فراس حج محمد

موقع يختص بمنشورات صاحبه: مقالات، قصائد، أخبار

 

أصداء

شذرات لم تكن لتكون أطول، جمعت نفسها بقامة مكتنزة تؤدي الغرض وتقول ما أرادت بشيفرة لها دلالاتها المعنوية المكثفة.

محاولة في الكتابة الشذرية

فراس حج محمد


-1-

كنت أسمع عن العودة المنقوصة، ولم أكن أصدق أحدا من أدعيائها، حتى جربتها، فوجدتها لا تعطيني أمانا كافيا، كما كنت أحلم، فزاد العطش، وزادت الغربة وتكسرت النفس شظايا حارقة، وصار عذابك أكبر!

-2-

قالت: "لم أعد أومن بالحب، فالكل قد يتغير"، ولكنني نسيت أن أسألها سؤالا واحدا، "لماذا تتحدث معي إذن وتريدني بجانبها دوما، وتريد هدية في عيد الحب، وأن أقول لها أحبك؟" كأنني كنتُ غبيا!!

-3-

لو تعرفين كم هو سيء هذا الوضع لحمدتِ الله مليون مرة أنك لستِ معي الآن!!

-4-

قلت لها ذات مرة: "أنها لم تعد كما كانت"، فأجابت بالنفي، ولكنني اكتشفت الآن أنها تغيرت، ولم تعد كما كانت!!

-5-

متى تقتنعين أنك الروح؟ فهل يمكن أن أحيا سليما ومتوازنا وروحي ليست معي!!

-6-

أحتاج لانتفاضتها كما أحتاج لهدوء عواصفي!!

-7-

ماذا عليها لو كتبت كلمة حب مرهفة بدلا من علامات الاستفهام والتعجب التي لم أستطع لها عدا!!

-8-

كأنّ الوقت لم يحِن بعدُ ليستعيد القلبُ مكانته بين أناملها، فقد بقيت أشعر بالبرد وتشعر اللغة بالغثيان، ويتمدد الأسود في ثنايا الكلام.

-9-

كلما رأيتها رأيت دمي نازفا، فتناديني القصيدة، وتبكيني القوافي، فينفتح الجرح، وتتساقط الدروب وجعا في طريق طويل.

-10-

هل سأفتح الذاكرة يوما فأنفض عنها غبارا متراكما يحجب ما تراءى مني حرفا في هوامش ميتة؟!

-11-

علامتان للتعجب!! وأخرى للسؤال، وما زالت الجملة بدون توقف....

-12-

فلتكسري قلمي، لم يعد في الروح شوق للظلام!!

-13-

أوشك السؤال اليوم أن يكون كاشفا عن العصب، فتداركتُ، وخشيت أن تتلبد السماء بالغيوم من جديد!

-14-

هل يمكن أن تحب شخصا وتكره بلدا تحتضن اشتياقاته؟ كأنني لم أتعلم يوما: من أجل عين ألف عين تُكرمُ!

-15-

يمتعض من مقابلتي، وعندما أردت الخروج، يريدني أن أشرب فنجان قهوة، كأنني قطعت كل تلك المسافة، لأنه لا يوجد في بيتنا بُنٌ.

-16-

لماذا كل هذا أيها الغبيّ أنا؟ متى ستقلع عن الإدمان؟ إنها ما زالت تحتل دمائي، وما زالت المسافة تتسع!!

-17-

أينا أفضل: أنتِ أم أنا أم هو؟ أنتِ سر حاجتي، وأنا مصلوب في جدار الوهم، وهو فقط من يتحكم بالجميع. تذكري أننا لسنا في معرض المفاضلة.

-18-

"لا تدعوا الفرصة تفوتكم" مكتوبة بالخط العريض على لوح إعلانات جليدية تذوب كلما مرّ الوقت متثاقلا، ومرّغ جبهة الذكرى وأرغمها على البقاء!!

-19-

أدخل في تدريبات طويلة الأمد، فقط من أجل أن أحتمل رؤيتها بين سطوري، تقول لي: "أنا هنا في قلبك وإن رحلتُ"، فيجيب الصدى.

