احذر.. «عضة» الكلب
الحادث المأساوى لطفل الهرم هذا الأسبوع عندما هاجمه كلب شرس وافترس خده الأيسر، أثار كثيرا من التساؤلات حول أمان الأطفال والكبار على السواء من خطورة انتشار الكلاب فى الشوارع وتهديدها لحياة الناس.
بيانات الطب البيطرى كشفت أن هناك نحو مليون كلب فى الريف والمناطق الشعبية بصفة خاصة، وأن هناك 250 ألف حالة عض وعقر سنويا للمواطنين من كل الأعمار أغلبهم من الأطفال، فضلا عن خطورة هذه الكلاب فى نقل الأمراض الفيروسية التى تنتقل إلى جسم الإنسان مباشرة مثل السعار الذى يقضى على الإنسان فى عدة أيام ويدمر جهازه العصبى، بجانب وجود كثير من الأمراض البكتيرية والمعوية التى تنتقل بالمعيشة مع الحيوان أو مع انتشار التراب والذباب والهواء، وتتسبب وفاة 25 ألف مواطن سنويا.الدكتور محمود الشربينى أستاذ العناية المركزة بجامعة القاهرة ، يؤكد أن حادث طفل الهرم جعلنا ننتبه لأخطار كثيرة تحدث يوميا بالشارع المصرى مثل حالات العض التى يتعرض لها المواطنون، ولا يلتفت معظم الناس لخطورتها، فالكلب فى الشارع هو مجموعة أمراض متنقلة، فهو لا يحصل على رعاية صحية، وفى نفس الوقت يتغذى على القمامة التى هى مصدر الغذاء الأساسى له، بما فيها من كل أنواع بقايا الغذاء والمخلفات والأمراض أيضا، وهو فى نفس الوقت مصدر خطر خاصة على الأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة، فتكون العضة لهم هى النهاية السريعة لحياتهم، ولا يفرق عن ذلك كثيرا فى إصابات الكبار، ومع ذلك يحرص الأهالى فى المناطق القروية والشعبية على تربيتها على سبيل الحراسة للماشية أو للمنزل، لذلك فهم أول من يبتلى بأمراضها وأخطارها أيضا، حيث زادت حالات العض للأفراد لتصل إلى أكثر من 250 ألف حالة حسب تقديرات وزارة الصحة، بينما كشفت وزارة الزراعة عن أن العدد التقريبى لكلاب الشوارع يبلغ نحو مليون كلب، بينما عدد الكلاب التى تتلقى الرعاية منها لا تتعدى عشرين ألفا بالمراكز البيطرية كثير منها مرخص، أما كلاب الشوارع فهى الخطر الأكبر لأنه لا يمكن تحديده بعد العض، وغالبا ما يكون مريضا بالسعار الذى يقتل الإنسان خلال أسبوع، لأنه يحدث شللا بالجهاز العصبى ويصعب علاجه .
القتل الرحيم
وأضاف الدكتور أحمد عبد الوهاب أستاذ علوم البيئة بجامعة بنها، أن مقاومة الكلاب والقضاء عليها اعتمد لمدة طويلة على القتل المباشر للكلاب بالرصاص أوبالسم، لكن بعد احتجاجات (حقوق الحيوان) اتجهت الخطة لنظام التعقيم أو الخصى برغم أن تكلفة التعقيم تتعدى 300 جنيه للكلب الواحد، وهو ما يسمى بالقتل الرحيم، ومع ذلك فإن تكلفة هذه الوسائل غير متاحة والحكومة لاتوفرها، مما زاد من خطورة انتشار هذه الكلاب وأمراضها بين المواطنين الذين لا يدركون أن الكلب قنبلة أمراض متنقلة، ويتركون الأولاد تختلط وتلعب معها، مما يساعد على نقل أخطر الأمراض لهم، وحدوث وفيات بينهم لضعف المناعة لدى الصغار، ولا أحد يدرك السبب فى انتشار تلك الأمراض فى الريف بصفة خاصة ، كما أن الكلاب مصدر إزعاج يومى خاصة فى فترة الليل فى القرى والمدن على السواء، ومع ذلك يحرص بعض الناس على تربيتها بغرض الحراسة ويصبحون عرضة لهجماتها، ويكفى ما حدث أخيرا من حوادث منطقة الهرم وشبرا والذى قام فيه بعض المواطنين بقتل الكلب بطريقة أثارت الرأى العام ، ويحدث مثلها الكثير يوميا ولكن لا ينتبه أحد لها، وفى نفس الوقت فإن مطالبات البعض بقتل الكلاب بالرصاص فى الشوارع يخالف الدين والأخلاق الإنسانية، إضافة لأخطار أخرى باحتمال خروج رصاصة طائشة تصيب طفلا أو رجلا بالشارع، وحدث ذلك كثيرا خاصة مع حركة الكلب ومحاولته الهرب عندما يشعر بالخطر أوحتى عندما يصاب جزئيا، فيأخذ وقتا حتى يموت، ويملأ الشارع بالدماء والعواء الذى يثير مشاعر المواطنين والأطفال بالحزن والشفقة عليه، وهو منظر دموى مرعب لا تقبله الطبيعة الإنسانية، وكذلك فى حالة وضع السم فى طعام الكلب فإن عبث الأطفال بالشوارع قد يسبب وصول السم لهم، فى الوقت الذى تتسبب فيه عمليات القتل صدمة للمواطنين والأطفال الذين يرون الحدث فى الطريق العام، لذلك فإن القتل الرحيم بالخصى أوالتعقيم هو الحل الإنسانى المناسب للقضاء على نسل الكلاب الضالة وأخطارها فى نفس الوقت.
