمكن عند ذلك توزيع المسئولية بينهما بنسبة خطأ كل واحد منهما.

q وبالنسبة للحالة الثانية التى يكون فيها المعلم حارساً للشىء :

إذا كان المعلم يتولى تعليم التلاميذ على بعض الأدوات التى تحتاج فى حراستها إلى عناية خاصة ، كالأدوات الهندسية أو الطبية ، أو الكيميائية ، فالمعلم هو الحارس لتلك الأشياء، إذا أنها تحت سيطرته الفعلية ، بيد أن التلميذ قد يتمكن من استخدام هذه الأشياء فى الأضرار بالغير ، وحينئذ يمكن مساءلة المعلم على الخطأ فى الرقابة أو الخطأ فى الحراسة.

والواقع أن المضرور سوف تكون له مصلحة راجحة ، إذا اختار الرجوع على المعلم باعتباره حارساً للشىء حتى يستفيد من القرينة القاطعة على الخطأ فى الحراسة ، وهى أكثر فائدة له من مجرد القرينة البسيطة على الخطأ فى الرقابة ، خاصة وأن القانون المصرى لم يأخذ بنظام حلول شخص آخر فى المسئولية محل المعلم.

q وبالنسبة للحالة الثالثة ، والتى يكون فيها الشىء فى حراسة أحد والدى التلميذ :

إذا كانت الأضرار التى سببها التلميذ للغير بشىء سلمه أحد الوالدين له ، وكان هذا  الشىء مما يحتاج إلى عناية خاصة كأسلحة نارية أو أسلاك كهربائية أو مواد كيميائية أو زجاجية أو مفرقعات ... الخ، فإن الخطأ فى الحراسة ينسب حينئذ إلى الوالد، إذ لم يكن من الممكن أن تنتقل الحراسة إلى التلميذ لعدم تمييزه ولأن التلميذ إذا كان مميزاً  ، واختلس الشىء دون علم والديه ، فإن الحراسة تنتقل إليه ، كما تنتقل حراسة الشىء للسارق ، فالسنهورى يرى أن سارق الشىء يعتبر حارساً له.

كما يمكن أن ينسب إلى المعلم خطأ الرقابة ، إذا اكتشف هذا الشىء الخطر بين يدى التلميذ ، ولم ينزعه منه ، إذ أن ذلك يمثل دون شك أهمالاً من جانب المعلم ، ووفقاً للقواعد العامة فى المسئولية المدنية ، فإن دين التعويض يوزع على كل من المعلم والوالد ، ويستطيع المتضرر أن يطالب أحدهما بتعويض كامل الضرر ، ويكون لمن دفع منهم أن يرجع على الآخر طبقاً للقواعد العامة.

2 ـ الأضرار التى تصيب التلاميذ : ـ

من الحالات التى يسأل فيها المعلم عما يقع للتلميذ من أضرار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 159 مشاهدة
نشرت فى 24 يناير 2013 بواسطة gamaleldahshan

ساحة النقاش

اد /جمال على الدهشان

gamaleldahshan
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

15,274