-20-

هي كما أنا تبحث عن منفذ، وجدنا أخيرا مسربا مفتوحا، مشينا فيه، ارتطمت رؤوسنا بسارية هناك، فصحونا من غفوتنا.

-21-

الخوف ينام بين أناملها، ويمنع الحروف من الاقتراب، تحاول حواجزي التمرد على حواجزها، فترسم الحكاية شخوصها كأنهم يعيشون في المريخ، ولا يعرفون شكل الأرض أو طعم شقائها الحنظلي! كأنه العسل.

-22-

نصحتني بأن أتريث لشرب فنجان من القهوة، لعل ذلك الفنجان يفتح نفقا مظلما لحديث ما، فهل كان الحق على القهوة أم على من يصنعها بروتوكوليا ويشربها تأدية لواجب عزاء نفسيٍّ قاتل؟  

-23-

ستعرفين يوما بأنني أفضل الرجال الذين مروا في حياتك أو أقاموا فيها، لأنني فقط صادق مع نفسي، ولن يسلم عليّ مادح نفسه هذه المرة!!

-24-

بدأت، فانتكست، آهٍ، لو كنت أعلم خاتمتي!!

-25-

هي تماما مثل مقام الرست، أصل لكل جميل، ومنبع لكل لحن شجي.

-26-

هي وحدها من تملك سر الفرح، وهي وحدها من تنعش روحي وابتهالاتي في ظل هذا الكم الهائل من الحزن متعدد الطبقات.

-27-

حاولتُ أن أحرك مياها راكدة، فاكتشفت أنني قد ابتلعت المنجل، وربما خسرت شربة الماء النقية التي كانت بحوزتي.

-28-

أهالتْ عليّ عتابها مرة واحدة، وحمّلتني مسؤولية الفشل، كأنني أمتلك عصا سحرية لتغيير ما في النفوس التي لم تعد تقبل بوجودي أو رؤية شبحي قادما من بعيد.

-29-

أستعين على قضاء حوائجي بالصبر والكتمان، فتردني الأقدار إلى نقطة الصفر، وإلى تقاطع طريق مزروع بألغام نبوءات متوجسة.

-30-

جاءني شعور بالندم عند قراءة رسالتها الأخيرة، ولكنها لم تعلم بأنني ما زلت مقيدا في سجلات الانتظار استعدادا لقُبلة الليلة الأولى في مشوار عمر، سننهيه معا، لم أكن أحلم، ولكنني حقا أصدق أغنياتها، وأومن بأنها لن تكون الخادعة. 

-31-

لَنْ يُفْلِحَ قَلْبٌ وَلَّى أَمْرَهُ امْرَأَة.

-32-

مُنْتَهى الْقَسْوَةِ أَنْ تَجِدَ امْرَأَةً تَتَوَلّاكَ، وَتَحْتَضِنُكَ بِسَرابِ ذَراعَيْها، ثُمَّ تَتْرُكَكَ لِلِّريح.

-33-

رُبَّما كانَتِ المَرْأَةُ أَرقّ المَخْلوقاتِ، كَالماءِ قَدْ يَشْرَقُ بِها الشّارِبُ وَيَغَصُّ فَيَموت!

-34-

كأنني واحدٌ من نِسْلِكم أيها المهووسون بالوفاء، والسجن في الذكريات التي لم تَعُدْ ترحمني، فهل سيبتهل الحرف بغوايته لينقذَ ما تبقّى من جروح الروح المسافرة تطارد طيفا راحلا؟ وأنا على قلق والريح تحتي، تُنضج ما تناثر من حكايات حزينة.

-35-

لا تكوني مثل بقايا وطن، نراه من بعيد فنتوهم أنه لنا، وإذا به يدخل مُختارا جيوب الفاسدين، فقط لكي ينسى أن هناك من يحبّه ومستعدا لأن يموت من أجله، فلا تداوي غيابي في عباءات الآخرين، "فالسمُّ في كأس الشراب يكونُ"! 

-36-

هل من قسوة أشد من أن تسلم حياتك لغيرك؟ ولا تجد من يربّت على كتفيك وقت التعب، ويخبرك بأنه مستعد لاستبدالك بآخر عندما تسنح الفرصة لقادم يطرق الباب طالبا أن يعزف على وتر قد يُودي بسامعيه ومنشديه إلى التهلكة. 

