واستطاعت أوبرا من خلال برنامجها تقديم المساعدة لهم, ولدينا العديد من الدراسات التي تقدم الحلول العملية للتخلص من هذا الداء.ودهشت ذات مرة عندما وجدت طفلا صغيرا يرفض التخلص من الأقلام الفارغة ولديه كمية كبيرة منها وكذلك إحدي السيدات التي تعاني معاناة كبيرة من زوجها الذي يحتفظ بكل شيء حتي الكراتين الخاصة بالأجهزة المستعملة ولولا أنها لديها غرفة كبيرة حولتها إلي مخزن لضاق منزلها بهذه الكراكيب.
فما الذي يدفع بعض الأشخاص إلي مثل هذا السلوك الغريب هذا ما أجابت عنه مؤخرا دراسة قامت بها عالمة النفس الفرنسية ماريز فايان حيث قالت إن الأشخاص الذين يجدون صعوبة في التخلص من الأشياء القديمة لديهم مثل الملابس والصور والأوراق يعانون من إحساس بعدم الأمان منذ الطفولة ينعكس عليهم عند الكبر وأشارت ماريز فايان في هذه الدراسة إلي أن هؤلاء الأشخاص يعتقدون أن التخلص من هذه الأشياء يعني الخسارة والصعوبة في التقدم إلي الأمام وأخذ المخاطرة بالتغيير المطلوب وتقول: لذلك يجب مساعدتهم علي الاحتفاظ بالأشياء المهمة فقط.
- عدم الشعور بالأمان
وتعلق علي هذه الدراسة الدكتورة فاطمة موسي أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة, حيث تشير في البداية إلي العوامل التي تسبب إحساس الطفل بالخوف والشعور بعدم الأمان في مرحلة الطفولة فتقول إن تنشئة الأطفال يدخل فيها عوامل كثيرة بداية من الأم والأب وأحيانا عندما يولد الطفل داخل أسرة ممتدة حيث يعيش الوالدان مع الأجداد أو الأعمام مثلا فكل هؤلاء يكونون مؤثرين في تنشئة هذا الطفل وبعد ذلك يأتي دور المدرسة أو النادي ثم في مراحل لاحقة يأتي دور وسائل الإعلام فكل ذلك عوامل تؤثر في نشأة الطفل ومن أبرز أسباب عدم شعور الطفل بالأمان أن يقوم الأهل دائما بمعاقبة الطفل العقاب البدني،
وفي هذه الحالة يبدأ زرع شعور بالخوف لدي الطفل وهذا الشعور يولد لديه الإحساس بعدم الثقة في النفس وأيضا بعض الأطفال يكون لديهم أشياء متوارثة في شخصيتهم فنجد طفلا هادئا بطبعه وعندما يعاقب بخطأ ما يزيد خوفه وحتي إن كان العقاب ليس بالضرب فله تأثير سيئ علي شخصيته وتضيف أن من أسباب اكتساب الطفل الإحساس بعدم الأمان والخوف التردد في عملية التربية بمعني أنه يعاقب وأحيانا لا يعاقب علي نفس الخطأ وهنا يكون الطفل في حالة من التردد الذي يؤدي إلي إحساسه بنوع من الخوف كذلك أن يقوم الأهل بإعطاء الطفل وعدا بتحقيق شيء معين له ولا يوفون بوعودهم وهذا يجعل الطفل دائما في حالة شك وخوف كذلك اختلاف أقوال الأهل فنجد الأب متشددا والجد متهاونا مثلا فعندما يكبر ويقدم علي شيء يفعله يصبح خائفا وغير قادر علي اتخاذ قرار ويسأل نفسه (هل الأب أم الجد هو الصائب) كذلك مرحلة المدرسة فإذا كان التعامل مع الأطفال يتم بالضرب عن سلوك خاطئ أو تقصيره في واجباته فهنا استخدام العقاب حتي لو كان خفيفا يربي لديه الشعور بالخوف.
وتشير الدكتورة فاطمة موسي إلي أن بعض الأطفال يتولد لديهم الشعور بالخوف وعدم الأمان عندما يجدون أن حجم أقرانهم من الأطفال أكبر منهم لمعرفتهم أن الأطفال الأكبر حجما منهم قد يضربونهم ويهزمونهم نظرا لصغر حجمهم عنهم.