انتشار القمامة
ويضيف استاذ علوم البيئة أن أكثر المناطق التى تتركز بها الكلاب هى التى تنتشر فيها القمامة سواء بالشوارع، أو مقالب القمامة النائية والتى يعيش فيها نوعية خاصة من البشر الفقراء والعمال وجامعى القمامة، وهى مجتمعات كبيرة تتوسع يوميا حيث يعيش الكلاب والناس فى مكان واحد، لذلك فإن الحالة الصحية للمواطنين وسكان هذه المناطق لا يمكن أن تكون جيدة، نتيجة وجود مخلفات هذه الحيوانات التى تتطاير فى صورة أتربة أو تنتقل عن طريق الذباب، ومع الوقت لتصل إلى رئة المواطن بالتنفس وإلى غذائه، فالوعى الصحى غير موجود للأسف فى معظم هذه المجتمعات، وهذا يتطلب إجراء حملات صحية فى هذه المواقع، وتحليلات شاملة للمواطنين لمواجهة انتشار الأمراض الفيروسية والبكتيرية، والطفيلية التى تستنزف صحة الإنسان وتجعله يقضى حياته مريضا أويترك أولاده بلا رعاية وهو فى مرحلة الشباب، وفى نفس الوقت يجب أن تقوم هيئة الطب البيطرى بأخذ عينات من دم الكلاب لتحليلها والتعرف على الأمراض المنتشرة بينها وتطعيمها ضد الأمراض القاتلة للإنسان، مثلما يحدث مع الكلاب المرخصة من الهيئة، والتى تتم متابعتها صحيا وبطريقة دورية، فالكلاب الضالة بالشوارع خطر بكل المقاييس على حياة الإنسان، أما أخطر المواقع وأكثرها عرضة لأخطار الكلاب الضالة فهى الريف المصرى لأن سكان الريف يعايشون الحيوان طوال النهار سواء بالحقل أو المنزل، وهذا يتطلب أيضا متابعة الحالة الصحية للمواطن من خلال القوافل الطبية التى تنظمها وزارة الصحة أو الجامعات .
ويشير الدكتور فريد جعفر وكيل وزارة الطب البيطرى إلى أن هناك 3 أنواع من حالات الكلاب الأولى: وهى التى يمتلكها بعض المواطنين وغالبا ما تحظى ببعض الرعاية، والثانية التى يقتنيها الفلاحون وسكان المناطق العشوائية لحماية حيواناتهم ومنازلهم، ثم الكلاب الضالة المنتشرة فى الشوارع وهى سبب معظم حوادث الكلاب والعض، والغريب أن بعض الأغنياء يشترون الأغذية المستوردة من الخارج للكلاب والقطط، والتى تذكر بعض الإحصاءات أن قيمتها تبلغ أربعة مليارات جنيه، ولا يعتمدون على الأغذية المحلية، وأنه نتيجة ازدحام الشوارع بهذه الكلاب فإنها أصبحت بالتالى قاطع طريق على الأقل للأطفال خلال الذهاب إلى المدرسة صباحا، كما قد يصاب الكلب بفيروس السعار «داء الكلب» ومشكلته ليست المرض فقط، ولكن لأن الكلب يصاب فى جهازه العصبى فتختل تصرفاته ويعض كل من يقابله، وتكون مظاهر الإصابة بخروج سائل اللعاب متواصلا من فمه، كما يخاف من الماء والضوء، برغم عدم الاعتداء عليه، ثم يموت خلال عشرة أيام، وكذلك يكون مصير الإنسان الذى يتعرض للعض أيضا، لذلك يجب تبنى برنامج لتطعيم الكلاب وعلاج المريض منها مع التعقيم لتجنب أخطارها، والتى تتسبب فى وفاة نحو 25 ألف مواطن سنويا، مع ضرورة منع استخدام مادة «الاستراكينين» السامة فى القضاء على الكلاب لخطورة انتشارها فى الشارع.
ويشير وكيل وزارة الطب البيطرى إلى أن أهم الأمراض التى تصيب الكلاب وتنتقل للإنسان هى ثلاثة أنواع: فيروسية وبكتيرية وطفيلية، فالفيروسية تسبب الإلتهاب المعوى والرئوى والتنفسى، والاسهال الدموى، وأخطرها داء الكلب لأنه يدمر الجهاز العصبى المركزى، وتظهر أعراضه على الكلب بالنباح المتواصل وعض كل من يقابله ولو كان صاحبه، وهذا يتطلب تحصين الكلاب منذ صغرها، ثم دوريا ضد هذا المرض منعا لانتشاره والإصابة به، كما أن هناك الإصابة البكتيرية التى تسبب التهاب الكلى البكتيرى وتصيب الجهاز البولى، والتهاب المجارى التنفسية والسيلان، والإلتهاب الرئوى والسعال الشديد المتصل والمتقطع، أما الطفيليات فتشمل الاسكارس، والدودة الشريطية، والديدان الإسطوانية والخطافية وديدان القلب، إضافة لوجود الحشرات على جسم الكلب منها القمل والقراد، والتى تسبب الهزال والضعف لمن يصاب به.
ساحة النقاش