-37-

ما زلت تشبهين القصيدة في غموض طلعتها الأولى، وسحرها الذي يفتن الشاعر والقارئ والناقد على حد سواء. كأنك النار المقدسة التي تطهر بلهيبها أشواقا ميتة!

-38-

عندما يعاود الليل حضوره تعاود أطيافكِ الاشتعال، ويصبح الجنون سيد المواقف كلها.

-39-

أعلمها السهر والأغاني، فتسهر لتراني وقد أصبحت بلا أي اتزان!!

-40-

كم كان صوتكِ خفيضا وناعما ومؤثرا،  تكلمني وهي تنزع عنها أغشية المنام، فتبدو بكامل أنوثتها أحسها وكأنها تسكب في قلبي كل شهوة ممكنة.

-41-

بدت كلحظات الإشراق الأولى، كالسنا الخافت القادم من بعيد يأخذ بالوضوح مرات ويتشكل شبه لغز مرات أخرى. كم أنت كاملة أيتها القديسة الغافية على جناح حلم.

-42-

يعتمد كلانا سياسة الأبواب المغلقة، نحاول أن نمنع العين أن ترى ملامح خيبة طافحة، قد نلجأ أحيانا بمداراتها بضحكة بلاستكية تفضح غباءنا المحض.

-43-

نستقلّ مراكب ليست لنا، فنغدو حمولة زائدة أمام أول محطة ينتظر فيها راكب محمل بالورود والعطر المسروق من بقايا أحلامنا.

-44-

نشتاق العناق، فيردنا سيف من عيون الآخرين، ليقتل غوايتنا في مهدها.  

-45-

تعريف ممكن للبؤس: عاصفة ميتة لم تحدث التدمير المطلوب، وتوصيف آخر للشقاوة: شراعُ قلقٍ آيلٌ للسقوط.

-46-

الرماد: جسد متناثر كان يوما يسافر على أجنحة الغيم الشفيفة تحمل مطرا ليلكيا باردا.

-47-

صدّقتها، فرسمت بريشة طاووس أملا كان فائضا عن الحاجة، وصدقتني، فرسمتني غبارا في عبارة محنطة.

-48-

ذهب مع الريح، ولعله يعود مع العواصف محملا بكل ما يشتاق إليه الهدوء.

-49-

خمس دقائق أخرى، ويبتكر المحبّ طريقة أخرى، ليعبر فيها مسافة أخرى، كبعض ياردة أخرى، فلم يعد يقوى على قطع مسافات طويلة أخرى.

-50-

كل شيء بدا عاديا، الصباح عاديا، والربيع عاديا، والانتظار في مسامات الوقت عاديا، إلا أنا وهو وهي لم يكن أحد فينا عاديا. نقف على مفترق غامض من خلايا أحزاننا النازفة.

-51-

الليل كمفهوم ميتافيزيقي: ذرات مطحونة من وهم الرماد، تقف في الحلق شاهدة على غصّة قادمة.

-52-

لن يمرّ الهواء عابرا بين جسدين ملتحمين في روح واحدة، إن كان التحامهما كنهر يصب في ساقية المياه الدافئة حنينا متواليا معزوفا بأغنية القلوب المهتدية بنور السماء السرمدي.

-53-

تطول الجملة، فتبحث عن موقع لعلامة ترقيم واحدة فلم تجد غير انهيال بلا حدود يحاول استيعاب طوفان يحمل وردة عابقة، تحكي أوراقها عذوبة ملمس الحرير في خدين لؤلؤيين.

-54-

العودة على مفترق طرق حديثٍ متشكل يوزع ما تبقى من جراحنا في أسفار التاريخ، ربما يقرأها يوما عاشق ذو عقل كبير وقلب مفعم بالأماني، فيطمئن إلى إمكانية أن يشرب من يدي غائبته شربة المنى، ويرقص رقصة اللقاء الأبدي في عناق لا انفصام بعده! 

-55-

حركي المياه الآسنة هناك، لأستطيع أن أسبح في لجة المحيط، لعلني أمسك بوصلتي، فأتبع نبض السؤال الباحث عن إجابته بين دفاتر أحلامك!

