تعليق مادونا عسكر على قصة هل تكفي هذه المسافة لحدوث الأمان؟
مع الاحترام أ. فراس، لكنّني أجد هذا النّصّ ملتبس المعاني والمضمون.
تعنون النّصّ بسؤال يتناقض مع مضمون النّصّ. فالسّؤال عن مسافة لحدوث الأمان سيتعارض مع العلاقة الّتي اخترت أن تبيّن إشكاليّتها ربّما.
تفتتح النّص بعبارة تدلّ على رباط الصّداقة بين رجل وامرأة دلّت عليه عبارة (صديقتي المقرّبة). لكنّك تناقض اختيارك لعبارة (صديقتي المقرّبة) وأنت تضع على فم الشّخصيّة/ الرّجل إجابة تناقض مبدأ الصّداقة (إنّني صديق، وأحافظ على مسافة آمنة حتى لا يكون هناك حادث عاطفيّ مؤسف.). ما يستدعي منّي كقارئة استغراباً حول مفهوم الصّداقة الّذي تطرحه وتعالجه من النّاحية العاطفية. تؤكّده الجملة التّالية (البعد بهذه الطريقة ليس جميلا، ولا تنس أنك (مفرملٌ) أصلا، ولا أشعر بالخوف منك، لتعلق قلبك بمن تهوى.). هذه الجملة بحدّ ذاتها خطيرة. لقد بنيت حاجزاً من الخوف والحذر بين صديقين من المفترض أن يكونا على ثقة تامّة ببعضهما البعض، خوفاً من الانزلاق في علاقة جسديّة، على الرّغم من أنّ الرّجل في النّص مرتبط عاطفيّاً. ما يدلّ على رجل يقيّم عاطفته جنسيّاً فقط. (أنا شخص سرعان ما أنزلق على كل جسدٍ عطريٍّ، ناضجةٌ كُمَّثْراه.) لأنّه إذا كان قلبه متعلّقاً ويخشى الانزلاق في علاقة مؤسفة كما تصفها حضرتك، فلا بد من أنّه ثمّة التباس حول الموضوع. إذا كان قلبه متعلقاً بمن يهوى فالرّغبة والشّهوة محصورتان في هذا الإطار فقط.
(عندما تصلين إلى السّرير وأبدأ باستنشاق رائحة جسدك، يرعبني ذلك، فأبتعد، فالشهوة ليس لها أمان يا صديقتي.) ما الّذي سيوصل "صديقة" إلى السّرير؟ وما الّذي سيحرّك مشاعر صديقة تجاه صديقها؟ (هنا تضحك بخبث غواية امرأة شهيّة، ربما شعرت برعشة خفيفة تحرك أعضاءها للنشيد!). كان حريّ بك أن توظّف ما أردت معالجته بين زميل وزميلته، دون أن تقحم الصّداقة في الموضوع. وقولك في إحدى التّعليقات أنّ الصديقة حبيبة محتملة، يتناقض مع الفكر المطروح لأنّك ببساطة انحدرت بالصّداقة إلى المستوى الجسديّ الشّهوانيّ وهي لا تحتمل هذا الأمر.
وما يعزّز قناعتي بما أقول جملتك الختاميّة (فمن ذا الذي يستطيع أن ينيم الوحش إن صحا؟). إذا كنت تتحدّث عن رجل وامرأة فهذا أمر، وأمّا إذا كنت تتحدّث عن ذكر وأنثى فهذا أمر آخر. فالرّجل والمرأة يتعاملان على مستوى إنسانيّ حتّى ضمن علاقة حميمة. أمّا الذّكر والأنثى فلا يميّزان بين صديق وحبيب وزميل.
المسافة الآمنة، هي مسافة العقل. فمنه يبدأ كل شيء. وإذا غُيّب العقل فنحن أمام علاقات غرائزيّة حيوانيّة لا صلة لها بالعلاقات الانسانية. ذاك لا يعني أنّ ممارسة الحبّ أمر عقلانيّ بل ذاك يعني أنّ "الإنسان" لا ينزلق عاطفيّاً وإنّما يعبّر عن عاطفته مع الآخر الّذي يتبادل وإيّاه ذات العاطفة.
للاطلاع على القصة من موقع صحيفة المثقف