<!--
<!--<!--
حوار: أشرف التعلبى
«لم نصل لطريق مسدود فى مفاوضات «سد النهضة»، نعم هناك قلق؛ لكن ليس قلقاً مرضياً»، عبارة أكدها الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الموارد المائية والري، أزاحت الستار عن كثير من اللغط فى الأزمة مع إثيوبيا.
الوزير قال إن «سد النهضة» ملف دولة وكل المؤسسات تديره، والرئيس عبدالفتاح السيسىيتابع بنفسه والتوجيه الواضح له بعدم التنازل عن قطرة مياه واحدة من حصة مصر.
لكن الوزير لا ينفى غضبه من تصرفات إثيوبيا، بقوله: «نعم .. أنا غاضب لأننا منذ عام ٢٠١١ نتفاوض.. وإثيوبيا خرجت عن نصوص بنود العقد، وإثبات حسن النية للتعاون ليس بالكلام لكن بالفعل».
الدكتور «عبدالعاطي» لم يخف شيئاً عن المصريين، عملا بمبدأ الشفافية الذى شدد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى، وأكد بكل صراحة أن الإثيوبيين وصلوا فى بناء السد بنسبة تصل لـ٦٥ فى المائة لكنهم لم يبدأوا فى الملء، وهناك احتمال بأن يبدأوا فى ملء جزء صغير أقل من ١٠ فى المائة.
من ملف سد النهضة إلى الوضع المائى في مصر كشف د.عبدالعاطىعن مفاجآت فى العام الجديد للفلاحين، وهى عدم نقص المياه فى ٢٠١٨، وأنه سيتم إزالة أى تعديات على نهر النيل، وأن مياه المليون ونصف المليون فدان تكفى لأكثر من مائة سنة.. تفاصيل كثيرة فى حوار مهم وكاشف عن أوضاع المياه فى السطور التالية، فإلى الحوار:
نريد اطلاعنا على ما وصلت إليه أزمة «سد النهضة»؟
هناك مشكلة من جانب إثيوبيا، وهى الخروج على نصوص بنود العقد الموقع بشأن السد، فإعلان المبادئ الذى تم توقيعه يؤكد على بعض الأمور الأساسية، أولاً أن تنتهى الدراسات، وبعد انتهائها بـ٦ أشهر نتفق على تحويلها لوثيقة اتفاق بين الدول الثلاث، وبعد ذلك يتم تنفيذ الاتفاق وملء السد، وهذا هو أول خلاف، لأن أثيوبيا تريد تغيير بعض البنود الرئيسية فى اتفاق المبادئ وظهر هذا فى آخر اجتماعين بأديس أبابا والقاهرة، الدراسات شملت سيناريوهات مختلفة للملء وحجم الملء وتشغيل السد وتأثير السد على دول المصب.
الخلاف الثانى حول خطوط الأساس .. فقد كان الاتفاق ان يكون هناك خطان نستطيع من خلالهما قياس تأثير السد.
الخط الأول قبل تنفيذ المشروع والخط الثانى بعد تنفيذه أي دراسة الحال قبل وبعد التنفيذ وعلى اساس المقارنة بين هذين الخطين سنعرف مدى تأثير سد النهضة لكن أثيوبيا رفضت ذلك ، وطلبت عمل عدة خطوط أساس جديدة، خط أساس قبل المشروع وخط أساس أثناء المشروع وخط وقت الجفاف وخط بعد التنمية فى السودان.. وهذا يفقدنا القدرة على معرفة تأثير السد بشكل واضح ويضيع الكثير من الحقائق ، لأننا إذا أردنا قياس تأثير السد على مصر، فيجب أن نقارنه بأمر واحد وهى المرجعية، الخبراء الدوليون أكدوا على ضرورة وجود مرجعية واحدة، وبالتالى هاتان النقطتان الخلافيتان كانتا محوريتين، إحداهما تعنى الخروج على نصوص العقد، لذلك كان ضرورياً الرجوع لإعلان المبادئ، لأنه ينظم كل هذه الأمور، ويقول إنه فى حالة اختلاف اللجان الفنية يتم رفع المفاوضات إلى مستوى وزراء المياه.. وفى حال عدم اتفاق وزراء المياه نرفع الملف للمستوى السياسي، وهذا ما حدث فعلياً.
