همسة حب صباحية
الأمان هو ذلك الطلب المشترك
فراس حج محمد
على هدي منها وبرقة إحساسها، ورغما عني وعن جنوني العابث تقع الكلمات على سطوح من لهب، فتصفها بالقسوة والبرودة، يا لله كم نقسو أحيانا ونحن لا نريد القسوة، فكيف طاوعتني النفس أن أصفها بما وصفتها به، إنها هي قسوتي ولؤم طبعي الذي لم يدرك كم هي حساسة قد تعكر صفوها نسمة هبت خاطئة فجرحت رهيف نفسها الوردية!!
غدت ممسوسة بي وبهاجس الحب لدرجة أنها تبدو في مرآة نفسها أنها ربما تغيرت، وأن تلك الصورة القديمة التي عرفتها فيها قد بدت تضمحل، مع أنها تدرك تمام الإدراك أن صورتها أجمل وأرقّ وهي تبدو شامخة متحدية قريبة الملامح والهواجس والرؤى، كأنها ذلك الورد النضر الذي ما زال أريجه يوقظ في كل أحاسيس الحب ويفجر ينابيع اللذة الغامرة كأنها لم تكن ذكرى فقط بل هي الأنثى التي لا أريد من الأنام سواها.
مع كل تلك المعمعة من فكرة متصلبة جارحة، خرجت كلمتان خفيفتان على اللسان، كبيرتان في تعكير المزاج الصباحيّ الذي يتنظرني بشوق ولهفة لأكون لها بعض ساعة من نهار، فتتلقاها حجارة الكلام، فأنعتها بالقسوة والبرودة، ولا أدري لماذا قفزت هاتان الكلمتان بالذات ليكونا هما ما كتبته لها ذات صباح كنتُ لها مشتاقا حد الهوس، لأراها أو لأتحدث معها، لعله الشوق الذي قد يفقد الإنسان صوابه فيه وهو يعابث نفسه الوالهة.
أعترف لها لعلها تسامحني، مع سوانح تلك الهواجس القديمة والجديدة في أطر الصور الموضوعة، وأعذرها لو كتبتْ أو كتبتُ على لسانها، لأننا في الشوق واحد، أقدر حرقة حروفها التي خرجت لتقول: هو من يعاتبُ ويبكي على أي أغنية أو همسة أو صورة فيتخيل حبيبه فيها يكون فعلا قاسيا؟!
أستمحيك عذرا أيتها الوردة يا قارورة عطري الفواح، لك كل الحقّ في أن تقولي عني وتصفينني بأنني لئيم، فقد قلتِ ما كشفت به عن شوقك الكبير وحنينك العظيم: "هو من يظلّ طوال الليل مشغول البال وينزف حنينا، سيكون بمفاهيمك باردا جدا!"
كيف لي أنسى أنك تلك المرأة التي تفتحت مساماتها على مسامات قلبي، وهبت نسمات فؤادها فعانقت نسائم روحي؟ كيف لي أن أن أنسى أننا نتنفس الصباح عناقا للروح على الرغم من بعد المسافة؟ كيف لي أن أعتذر؟ وكيف لي أن أكون عاشقك الأثير مغفور الخطأ؟ كيف لي أن أنسى قولك: "هو من يفتح عينيه منذ ساعات الصباح الأولى فقط ليبحث عمن يحبه من أجل أن يتنفس أنفاسه سيكون خاليا من كل إحساس؟!"
لعلّ المسافة قد تقلصت الآن لتكون صفرا ما بين قلبي وقلبك وإحساسي وإحساسك، أتملى ملامحك بقربي وقد ملأت صورتك كياني كله وجعلتني أكثر رقة مما قد أبدو عليه، فليس بعد هذا القرب من قرب وما عليك إلا أن تشعري بالأمان، أليس هذا هو طلبنا المشترك يا سيدة البوح والروح؟!