-56-

لا تقولي انتفض وأنا معك، بل قولي علينا أن ننتفض وأنا أسكن بين جوانحك، وأنت من يقيني حرّ لحن مموج في زمان لا يحب سامعوه الأغاني الرصينة والأفكار المكتنزة.

-57-

أينا يا أميرتي كان على صواب: القلب الذي اختارك أم العقل الذي تحدى اختيارك واختياري؟

-58-

سمكتان تسبحان في محيط واحد، وتتغذيان من رحيق واحد، وابتلعتا طُعما قاتلا، ولم يكن الصياد ماهرا، فقد اغتال جوهرتين تستقران في أعماقنا.

-59-

أنتِ وأنا زنبقتان مجروحتان بنغم شجي، سيظل ينزف وجعا مرا، ويبحث عن طبيب يضمد ما تخثر من أغنيات في دمائنا الرمادية.

-60-

أوشكت دمعة من عينيّ أن تتحدر أمامه، فبادرتها بمنديل ورقيّ خشية أن تحرق مكتبا فخما، لم يستوعب اشتياقا ملأ نفوسنا، وجعلنا ظلا متماهيا في جنون المنطق.

-61-

هل هذا هو الجواب لسؤال سألته يوما: لماذا لا يفكر الغيم عندما يهمي عن مآل دموعه المسكوبة بحنان؟ لعله كان يعرف قيمة الأرض التي يعانقها.   

-62-

هل سأستطيع التأقلم مع الوضع الجديد، وأنت هناك بين فكيّ اغتيال الكينونة؟ كأن الثقافة التي نتعلمها لم تكن سوى نوع من (البرستيج) الاجتماعي، ليس له أهمية أكثر من قطعة كرتون معلقة على حائط رطب.

-63-

أيهما أجدى نفعا: الصوت أم الصدى؟ تذكري أنني هنا مَعْنِيٌّ بالمفاضلة، فهذا أوانها.

-64-

ما كنت غبيا عندما اتخذت النجمة أُمّا أرضعتني بثدي نورها أملا، جعلني أتغير، كانت المشكلة تكمن في عدم تفسير ذبذبات خارجة من رحم المطلق البعيد، لتقول قانونها الأبدي في المحبة الخالصة لفتاة النور الجامحة نحو قلب تبتّل في الانتظار.

-65-

عزيزتي، الدرب طويل، وما زال في النفس قوة لمتابعة الرحلة، لا تيأسي، وإن أكل السهر عيوني وأنحل ما تبقى من جسدي المكدود بكؤوس أمنياتنا.

-66-

قالت "حبيبي"، فانتشيتُ لبعض وقت، لكنها اعتذرت.

-67-

قالت: "في حروفك رائحة مَطر"، فقلت لها بل قولي: "في حروفك رائحة النار المشتعلة التي تشوي الروح بلهيبها الجارح".

-68-

ما يفتت أكباد العاشقين شيء آخر غير العشق، إنه عنجهية قلب تشرب وهما لا يعترف برهافة إحساس المحبين. هكذا تبدو قوانين البشر في عالم مشحون بالخراب.

-69-

تكتبين لي، ولكن فلتعذريني لا مزاج لديّ لأتحدث معك، فلست على استعداد أن أكدر مساءاتك بكدر الطين المتجمع في حلقي، ويكاد يسد مجرى الرمق الأخير.

-70-

أما أنا فقد انحنيت وانحنيت ثمّ انحنيتُ، ولكنها رفضت أن تركبَ ظهري. رسالة عاجلة لمارتن لوثر كنج.

-71-

لاحظي ماذا قالت لنا الأبراج: "تنكمش على نفسك في بداية الشهر على الأرجح وتشعر بالاستياء أو بعدم الاطمئنان، بحيث تحتاج إلى الكثير من الدبلوماسية، لمراعاة الخواطر وإيجاد تسويات وتجنّب المواجهات". يا ترى كم مثلنا في هذا العالم، ومن الأبراج الأحد عشر الأخرى يشاركوننا هذه الحالة؟ لا تطمئني إلى شيء، لا شيء يهمّ في هذا العالم.

