• الرئيس أكد أن الهدف هو الحفاظ على المسار التفاوضى

  • حريصون على التنمية فى إثيوبيا وعلى الحياة فى مصر..

  • والقوانين والأعراف والسوابق الدولية تؤكد حقوقنا فى مياه النيل

تقرير: أشرف التعلبى

اختارت مصر إحالة قضية سد النهضة الإثيوبى لمجلس الأمن الدولى بعد أن استنفذت كل سبيل للتوصل إلى حل ودى لهذا الوضع عبر إبرام اتفاق بشأن السد يحفظ ويعزز حقوق ومصالح الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا.

لجأت مصر لمجلس الأمن فى ظل إصرار إثيوبيا على التعنت وبدء ملء السد بشكل أحادى الجانب خلال موسم الأمطار فى شهر يوليو المقبل بما يخالف التزاماتها القانونية الدولية، رغم أن مصر شاركت فى جولات تفاوضية لا حصر لها لمدة عقد تقريبًا وكانت لديها الرغبة فى الوصول إلى اتفاق يحقق مصالح الجميع، لكن كل هذه المفاوضات لم تثمر نتيجة بسبب النزعة أحادية الجانب لإثيوبيا وإصرارها على الخداع ورغبتها فى فرض أمر واقع على دولتى المصب مصر والسودان.

أثبتت إثيوبيا أنها لا توجد لديها إرادة سياسية للوصول إلى اتفاق وخالفت كل المبادئ، وتصورت أنها بإمكانها أن تفعل فى مياه النيل ما تشاء.

المؤكد أن مصر لا تسعى للخلاف ولا تبحث عن صراعات بل تتمسك بالمسار السلمى وهو ما أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى رسالة واضحة للإثيوبيين مشيرا إلى أن اتجاه مصر إلى مجلس الأمن الدولى فى قضية سد النهضة، جاء من أجل الحفاظ على التفاوض وفق المسار الدولى والدبلوماسى والسياسى حتى النهاية.

وأضاف السيسى: «حريصون على التنمية فى إثيوبيا وعلى الحياة فى مصر..

وقال الرئيس: تحدثت مع الشعب الإثيوبى فى البرلمان الإثيوبى، وأكدت حرص مصر على التنمية فى إثيوبيا وعليكم تقدير الحياة فى مصر، وأكدنا أنه لا ضرر ولا ضرار، وأتمنى أن تصل هذه الرسالة إلى القيادة الإثيوبية، ونحتاج إلى سرعة التفاوض بما يحقق المصلحة للجميع، ويؤكد أننا دول قادرة على إنهاء التفاوض بشكل قوى».

كلام الرئيس واضح فى التأكيد على ثوابت مصر فى هذا الملف وأنها لا تقبل الضرر لأحد وإنما تريد المنفعة للجميع. نقدر حق إثيوبيا فى التنمية لكن بما لا يضير حقنا كمصريين فى الحياة

وكما قال وزير الخارجية سامح شكرى فإن اللجوء الى مجلس الأمن خطوة وإذا لم يتخذ المجلس موقفا واضحا فسوف تتحرك مصر بما يضمن ويحمى حقوقها المائية.

فلجوء مصر إلى مجلس الأمن ليس ضعفا فى موقفها ولا عدم قدرة على التحرك فى المسارات الأخرى، ولكنه رغبة مصرية واضحة فى الاستمرار فى المسار السياسى ووضع العالم كله أمام مسئولياته والتنبيه إلى التعنت الاثيوبى الذى لا يحقق مصالح القارة كلها بل يزيد الأوضاع تأزما.

وكما يقول الدكتور مساعد عبد العاطى، أستاذ القانون الدولى، أن مصر لجأت لمجلس الأمن بعد التعسف الإثيوبى، وغلق إثيوبيا لكل أبواب التفاوض وإظهار كل أنواع الغطرسة والتعنت، وحتى تضع مجلس الأمن أمام مسئولياته القانونية والسياسية، وهذا يأتى فى إطار تمسك مصر بالمسار السلمى لفض المنازعات والاحتكام لمجلس الأمن فى نزاع سد النهضة خاصة أن القانون الدولى للأنهار وتطبيقاته القانونية فى صالح مصر.

مساعد يضيف أن مصر تريد الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل، وأدخلت الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولى وانتهوا إلى صياغة «وثيقة واشنطن» التى تعبر عن آراء الدول الثلاث، لكن إثيوبيا رفضت التوقيع، وبالتالى مصر تضع المجتمع الدولى كله أمام مسئولياته، بعد أن طرقت كل الأبواب.