وماذا حدث بعد ذلك؟
عندما اختلفت اللجان الفنية، كان يجب عقد اجتماع وزاري، وحتى نعقد اجتماعًا على المستوى الوزارى أخذنا ٥ أشهر نتفاوض ونرسل لطلب عقد اجتماع، لأن الفنيين اختلفوا، وأخيرا عقدنا الاجتماع، وكان ضرورياً أن نكون صرحاء مع الرأى العام، حتى لا يسمع الرأى العام شائعات من جهات أخرى، وضرورى أن نكون قلقين، لكن بشرط أن يكون قلقًا إيجابيًا وليس قلقًا مرضيًا، حتى يكون المواطنون فى الصورة لحظة بلحظة، لأن قضية المياه تتعلق بحياة الناس، فيجب أن يكون الناس على وعي، لأنها من التحديات الكبيرة التى تواجهنا.. وذهبت إلى مجلس النواب وشرحت حقيقة الموقف المائى والتطور فى الملف.. نعم هناك تعثر فى التفاوض؛ لكن هذا لا يعنى أننا وصلنا إلى طريق مسدود، فمازال أمامنا مراحل حددها إعلان المبادئ الذى تم توقيعه عام ٢٠١٥ بين رؤساء الدول الثلاث، ونحن نسير فى هذه الطرق.
نشعر أن كلامك فيه قدر من الغضب.. لماذا؟
نعم، هناك غضب، أنا غاضب لأننا منذ عام ٢٠١١ حتى الآن نتفاوض، فهذا وقت طويل أكثر من اللازم، فطبيعى أن يكون هناك نوع من الضيق والغضب بسبب إضاعة الوقت، فى بداية عمل اللجنة الدولية الأولى كنا نقول، «إن الدراسات غير مكتملة»، وإثيوبيا تقول، «الدراسات مكتملة»، وتم تشكيل لجنة الخبراء الدولية وأثبتت أن الدراسات ناقصةبالفعل وهذا ما كنا نقوله منذ البداية، فلماذا راجعنا الدراسات طالما ناقصة، وعندما أثبتت الدراسات أن التصميمات ناقصة، عدلت إثيوبيا فى تصميمات كان لها علاقة بسلامة السد، ثم أصبحنا نتفاوض على الشروط المرجعية للدراسات منذ ٢٠١٣ حتى ٢٠١٦ عندما تم توقيع الاتفاق.. كل هذا استهلاك للوقت.
فى رأيك.. هل هذا استهلاك للوقت أم مماطلة مقصودة؟
التفاوض طبيعته صعب ويحتاج وقتًا، وفى نفس الوقت كل دولة لها أجندتها، وأنا لا أعرف الأجندة الخفية، كل ما يعنينى الأجندة المعلنة، والمعلن أن هناك نية للتعاون، ولكن إثبات النية للتعاون ليست بالكلام، للطرف الآخر لكن قلت لهم ذلك، وعندما حضر ميلس زيناوى رئيس وزراء إثيوبيا الأسبق لمصر، تعهد بوضوح «لن تقلوا كوباية ميه»، وأيضا السفير الإثيوبى يردد «لن تقلوا كوباية ميه».. «طيب تعالوا يا جماعة نكتب هذا الكلام على ورق ونوقع عليه»، نحن لا نريد كلام علاقات عامة، نريد الفعل على أرض الواقع، نريد ترجمة الكلام لفعل بعدها نوقع على اتفاقية، إذا كانت إثيوبيا تردد أنه لا يوجد تأثير للسد على دولتى المصب، فما سبب قلقها من عدم إنهاء الدراسات وتوقيع الاتفاق، ولماذا تريد تفريغ الدراسات من مضمونها؟ ولماذا ترفض تسجيل تصريحاتها في اتفاقية رسمية ..
هذه كلها تساؤلات تحتاج إلى إجابة من الجانب الإثيوبى. وتحتاج منا أيضا إلى موقف واضح؟
نحن موقفنا واضح وأعلناه لا تفريط فى حقوق مصر المائية ، ولن نسمح بالمساس بها.
بكل صراحة.. إلى أى مرحلة وصلوا فى بناء السد؟
وصلوا فى بناء السد بنسبة تصل لـ٦٥ فى المائة ولكن لم يبدأوا فى الملء.. وهناك احتمال بأن يبدأوا فى ملء جزء صغير أقل من ١٠ فى المائة خلال الفترة القادمة.