-72-

كلما فكرت فيك دخنت أكثر، كلما عرفت أنك في نبض دمي دخنت أكثر فأكثر، كلما تنشقت هوائي وعرفت أنك فيه دخنت أكثر فأكثر وأكثر. أصبتُ بكِ شوقا وأصبتُ بأمراض الشوق المزمنة من أجل أن تظلي معي!

-73-

لا أدري لماذا خشيتُ عليك الليلة كثيرا، ولم أستطع أن أنام؟ هل حلت روحك في روحي لتجعلني معك هناك حيث أنتِ؟ أتمنى أن تكوني بكامل الألق.

-74-

وأخيرا، بعد أربعة عشر عاما من خضّ السقاء، تكتشف أن اللبن كان فاسدا، فكيف كانت تعيش إذن كل هذه المدة بدون قلب؟ وهل كانت تحتاج كل هذا العناء لتبوح بأنني "أكرهها"؟!

-75-

قالت: تمنيتك معي، أتأبط ذراعك. فقلت لها: لم يعد هناك مجال لخطوة أخرى، لا تثيري أشجاني، يكفيني أنني ساكن بقلبك أسمع دقاته الواله!

-76-

أحبك، ليس لأنك فاتنة الجمال جاذبة وساحرة فقط، بل لأنك أنثى كاملة في نعومة روحها المتوهجة. يا لله كيف لي أن أحتمل كل هذا النور!!

-77-

رحمك الله يا أبا سفيان، لم يدفعك ما بينك وبين محمد (ص) أن تكذب، لأن الكذب يشين أهله. فهل يوجد لك اليوم مؤيدون؟ وقد عمّ الكذب أرجاء اللغة معنى ومبنى!!

 

-78-

لم تكن لترحمَ ضعفي وهواني على نفسي، وانكسار قافية الروح، فاتهمتني بالكذب والانتهازية. فهل كانت غايتي الوصول إليها مبررا لأفقد إنسانيتي؟

-79-

ألاحظ وجودها في فضاءاتي الروحية، كم تمنيت أن أدعوها لتشاركني شرب فنجان من القهوة، بدت ملامحها تتشكل فيه مع أول رشفة منه لأزيح غبار غيابها عن ملامح وجهي المضنى!!

-80-

خافتْ من عودة الأحلام، فبادرَتْها بكتمان النفَس، وصمتت، كأن شوقها المتجدد كل حين جمرة تحت الرماد، لا يسلم من هبوب رياح الذاكرة.

-81-

رسمتَ له قلبا، وكانت تظن أنها تعبر له عن حبها، فأجابها: "القلب للحب والكره أيضا". لم تفطن أنه لم يعد طفلا صغيرا، وإن بدا في سن العاشرة.

-82-

حكمة أخرى جرت على أفواه الصغار، ونسيها الكبار العقلاء، كأن الإنسان يفقد براءته كلما شعر بنضوج العقل. لا شيء يعدل قلب طفل غير ملوث بالانتقام.

-83-

ثقي بحديث القلب، فإن القلب أصدق من أحاديث العقل المكبلة بأوهام، ليست سوى غبارٍ يحجب رؤيا البصيرة.

-84-

قالت: لا تقلق عليّ، فما زلتُ بخير، لم أعد أفكر بشيء مهم، فقلت: كيف لا أقلق وكل ذلك الجليد يملأ الحنجرة.

 

-85-

كانت غادية من لهيب وسكر، ربما لأنها لم تكن تشبه إلا العواصف المحملة حنينا مائجا يلفح الغيوم الهاربة حيث مثواها الأخير!!

-86-

ذات صباح لم أكن فيه، كانت ذكرياتنا تخترق المكان، وتفوح بأسرارها على دفقات من فنجان قهوة مرة، يصافح أناملها الناعمة. ربما تذكرت كم مرة شربناها سوية، وكم مرة كتبت لي بعينيها الناعستين كلمة "أحبك". لعلها التهمت صورتي أو مزقتني داخلها لأظل أسكنها شبحا لن يغادر توجساتها.

