مضمون رسالة الأسد حول الشرق الأوسط الجديد،

بقلم عيد كوسى.

بما لا يقبل الشك، أنّ الأزمة السورية دخلت في مراحل دقيقة جداً، وسط التعاطي البارد من قبل الحكومة السورية، وتعمدها دائماً الرد البطيء، سواء إعلامياً، أو دبلوماسياً في الأروقة ما رواء الإعلام، بالإضافة إلى عجز العالم كله، عن فعل أي شيء إلا الصدح الإعلامي: أيام الأسد باتت معدودة، وحتى أشد المتفائلين بهذه الإيام المعدودة، فقد الأمل، وبدل أن يهتف بحاسمة لهذا الكلام من إمعة هنا، أو رئيس أهبل هناك، أو شخصية محرضة في أنحاء أخرى، صار يهتف ساخراً، "خربتوا بيتنا بوعودكم"..
اليوم نشهد نشاطاً دبلوماسياً متزايداً، فكل الدول كما عادتها منشغلة بهذا الأسد، الذي يأبى الرضوخ، والذي قال مؤخراً، أنا ضابط بالجيش، قبل أن أكون رئيساً للجمهورية العربية السورية، وهذا يعني ما يعنيه، من اصرار على الاستمرار حتى النهاية، والنهاية بطبيعة الحال، نصر واضح بات بادي المعالم.
فهل حقاً أنَ الأسد، سيد هذه المنطقة أعطى مهلة زمنية لإغلاق الحدود نهائياً بوجه المرتزقة والقادمين أو الخارجين من سوريا، للجهاد على أرضها، وهدد فعلياً بتدمير المنطقة بما فيها تركيا والخليج، وإسرائيل؟

يبدو أنّ هذا ما حدث تماماً، ويبدو أن الرسالة تمّ نقلها عبر الوسيط الروسي، إلى كل من تركيا، وأمريكا، ولم يتم إرسالها إلى السعودية أو قطر، نظراً لصغر حجهم بالمعادلات الدولية، لأنهم فقط أحجار شطرنج في هذه المنطقة، ولا يمكنهم أخذ موقع عملي مما يحدث، نظراً لعدم وجود إرث حضاري، أو سياسي، أو عسكري، وأنهما فقط أبار نفط، تتمول منها أمريكا، وتمول من تريد أن تمولهم..

إنّ تحرك الأساطيل الروسية باتجاه الشواطيء السورية بهذه الأيام، ليس وليد مصادفة، ونزول الروس عسكرياً على شواطيء سوريا، ليس وليد مناورات عسكرية، ولا بحكم العلاقات التاريخية بين البلدين الذي أكده قائد الأسطول الروسي، وإنما لبدء أعمال حربية، أو التراجع الأمريكي التركي عن خطوات معينة، في حين نشهد بنفس الوقت تراجع الاسطول الأمريكي بعيداً في البحر الأبيض المتوسط، مترافقاً مع تقدم الاسطول الروسي، والمناورات العسكرية الإيرانية التي دامت لأيام ستة، والإعلان عن الجاهزية القتالية، يقابله تماماً أمرين هامين، أن المفاوضات الإيرانية الأمريكية بالشأن النووي الإيراني مستمرة، وفي تقدم، وقول رئيس الورزاء الإسرائيلي للإعلام: إيران تشكل تهديداً مباشراً لإسرائيل، ولكن من الأفضل أن يكون المسار الدبلوماسي هو المطروح، وبعده بيوم واحد قال المتحدث التركي: نحن أهل للحرب ولكننا نفضل السلام.

وها هم في لبنان، طرحوا موضوع النازحين السوريين، على الطاولة في بادرة إغلاق الحدود نهائياً بوجه القادمين إليهم، أو الخارج من ديارهم، والأردن يحذو نفس الحذو، مخافة دخوله في هذا الصراع الذي لا يستطيعون حمل وزر ربعه، إذا ما بدأ الجيش السوري بدك ما تطاله أياديهم في هذا الأردن الضعيف أصلاً.

وعلى الأرض، قتلى مكدسة وبالآلاف من الجهاديين، والإرهابيين في كل معركة، مع الجيش العربي السوري، وخصوصاً بالإسبوع الأخير، وخصوصاً حول مطاري منغ وتفتناز العسكريين، ومعركة داريّا، و في المنطقة الوسطى، مما يحتم أمر واحد فقط، هو تخلي تام من قبل من يدعم الذراع المسلح لما يسمى "تجاوزاً" معارضة خارجية، ويدير تحركاتهم..

وخطاب الأسد له ما له، ـ قبل أن يُبث بساعات قليلة ـ ، من أهمية كبيرة، إذ أنه يأتي متوجاً لكافة الأعمال الدبلوماسية والعسكرية، التي حدثت مؤخراً..

بماذا وعدهم الأسد إذاً؟

ببساطة، وعدهم بالحرب، وخصوصاً بعد نشر صواريخ باتريوت على الحدود السورية، إذ أنه لا محالة أنَّ هذه الصواريخ ستجر الناتو كله إلى الحرب، التي لا أحد بمقدوره أن يتحمل نتائجها، سواء أكان على الاقتصاد الأوروبي المنهار، أو على صعيد علاقات الغرب مع روسيا، التي ستدخل الحرب تماماً، نظراً لوجود أسطولها على الشواطيء السورية، وزيادة في التأكيد، إنزالها لمشاة البحرية الروسية على الأرض السورية.. ومما لا شك فيه دخول إيران الفوري على الجبهة، التي ستدمر بفترات قصيرة جداً كل ما له علاقة بأمن السعودية، وستكون المنطقة الشرقية شوكة قاتلة بحلق آل سعود، وقطر لا تحتاج الكثير حتى تصبح معلب لكرة القدم، بالرغم من وجود القاعدة الأمريكية الضخمة، التي تجتاح نصف قطر تماماً.
ناهيك عن دخول حزب الله في المعركة، واسرائيل..
من المؤكد أن الحرب ستكون مكلفة كثيراً جداً، على كل الأطراف المتقاتلة، وعلى رأسهم الجمهورية العربية السورية، وفي نظرة موضوعية، إن الشعب السورية، وقياداته، قد اتخذوا قبل شهور طويلة، موقع الحرب، ومعظم الشعب السوري بات يتمنى هذه الحرب، بل هناك صيحات كثيرة مطالبة بها، وهذا ما يعرفونه تماماً في كل دول القرار، حيث أنهم إذ ماتوا سيعرفون لماذا هذا الموت، مما يجعل العالم كله أمام معضلة قياسية، لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية..
والأغلب أن الحل السياسي، الذي سيطيح بهذه الإمعات التي باعت الوطن، هو الحل الوحيد المفروض قسراً، من قبل الرئيس السوري، على العالم أجمع، أو حرب ستحرق الأخضر واليابس، وتنهال ناراً على كل من تهجّم على سوريا.
والمعركة هي فقط معركة وقت، لا تلحّوا أيها السوريين على خطاب النصر، فهو آتٍ ولو بعدَ حين..
أقول قولي هذا، وأنا على يقين، أننا منتصرون، ودمنا سينتصر على السيف.

عاشت سوريا.

fauze

فوزي أحمد

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 49 مشاهدة
نشرت فى 6 يناير 2013 بواسطة fauze

fawzi fawzi

fauze
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

143,753