ويؤكد أن مصر أحالت القضية لمجلس الأمن باعتباره المنوط بحفظ الأمن والسلم الدوليين، واتخاذ ما يلزم وفقا لميثاق الأمم المتحدة ووفقا للصلاحيات المخولة له فى حل المنازعات وأنه يملك من الناحية القانونية أن يصدر توصيات عديدة من بينها وقف إثيوبيا للملء مؤقتاً، وإحالة النزاع لمحكمة العدل لأنه نزاع قانونى، وأيضا يمكن لمجلس الأمن أن يصدر قرارا ضمن الفصل السابع بإلزام إثيوبيا، متى تيقن المجلس من أن النزاع يهدد السلم والأمن الدوليين بصفة مباشرة، وأيضا يملك المجلس تشكيل لجنة من الخبراء لفحص النقاط الخلافية والرد على مجلس الأمن.

وبالتالى مصر طرقت كل الأبواب، وتتبع كل الآليات الدبلوماسية والقانونية الموضوعة فى ميثاق الأمم المتحدة، حتى تحيط العالم أجمع أنها التزمت واتبعت الوسائل السلمية إلا أن الجانب الإثيوبى يتعنت منذ سنوات ولا يريد التوصل لاتفاق ملزم.

وعلى المستوى الدولى يقول مساعد: هناك قضايا تم مناقشتها من قبل فى مجلس الأمن عام ١٩٤٧ وهى قضية فى قانون البحار بين ألبانيا وإنجلترا وعرفت بقضية قناة كورفو، وكان هناك خلاف بينهم وأوصى وقتها مجلس الأمن بالذهاب لمحكمة العدل الدولية باعتباره نزاعا قانونيا، وبالفعل ذهبوا لمحكمة العدل وحكمت فى هذا النزاع.

وعن موقف السودان يرى مساعد أنه كان يجب على السودان أن يتفق مع مصر فى الذهاب لمجلس الأمن وتقديم شكوى واحدة طبقا لاتفاقية ١٩٥٩ باعتبارهم دولتى مصب.

ويرى أستاذ القانون الدولى أن خطوة الذهاب لمجلس الأمن مهمة وتدل على أن إدارة القيادة المصرية للملف تتم بحرفية وهدوء، ومن الضرورى أن يتم توظيف الملف توظيفا كاملا وبقوة وأن نضغط بكل الأوراق، ويكون الرد على كل الثغرات التى تحدث عنها الجانب الإثيوبى، لافتا إلى أن الحجج القانونية لمصر قوية أمام مجلس الأمن وكفيلة بإقناعه أن إثيوبيا تهدد الأمن والسلم الدوليين.

وبالتوازى مع تقديم مصر لشكوى لمجلس الأمن لابد أن يكون هناك ضغط دولى، خاصة أن هناك دولا لها استثمارات فى إثيوبيا، ودولا فاعلة مثل الصين والهند ويمكن أن يكون لها دور فى دعم القضية المصرية.

وإذا أصدر مجلس الأمن توصية ورفضت إثيوبيا تنفيذها، فى هذه الحالة تملك الدولة المصرية التعامل مع إثيوبيا والملف بما تراه مناسبا من الطرق القانونية المختلفة بعد أن طرقت كل الوسائل السلمية ولجأت للأمم المتحدة، وهنا يستطيع صانع القرار السياسى تقييم كل هذه الخطوات واتخاذ ما يلزم للدفاع عن حقوق مصر المائية.

ويتمنى الدكتور مساعد أن يتم تشكيل لجنة دولية على غرار اللجنة القومية لطابا، تضم الكفاءات والخبرات الوطنية لمعاونة المفاوض المصرى فى هذه الفترة، لأن الموضوع قد يمتد للتحكيم الدولى أو محكمة العدل الدولية.

- قانون الأنهار الدولية:

من جانب آخر يوضح الدكتور صفوت عبدالدايم، المستشار الأسبق بالبنك الدولى والخبير الدولى فى المياه، أننا كنا نود أن يتم حل قضية سد النهضة كأشقاء أفارقه دون اللجوء لمجلس الأمن، لكن التعنت الإثيوبى جعلنا نلجأ إلى المجتمع الدولى وهذا طريق جيد لأن القوانين الدولية والأعراف بالأنهار المشتركة تدعم موقف مصر تماما.

وكل العالم يقول إنه من غير المقبول على نهر دولى ومشترك بين عدة دول أن تكون به قرارات منفردة تمس المصلحة العليا لباقى الأطراف، وبالتالى تم إحالة الأمر للمجتمع الدولى ليقول كلمته، وهو الذى أقر المواثيق والأعراف الدولية للتعامل فى قضية الأنهار الدولية.

