مد اللبن جسم الإنسان بمجموعة كبيرة جدٌّا من هذه العناصر والمركبات الغذائية الحيوية المهمة، ويمكن إيجاز ذلك في النقاط التالية:
1 ـ يعد اللبن موردًا مُهِمٌّا وجيدًا للبروتينات ذات القيمة الغذائية المرتفعة، وتمــــد بروتينات اللبن جســـم الإنســــان بالأحماض الأمينية الأساسية ــ بمقادير وتركيزات مرتفعة ــ ذلك بالإضافة إلى أنه قد ثبت أن بروتينات اللبن غنية بالفوسفور الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم من القناة الهضمية وبالتالي يستفيد الجسم من الكالسيوم، هذا علاوة على أن اللبن ذاته غني أيضًا بالكالسيوم، لذا فإن الأطفال والبالغين الذين يتناولون اللبن في غذائهم لا تظهر عليهم أعراض أمراض لين العظام والكساح أوضعف تكون الأسنان.
2 ـ توجد الأحماض الدهنية في اللبن بنسبة دقيقة جدٌّا بحيث يسهل هضمها وتمثيلها في الجسم، ويحتوي دهن اللبن على كثير من المواد الحيوية المهمة مثل: الأحماض الدهنية الأساسية، والفيتامينات الذائبة في دهن اللبن، والمركبات الدهنية الفوسفاتية. كذلك تعتبر النسبة بين الدهن والسكر في اللبن مهمة جدٌّا؛ إذ إنها تنشط نمو البكتريا النافعة بالأمعاء.
3 ـ يقتصر وجود اللاكتوز على اللبن فقط، ويمتاز سكر اللبن (اللاكتوز) عن غيره من الكربوهيدرات الأخرى بقدرته على التخمر الذي يعد ذا أهمية نافعة في التغذية، كما أنه يؤثر على غشاء المعدة المخاطي نظرًا لقلة ذوبانه.
كذلك فإن احتواء سكر اللبن على سكر الجالاكتوز يزيد من أهميته، إذ يعتبر هذا السكر أساس تكوين الجالاكتوز في أغشية المخ والخلايا العصبية. أيضًا ينفرد سكر اللبن بقدرته على تنشيط نمو أنواع مفيدة من بكتريا حمض اللاكتيك، والتي يمكن أن تحل محل بعض البكتريا التعفنية في القناة الهضمية. كما يساعد الحامض المتكون ــ نتيجة نشاط الميكروبات النافعة ــ على تمثيل وامتصاص الكالسيوم وبعض المعادن الأخرى.
4 ـ يعد اللبن مصدرًا مُهِمٌّا لكثير من الفيتامينات. وهي مواد تساعد على الاستفادة من الغذاء والوقاية من الأمراض. وتوجد بعض فيتامينات اللبن ذائبة في الدهن، وهي فيتامينات أ، د، هـ، ك، والبعض الآخر ذائبًا في ماء اللبن: وهي فيتامينات ب1، ب2، ج، وكذلك الكولين.
5 ـ يكوّن الماء ما يقرب من (85 ـ 90) من ألبان الثدييات المختلفة، وبعض مكونات اللبن إما ذائبة في الماء، مثل بعض الفيتامينات والأنزيمات واللاكتوز، أو على صورة معلّقة بالماء مثل حبيبات الدهن أو جزيئات الكيزين.
والماء له دور مهم وحيوي في حياة الإنسان حيث إن له وظائفه الفسيولوجية في الجسم الإنساني، فهو على سبيل المثال يكون حوالي (85 ـ 92) من دم الثدييات المختلفة، كما أن الكثير من أنسجة الجسم تحتوي على الماء،و أيضًا فإنه ينظم درجة حرارة الجسم، كذلك فالماء هو الوسط المناسب لانتشار وتأيّن العناصر المختلفة بالجسم، كما أنه الوسط المناسب للتفاعلات المختلفة وعمليات الهضم والهدم والبناء التي تحدث في الجسم.
6 ـ يعتبر اللبن مصدرًا مُهِمٌّا من مصادر فيتامين (أ) الذي يعد مُهِمٌّا جدٌّا في حياة الإنسان، حيث يوجد هذا الفيتامين بنسبة كبيرة في اللبن، ذلك بالإضافة إلى مادة الكاروتين التي تتحول إلى فيتامين (أ) في الجسم بواسطة الأكسدة.
