1: أهمية نظم الخلية المثبتة

 Importance of cell immobilization systems

 

في مجال تكنولوجيا الإنزيمات يتم تثبيت الإنزيمات المنتجة على حوامل صلبة وذلك لزيادة كفاءتها ولتسهيل نقلها وتخزينها وتسمى هذه العملية Enzyme immobilization ولكن وجد أن هناك مشاكل كثيرة لا يمكن حلها عن طريق Enzyme immobilization ولذلك يفضل في كثير من العمليات الصناعية أن يتم تثبيت الخلايا الميكروبية نفسها على حوامل صلبة لتلافي مشاكل تثبيت الإنزيمات وأهم هذه المشاكل هي أن الإنزيمات كما هو معروف تنقسم إلى مجموعتين، إنزيمات خارجية وهي التي تفرزها الميكروبات خارج الخلية في بيئة النمو وإنزيمات داخلية وهي التي تظل محتجزة داخل الخلية ولكي يتم تثبيت الإنزيمات الداخلية على حوامل صلبة لابد من استخلاصها وتنقيتها أولاً وقد وجد أن هذه الإنزيمات المستخلصة تكون في أغلب الأحيان غير ثابتة وغير مناسبة من الناحية العملية كما أن عمليات الاستخلاص والتنقية هي عمليات مكلفة وغير اقتصادية وبالتالي فان حل هذه المشكلة يكون في تثبيت الخلية ككل. هذا هو السبب الرئيسي في ظهور ما يسمى Cell immobilization. وكثيراً من التطبيقات الصناعية التي تستخدم التفاعلات الإنزيمية أصبحت الآن تستخدم الخلايا الميكروبية المثبتة كبديل لاستخدام الإنزيمات النقية وعلى أي حال فإن استخدام الخلايا المثبتة في التفاعلات الإنزيمية يصبح ضروري في الحالات الآتية:

1ـ عندما تكون الإنزيمات المطلوبة لإجراء التفاعل هي إنزيمات داخلية.

2ـ عندما تكون الإنزيمات المطلوبة لإجراء التفاعل هي إنزيمات غير ثابتة أي لا يمكن استخدامها في الصورة المثبتة لأن نشاطها يتغير أثناء عملية تثبيتها على المادة الصلبة.

3ـ عندما يمكن التحكم في الخلايا بحيث لا تنشط في إفراز إنزيمات أخرى غير الإنزيمات المرغوبة لإتمام التفاعل.

4ـ عندما تكون المواد الأولية وكذلك نواتج التخمر هي مركبات ذات وزن جزيئي منخفض

وعلى ذلك فإذا توفرت الظروف السابقة فإن مميزات الخلايا المثبتة بمواد صلبة يمكن تلخيصها فيما يلي:

1ـ إنتاج الخلايا من الإنزيمات يكون عالياً جداً مقارنة بالخلايا الحرة.

2ـ ثبات نشاط الخلايا يكون عالياً جداً لأن الخلايا المثبتة تتحمل الظروف البيئية غي المناسبة بدرجة كبيرة.

3ـ تكاليف إنتاج الإنزيمات تكون منخفضة.

4ـ يمكن استخدام هذا النظام في عمليات التفاعلات الحيوية التي تحتاج إلى أكثر من إنزيم.

5ـ الاستغناء عن عمليات استخلاص أو تنقية الإنزيمات.

6ـ الخلايا المثبتة يمكن إعادة استخدامها أكثر من مرة لإنتاج الإنزيم وقد يصل عدد مرات الارستخدام إلى أكثر من خمس مرات.