هل نحن نراقب ونرصد كل ما يحدث فى السد لحظة بلحظة؟
زرت السد، والتكنولوجيا الحديثة جعلتنا نتابع لحظة بلحظة كل ما يحدث فى السد، فالأمر لم يعد سرا.
ما السيناريوهات التى تجهز لها مصر كبدائل؟
نحن فى دولة بها مؤسسات، وكل مؤسسة تعمل فى جانبها من هذا الملف، فهو ملف دولة وليس جهة بعينها، دورى كوزارة هو الدور الفني.
أنت كوزير للموارد المائية والري.. هل أنت مطمئن أم متخوف؟
إذا قلت إنى مطمئن «يبقى بضحك على الناس»، فطبيعى أن أكون قلقاً وغير مطمئن، أطمئن عندما نوقع اتفاقًا وننهى الدراسات، أطمئن عندما يحدث ملء ولا يحدث تأثير على مصر، وطالما لم نحقق هذا، فأنا قلق.
وهل تشعر أن الجانب الإثيوبى غير مستجيب لمطالب مصر؟
لا نريد أن نتسرع فى إصدار الحكم، علينا أن نرى إلى أين سنصل.
لا نريد ترك الحديث عن سد النهضة إلا عندما يعرف المصريون كل ما يدور حولهم.. ما توقعك للأجندة الخفية من الجانب الإثيوبي؟
الجانب المعلن، أن سد النهضة يولد كهرباء فقط، ونحن نقول لهم .. لابد أن نؤكد هذا الكلام بفعل، لكنى لا أريد الحكم على الأجندات الخفية، فأنا لا أعرف إلا الأجندة المعلنة، وعلينا أن نتمسك بها.
هل ترى أن إثيوبيا ستوافق على اقتراح مصر بتدخل البنك الدولى فى المفاوضات؟
فى أى تفاوض عندما يصل المتفاوضون لطريق لم يسفر عن أى نتيجة، يبحثون عن طرف وسيط يقرب وجهات النظر.
وإذا لم توافق إثيوبيا.. ما البديل؟
علينا ألا نستبق الأحداث، وإعلان المبادئ ينظم الخطوات.
وماهى حدود دورك فى هذا الملف؟
حدودى كوزير رى هى الجانب الفني، وهناك تشاور يومى بين وزارتى «الرى والخارجية»، فهو ملف دولة وكل المؤسسات تدير الملف، والمبدأ العام أعلنه الرئيس السيسى « لن نتنازل عن كوب ماء واحد من حصة مصر من مياه النيل».
ما السؤال الذى سأله الرئيس السيسى عندما جلست معه منذ أيام؟
الرئيس السيسى يسأل فى كل شىء، فى كل التفاصيل، والتوجيه الواضح أنه لا تنازل عن قطرة مياه واحدة من حصة مصر، ويتابع هذا بشكل يومي.
ونحن فى بداية العام.. ماذا تقول للمصريين فيما يخص «سد النهضة»؟
أقول.. مصر بلد ١٠٠ مليون مواطن وبلد كبير، وبها قيادة سياسية واعية، والمؤسسات تعمل بشكل جيد على الملف ولن نفرط فى حقوقنا.
هناك مشروعات كثيرة فى دول حوض النيل خاصة فى جنوب السودان فيما يخص قناة جونجلى «مشار» والربط الملاحى ببحيرة فيكتوريا وغيرها.. ماهى رؤيتكم لهذه الملفات؟
علينا أن نكون واقعيين وصريحين أمام الرأى العام، هذه المشروعات تأخذ وقتًا طويلاً ولها متطلبات، أولها أن يكون هناك سلم وأمن واستقرار فى هذه الدول، لأنه لإنجاز أى مشروع لابد من الاستقرار، وأول هدف لمصر أننا نسعى لاستقرار دول حوض النيل، هذه البداية حتى نفكر فى أى مشروع.. أيضا وبالتوازى نفكر فى طرق أخرى حتى تتحقق البيئة المناسبة لتحقيق هذه المشروعات، وأى مشاريع أخرى أثيرت خارج الحوض، وليست ذات جدوى فى الوقت الراهن، فلا نتحدث عنها.
