دكتور السيد إبراهيم أحمد

 

مقدمة
الشاعر والعروضي
فوزي محمود
      للأعمال الشعرية الكاملة
للشاعر السيد إبراهيم أحمد

  هو رجلٌ يتخّذ من الحب مداداً لقلمه حين يكتب، سواء فى الشعر أو المقالات أو الحوارات، رجل لم ينس الله أثناء الكتابة فلم يُنْسِهِ الله واجبه الأدبى.يهتم بمن هم بعيدين عن الضوء فينير الله بصيرته، دون أن ينتظر كلمة شكر من أحدٍ أو إطراء  بل يُخجِله الثناء.
إنه الأديب الشاعر والكاتب الملتزم السيد إبراهيم أحمد، الذي قرأتُ دواوينه الشعرية: [إلاّ الوطن - نادر يبحث عن السعادة - ديوان الرباعيات].
رأيتُ الصدق يطلّ من بين سطور كتابته, يعطى التجربة الشعرية عمقًا يتجاوز به حد الاحتراف فى كتابة شعره.
لنكتشف كم يكون حبه لبلده الآن, وقبل الآن, فى طفولته.
له قصيدة بعنوان: "موافقون" من ديوان: "إلاّ الوطن"..طالعتُ القصيدة مرّةً, فإذا بي أعيد الإطِّلاع لعمق ما فيها، ولانسجام تفعيلة البحر الذى جاءت عليه، وهي تفعيلة بحر الكامل: مُتَفَاعِلُنْ اااه ااه والتى جاءت مُضْمَرَة فى كثير من التفعيلات لتصير مُتْفَاعِلُنْ اه اه ااه وهذا هو حال بحر الكامل .
 
يقول الشاعر السيد إبراهيم فى قصيدته "موافقون":
أنا عشت عمري زى فرسان الموالد
ع الرفوف فوق الحصان
الشكل حلو ف شمخته
وف بدلته
وشرايطه اللى بيلمعوا متلونين
 لكنهم متجمدين  
 
لم يكن الشاعر راضٍ عن صمتهِ حين شبّهَ نفسه بالفارس الذى يمتطي حصانًا مصنوعًا من الحلاوة متجمدًا كشرائطه الملونة فوق أرفف الباعة في الموالد.وأثار عدم رضاه عن واقعه الذي يعيشه, الإرهاصة الأولى لثورته على واقعه فأسقط جموده ليبدأ الشعور بالأمل في التغيير، فيقول:
نفسى أقلِّد اللي ماشي في مشيته
نفسي أعاصر خطوته
حتى ولو تاه في الطريق
مشتاق لو اغلط غلطته
لقد وصل الشاعر إلى حالة الاقتراب من الحرية التي يتوق إليها، وظلت الحرية تداعب الفارس إلى أن أنهى قصيدته،فقال:
 زمن الفوارس الخشب ولّى انتهى
 وهيبتدى زمن الرعايا الصادقين
 خلونا مرّه نحسكم زي البشر
  من ماءٍ وطين
لقد أبدع الشاعر السيد إبراهيم في صناعة قصيدته المليئة بالإحساس وبإرهاصة ما قبل الثورات، والتي تبدو جلية في أكثر من قصيدة حين ثار على الخوف الكامن من السلطة الأعلى في البلاد ولكنه عاد ليستكين في تجسيد رائع للمواطن العربي، وذلك في قصيدته "عاش الزعيم"، وربما استجمع شجاعته تلك في قصيدة "مش هنبيع" حين استقوى بالجمع من الشعب في إشارة منه للبدء بالثورة حين يقول:
وهب الشعب مش هنبيع
حتى أن باعوا مش هنبيع
حتى أن جعنا مش هنبيع
وتبدو الإشارة جلية في علاقة "هب" بالثورة، وبواو الجماعة على الحكام ومن والاهم من مؤيدي البيع.
   أما قصيدته "إلا الوطن" والتي تسمى بها الديوان والتي نشرتها مجلة القاهرة الصادرة عن وزارة الثقافة المصرية والتي نشرت معظم أعماله كذلك، فقد استعمل التشيوء أو الشيئية في رمزية مرحة ساخرة مريرة في آن لينتهي في آخر أبياتها بأن كل ملذات ومتع الدنيا لا تغني عن الوطن رغم صعوبة العيش فيه وقسوته على محبيه.
 