وبالإضافة إلى ما سبق فهناك ميزة مهمة جداً وهو أن حجم بيئة التخمير في حال استخدام نظم الخلايا المثبتة يكون أصغر بكثير منه في حال استخدام الخلايا الحرة وذلك لأن الخلايا المثبتة يمكنها أن تنشط في تركيز عالي جداً من المادة الأولية بالمقارنة بالخلايا الحرة وهذا يؤدي إلى تقليل فرصة التلوث وأيضاً يجعل عملية الإنتاج ناجحة اقتصادياً. ففي التخمرات الميكروبية وعلى سبيل المثال في إنتاج الكحول من المعروف أن كل جرام سكر يعطي تقريباً نصف جرام كحول من الناحية النظرية فإذا فرض أن هناك محلول يحتوي على 5% سكر و أن هناك ميكروب يمكنه أن ينتج كحول من هذا المحلول بما يوازي 90% من القيمة النظرية فإن الكحول الناتج يكون تركيزه حوالي 2.25%  وإذا كان تركيز السكر مثلاً 30% فإن نفس الميكروب ينتج حوالي 13.5% كحول وعلى ذلك فإن زيادة تركيز السكر تعتبر مهمة جداً في عملية إنتاج الكحول من الناحية الاقتصادية ولكن المشكلة هي أن الميكروب المستخدم في عملية الإنتاج لا يستطيع أن يعيش في تركيز عالي من السكر وقد وجد أن حل هذه المشكلة هو التلقيح بميكروبات مثبتة على مواد صلبة وبهذه الطريقة يمكن للميكروب أن يتحمل تركيز سكر قد يصل إلى 40 أو 45%.

وعلى أي حال يمكن القول أنه خلال السنوات القليلة الماضية تطورت طرق ربط الخلايا بمواد تزيد من نشاطها تطوراً شديداً ومعظم إن لم يكن كل عمليات التخمر الميكروبي بما فيها محطات معالجة مياه المجاري، أصبحت تستخدم نظام الخلايا الميكروبية المربوطة أو المثبتة على مادة صلبة.   

وقد نشرت في الآونة الأخيرة أبحاث كثيرة جداً عن طرق تحميل أو ربط أو تثبيت الخلايا الميكروبية، إلا أنه يمكن القول أنه لا توجد طريقة واحدة حتى الآن يمكن تعميمها على كل أنواع الخلايا الميكروبية، ولذلك فمن المهم في الصناعات الميكروبية اختيار الطريقة التي تناسب الميكروب المستخدم وتناسب ظروف التفاعل.

 

2: طريقة تثبيت الخلايا بواسطة الاصطياد أو الحبس  Entrapment

أكثر المواد شيوعاً واستخداماً في عملية تثبيت الخلايا هي ألجينات الكالسيوم  Calcium alginate

وتستخرج من الأعشاب البحرية وتتحول إلى جل عن طريق بعض الأيونات وخصوصاً  الكالسيوم. ويمكن تلخيص أسباب شيوع استخدام الألجينات في تثبيت الخلايا فيما يلي:

1-              يمكن استخدام ألجينات مختلفة الأوزان الجزيئية ومختلفة التركيب الكيماوي.

2-              تركيز الألجينات المستخدمة يمكن أن يتراوح من 0.5-10%.

3-              تركيز كلوريد الكالسيوم المستخدم في تكوين الجل يتراوح من 0.05% إلى 2%.

4-              درجة الحرارة المستخدمة تتراوح من صفر إلى 80 درجة مئوية.

5-              يمكن الحصول على خرز يتراوح قطر كل واحدة  من 0.1 إلى 5 مليمترات.

6-     يمكن الحصول على خرز به أعداد هائلة من الخلايا الحية النشطة والتي تظل محتفظة بحيويتها ونشاطها لفترة طويلة.

7-              عملية التثبيت تتم في خطوات بسيطة جداً وغير مكلفة.

وفيما يلي نشرح عملية تثبيت خلايا الخميرة Saccharomyces cerevisiae  كمثال عملي لهذه الطريقة بغرض استخدامها في إنتاج كحول الإيثانول:

1ـ يخلط حجم من محلول ألجينات الصوديوم 4% (وزن/حجم) مع حجم مماثل من معلق الخلايا ثم ينقط الخليط من خلال أنبوبة ضيقة في محلول 0.05 مول كلوريد كالسيوم عند درجة حرارة 37°م فتتكون في الحال كرات تشبه الخرز (الشكل رقم 1) يتوقف حجمها على قطر فتحة الأنبوبة المستخدمة في التنقيط.