رغم تطور العلاقات بين مصر ودول حوض النيل وخاصة فى الفترة الأخيرة البعض يرى أنها قد تكون غير داعمة فى ملف سد النهضة.. ما تعليقك؟
لو نظرنا لأغلب دول حوض النيل لديها مشاكل داخليه، وكل دولة مشغولة بهذه المشاكل، وهذه الدول تأخذ موقفًا حياديًا.
هل نحن مستفيدون من هذا الحياد أو هناك ضرر؟
لابد أن نقدر ظروف الدول الأخرى، ويجب أن نعتمد على أنفسنا فى كل الملفات، كدولة مصرية ومصريين، علينا أن نحل مشاكلنا بأنفسنا، لا نحملهم ما لا يستطيعون تحمله.
وهل فى حدود الاحتمال يساندون مصر؟
نعم يساندون مصر، وأول مساندة، أن الدول تفهم أنك دولة صحراوية وليس هناك مصدر إلا النيل، وهذا عكس ماكان يشاع من قبل، فهذه مساندة بأن تفهم هذه الدول أنك تموت إذا قلت مياه النيل.
إذاً طريق المفاوضات انتهى.. وعلينا البحث عن طرق أخرى؟
مازال لدينا وقت، وهناك طريق آخر الآن نسير فيه وهو المسار السياسى ليعود المسار الفنى إلىطريقه الصحيح.
هل زيارة سامح شكرى وزير الخارجية لإثيوبيا أدت لنتيجة؟
سوف توضح الأيام المقبلة ما ستجنيه الزيارة.
بصراحة.. هل نحن لم ندر الملف بشكل جيد؟
فيما يخص إدارة الملف فهناك مشكلة منذ عام ٢٠١١، فى هذا الوقت كنا نعد دراسات مع إثيوبيا لإنشاء أول سد، فتم الإعلان عن «سد النهضة» بطريقة مفاجئة،أثناء ظروف الثورة وقتها بدون الأخذ فى الاعتبار الدراسات التى كان جار إعدادها، فكل الناس عارفة وفاهمة، نحن ندير الملف بمهنية وفى الطرق السليمة، وعلى الناس أن تشعر بالقلق الإيجابي، فمصر قادرة على تحقيق ما نريده.
نحن نتحدث عن ٥٥.٥ مليار متر مكعب مياه، ومن تصريحاتك أننا نحتاج ضعف هذه الحصة، فى حين أن المصريين يتعاملون مع المياه على أساس أن لدينا رفاهية ونملك ثروات مائية كبيرة.. فهل خطط الترشيد حققت أى نتيجة؟
إذا نظرنا لسد النهضة ففيه جزء سلبى وآخر إيجابي، الإيجابى هو ارتفاع معدل الوعى لدى الشعب بمشكلة المياه، فنحن نعانى من مشكلة مياه، واحتياجاتنا من المياه اليوم ١١٤ مليار متر مكعب، المتاح من مياه النيل والأمطار والمياه الجوفية والتحلية ٦٠ مليار متر مكعب فقط، إذن نحتاج ٥٤ مليارا، نغطى هذه الاحتياجات من خلال أكثر من ٣٤ مليار متر مكعب مياها نوفرها من القمح الذى نستورده بدلا من زراعته، والزيوت وغيرها، فلو تمت زراعته فى مصر سيستهلك أكثر من ٣٤ مليار متر مكعب مياها، نحن لدينا أراض صالحة للزراعة، لكن ليس لدينا مياه كفاية للزراعة، فالمياه الجوفية نسحب منها ٢ مليار، بالتالى نحتاج ١٧ ضعفا، وهناك ٢٠ مليار متر مكعب مياها نوفرها من ضمن ١١٤ من خلال إعادة التدوير، ولو هناك تلوث بالمياه لا يمكن إعادة استخدامها، فتحدث أزمة، فمهم جدا الحفاظ على نوعية المياه.. وهذه من أولويات الدولة الفترة القادمة ولذلك لدينا استراتيجية الاربعة «تاء» اى اربعة مبادئ تبدأ بحرف التاء .. هى الترشيد والتنمية والتنقية والتشريعات، الترشيد بدمج الفاقد فى شبكة مياه الشرب وتطوير الرى لتقليل المياه فى المحاصيل وكذلك تقليل فترة نمو المحاصيل وبالتالى يقل عدد الريات، واستخدام الصرف الزراعى وإعادة تدويره، وزراعة محاصيل تحتاج لكمية مياه قليلة، والجزء الثانى هو التنمية حيث إن كل نقطة مياه تعتبر موردا، والاستفادة من كمية الأمطار التى تهطل على مصر.. وتهيئة البيئة المناسبة بأن يعرف الناس الحقيقة بكل صراحة ووضوح، وهناك تحد خطير، وهو أننا نزيد كل عام ٢,٥ مليون نسمة، ففى عام ٢٠٥٠ سنصل إلى ١٧٠ مليون نسمة، وكل هؤلاء يحتاجون مياها، ولابد من العمل على توفير مصادر مياه لهم ثم خطة تحلية مياه البحر التى تعمل الدولة فيها بشكل جاد. وأخيرا التشريعات التى تحمى ثروة مصر من المياه وتجرم اهدارها.