-87-

هل حقا "الأحلام وجه آخر للحقيقة"؟ لست متيقنا تماما أنها هناك تعمل الشيء نفسه الذي كانت تؤديه قبل أن يموت الصوت مختنقا بشهقة جارحة.

-88-

سيناريوهاتنا كانت كطفل لقيط، تخلت عنه أمه خوفا من فضيحة مارست غوايتها وهي بكامل تقواها واتحادها الروحي مع أجنحة الخيال الليلكية الناعمة. لماذا نخافك أيها المجهول؟ فلتأت لم أعد أهتم!!

-89-

الجُمَل كالنساء، مشاكسات وناعمات، يمارسن بدهاء طقوس الفصول الأربعة في لحظة واحدة، وفي عبارة واحدة. وجه الشبه كبير ومتطابق ولكنه مختلف كذلك!!

-90-

إليكِ وحدكِ هذا الصباح، لا أريد لأحد أن يشاركني فيه. كوني حيث أنت كما أنت، فصباح لست فيه لم تطلع على روحي فيه شمس حريتي!   

-91-

لم يحالفني الحظ اليوم، ككل يوم، ربما تأتي غدا، ولكن من يدري ربما كان الغد نسخة مكررة وممسوخة عني. بدأت أقتنع أن حظي مثل الدخان!!

-92-

المساء ناعم، بدا يشبه أفعى تتلوى على صدر مشبع بثاني أكسيد الخراب، وهناك حيث المقعد القديم يبكي على طيف سكنه لحن قصائد رحلت إلى غير رجعة.

-93-

هل كل المجانين في هذا العالم حالمون؟ ثمة شخص مريب يسكن في زاوية مهملة، يتجرع ما تبادر له أنه بعض ماء!!

-94-

لم أعد أنتظر شيئا قادما عبر رسائل البريد، أضاعت الحروف نفسها على فراش الموت، وصارت تتساقط قطرة قطرة، لتحرق ما تبقى من نهار.

-95-

ذات لقاء هادئ تماما إلا من حضوري، هكذا بدت، وهكذا بدوت، اختلفنا أينا سيتلاشى أولا أنا أم زنبقة يابسة غادرها الأريج، صفعت الريح خدودها؟

-96-

عندما يصبح التفاؤل محاولة فاشلة، ليس بوسع الحرف إلا أن يمطر قافية مغمسة بعذاب منقوش على جدران من فشل. حاولت هنا أن أكون متفائلا، ولكنني لم أستطع!!

-97-

أحرق نيرون روما، وأجبر التاريخ على أن يذكره بسوء، ولكن أين نيرون الآن؟ وأين روما؟ ثمة أشخاص لا يشبهون نيرون، وآخرون يتظاهرون بأنهم مثل روما!

-98-

كانت ذكية، ومخاتلة، واثقة، ومتحدية، هربت من محيط الدائرة، وقعت على رؤوس المثلث، وبقينا نحاول أن نرسمه مثلث قائم الزاوية، فانكسر الوتر!!

-99-

هل ما زالت شهرزاد قادرة على التسلل إلى المنام برفق، فترفع أغشية القلب لتزيل عن الأحلام ما ران عليها من تعب؟ ربما ذلك الشخص القابع في متاهاته لم يسلم مفاتيح الجحيم لخزنة جهنم.

-100-

يا ليتها كانت المنزلة الثالثة في حياتي، لكنتُ اكتملتُ، تماما مثل العدد (100)!!  

-101-

في أي امرأة سواك ستتكرر هذه الروح وهذا الجمال، سأظل أشعر بالوحدة وأعاني من بعدك أيتها الغائبة الحاضرة في مستقر روحي.

-102-

ما أصعب أن يعيش الإنسان الغربة والاغتراب! ما أصعب أن لا يحس بما حوله وبمن حوله لأنه يفقد ويشتاق أعز أحبابه وأغلاهم على قلبه، لقد كان اليوم يوما قاسيا جدا، من لدن اللسعة الأولى لساعات الصباح وحتى اللحظة، هذه اللحظة التي أكتب لك فيها، اعذريني أشعر بالوحدة لا شيء معي إلا طيفك وروحك أناجيهما.

-103-

لك مني سلاماتي الحارة ولتتحملي معي بعض ذلك الوجع، ليس إحساسا فادحا، إنه أكبر من الضياع وأشد ألما من الموت!

