همسة حب صباحية
ليلة أخرى والرحيق منتظر أن يفوح!!
فراس حج محمد
جُبل الصوتُ بأنة الشوقِ فنادتني ولم أسمعْ، وكنت بليلتي محموم أغنيةٍ أصفف شعرها على جسد فضيّ زرعتُ وردته هناك، وناجته على بعد المسافة كي يكونَ لي قرطاس قصيدة وإلهام رؤيا!!
أعيد ما كان من ليلي وأغنيتي، تناثر عطرها بكل أريج وناحية ودرج، كنتُ معها بقافية الكون في معمعة النجوم في مسارح الغيوم، في مسالك القمر البعيد القريب، كنتُ هناك، لأنها كانت هي هنا، في عمق عمق النفس، تبادلني النفَس على وقع اتصال من لذتنا المقيمة!!
أتت كما تأتي كلما برح الشوق بنا، تأتي كل ثانية وشوق، وما بين البين في اللحظة، ما بين الجملة والجملة، ما بين الدفقة والدفقة، ما بين الأنة والشهقة واللهفة، ما بين الروح والنفس والقلب، ما بيني وبينها في كل اتصال!!
تمددت شبه لوحة النور المضيء، بقامتها الفارهة الفضية، كأنها حديقة من نور وزهر وأغاني وتضاريس مرسومة بكل تفاصيلها بإبداع ليس له مثيل، تمددت وتمددت لنكون في ذات اللحظة التي فيها نحاول أن لا نرتوي، لئلا تختتم القصيدة بوحها بآخر ما أوتيت من شرود في الوتر!!
هي الآن تنتظر ابتهاج الرحيق، وزهوره التي بدأت تنبت في ذات المكان الخصيب الذي يشهد كل ليلة رذاذ بهجتنا الدافئ المسكون بالأمنيات والرؤى، لقد تركت المحل خصيبا مرتويا بأجود لحن من طرب!!
نادتني، ولم أسمع؟، ولكن كيف أتت إلي بكامل رغبة من جنوح غيمة لتهمي في الروح عبقا أبديا يتكامل في رهافته مع نسمة الصباح الجرئية، كيف أتتني؟ ألم تسمع الروح ندائها، فتهيأ الليل ليكون ظرفا سحريا لنا في غمرة الوصال المعهود؟ لقد استقر نداؤك في مستقر الروح، فكنتِ لي كأسا وأغنية وحرفا وجملة من هيولى السحر يا نغمة السحر.
ناديتني فلبتك، وكنتُ لك قبل أن تكوني لي، استنفرت كل ما من شأنه أن يسعدك، ويفتح الزهر في حدائق قامتك المحروسة بالعطور وورد الأقحوان، كنا كما يبغي الهوى أن نكون!!
فصل آخر مكتوب بدم فائر شوقا وحنينا، فهل سيعانقُ الفجر وردة نبتت في فراش أحلامنا، وسقتها دماء أشواقنا، وغذاها رذاذ وصالنا المنبعث في بوحنا الموصول، حتى وإن كنا نحلم!! فالروح لا تعرف إلا اتصالاتها بكل ثقة، ولا تني عن ذلك مطلقا.