<!--<!--<!--

مقدمــــــة

هناك بصفة عامة شبه إجماع بين العلماء على أن صحة الإنسان وحيويته ترتبط بدرجة كبيرة بما تحتويه الأمعاء من ميكروبات مفيدة، ووجود بعض الميكروبات مثل الـ Lactobacilli والـ Bifidobacteria ضروري للحياة السليمة والصحية للإنسان، وإذا حدث واختل توازن هذه المجموعة المفيدة من البكتيريا أو قل عددها في الأمعاء فيجب بسرعة زيادة أعدادها وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل حدوث ذلك الخلل. ويجب أن تتم عملية إعادة التوازن عن طريق تقديم وجبة غذائية تحتوى على العدد المناسب والنوعية المرغوبة من الميكروبات مثلاً ويمكن استخدام أي غذاء ليكون حامل لهذه البكتيريا بشرط أن تصل إلى الأمعاء الدقيقة وهي حية وبأعداد مناسبة.

وبناءاً عليه فإن زيادة محتوى الأمعاء من الميكروبات المفيدة تؤدى بالتالي إلى زيادة الفوائد الصحية للإنسان. وتتم زيادة محتوى الأمعاء من الميكروبات المفيدة عن طريقين:

1- تدعيم الوجبة الغذائية بالخلايا البكتيرية الحية من النوع المفيد Probiotic bacteria التي بدورها تستوطن الأمعاء ومن ثم فهي تحسن من وظيفة الميكروبات المعوية.

2- تدعيم الوجبة الغذائية بالمواد الأولية التي تنمو عليها البكتيريا المفيدة مثل السكريات الأوليجية والتي تسمى مواد البريبيوتكس.

 

 

تشخيص مرض عدم تحمل سكر اللاكتوز

توجد طرق عديدة لتشخيص عدم تحمل اللاكتوز، ولكن من أسهل هذه الاختبارات هو ما يسمى اختبار التنفس، ويبنى على أساس تقدير هيدروجين التنفس وهو يجرى في كثير من المستشفيات ومعاهد طب الأطفال، وكما ذكر سابقاً فإن تخمر سكر اللاكتوز في القولون يؤدى إلى تكون غازات منها غاز الهيدروجين الذي يوجد في هواء الزفير تكون نسبته قليلة جداً، ولكن تزداد هذه النسبة بدرجة كبيرة في حالة تخمر اللاكتوز في منطقة القولون، ووجود هذا الغاز هو الذي يسبب الانتفاخ والمغص. وفي الواقع فإن كمية الغاز المتكون بعضها يخرج من هواء الزفير (14 ـ 21%)، وبعضها يخرج عن طريق فتحة الشرج وبعضها تستهلكه البكتيريا في عملياتها التمثيلية وفي عمليات اختزال الكبريت.

 

 

علاج عدم تحمل اللاكتوز باستخدام الأغذية الصديقة

هناك طرق كثيرة لعلاج هذا المرض، ولكن من أفضل الطرق المستخدمة هو إما تناول  الألبان المدعمة بالبكتيريا الصديقة، مثل اللبن الخض المتخمر، لبن الأسيدوفلس وغيرها من أنواع الألبان المتخمرة المختلفة ، وإما تناول أغذية متخمرة أخرى تحتوي على بكتيريا حامض اللاكتيك.

إن الدور الذي تقوم به الأغذية المحتوية على البكتيريا الصديقة  في التخفيف من حدة أعراض هذا المرض، ليس مرجعها إلى انخفاض نسبة السكر، ولكن السبب الرئيسي هو وجود بكتيريا حامض اللاكتيك  والدليل على ذلك هو أن اللبن المستخدم في صناعة الزبادي يضاف إليه جوامد لبنية (غالباً لبن فرز مجفف) حيث تؤدى هذه الإضافة إلى أن نسبة اللاكتوز في اللبن الذي سيصنع زبادي تصبح 6 % تقريباً وبعد نشاط بكتيريا حامض اللاكتيك  فإن هذه النسبة تعود إلى 4% أي قريبة من نسبة اللاكتوز في اللبن الطبيعي وهذه النسبة مازالت مرتفعة وكافية لظهور أعراض مرض عدم تحمل اللاكتوز، ومع ذلك فتناول مثل هذا النوع من الألبان المتخمرة لمن يعانون من نقص إنزيم اللاكتيز لا يترتب عليه أي مشاكل صحية، وهذا يرجع إلى أن نسبة كبيرة من إنزيم b-galactosidase (اللاكتيز) تمر من المعدة وتصل إلى الأمعاء الدقيقة.

ووجد الباحثون أن تناول الأغذية المدعمة بالبكتيريا الصديقة بصفة روتينية  أدى إلى انخفاض كبير في كمية غاز الهيدروجين الخارج مع هواء الزفير. كما وجد أن مكونات بعض الأغذية مثل الزبادي تزيد من نشاط البكتيريا الصديقة، وذلك بسبب قدرتها التنظيمية Buffering capacity مقارنة باللبن.

وبإجراء عملية بسترة للزبادي المدعم بالبكتيريا الصديقة، لمعرفة هل التغلب على مشاكل عدم تحمل اللاكتوز يرجع إلى البكتيريا المستخدمة أم إلى أي عوامل أخرى، فكانت النتيجة أن إعطاء حيوانات التجارب زبادي مبستر لم يؤدى إلى أي تحسن في هضم سكر اللاكتوز، أما عند التغذية على زبادي لم تجرى له عملية البسترة فكانت النتيجة عدم ظهور أعراض نقص إنزيم اللاكتيز. وخلاصة ذلك أن تحلل البكتيريا في الأمعاء إن ماتت أو نشاطها إن بقيت حية يؤدى إلى انطلاق إنزيم اللاكتيز الذي يحلل اللاكتوز إلى جلوكوز وجالاكتوز وبالتالي لا يحدث تخمر اللاكتوز في الأمعاء.