-104-

العشاق مثل الأطفال؛ يُرضيهم أقل الأشياء، ويزعجهم أتفه التصرفات، ولا يملّون من أن يطلبوا المزيد من الحماقات. أنصحكم لا تكونوا عشاقا حقيقيين تَتْعبون وتُتْعِبون.

-105-

توغلي معي في أدغال الحب، ولا تخشي الضياع، فالقلب بوصلة تهديك السبيل، فلا تخافي، فأنا أحبكِ.

-106-

أغرق في التأمل، فتردني سيجارتي للواقع، إذ لسعتني زهرتها لتنبهني من شرودي المتصل بك روحا وفكرا وشعورا.

-107-

أغنية شاردة ذات مساء خجول:

"كل الكلام من قلبي يناجيكِ

يا أبدع الخلق

يا أحلى مسا فيك"

-108-

عصية، ومطيعة، تعطين إذ تعطين رغبة، وأنت بكامل الألق والشموخ.

-109-

هل تشبهين الفرس في جموحها، وأيهما أسهل ترويضا أنت أم تلك الروح السابحة في حنايا روحي تتمرد عليّ اشتياقا لعناق روحك!!

-110-

اكتبيني مثل جملتك الأخيرة: وطني وأنت مرّ كالقهوة، ولكن أحتاجكما، فأنا كذلك.

-111-

كلانا يخاف من الحب، ولكنني كنت مستعدا للمغامرة وهي رفعت الراية البيضاء قبل المعركة، هزمت نفسها بالرعب!!

-112-

شارك كيف كان نهارك؟

يسألني ذلك المستطيل الجائع في "الفيس بوك"، فلست بمتيقن تماما أنه كان لي نهار حتى أصفه كيف كان، ولعلها هي الآن مثلي، تفكر كيف كان ذلك المسمى نهارا، فهل يا ترى كان لها نهار؟

-113-

ما زلت في المعمعة أخوض غمارها، ولن أستسلم بعد، ولكن مع من؟ وأين الطرف الآخر وقد رحل؟ (كما تقول العبارة السابقة)، وعلى حد زعمها هي فقط.

-114-

بهذا همس في أذنها، لعلها فهمت مقصده، وعلى أحسن الأحوال، تركته يشقى: "ربما نعم، ولكن بالمؤكد أنه ليس كذلك، فالصورة على حالتها والاسم بقي كما هو"!!

-115-

لا رغبة لي بشيء. أشعر بالملل الطافح على مسامات الوقت. لعلكم لا تشبهونني.

-116-

عندما يستعيد الإنسان عافية دينه وديدنه، فاعرف أنه في بداية الطريق الصحيح. كان يظن ذلك، ولكنه انتكس من جديد!!

-117-

- يا جماعة، أنتم فهمتموني خطأً، سامحوني!!

- ما نفع الاكتشاف متأخرا؟

-118-

أبدو حزينا بائسا. هذا يعني بالضرورة أنه ما زال عندي أمل لأحزن أكثر، ولأتقدم خطوة أخرى في معارج اليأس. شكرا للتي جعلتني حكيما مثل طفل ما زال يحبو!

-119-

كثيرة هي الكتب التي قرأتها، فما استفدت من حكمتها قدر استفادتي من جملة قالتها لحظة تجل عجيب: "لا أمل في التعلق بظل خيال، يزدادا هزالا يوما بعد يوم". لا يبدو أنني صدقت حكمتها بعد، وليس عندي استعداد لرفع الراية البيضاء.

-120-

ما زلت أكتبُ لكِ. اعلمي ساعتئذ أنني لم أفقد البوصلة. هناك الكثير من الورد ما زال مخبأ للقائنا . ربما وردة واحدة تكفي يا غاليتي.

-121-

لا قهوة هذا المساء لعل الروح لا تطلبها إلا من رحيق شفتيك!!  

