أينما يممنا وجوهنا قبل المشرق أو المغرب نستطلع تاريخ البشرية إلا وجدنا للمرأة فيها باع، فلم يكد يتم الله عز وجل خلق آدم حتى أحس آدم بالوحدة تنتاب جنبات نفسه؛ فقد جاء خلقه وتكوينه فريدًا لا هو من عالم الملائكة ولا ينتمي بالطبع إلى عالم الجن، وكان قدر الله المقدور أن يخلق حواء منه ليأنس بها ويسكن إليها، وتسكن إليه.
ثم كان الأمر من الله بالهبوط للزوجين ليبدأ معًا رحلة الحياة التي خلق الله الجنس البشري من لدن آدم وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لعبادته فيها سبحانه، والتزام أوامره بتعميرها، وجاء أمر الله ابتداءً ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ وانتهاءً بأمره جل وعلا ﴿اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا﴾ لينفي الإسلام ذلك العار الذي جلل المرأة في الديانات السابقة واتهامها بأنها أصل كل خطيئة، وأنه لولاها لبقيَّ الجنس البشري مخلدًا في الجنة، وهذا فهمٌ لا يستقيم لا مع ظاهر الآيات فحسب وإنما لا يستقيم كذلك مع إرادة المولى ـ سبحانه ـ من الهدف والمهمة التي خلق من أجلها آدم عليه السلام.
ومثلما صاحبت المرأة تاريخ البشر بعد خلق آدم عليه السلام صاحبت المرأة تاريخ الأنبياء عليهم وعلى نبينا جميعًا الصلاة والسلام، فحيثما قلبنا صفحات الأسفار بحثًا عن تاريخ كل نبي ودعوته لن نعدم أن نجد اسمًا أو أسماء لنساء هنا وهناك تتردد في جنبات سيرته سواءً بالسلب أو بالإيجاب.
وبالتبعية كان في سيرة المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للمرأة مكانًا ومكانة بدت لنساء ترددت أسمائهنَّ هنا وهناك أكثرهنَّ الصالحات، وأمَّا من ورد ذكرهنَّ بالسلب فهنَّ قلة تأتي على رأسهنَّ أم جميل ﴿حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ كما ورد نعتها في القرآن الكريم.
غير أن قاربنا في رحلتنا العاطرة في سيرة بعض النساء في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لن يُسمح له بالوقوف إلا عند مرافئ النساء اللاتي أحطنَّ الرسول بالود والرعاية وحسن العيش؛ لنتزود منهنَّ رجالاً ونساءً على السواء بمكارم الأخلاق وعظيم الصفات.
والحق يقال أن المرأة في ديننا الحنيف قد نالت أسمى آيات التكريم، وتبوأت قمة الهرم على مستوى حقوق الإنسان منذ أرسل الله نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل كتابه الكريم، كحقها في الزواج والطلاق والميراث التي كانت محرومة منه في العصور التي خلت من قبل، كما أصبح لها دورًا بارزًا في الحياة الاجتماعية، والعسكرية كمشاركتها الرجال في عدد من الغزوات، والفكرية والعلمية كتصدرها لمجالس العلم والفكر في مختلف ميادينهما وأغراضهما.
لهذا حظيت الحضارة الإسلامية على مر العصور بذكر نساء أسهمنَّ في بناء تلك الحضارة جنبًا إلى جنب مع الرجال، وما كان هذا ليتأتى لولا أن القواعد المؤَسسِة لحسن التعامل مع المرأة أثبتها وأسسها القرآن الكريم بالتوازي مع أقوال وأفعال صاحب الخلق العظيم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولعل نظرة سريعة على مكانة المرأة في الحضارات والديانات السابقة لتنبئ عن ذلك أشد وأغنى بيان.
غير أن منهجنا لن يقترب من سرد الوقائع والتاريخ وحسب وإنما قد يمتد الأمر لذكر شبهات ألقيت حول سيرة كل سيدةٍ جليلة منهن، مع ذكر الرد حول ما أثير من تلك الشبهات أو سوء الفهم أو الالتباس، وذلك حتى تكتمل الفائدة المرجوة من ذلك التناول.
وأرجو من الله أن يجعل هذا العمل في ميزان الحسنات لكاتبه وزوجه، ومن أشارت عليَّ به، وناشره وقارئه وسادتنا العلماء من الذين نقلنا عنهم العلم والفهم، وأن يفتح للقارئ العزيز به بابًا من التواصل مع جانب من جوانب سيرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم العظيمة الجوانب وما أكثرها.
.................................................................
نساء فى حياة الرسول ــــــــــ الفهرس ــــــــــــ السيد إبراهيم
الإهداء.......................................................2
المقدمة ..................................... ................5
الفصل الأول: السيدة آمنة : الأمينة أم الأمين..............8
الفصل الثاني: ثويبة الأسلمية : أم الرسول بالرضاع......41
الفصل الثالث: بركة بنت ثعلب: البقية من آل النبي.......47
الفصل الرابع: عائلة الرسول بالبادية ......................60
الفصل الخامس: أم الرسول القرشية الهاشمية ............71
الفصل السادس: السيدة خديجة سيدة المسلمين الأولى.....80
الفصل السابع: زهرة الرسول.. الزهراء البتول .........92
الفصل الثامن: ثاني الأمهات وأول المهاجرات ........103
الفصل التاسع: الصديقة الحبيبة وزوج الحبيب ..........113
الفصل العاشر: الصوامة القوامة .. حارسة القرآن ....126
الفصل الحادي عشر: أمنا زينب: أم المساكين ..........134
الفصل الثاني عشر: أول المهاجرات وآخر الراحلات .138
الفصل الثالث عشر: أول اللاحقات بالنبي ...............144
الفصل الرابع عشر: أم المؤمنين الخزاعية المصطلقية.153
الفصل الخامس عشر: أم المؤمنين الهارونية ...........160
الفصل السادس عشر: أم حبيبة زوج الحبيب ...........168
الفصل السابع عشر: آخر المؤمنين وأتقاهن ............175
الفصل الثامن عشر: مصرية في بيت النبوة ............182
الفصل التاسع عشر: السيدة ريحانة النضرية القرظية ..189
الخاتمة: شرف لا ندعيه وتهمة لا ننكرها................197
ملحق: تكريم اتحاد الكتاب والمثقفين العرب للكاتب.....204
المراجع ...................................................209
الفهرس :..................................................212
سيرة تعريفية بالكاتب : ..................................214
ساحة النقاش