ومن أهم فوائد فيتامين (أ) أنه ضروري جدٌّا للنمو، ولقد أثبتت التجارب الحديثة التي أجريت على الفئران أن نقص هذا الفيتامين يسبب وقف نموها ثم موتها.
كذلك فإن فيتامين (أ) مهم جدٌّا في عملية الإبصار، ويعرف هذا الفيتامين باسم الفيتامين المضاد (للرمد الجاف) إذ إن نقص هذا الفيتامين في الغذاء يسبب المرض بهذا النوع من الرمد، كما أنه يسبب أيضًا مرض العشى الليلي. ومن فوائد فيتامين (أ) أيضًا أنه يكسب جسم الإنسان المناعة من الإصابة بعدوى بعض الأمراض، كما أن له تأثيرًا مُهِمٌّا في عمليات تكوين العظام والغضاريف، كذلك فإن نقص فيتامين (أ) يؤثر على الخصوبة والتكاثر والتوالد.
7 ـ يحتوي اللبن على نسبة لا بأس بها من فيتامين (د) وهذا الفيتامين يساعد على ترسب الكالسيوم والفوسفور في الجسم، أي أنه يساعد على نمو العظام، كذلك فهو مانع للكساح، لذلك يسمى فيتامين (د): المضاد للكساح. كذلك يحتوي اللبن على مادة الكوليسترول، التي بتعرضها لأشعة الشمس أو الأشعة فوق البنفسجية تتحول إلى فيتامين (د). وقد وجد أن قوة اللبن من هذا الفيتامين تزيد (20) ضعفًا إذا عومل بالأشعة فوق البنفسجية، وهذه الطريقة مستعملة في بعض الدول الأوربية والأمريكية، وذلك لأنها تزيد نسبة وكمية فيتامين (د) في اللبن، وفي الوقت ذاته تقتل الميكروبات وتعقم اللبن.
8 ـ يعد اللبن غنيٌّا بفيتامين (ب2) أو الريبوفلافين. ويؤدي نقص فيتامين (ب2) إلى ظهور مرض البلاجرا، لذا يسمى هذا الفيتامين بالمانع لمرض البلاجرا.
9 ـ يوجد الكولين في اللبن بوفرة، والكولين هو العامل المانع لتراكم الدهن حول الكبد، والكولين يكون جزءًا من الليسيثين الموجود في دهن اللبن، ويعد الليسيثين من الفوسفوليبيدات المهمة في تكوين الخلايا، والكولين عامل مهم في تمثيل الدهون واستخدامها في الجسم، لذلك يؤدي نقص الكولين إلى بطء النمو وتراكم الدهن حول الكبد وخلل في عمليات تمثيل الدهون في الجسم.
10 ـ يعد اللبن أحد المصادر الطبيعية الأساسية الغنية بالكالسيوم والفوسفور، وهما من الأملاح المعدنية الضرورية لجسم الإنسان، إذ أن هذه المعادن تدخل في تكوين الهيكل العظمي وتركيب الأسنان وتنظيم الضغط الأسموزي، وتساعد على تنشيط الأنزيمات. ومن المعادن الأخرى التي توجد في اللبن ـ كذلك ـ بنسب لا بأس بها: الماغنسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والكلور والكبريت، ولكن يعد اللبن فقيرًا في عنصر الحديد، ويمكن تعويض ذلك بتعاطي أغذية غنية بهذا المعدن مثل البيض والخضراوات والفاكهة. ويوجد في اللبن أيضاً نسب ضئيلة من الروبيديوم والليثيوم. والباريوم والمنجنيز والاسترانثيوم والألومنيوم والفلور والنحاس واليود والزنك والكوبلت.
11 ـ يحتوي اللبن على كثير من الأنزيمات التي تساعد على هضم الطعام وامتصاصه.
هذا هو اللبن الذي أخرجه المولى ـ جل شأنه ـ بقدرته العظيمة من بين فرث ودم (لبنا) خالصًا سائغًا للشاربين، يجزئ الأصحاء ويكفيهم، ويقوي المرضى ويشفيهم وصدق الله ـ سبحانه وتعالى ـ إذ يقول: (وَإِنَّ لَكُمْ فِى الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِمَّا فِى بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ) النحل: 66.
ساحة النقاش