المصدر: فراس حج محمد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 316 مشاهدة
نشرت فى 5 مارس 2013 بواسطة ferasomar

فراس عمر حج محمد

ferasomar
الموقع الخاص بــ "فراس حج محمد" »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

743,138

فراس حج محمد

نتيجة بحث الصور عن فراس حج محمد كنانة أون لاين

من مواليد مدينة نابلس في فــلسطين عــام 1973م، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الفلسطيني الحديث من جامعة النجاح الوطنية. عمل معلما ومشرفا تربويا ومحاضرا غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة. 

عمل محررا لغويا في مجلتي الزيزفونة للأطفال/ رام الله، وشارك في إعداد مواد تدريبية في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وكان عضوا في هيئة تحرير مجلة القانون الدولي الإنساني/ الإصدار الثاني الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين.

نشر العديد من المـقالات والقـصائد في مـجالات النشر المختلفة الإلـكترونية والصحف والمجلات في فلسطين والوطن العربي وبريطانيا وأمريكا وكندا والمكسيك. وشارك في ندوات وأمسيات شعرية ومؤتمرات في فلسطين.

الكتب المطبوعة: 

رسائــل إلى شهرزاد، ومــن طقوس القهوة المرة، صادران عن دار غُراب للنشر والتوزيع في القاهرة/ 2013، ومجموعة أناشيد وقصائد/ 2013، وكتاب ديوان أميرة الوجد/ 2014، الصادران عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل/ رام الله، وكتاب "دوائر العطش" عن دار غراب للنشر والتوزيع. وديوان "مزاج غزة العاصف، 2014، وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في القصة القصيرة جدا- دار موزييك/ الأردن وديوان "وأنت وحدك أغنية" عن دار ليبرتي/ القدس وبالتعاون مع بيت الشعر في فلسطين، وكتاب "يوميات كاتب يدعى X"، وكتاب "كأنها نصف الحقيقية" /الرقمية/ فلسطين، وكتاب "في ذكرى محمود درويش"، الزيزفونة 2016، وكتاب "شهرزاد ما زالت تروي- مقالات في المرأة والإبداع النسائي"، الرقمية، 2017، وديوان "الحب أن"، دار الأمل، الأردن، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في الرواية"، مكتبة كل شي، حيفا، 2017. وكتاب "ملامح من السرد المعاصر- قراءات في متنوع السرد"، مؤسسة أنصار الضاد، أم الفحم، 2018، وديوان "ما يشبه الرثاء"، دار طباق للنشر والتوزيع، رام الله، 2019، وكتاب "بلاغة الصنعة الشعرية"، دار روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، 2020. وكتاب "نِسوة في المدينة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2020. وكتاب "الإصحاح الأوّل لحرف الفاء- أسعدتِ صباحاً يا سيدتي"، دار الفاروق للنشر والتوزيع، نابلس، 2021. وكتاب "استعادة غسان كنفاني"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله، وعمّان، 2021، وكتيّب "من قتل مدرّس التاريخ؟"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2021. وديوان "وشيء من سردٍ قليل"، وزارة الثقافة الفلسطينية، رام الله، 2021. وديوان "على حافّة الشعر: ثمّة عشق وثمّة موت"، دار البدوي، ألمانيا، 2022. وكتاب "الكتابة في الوجه والمواجهة"، الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمان، 2023. وكتاب "متلازمة ديسمبر"، دار بدوي، ألمانيا، 2023. وكتاب "في رحاب اللغة العربية"، دار بدوي، ألمانيا، 2023، وكتاب "سرّ الجملة الاسميّة"، دار الرقمية، فلسطين، 2023. وكتاب "تصدّع الجدران- عن دور الأدب في مقاومة العتمة"، دار الرعاة وجسور ثقافية، رام الله وعمّان، 2023، وديوان "في أعالي المعركة"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2023، وكتاب "مساحة شخصية- من يوميات الحروب على فلسطين"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "الثرثرات المحببة- الرسائل"، دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، 2024، وكتاب "فتنة الحاسة السادسة- تأملات حول الصور"، دار الفاروق للثقافة، نابلس، 2025. 

حررت العديد من الكتب، بالإضافة إلى مجموعة من الكتب والدواوين المخطوطة. 

كتب عن هذه التجربة الإبداعية العديد من الكتاب الفلسطينيين والعرب، وأجريت معي عدة حوارات ولقاءات تلفزيونية.