إن المفهوم السائد لدينا هو أن الغذاء الصحي عبارة عن لحوم ومسبكات ومحشيات، حتى أنك تجد أحدهم يضع أمامه بركة من الصلصة الحمراء والسمن واللحم السمين ويأكل حتى يصبح البطن مشدود مثل الطبلة. أيها الناس لا أحد يموت من الجوع ولكن الناس تموت من الأكل فيما يعرف بزيادة التغذية Overnutrition أو ما يسمى بالسمنة Obesity، وهذا النوع من الأمراض يكون منتشراً بصفة خاصة في الدول الغنية حيث يستهلك الناس سعرات حرارية عالية ويتناولون كميات من البروتين أكثر من احتياجاتهم الغذائية، ونتيجة لذلك تظهر عليهم أعراض السمنة.

على مدى فترة طويلة من الزمن عرفت وظيفة القناة الهضمية على أنها هضم وامتصاص العناصر الغذائية ثم إخراج المخلفات النهائية المتبقية. أما في السنوات الحديثة فقد أصبح من المقبول التسليم بأن للقناة الهضمية وظائف أخرى كثيرة ضرورية لحياتنا. و أحد هذه الوظائف هي وظائف ميكروبات القناة الهضمية. إن الافتراض العلمي الذي مؤداه أن الميكروبات تلعب دوراً هاماً في الحفاظ على صحة الإنسان هو شيء مثير لكنه لم يعد جديداً. ففي خلال السنوات القليلة الماضية وضع العلماء فرضية علمية مؤداها أن الحالة الصحية الجيدة للإنسان تعود في جزء كبير منها إلى تركيب  أي نوعية ميكروبات الأمعاء. ولذلك فإن هناك إجماع بين العلماء على أن صحة الإنسان وحيويته ترتبط بدرجة كبيرة بما تحتويه الأمعاء من ميكروبات مفيدة ووجود بعض الميكروبات مثل الـ Lactobacilli والـ Bifidobacteria ضروري للحياة السليمة والصحية للإنسان، وإذا حدث واختل توازن هذه المجموعة المفيدة من البكتيريا أو قل عددها في الأمعاء فيجب زيادة أعدادها وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل حدوث ذلك الخلل.إن عملية إعادة التوازن يجب أن تتم عن طريق تقديم وجبة غذائية تحتوى على العدد المناسب والنوعية المرغوبة من البروبيوتكس وممكن استخدام أي غذاء ليكون حامل Carrier لهذه البكتيريا بشرط أن تصل إلى الأمعاء الدقيقة وهي حية وبأعداد مناسبة. وقد توالت واتسعت المعرفة العلمية في مجال الميكروبيولوجي فيما يخص استخدام ميكروبات البروبيوتكس كغذاء وللوقاية من الأمراض ولعلاج الأمراض.

وأكثر دول العالم إهتماماً بموضوع الأغذية التي تحتوي على ميكروبات البروبيوتكس، وبدور الغذاء وتأثيره على صحة الإنسان وطول عمره هي أمريكا واليابان وبعض الدول الغربية. وفى أمريكا وحدها نجد أن ما ينفق على الأغذية العلاجية، قد وصل هذا الرقم إلى 27 بليون دولار. ورغم اهتمام الناس بموضوع الأغذية المحتوية على ميكروبات البروبيوتكس فى الوقت الحاضر، فإن حوالي 40% من المستهلكين للأغذية في أمريكا لم يسمعوا عن موضوع هذه الأغذية العلاجية، فما بالك بهذه النسبة في بلادنا.