وبذلك فإن حل مشكلة عدم تحمل اللاكتوز يمكن التغلب عليها عن طريق تناول الأغذية المتخمرة (بشكل دائم فنحن نتكلم عن منهج حياة وليس عن مدة زمنية قصيرة) المحتوية على البكتيريا الصديقة في حالة ضرورة  شرب اللبن الطازج ويمكن تلخيص أهمية تناول هذه الأغذية المتخمرة المحتوية على البكتيريا الصديقة في الآتي:

1- تستمر البكتيريا الصديقة الموجودة في الأغذية في استخدام اللاكتوز في عمليات الأيض الخاصة بها، كما أن وصول هذه البكتيريا إلى الأمعاء يساعد في تحلل سكر اللاكتوز، وحتى لو حدث لها تحلل في الأمعاء فنتيجة هذا التحلل البكتيري هي خروج إنزيم اللاكتيز من داخل الخلايا، لأنه من الإنزيمات التي تتكون داخل الخلايا Intracellular. إن بسترة الزبادي قبل إعطائه للمرضى لم يؤد إلى نفس النتائج التي أعطاها الزبادي العادي مما يؤكد أن بكتيريا حامض اللاكتيك (بكتيريا صديقة) هي التي تقوم بالدور الأساسي في تخفيف حدة الأعراض.

2- هناك من يفترض أن وجود البكتيريا الملتصقة بجدار الأمعاء، يعتبر عامل منبه لجدار الأمعاء لإفراز المزيد من إنزيم اللاكتيز المعوي.

3- إن تناول الزبادي العلاجي ثم تجبنه بالفعل قبل دخوله المعدة، والذي يسمى في هذه الحالة من ناحية القوام باسم نصف الصلب Semi-solid، يساهم في بطيء عملية تفريغ محتويات المعدة. وبالتالي يكون انتشار اللاكتوز خلال جدار الأمعاء الدقيقة بطيئاً. إن تناول الزبادي بالفواكه المحتوية على كربوهيدرات معقدة يعمل أيضاً على تأخير انتشار السكريات وبالتالي يزيد من الفترة الزمنية التي يتعرض فيها السكر لفعل إنزيم اللاكتيز، مما يسهل من عملية تحلل اللاكتوز.

وقد اتضح أن استهلاك أغذية محتوية على Lactobacillus acidophilus، من قبل أشخاص يعانون من هذا المرض، أدى إلى تحسن صحي وإلى عدم وصول سكر اللاكتوز إلى الأمعاء الغليظة. وعند استخدام أغذية متخمرة لا تحتوى على Lactobacilli مثل اللبن الخض Butter milk واللبن الخيطى Ropy milk، الكفير Kefir  لم تتحسن صحة الأشخاص الذين يعانون من النقص في إفراز إنزيم اللاكتيز المعوي، ربما يرجع إلى أن الميكروبات المستخدمة في تصنيع هذه الأغذية المتخمرة لا تتحمل الظروف الصعبة في كل من المعدة والأمعاء، وبالتالي تصل إلى الأمعاء إما بأعداد قليلة جداً أو أنها تفقد الحيوية خلال تلك المرحلة وبالتالي لا تحدث التأثير المطلوب.

 

 

المصدر: جابر زايد بريشة: الأغذية العلاجية والميكروبات الصديقة
gaberbresha

Prof. Gaber Breisha

ساحة النقاش

gaberbresha

Well, seems you do not speak Arabic, you can know everything about me through this site, where you can find my CV, photo profile and everything. Tell me what you want to know exactly and will answer you with pleasure.

Gaber Breisha فى 13 أغسطس 2011
gaberbresha

رمضان كريم

Gaber Breisha فى 9 أغسطس 2011
azzaa

شكرا علي كل المعلومات اللي انت بتقدمها لينا يا دكتور
بس عندي سؤال القولون ايه علاجه في فرق بين القولون العصبي والقولون الاكل

zhra فى 7 أغسطس 2011 شارك بالرد 1 ردود
gaberbresha

شكراً على اهتمامك. بالنسبة للقولون العصبي فلا أستطيع التحدث عنه لأنني لست طبيباً، وإن كنت شخصياً مش مقتنع إن في حاجة اسمها قولون عصبي. أما بالنسبة لتعب القولون الناتج عن أكلات معينة فربما أجد إجابة في مقال قادم إن شاء الله، لكن في كل الأحوال أحب أن أؤكد أنني أستاذ في كلية الزراعة وتخصصي ميكروبيولوجيا زراعية والتي من ضمنها ميكروبيولوجيا الأغذية

Gaber Breisha فى 9 أغسطس 2011

Prof. Gaber Breisha

gaberbresha
بسم الله الرحمن الرحيم: أعدكم جميعاً أن أعمل جاهداً ليكون هذا الموقع مفيداً لكل من يريد أن يستمتع بالمعرفة، وأتمنى أن يشعرني هذا العمل أنني أديت دوري في الحياه، وأنني جدير أن أكون ضمن الذين كلفهم الله بعمارة الأرض وأقرر أنني لا أبتغي من وراء ذلك شيئ سوى أن يكون »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

613,169