كذلك الطفل المتكرر المرض يكون دائما لديه شعور بالخوف وكذلك الطفل الذي لديه إعاقة يكون دائما خائفا لإحساسه بالضعف عن الطفل السليم فيصبح خائفا من تعامله مع زملائه.
وتضيف: مع كل هذه الحالات للطفل الخواف نجد أن هذا الطفل لم يأخذ كفايته من الحب داخل أسرته فنحن من المفروض أن نتعامل معه كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم: لاعبوهم سبعا وعلموهم سبعا وصاحبوهم سبعا ولكن ما يحدث العكس وهنا لا يتشبع الطفل من الحب وهذا الفراغ الموجود في الجهاز النفسي لابد أن نملأه بالأصدقاء فالطفل إذا تعرف بشخص صاحبه وأحبه ووثق فيه فسوف يختفي هذا الشعور بعدم الأمان ولكن إذا ما استمر هذا الإحساس ،
وهذا الفراغ فيبدأ بملأ هذا الفراغ بما يسمي (جمع الأشياء مثل الكراكيب) ونجدها في حقيبته وبيته ومكتبه لكي يعمل تقوية للأنا وهو الجزء الذي يفتقد الأمان والحب كأن هذه الأشياء هي التي تحقق له الدعم وتؤكد الدكتورة فاطمة موسي أن بعض الأمراض مثل الفصام نجد فيمن يعانون من هذا المرض مثل هذا السلوك فعندما تكون حالة المريض متدهورة نجده يلملم هذه الأشياء من حوله وفي هذه الحالة لا تكون بغرض الحب أو المساندة ولكنه سلوك مرضي وكذلك بعض الأشخاص المصابين بخرف الشيخوخة.
هناك علاجات دوائية لمرض الفصام وخرف الشيخوخة ولكن الأشخاص العاديين يتم علاجهم عن طريق العلاج السلوكي المعرفي أو العلاجات النفسية وعندما يبدأ هذا السلوك في مرحلة الطفولة لابد من العلاج الأسري في وجود الأم والأب أو القائمين علي رعاية الطفل ونوضح لهم أن هناك خطأ في طريقة التربية ولابد من تغييرها وفي هذه الحالة فإن العلاج يحتاج إلي وقت طويل نسبيا حتي يشفي الطفل بالتدريج.
كذلك في حالة الأشخاص الكبار فإن العلاج يأخذ خطوات كبيرة وتعتمد علي كل حالة وظروفها وكذلك نوعية الأشياء التي يجمعها الشخص المريض بهذا الداء ونحن نعرف أن هذا السلوك أصبح مرضا عندما يبدأ الأهل في الشكوي من هذا السلوك.
- الثقافة والوعي بداية العلاج
ومن جانبه يقول الدكتور يسري عبدالمحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس إن احتفاظ بعض الأشخاص بالأشياء هو عادة غالبا ما تكون مكتسبة منذ الطفولة حيث يحتفظ بعض الأطفال باللعب ويتخذونها عادة منذ الصغر وحتي يكبروا فيكونون شديدي الحرص علي الاحتفاظ بالأشياء القديمة والجديدة ويتمسكون بها علي الرغم من أنها غير مفيدة بل إن الكراكيب لها أضرار سواء من حيث المكان الذي تشغله داخل الشقة وأيضا لها تأثير علي البيئة والصحة للأسرة ويضيف أن التخلص من الكراكيب يأتي أولا عن طريق الثقافة والوعي والإرادة وأن يدرك الشخص أن الاحتفاظ بهذه الأشياء مضيعة للوقت ومعوقة للعمل والإنجاز فيما هو مفيد للفرد والأسرة.
أما الدكتور تامر العمروسي أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس فينصح بضرورة إقناع الشخص الذي يعاني من هذه المشكلة للتخلص من هذه الكراكيب وذلك بأن نضعه في موقف المكسب والخسارة بالنسبة للاحتفاظ بها فلابد أن يقتنع صاحب الكراكيب بأنها تمثل خسارة له مادية ومعنوية ويقول لابد أن نعلم أطفالنا أن الأشياء التي لا يحتاجون إليها عليهم أن يقدموها لأطفال آخرين محرومين منها وبالتالي نحقق معادلة التعاون والحب بين الأطفال وأيضا التخلص من الأشياء التي تتضمن ألعابا وأجهزة وملابس وأن نعلم الطفل منذ الصغر أن يقدم هذه الأشياء بنفسه للأطفال المحتاجين حتي يتعود الأطفال علي التعاون والعمل المجتمعي.
ساحة النقاش