هل ترى أن خطة الترشيد يتم تطبيقها فعليا؟
أولا، لابد من وجود قانون رادع ثم تنفيذ للقانون، ووعى عام، والثلاثة لابد أن تسير بالتوازى، فالقانون تم تغييره وسيتم عرضه على مجلس النواب، وهذا القانون يجرم ولا يعطى غرامة فقط، فمن يسيئ استخدام المياه تصل عقوبته للحبس، فلابد أن يكون هناك قانون قوى وأداة ردع قوية.. وثانيا أدوات تنفيذ القانون، سواء وزارة الرى أو الجهات المعنية بتنفيذ القانون، وثالثا والتى أعتبرها «رقم واحد» هى وعى المواطن نفسه، فبوعى المواطن نتغلب على كل المشكلات، ولابد من رد المعتدين بالقانون، وحتى أكون منصفا فلابد أن اعترف بأن أكثر من ٩٨فى المائة من المصريين ملتزمون بالقانون، وأقل من ٢فى المائة فقط هم سبب المشكلات، وهم الذين يعتدون على النيل ويسرقون المياه ويعتدون على الأراضي، ولابد من قانون قوى يتعامل معهم، ليشعر المواطن بالاطمئنان، ويكون معنا قلبا وقالبا ومن أجل ذلك يتحمل أى إجراءات.. ودائما أردد أن القانون أعمى، لا يرى إلا المخالفة، ولا يهمنى من الشخص المخالف، نطبق القانون على المخالف أيا كان اسمه، والممارسة أثبتت ذلك وهناك حالات إزالة تؤكد كلامي.
وزارة الرى نفسها معتدية على النيل فى بعض المناطق؟
تم إزالة تعديات نوادى الوزارة أو أى مبنى تابع لها، ولا أحد فوق القانون، بدأنا بأنفسنا وتم هدم نادى الرى بالزمالك، لن نترك أى مخالفة.
وهل يد الوزارة مغلولة بسبب القانون الحالى فى إزالة أكثر من ٥٠ ألف حالة تعد على النيل، وتنتظرون صدور القانون الجديد الذى يعطى صلاحيات أكثر للوزارة على مجرى نهر النيل؟
نحن نتعامل مع كل المخالفات على النيل لإزالتها ولا نعرف أسماء أصحاب المخالفات، حق الدولة لازم يرجع.
بكم تقدر حق الدولة فى الاعتداء على طرح النهر؟
حاليا طرح النهر ليس في ولاية وزارة الرى، لكنه ولاية وزارة الزراعة، والرى تختص فقط بإزالة التعديات، وهذه من ضمن التشوهات التي يعالجها القانون الجديد بالقانون، فإما أن تكون وزارة الرى مسئولة مسئولية كاملة عن النيل، أو وزارة الزراعة تكون مسئولة بشكل كامل، فالقانون الجديد يجعل طرح النهر ضمن ولاية وزارة الرى لتتحمل الوزارة مسئوليتها فى الحفاظ على حق الدولة.. ومنذ أيام عندما حدثت مشكلة شحوط المراكب بين الأقصر وأسوان، البعض ألقى باللوم على وزارةالرى رغم أن المسئول عن تطهير الممر الملاحى هيئة النقل النهري، وليس وزارة الري، فهناك عدة ولايات على النيل.