2ـ يترك الخرز لمدة ساعة ليتماسك وذلك على درجة 20-22°م ثم يغسل بالماء ويترك لليوم التالي في محلول 0.05 مول كلوريد كالسيوم على درجة حرارة 4°م.

 

 

 

الشكل رقم (1): كرات صغيرة من ألجينات الكالسيوم تحتوي على الخميرة في حالة نشطة

 

 

 

والعيب الرئيسي في استخدام الميكروبات المثبتة في مادة جيلاتينية، في معاملة المخلفات المائية هو تعرض كرات الجل للتحلل بعد فترة مما يجعلها لا تصلح في إزالة المواد الضارة بطريقة التخمر المستمر. ولذلك فقد وجد أن نظام الخلايا المثبتة في مادة جيلاتينية، غير عملي لمعاملة المخلفات المائية واستبدل بنوع آخر من الخلايا المثبتة وهو ما يعرف بنظام الغشاء البيولوجي Biofilm.

  

3: التطبيقات العملية لنظام الخلايا المثبتة

  Application of cell immobilization systems

من الملفت للنظر أن الخلايا المثبتة لها قدرة فائقة على تحمل ظروف التفاعل الغير مناسبة ولها نشاط عالي بالمقارنة بالخلايا الحرة ولذلك فقد تم تطبيقها في كثير من المجالات بل من المتوقع أن يتم تطبيق نظم الخلايا المثبتة مستقبلاً في كل مجالات التخمرات الميكروبية. 

وطريقة حبس الخلايا داخل مادة جيلاتينية هي أكثر الطرق التي تم تطبيقها في مجالات التكنولوجيا الحيوية.

ففي مجال إنتاج الكحول استخدم هذا النظام حيث جعل الميكروبات تنشط في ظروف صعبة مثل ارتفاع تركيز السكر في المادة الأولية أو الملوحة الزائدة أو زيادة تركيز الكحول المتتج. ورغم أن ألجينات الكالسيوم والكاراجينن هي المواد الأكثر استخداماً في تثبيت الخلايا المستخدمة في إنتاج الكحول إلا أن هذه المواد لا تكون ثابتة في بعض البيئات. ففي بيئة الشرش المملح وجد أن الكرات غير ثابتة واستخدمت بدلاً منها مكعبات من الأجار في إنتاج الكحول وأثبتت كفاءة عالية.       

وفي مجال إنتاج حامض الستريك وجد أن نمو  ميسيليوم الفطر Aspergillus niger  ونشاطه الحيوي المسئول عن إنتاج حامض الستريك يتأثران تأثراً عكسياً بأي تغيير كيماوي في البيئة أو ببعض الخواص الفيزيائية مثل عملية الرج وغيرها. وكان حل هذه المشاكل هو استخدام ميسيليوم الفطر المربوط في مادة صلبة وهي مادة الألجينات حيث ثبت أنها تحمي الفطر من التأثيرات السابقة.

وفي مجال إنتاج حامض اللاكتيك تستخدم بادئات ميكروبية ويتم حفظ هذه البادئات في صورة مجفدة وعند إعادة استخدامها فإنها تأخذ وقت طويل حتى تنمو ثم وجد أن حل هذه المشكلة يكون بتثبيت الخلايا بمادة صلبة قبل عملية التجفيد. وقد استخدم هذا النظام بكفاءة عالية جداً في إنتاج حمض اللاكتيك بواسطة التخمير المستمر.

ورغم أن هناك دراسات قليلة على استخدام نظام الخلايا المثبتة في إنتاج المضادات الحيوية إلا أن الدراسات القليلة التي أجريت تؤكد أنه نظام واعد حيث أن حبس خلايا فطر Penicillium chrysogenum  في جل مكون من Polyacrylamide  أو Calcium alginate أدى إلى زيادة كفاءة الفطر في إنتاج بنسلين ج.