إن السبب الرئيسي في تمتع أهالينا الأولين في الأرياف بالصحة والحيوية أنهم كانوا لا يجدون الرفاهية الغذائية التي نظن خطأً أننا ننعم لها والمتمثلة في اللحوم والشحوم والحلويات والمعجنات....الخ. الموضوع أبسط من ذلك بكثير، فحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

على العموم هناك إجماع بين العلماء على أن صحة الإنسان وحيويته ترتبط بدرجة كبيرة بما تحتويه الأمعاء من ميكروبات مفيدة، وأن وجود هذه الميكروبات بالأعداد الكافية ضروري للحياة السليمة والصحية للإنسان، وإذا حدث واختل توازن هذه المجموعة المفيدة من البكتيريا أو قل عددها في الأمعاء فيجب بسرعة زيادة أعدادها وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل حدوث ذلك الخلل. ويجب أن تتم عملية إعادة التوازن هذه عن طريق تقديم وجبة غذائية تحتوى على العدد المناسب والنوعية المرغوبة من الميكروبات مثلاً ويمكن استخدام أي غذاء ليكون حامل لهذه البكتيريا بشرط أن تصل إلى الأمعاء الدقيقة وهي حية وبأعداد مناسبة.

وبناءاً عليه فإن زيادة محتوى الأمعاء من الميكروبات المفيدة تؤدى بالتالي إلى فوائد صحية هائلة للإنسان. وتتم زيادة محتوى الأمعاء من الميكروبات المفيدة عن طريقين:

1- تدعيم الوجبة الغذائية بالخلايا البكتيرية الحية من النوع المفيد Probiotic bacteria التي بدورها تستوطن الأمعاء ومن ثم فهي تحسن من وظيفة الميكروبات المعوية.

2- تدعيم الوجبة الغذائية بالمواد الأولية التي تنمو عليها البكتيريا المفيدة مثل السكريات الأوليجية والتي تسمى مواد البريبيوتكس (لاحظ أنها البريــ وليست البرو).

وللاستفادة من الدور الإيجابي لهذا النوع من البكتيريا فلابد من دمج العاملين معاً في الوجبة الغذائية أي تقديم البكتيريا الحية مع وجود المادة الأولية اللازمة لنموها في نفس الوقت، ذلك للحصول على ما يسمى بالفوائد الصحية الوقائيةProtective health benefits.

طيب الأغنياء يستطيعون أن يتناولوا هذه الميكروبات في شكل كبسولات تباع في الصيدليات (انظر الصورة)، وتوضع لهم في سلطات المايونيز، وتقدم لهم في العصائر،وتقدم في الحلوى لأطفالهم ....الخ، طيب واحنا الغلابة ماذا نفعل؟ هذا ما سوف نقدمه بشكل مبسط في المقال القادم إن شاء الله.

 

 

عبوة تحتوي على كبسوىت البروبيوتكس (كل كبسولة تحتوي على 8 بلايين كبسولة حية)

 

المصدر: جابر بريشة (2004) الأغذية المتخمرة وعلاقتها بصحة الإنسان، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة
gaberbresha

Prof. Gaber Breisha

  • Currently 65/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
23 تصويتات / 2018 مشاهدة
نشرت فى 28 إبريل 2011 بواسطة gaberbresha

ساحة النقاش

AkrumHamdy

فى انتظار المقال التالى... اين المقال يا دكتور
يعنى حتى انت نسيت الغلابة
يا عينى على الفقراء لا يتذكرهم احد

gaberbresha

كله جاي يا دكتور أكرم، وأنت سيد العارفين ولا أنسى أنك صاحب الفضل عندما شجعتني على عمل هذا الموقع، ولم تبخل علي بأية نصيحة.

Gaber Breisha فى 3 مايو 2011

Prof. Gaber Breisha

gaberbresha
بسم الله الرحمن الرحيم: أعدكم جميعاً أن أعمل جاهداً ليكون هذا الموقع مفيداً لكل من يريد أن يستمتع بالمعرفة، وأتمنى أن يشعرني هذا العمل أنني أديت دوري في الحياه، وأنني جدير أن أكون ضمن الذين كلفهم الله بعمارة الأرض وأقرر أنني لا أبتغي من وراء ذلك شيئ سوى أن يكون »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

598,220