دكتور السيد إبراهيم أحمد

 

 


شفاك الله وعافاك .. لقد أمهلك الله عمراً بعد تنحيك ـ مجبراً ـ لتتأمل فيما جنيت على شعبك وبلدك وبالتبعية على شعوب وبلدان المنطقة ، فما كان منه شر فاستغفر الله خاشعاً باكياً متضرعاً عساه يتوب عليك ولما لا فهو التواب الغفور ، وما كان من خير فادعو الله أن يتقبله منك رجاء أن يكون خالصاً لوجهه الكريم تعالى ؛ فما تقدمه الحكام لشعوبها من خير ـ وهو قليل ـ لا يكون عادةَ بغية إسعادها بقدر إسترضائها قليلاً لاستعبادها طويلاً ، ومص دمها وخيرات أرضها كثيراً ، ونهب ثرواتها ، والجثوم على صدورها دهراً بعد دهر حتى الموت .

أيها القابع بتلك المدينة التى تظنها محصنةً بعيدة عن أيدى من خلعوك .. دعنى أنشط لك ذاكرتك المنهكة المضطربة جراء ما حدث لك فى الأيام الأخيرة : أنسيت أن هذه شرم الشيخ التى كانوا يسمونها ( مدينة الريس ) أو ( كامب ديفيد مبارك ) لم تنج من وصول فصيل من الإرهابيين وفجروا ثلاثة مواقع فيها ومنها موقع كنت تفضل الإقامة فيه دائماً وذلك فى يوليو 2005 وكنت وقتها تحتمى بحامى الحمى وحارس النظام ( العادلى ) وصدقت أكاذيبه التى جرت الويلات والنكبات على البلاد فى حوادث متتالية تزامن حدوثها مع أحداث قومية تحتفل فيها البلاد .. صدقته كثيراً كثيراً ، وصبرت عليه كثيراً كثيراً ، حتى كذبته الأخيرة عن ( ميدان التحرير) صدقتها ، ورغم ما حدث لك وله مازلت مصراً على تصديقه بأن الشرم بعيدة وآمنة ، وهل يعلم أحد أو يتكهن بمدى غضب الثوار .... ؟!!!

أرجوك بعد فترة النقاهة التى أتمنى أن تمضيها خارج مصر والشرم سائحاً فى البلاد التى كنت تشكو كثيراً من أن منصبك الرئاسى لا يسمح لك بأن تنزل إلى شوارعها كسائر البشر ، ها قد جاءتك الفرصة يارجل لتتمتع وتتخفف من أعباء الحكم ومسئوليات العباد ، وكان شعبك كريماً معك إلى الحد الذى سمح لك بأجازة طويلة لتفعل فيها ما يحلو لك ، نعم أنه كرم من هذا الشعب طوق عنقك به ؛ فالرئيس الأسبق عبد الناصر لم يحظ بهذا فقد مات مبكراً هماً وكمداً على مصر والعرب ، والرئيس السادات كان الاغتيال من نصيبه ، أما أنت فالشعب نحاك ، والله نجاك.

أيها الرئيس السابق المقيم بشرم الشيخ : نذكر لك ما قدمته لمصر ، ونرجو أن تتذكر ما قدمته لك مصر ، ومن أجل مصر .. وشباب مصر .. وثوار مصر .. وشهداء يومى الخامس والثامن والعشرين من يناير .. لا تعد .. ( أكرر) لا تعد .. رجاءً .. لاتعد .. 

حتماً ستصدق أننا خفنا عليك فى أول الثورة أن تترك مصر وتغادرها فاراً مثل (بن على) ، وصفقنا فرحاً لما ظهرت على الشاشات وانتظرنا منك حقناً لدماء أولادنا أن تتصرف بطريقةٍ أرقى من مجرم تونس الآبق وتعلن الرحيل مختاراً ، ولكنك لم تفعل ، وصبرنا عليك عساك أن تفعلها ، وكان اتخاذك للقرارات بطيئاً أجهدنا وعذبنا ، ولما ظهرت ظهورك الثانى أبكيتنا وأشفقنا عليك ، وقلنا سيعلنها فالبلاد تحترق وتغلى ، ولكنك لم تفعلها ، ولكن بعد موت فلذات أكباد مصر ، ارتفعت الأدعية من القلوب والحناجر أن تلقى ويلقى أولادك نفس المصير .. فلا تعد ..

نعم لا تعد ، ولا تصدق من يزينون لك الباطل ـ وكثيراً ما صدقتهم ولازلت ـ بأن هذه هبَّة وانتفاضة شباب ثائرون وسيسكنون ، أو صور لك خيالك وخيالهم المريض أن تنقضون على هذه الثورة وتحكموننا من جديد ..

ألا فلتدعنى أخبرك أن من بكاك ، ومن أشفق عليك ، بعدما علم حجم فسادك وفساد عائلتك ، والفساد الأخطبوطى الأفعوانى الذى طوق ثروات البلاد ، وأزلامك وأذنابك من الفاسدين الذين كنت تحميهم ويحمونك .. انقلبت دمعاتهم دعواتٍ عليك وعلى السيدة الحانية راعية المرأة والأمومة والطفولة ، بل على كل ورثتك الشرعيين فيما بعد .. فمن فضلك : لاتعد .. لأنها وإن بدأت ثورة شبابية ثم شعبية .. فستصبح ـ لو عدت ـ ثورة جمهورية ثأرية، ولن يوقفها أحد ، فلقد عرف الجميع حجم ثروتك .. وحجم خدعتك .. فرفقاً بنفسك وبنا وبمصر .. لا تـعد . 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 74 مشاهدة
نشرت فى 31 أغسطس 2012 بواسطة elsayedebrahim

ساحة النقاش

السيد إبراهيم أحمد

elsayedebrahim
الموقع يختص بأعمال الكاتب الشاعر / السيد إبراهيم أحمد ، من كتب ، ومقالات ، وقصائد بالفصحى عمودية ونثرية ، وكذلك بالعامية المصرية ، وخواطر وقصص و... »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

68,848