"د. رضوان". قهر قانون الرى!
المصدر: الأهرام اليومى
بقلم: محمود فايد
بات تغيير بنود قانون الرى التى تحظر استزراع الأسماك فى المياه العذبة وقصر العملية برمتها على مياه الصرف الزراعى فقط، أمرا لا يقبل الجدل. وكفى تدميرا لصحة المصريين بإجبارهم على تناول أسماكا مزروعة فى مياه، أقل ما توصف به أنها مسرطنة بما تحتويه من متبقيات أسمدة ومبيدات ومخصبات زراعية.
قانون الرى لم يحدد حتى نوعية هذا الصرف الذى فرض استزراع الأسماك به. هل هو صحى أم زراعى أم صناعى. وبالتالى أصبح لا يوجد قانون يحكم الاستزراع السمكى لحماية صحة المصريين!
والكارثة الحقيقية أن إسرائيل استغلت نصوص قانون الرى المصرى أسوأ استغلال ودفعت دول أوروبا إلى حظر استيراد أسماك المياه العذبة المصرية بحجة أن المواطن الأوروبى لن يأكل أسماكا مزروعة فى مياه الصرف. لندمر صادراتنا من الأسماك بأيدينا. بحجة الحفاظ على المياه ومنع إهدارها فى الاستزراع السمكى. وكأن واضعوه لا يدركون أن الأسماك تعيش فى المياه ولا تستهلكها. وشديدة الحساسية ضد التلوث وتنفق فور حدوثه فى المياه!
تغيير مثل هذا القانون يمثل تحديا حقيقيا للكثيرين من العاملين فى قطاع الاستزراع السمكى فى مصر حتى يمكن مخاطبة دول العالم بقوة ومطالبتهم.
الآن. تعلقت آمال مزارع الاستزراع السمكى فى مصر بتجربة احترافية فريدة قائمة على أسس علمية لفتح باب تصدير أسماك المياه العذبة، وقام بها خبير الاستزراع المصرى العالمى الدكتور إسماعيل رضوان، ليتحدى كعادته قانون جائر يدمر الاستزراع السمكى على المياه العذبة فى مصر. وبالفعل نجح فى ذلك.
التحدى الذى خاضه الدكتور إسماعيل رضوان فى مزرعته الكائنة على مساحة 13 فدان بمنطقة البستان فى النوبارية على مدى 12 شهرا تحت إشراف الإتحاد التعاونى للثروة المائية والهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، يتمثل فى محاولة إثبات أن الاستزراع السمكى على المياه العذبة يجب أن يسبق الاستزراع النباتى، بمعنى أن يستخدم المياه النقية أولا فى الاستزراع السمكى على عكس ما يحدد قانون الرى، ثم يأخذ المياه الناتجة عن الأحواض السمكية فى الاستزراع النباتى بعد فلترتها.
ونجح "د. رضوان " فى ذلك بالفعل باقتدار شديد، بل وحقق نتائج مبهرة فى الزراعة النباتية وهى أولا توفير نحو 50% من استهلاك الأسمدة الزراعية وخاصة أن المياه محملة بتسميد عضوى طبيعى من مخرجات الاسماك وثانيا حقق دخلا إضافيا للمزرعة عن طريق الإنتاج السمكى الغزير البالغ 7 أطنان من حوض لا تتجاوز مساحته 300 متر وخاصة أنه يمكن إنتاج 200 كيلو سمك بلطى يوميا من الحوض الواحد وتسويقها وثالثا الاستهلاك الأمثل لوحدتى المياه والأرض من خلال دورة مغلقة.
هناك فى النوبارية شاهدنا موسم الحصاد للأسماك وزراعات القمح التى أوشكت على الحصاد، بخلاف أشجار الموالح والمانجو والفول. فالرجل حول مزرعته إلى نموذج للاستزراع السمكى المكثف والنباتى المتكامل بإنشاء حوضين للأسماك كل منهما بمساحة 10 أمتار فى 30 مترا فى عمق 60 سم وذلك عند مأخذ المياه ويستوعب كل منهما 200متر مكعب من المياه وملحق بهما أحواض فلتره للمياه لتقليل مستوى الأمونيا إلى الحد المسموح به للاستزراع السمكى ليصل بالإنتاجية فى المتر المربع الواحد من المياه إلى 45 كيلو بإجمالى 7 أطنان من أسماك البلطى، وجعل كل حوض يخدم ويروى بمياهه المسمدة بالمخلفات العضوية للأسماك وبقايا الأعلاف مساحة 6 أفدنة مزروعة بمختلف المحاصيل.
وقبل أن أسأله عن مصدر المياه. قال الدكتور رضوان: الطبقات المشبعة بالمياه نتيجة عدم وجود نظام صرف بالمنطقة وتستخرج عن طريق طلمبات بسيطة للغاية لتغذية المشروع كاملا بالمياه باستهلاك لا يتجاوز احتياجات الرى الفعلية.
ولكن ما هو صدى نجاح تلك التجربة، قال الدكتور أيمن أبوحديد وزير الزراعة: نتبنى حاليا مشروعا قوميا جديدا، يهدف إلى زيادة إنتاج مصر من الأسماك والوصول به إلى نحو 2.5 مليون طن وذلك بالتوسع فى إنشاء الأحواض السمكية فى مزارع الاستزراع النباتى بالأراضى الجديدة، بحيث يتم استخدام مياه الرى النقية أولا فى زراعة الأسماك، ثم إعادة استخدامها بعد فلترتها فى الاستزراع النباتى وبما يعنى الاستغلال الأمثل لكل قطرة مياه وتحقيق أعلى استفادة منها.
وأضاف الوزير أن قانون الرى يحدد زراعة أسماك البلطى علي مياه الصرف الزراعي لتقنين استخدام المياه ولكنه فى حقيقة الأمر المياه ليست صرفا زراعيا فقط ولكن أيضا صرف صحى وصناعي مخلوط مما ينتج أسماكا غير مطابقة للمواصفات العالمية حتى وإن كان صالحا للاستهلاك الادمي، مشددا علي أن الأسماك تعيش فى المياه ولا تستهلكها وبالتالي أصبح تعديل قانون الرى أمرا واجبا، وقطعا شوطا طويلا مع وزارة الرى فى هذا الشأن.