   وحتى لا يستغرقني الديوان أبحر إلى ديوان: "نادر يبحث عن السعادة" الذي قدّم لنا فيه الشاعر السيد إبراهيم بين دفتيه أعمالا شعرية باللهجة العامية المصرية،آخرها: الصورة الغنائية "نادر يبحث عن السعادة", والتى أخذ الديوان عنوانه من عنوانها. وسأتوقف عند قصيدة: "قولها بفخر" التي يستهلها بقوله:
إكتب فوق الشمس نهارك
 خلّى لبكره الجاىّ مسارك
فنجد أن القصيدة بنيت على تفعيلة بحر المتدارك، وتفعيلة هذا البحر ( فاعلن ) اه ااه . سبب خفيف (اه) متحرك وساكن . ووتد مجموع (ااه) متحركان وساكن، ولكن الشاعر السيد أبراهيم قد أتى بها مشعثة،  والتشعيث هو: حذف الحرف الأول من الوتد المجموع فى التفعيلة , فتتحول إلى فَالُنْ (اه اه) وتنطق فَعْلُنْ ( اه اه)، وهذا الإجراء مسموح به منذ أن وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي علم العَروض، ويكتب كثير من الشعراء على تفعيلة بحر المتدارك بعد إجراء التغيير عليها ويسمونه بحر الخبب، وله إيقاع سريع مستحب لدى الشعراء والقراء أيضًا
يقول الشاعر فى قصيدته قولها بفخر:
 أكتب فوق الشمس نهارك
خلِّى لبكره الجاىّ مسارك
 إياك تلعن مرَّه الأمس
 أوعى ف مَرَّه تثور ع الشمس
 مصر هتفضل دايمًا مصر
 أمَّك وام اجيال جيّالك
ويُذَكِّر الشاعر المصرى الابن المصرى الذي يخاطبه في القصيدة، فيقول:
 مصر الحب هتفضل حب
 حبها جارى ف شرايين دمَّك
 أوعى تقول أبداً مش أُمَّك
 دى بقلبها ياما شالت همَّك
ويحذر الشاعر مواطنه المصرى المخاطب في القصيدة من نكران الجميل للأم مصر، فيقول له:
  ليه بتسبّ حاضرها ماضيها
  ليه فى همومها ناسى ماليها
  ليه فى هزايمك بس فاكرها
 وف أفراحك ماشى ناسيها   
 
ويواصل الشاعر المعلم تذكير الابن المصرى بطيبة قلب أمّه مصر، فيقول:
 وبتغفرلك وبتنسالك
 دايمًا فاتحه احضانها قبالك
 علشان مصر هتفضل مصر
 أمّك وام اجيال جيّالك
إلى أن أنهى الشاعر قصيدته بقوله:
 مصر الباقيه هتفضل باقيه
 نيل ومسلَّه  جرَس وآدان
 مصر الريف الصحرا البندر
 مصر الحرّه سلام وأمان
 مصر ف ضهرك صالبه جدارك
 مصر دي قمرك يا هنيّالك .
 
ويظل الشاعر السيد إبراهيم, يحبِّب مواطنه المصرى في وطنه ويحثه على الفخر بأنّ أمّه مصر، إلى أن يأمره في النهاية أن يردد:
 قولها بفخر  أنا من مصر
 أمّك وام اجيال جيَّالك .
 
نجح الشاعر في أن يصل صوته من خلال قصيدته: "قولها بفخر", إلى ابنه وإلى أبناء مصر, الأسوياء والعاقين.
   والحق أن الشاعر وهو يؤكد على هذا الانتماء إلى مصريته، لم ينسَ عروبته والتأكيد على الهوية القومية بعد الهوية الوطنية، بل لم ينسَ الهوية الدينية في الإيمان بالإسلام وكذلك الطفل الذي على غير ذلك الدين، فالشاعر يقدم هذا الديوان للطفل، وقد بدأ صفحاته بمقدمة قصيرة مركزة مؤسَسَة على فهم واضح بما يجب أن يربى عليه الطفل العربي، ولهذا فقد ضخ في ثناياه أغانٍ يتغنى بها الطفل وهي تحمل قيم تأسيسية أصيلة غير وافدة، وجاءت هذه الأغاني سهلة موسيقية، أرجو أن تقوم الدولة عبر إعلامها المرئي والمسموع بتبني نشرها مغناة بمعرفتها لما فيها من الخير والنفع الكثير والمفيد.
  
      مثلما قال الشاعر والأستاذ محمد بغدادي رئيس تحرير مجلة ابن عروس في العدد الثاني بأن رباعيات الشاعر السيد إبراهيم جيدة، فأنا أقر بذلك تمامًا وهي تحمل خلاصات فلسفية، وتأملات في الناس والحياة، صاغها بذوقه اللغوي والبلاغي بعدما ضمنها أهم خبراته الأدبية والمهنية والعلمية والعملية، وخاصةً تلك التي ينعي فيها حظه، ويستطيع أن يتمثلها كل من له مثل حظه، فيقول:
دقيت باب الحظ ما انفتح بكفاح
وغيري انفتح له بلا دق أو مفتاح
عجيبة أبواب الحظوظ وسكتها
تصد اللي عايز وتدي للمرتاح
     هذا ما أعانني الله عليه فكتبت، ولو تركت للقلم العنان لأسهب وأسهبت، ولكنني أترك لذائقتكم أن تتناول هذه الدواوين الثلاثة بحسب مشاربها، واختياراتها، وحسبنا أن الشاعر عبر كتاباته للكبار والصغار قد أجاد، مع ما يتميز به من عربية رصينة قوية فصيحة تزدهي بها أعماله الدينية والأدبية والنقدية الأخرى وهو ما يحسب له 

 

                                                                                          فوزي محمود     

                                                                 عضو اتحاد كتاب مصر

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 136 مشاهدة
نشرت فى 10 مايو 2016 بواسطة elsayedebrahim

ساحة النقاش

السيد إبراهيم أحمد

elsayedebrahim
الموقع يختص بأعمال الكاتب الشاعر / السيد إبراهيم أحمد ، من كتب ، ومقالات ، وقصائد بالفصحى عمودية ونثرية ، وكذلك بالعامية المصرية ، وخواطر وقصص و... »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

61,023