وفي مجال تلقيح التربة بالميكروبات يتم التلقيح بالطرق العادية المعروفة و لكن وجد كثير من الباحثين أن التلقيح بهذه الطرق لا يكون ناجحاً و السبب الرئيسي في ذلك أن الميكروبات تفقد حيويتها بعد إضافتها إلى التربة. وحلاً لهذه المشكلة فقد استعملت الخلايا المثبتة كلقاح للتربة و قد وجد أن المادة الجيلاتينية تحمى الميكروبات من ظروف التربة الصعبة لمدة طويلة. كما أن هذه الطريقة تجعل الميكروبات قادرة على الوصول إلى سطح جذور النباتات و تكوين مستعمرات عليها و يكون انطلاق الميكروبات بطيئًا أثناء تحلل كرات الجل في التربة.و قد وجد أيضًا أن الميكروبات المهندسة وراثياً تفقد الصفات المنقولة إليها عندما تضاف إلى التربة بالطريقة العادية و حلاً لهذه المشكلة فقد استخدمت تكنولوجيا الخلايا المثبتة في إضافة الميكروبات المهندسة وراثياً إلى التربة و قد بدأ العمل في هذا المجال سنة 1991 و وجد أن هذا النظام يحافظ على ثبات الميكروبات المهندسة وراثياً بالإضافة إلى الفارق الهائل في النشاط بين الميكروبات المضافة في صورة مثبتة و المضافة في صورة حرة.وفي تجارب أخرى وجد أن  الميكروبات المضافة إلى التربة بالطريقة العادية تعرضت للتحلل بواسطة البكتريوفاج ووجد أن تثبيت الميكروبات في مادة جيلاتينية يؤدى إلى حمايتها من البكتريوفاج.

وفي مجال تطوير طرق التخمرات الميكروبية تم إدخال بعض الزيوت النباتية مثل زيت الزيتون وزيت الذرة وزيت عباد الشمس على نظام التثبيت فيصبح هذا النظام قادراً على جعل الخلايا مقاومة للمواد السامة. وعلى ذلك فقد أمكن استخدام هذه المواد السامة في تعقيم البيئات كبديل للحرارة مع استخدم هذا النظام كلقاح لا يتأثر بوجود هذه المواد السامة.

وقد استعملت حديثًا الميكروبات المثبتة في معاملة المخلفات المائية و وجد أنها تعمل بكفاءة عالية جدًا في إزالة المواد العضوية و النترات و الأمونيا والنتريت والفوسفات والمذيبات المختلفة والأحماض العضوية من المخلفات المائية.كما استعملت الميكروبات المثبتة في المعاملة اللاهوائية وإنتاج غاز الميثان من مخلفات المجاري ووجد أن الميكروبات في هذه الصورة أحدثت توازناً بين مراحل إنتاج الغاز بحيث لا تطغى مرحلة إنتاج الحامض على مرحلة إنتاج الغاز. كذلك استعمل هذا النظام بكفاءة عالية في إزالة النترات من المخلفات المائية عن طريق عملية عكس التأزت.

 

 

 

 

المصدر: أحمد شوقي زهران، و جابر زايد بريشة (2005) الإنزيمات الميكروبية وتطبيقاتها في الصناعة والطب. مطابع جامعة الملك سعود، الرياض
gaberbresha

Prof. Gaber Breisha

  • Currently 252844/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 2011 مشاهدة

ساحة النقاش

jawad20201

موضوع اكثر من رائع يوصل الفكرة بطريق سهلة جدا

gaberbresha

أشكرك وأتمنى منك دوام المتابعة وكل عام وأنت بخير

Gaber Breisha فى 30 أغسطس 2011

Prof. Gaber Breisha

gaberbresha
بسم الله الرحمن الرحيم: أعدكم جميعاً أن أعمل جاهداً ليكون هذا الموقع مفيداً لكل من يريد أن يستمتع بالمعرفة، وأتمنى أن يشعرني هذا العمل أنني أديت دوري في الحياه، وأنني جدير أن أكون ضمن الذين كلفهم الله بعمارة الأرض وأقرر أنني لا أبتغي من وراء ذلك شيئ سوى أن يكون »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

613,084