هل تسمح بتقنين أراض لمن لا يملكون مقننات مائية؟
إذا أراد أرضا بدون مياه نوافق، لكن من يسرق مياها لا يتم تقنين أرضه، وهناك لجنة استرداد أرض الدولة برئاسة المهندس إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية، تتعامل مع هذا الملف بحسم وفهم، ويتم دراسة كل حالة على حدة، لأن هدفنا من المياه الاستدامة وليس توفير مياه لفترة محدودة.
بمناسبة الاستدامة قيل إن مياه المليون ونصف المليون فدان لا تكفى للاستدامة الزراعية.. هل هذا صحيح؟
هذا كلام غير صحيح، وعندما توليت الوزارة كان هناك دراستان، دراسة مركز بحوث المياه، ودراسة معهد المياه الجوفية، ثم كلفت جامعة القاهرة بإعداد دراسة، لمراجعة هذه الدراسات، وكلفت خبيرا هولنديا بمراجعة الدراسات الثلاث، والنتيجة التى توصلت لها الدراسات، أن هناك مياها للمليون ونصف المليون فدان، لكن الدراسات اختلفت فى أسلوب إدارة المياه.. لذلك نعد حاليا دراسة تفصيلية لكن المؤكد إن، مياه المليون ونصف المليون فدان تكفى لأكثر من مائة سنة.
سمعنا من قبل عن وجود حوافز للفلاحين الذى يغيرون أسلوب الري، من الرى بالغمر للرى المطور؟
بدأنا بالفعل، قلنا إن الفلاحين الذى يملكون مساحات صغيرة، ويتم تجميعهم مع بعض ليكونوا مائة أو مائتى فدان، الدولة ستقوم بتوفير رى حديث لهم وبالتقسيط بدون فوائد على عشرين سنة.. وأول مجموعتين تم التوقيع معهما من الفيوم، وقبل مارس المقبل سنكون نفذنا الفكرة ويتم الإعلان عنها لتشجيع الفلاحين، فالهدف تجميع الأرض، فيتم إلغاء المساقى الداخلية فتتسع مساحة الأرض وتزيد كفاءتها ويتم زراعة محصول واحد يستطيعون تسويقه.. وبالتالى لها مميزات كثيرة جدا وعندما تتحقق وتثمر هذه التجربة، ستشجع الفلاحين على تطبيقها، والآن نعمل مجموعتين، كل مجموعة ٢٠٠ فدان.. وأيضا قمنا بتطبيق زراعة الأرز بالتكثيف فى البحيرة، وتم تطبيق التجربة بالتعاون مع وزارة الزراعة والمحافظة، والتجربة زادت من إنتاجية الفدان إلى ٦ أطنان بمياه أقل، فالوزارة قامت بتجهيز الأرض، ففي البداية كانت المشكلة فى هذا المشروع فالفدان كان يحتاج زيادة الانفاق بحدود ١٠٠٠ جنيه، لذلك كان هناك تخوف من بعض الفلاحين لكن بعد نجاح الفكرة أصبح الفلاح يدفع لتطبيق الفكرة بأرضه.
الوزارة تحاول جاهدة توفير المياه فى حين أن هناك من ينشئ منتجعات وحمامات سباحة وجولف.. كيف تتعامل معهم؟
القانون الجديد به بنود لم تكن موجودة بالقانون الحالي، مثل التعامل مع المياه الجوفية وتحريم الاعتداء عليه واستخداماتها ومراقبة الآبار والمقننات المائية، كل هذا موجود الآن بالقانون الجديد، وأيضا التعامل مع السيول والتعدى على مخرات السيول والبناء عليها، وروابط مستخدمى المياه، كل ما يخص المياه موجود بالقانون، ولن نترك أى فرصة لإهدار المياه، وأى أحد يهدر المياه ستتم معاقبته، فليس هناك «هزار» فى مسألة المياه، فهى مسالة حياة أو موت.
وهل أنت كوزير تقبض بيدك على ملف المياه.. أم أنك تراهن على القانون ومتخوف من تنفيذه؟
هذا الوقت لا يتحمل به «هزار» فيما يخص المياه، فمهندسة ذهبت لتنفيذ القانون أصيبت «بقالب طوب» وسائق السيارة الذى أراد أن يحميها أصيب بسكين فى بطنه، ومهندسان تم ضربهما بالنار عندما كانا يبنيان سداً والمقاول يريد سرقة المواصفات.. كل هذه الحالات تؤكد أن هناك إصرارا من كل العاملين بالوزارة على تنفيذ القانون، وسوف يتم تطبيق القانون على الجميع، والمحافظون يساعدوننا فى ذلك، ويتم التنسيق معهم فى إزالة كل التعديات.. مهم جدا أثناء تنفيذ القانون دعم القيادة السياسية، وبالفعل هناك دعم كبير ولأقصى الحدود من القيادة السياسية، وهذا يزيد من حماسنا لإزالة كل المخالفات والتعديات على النيل والترع.
لم يعد مهندس الرى كما كان، كانت له مكانة كبيرة ومن أهم المسئولين بالمحافظة فى السابق، الآن الوضع اختلف.. ما السبب؟
هذا ليس ذنب مهندس الري، فمهندس الرى راجع بقوة، فلم يكن دوره فى الإعلام بارزاً من قبل، ولم يكن هناك تسليط الضوء عليه، الآن مهندسو الرى يظهرون فى وسائل الإعلام، ولم يعد هناك حظر عليهم، ليكون دور مهندس الرى إدارة المنظومة بشكل كامل، فضلا عن دوره البارز فى التوجية المائى مع الفلاحين.
ما خطتك ليعود مهندس الرى بقوة؟
بعدة عوامل أولها، أن يتم تطبيق القانون، وثانيها أن يشعر المهندس أنه وزير فى مكانه، من خلال حصول مهندس الرى على كل سلطات الوزير فى مكانه وحسب التدرج الوظيفى.
وهل عدد المهندسين بالوزارة كاف؟
فى الوقت الحالى لدينا ٦ آلاف مهندس، منهم ٢٠٠٠ مهندس فى إجازات، أو إعارات ومنهم من استقال، وبالتالى الذين يعملون فعليا ٤ آلاف مهندس، وحتى نقوم بالأعمال المنوطة بنا بشكل جيد نحتاج لـ ٤ آلاف مهندس آخرين، وفى الوقت الحالى صعب توفيرهم، لأننا نقوم بتعظيم موارد الوزارة، لا نريد أن نعين مهندسا يجد مرتبة ضعيفا فيستقيل، نريد التركيز على الحاليين بالتدريب وتنمية المهارات، ليعود المهندس بقوة كما ذكرت.
منذ لحظاتك الأولى فى الوزارة تحدثت عن خطتك لتولى الشباب المناصب القيادية.. إلى أين وصلت هذه الخطة؟
سوف تسمع أخبارا جيدة جدا خلال أيام بهذا الشأن، ومنذ فترة قليلة تم تدريب عدد من شباب الوزارة فى البرنامج الرئاسى للتأهيل، فنحن لا نكتفى بمن يتم تدريبهم فى البرنامج الرئاسي، نحن نريد تدريب المهندسين والإداريين والعمال، لأن المنظومة مكتملة، فمن تم تدريبهم بالبرنامج الرئاسي، قاموا بعمل محاكاة للبرنامج لشباب أخرين بالوزارة على ثلاث مرات.
ماذا عن المشروعات التى قامت الوزارة بتنفيذها وسيتم افتتاحها هذا العام؟
أكبر المشروعات التى سيتم افتتاحها قناطر أسيوط الجديدة، وهناك أكثر من ٢٠ مشروعا فيما يخص الحماية من مخاطر السيول ومحطات الرفع وغيرها من المشروعات ومشروعات حماية الشواطئ.
وما الذى ستحققه قناطر أسيوط الجديدة؟
ببساطة قناطر أسيوط كانت تعمل على مناسيب منخفضة حفاظا على سلامة المنشأ، الآن من خلال القناطر الجديدة يمكن تشغيلها بمناسيب أعلى، فلو حدث سيل بأسيوط، فلابد أن تكون لدى قدرة استيعابية بالنيل، من قبل كان يتم صرف هذه المياه فى البحر، الآن يتم تخزينها، ولا يمكن أن نلقى الآن بنقطة مياه واحدة فى البحر.
هل هناك اقتراح لبيع المياه للفلاحين؟
أبدا ليس هناك أى مقترح بذلك، لكن على الفلاح ترشيد استهلاك المياه لأن الخسارة ليست فى إهدار المياه وإنما فيما تتحمله الدولة من محطات الرفع لنقل المياه، وفاتورة الكهرباء لرفع المياه تصل إلى مليار جنيه سنويا بالإضافة إلى رواتب العاملين بالمحطات، وأيضا قناطر أسيوط كلفت الدولة أكثر من ١٠ مليارات جنيه، فأى منشأ مائى يكلف الدولة مليارات، فمن يأخذ شيئا ليس من حقه سيدفع غرامة تبديد المياه، فالغرامة تختلف من مكان لآخر حسب التكلفة الفعلية لرفع المياه، مثل غرامة الأرز والتى تصل بعض المناطق إلى ٣٦٠٠ منها فى بعض المناطق أقل، ولا يجب الحديث عن مسألة بيع المياه، وعلى الفلاحين أن يزرعوا مع الحفاظ على كل قطرة مياه.
بدأت عهدك بالتأكيد على عدم التجديد لمن يحال للمعاش، وبالفعل أنهيت عددا من العقود.. لكن فى الفترة الأخيرة عادت هذه العقود لعدد من المستشارين.. لماذا؟
عندما توليت كان هؤلاء المستشارون موجودين بالفعل، وتم إنهاء عقود أكثر من ١٥ مستشارا، والمستشارون الموجودون نحتاجهم فى ملفات محددة، فهناك مستشار يأخذ ٢٢٠٠ جنيه مرتبا، ومستشار آخر يأخذ أقل من ٥ آلاف جنيه، لم نمد عقد لأى قيادة وصلت لسن المعاش.
هل الوزارة مستعدة للسيول كما ينبغي؟
بدرجة كبيرة مستعدين لتقليل مخاطر السيول، فنحن نصمم المنشآت الخاصة بالحماية من مخاطر السيول على أعلى سيل خلال مائة سنة، فلو جاء أعلى سيل فى حدود ماحدث خلال مائة سنة نستطيع صده، لكن لو جاء سيل أعلى من ذلك سيقوم المنشأ بتقليل المخاطر، ولدينا غرفة عمليات تم إنشاؤها العام الماضي، تعمل على مدار الساعة من قيادات وزارة الرى ومحافظين ومدير أمن ودفاع مدنى ووزارة البيئة وغيرهم، ولدينا مركز للتنبؤ يقوم بالإنذار المبكر، التنبؤ قبلها بثلاثة أيام، وبالتالى يمكن تحديد المكان الذى سيتعرض للسيول لمواجهته، وهذا حدث العام الماضى فى الإسكندرية، فمن خرائط مركز التنبؤ يمكن تحديد الموقع بالضبط حتى لا تتشتت الجهود ويمكن تركيز المعدات فى مكان واحد لصد مخاطر السيول.
هل سيتم رفع مخالفات الأرز عن الفلاحين؟
لن نرفع مخالفات الأرز، ولا يمكن التراجع عن غرامة المخالفين فى زراعة الأرز وتصدير الأرز، هذا قرار دولة، فنحن لدينا أزمة مياه ولابد من الحفاظ على هذه المياه، والعقوبة هى أداة ردع، فإذا تم رفع المخالفة عن المخالفين، فكيف يتم مكافأة الذين التزموا بالزراعة؟.
ماذا عن مشروعات التعاون بين الوزارة وهيئة التعمير والتنمية الزراعية؟
هناك تعاون بيننا وبين هيئة التعمير والتنمية الزراعية، وكل عشرة أيام نعقد لجنة مشتركة بيننا وبينهم، والآن أصبحت هناك لغة واحدة مشتركة بيننا.
هناك فساد بوزارة الري.. ماذا عن دوركم فى القضاء عليه؟
تم تحجيم الفساد بدرجة كبيرة، ونحن نتعامل مع المال العام باعتباره مال أيتام، نحافظ عليه ونحاسب من يتجاوز وكان هناك إهمال وليس إهدارا، ووزارة الرى من أقل الجهات التى بها فساد، وهناك تطهير مستمر دون توقف للحد من الفساد.
ما الخبر الذى تزفه للفلاح فى عام ٢٠١٨؟
سوف نجتهد بكل قوة لأن تصل المياه للنهايات، والموسم الماضى كان هناك نوع من الرضا بين الفلاحين، وهناك عدد قليل اشتكوا من نقص المياه، لكن ٢٠١٧ من أكثر السنوات التى وصلتنا خطابات شكر من الفلاحين، ونعد الفلاح بعدم نقص المياه هذا العام.