ويوضح الدكتور صفوت أن معظم الخبراء الدوليين والاعلام الدولى يضعون علامات استفهام كبيرة حول الموقف الإثيوبى المتعنت، الذى يجافى الأعراف الدولية، ونحن نأمل أن يكون مجلس الأمن بعيدا عن التربيطات السياسية وما يحاك لمصر من مؤامرات حتى لا يحدث ما يخالف العرف الدولى، وأن يصدر قرارا يؤيد الموقف المصرى من خلال المواثيق الدولية.

خاصة أن ملف مصر يؤكد شرعية مطالبها وهى التى قدمت كل الحلول التى ترضى جميع الأطراف لتقليل الضرر على الدول الثلاث، ولا تجعل طرفا واحدا ينفرد بكل المزايا ثم تترك الأطراف الأخرى إلى مصيرها، فمصر حياتها قائمة على مياه النيل، بينما هم يبحثون عن عوائد اقتصادية ويمكن تحقيقها من مصادر أخرى، ولا يمكن أن نقارن مصالح محدودة بمصير شعوب بأكملها.

وعن مسألة الالتزام بقرارات مجلس الأمن، يقول الخبير الدولى فى المياه إن هناك مثالا سيئا جدا فى عدم الالتزام بقرارات مجلس الأمن وهى إسرائيل، فإذا لم تلتزم إثيوبيا بقرار مجلس الأمن فإن القيادة المصرية لديها من الحكمة والخطوات التى تمكنها من حماية أمننا القومى.

وعن تصريح ديفيد مالباس رئيس مجموعة البنك الدولى، بأنه تحدث مع رئيس الوزراء الأثيوبى آبى أحمد على، بشأن الموافقات اللازمة من البنك لتمويل سد النهضة الإثيوبى، وأن الأمر يتطلب «الحوار البناء» مع الدول المجاورة بشأن تقاسم المياه، يوضح الدكتور صفوت أن البنك الدولى منذ فترة طويلة لا يموّل أى مشروعات على أنهار دولية يوجد خلاف بين الدول المشتركة فى النهر، وهذا موضوع محسوم ولا يستطيع أى مسئول فى البنك اتخاذ قرار مخالف لذلك.

ويؤكد الخبير الدولى فى المياه أن هناك تجارب ناجحة فى التعاون والتفاهم المشترك فى مسألة الأنهار المشتركة، مثل الدول المشاركة فى نهر الميكونج فى جنوب شرق آسيا، وفى إفريقيا عندما ننظر إلى حوض نهر السنغال والدول المشتركة، وهناك دول مشتركة فى بحيرة تشاد، وفى أوروبا كل الأنهار الأوروبية تدار بتفاهمات وإدارة توافقية بين الدول المشتركة فى النهر، وهذه كلها دول تفاهمت مع بعضها البعض وتدير المياه المشتركة بما يحقق مصالحها ويعود عليها بالنفع، وهذا الأمر أكد عليه الجانب المصرى مرارا وتكرارا للجانب الإثيوبى أن مصر ليست ضد التنمية فى إثيوبيا، وأن الفائدة سوف تكون أكبر من خلال التعاون بين الدول الثلاث.

ويوضح الدكتور صفوت أن مصر لديها ملف فنى فى منتهى القوة وتمت دراسته بدقة، وأفضل خبراء العالم فى المياه تحدثوا عن الحلول المنصفة التى عرضتها مصر فنيا على إثيوبيا، وبالنسبة للجانب القانونى فكان هناك قانونان مشتركان فى المفاوضات أبلوا بلاء حسناً وحسموا كل الأمور، وردوا على الادعاءات الإثيوبية بكل وضوح، وبالتالى لدينا موقف مصرى قوى وثابت، ولدينا مجموعة متمرسة فى القانون والجوانب الفنية، ولدينا وزير خارجية على أعلى مستوى، وكل هذا يتم تحت إشراف قيادة سياسية حكيمة على مستوى يطمئن الشعب المصرى أنهم سيخوضون معركتهم لآخر لحظة لإيجاد حل سلمى يناسب وينصف الجميع.

- المفاوضات مستمرة:

وعلى المستوى الدبلوماسى يرى السفير حسن هريدى مساعد وزير الخارجية السابق، أن تقديم مصر لشكوى لمجلس الأمن بشان سد النهضة هى خطوة دبلوماسية فى إطار حرص مصر على استمرار عملية المفاوضات حتى تلبى مصالح واحتياجات الدول الثلاث فى مياه النيل، فاللجوء لمجلس الأمن كما يقول هريدى لا ينبغى تفسيره بأن المفاوضات انتهت، لكنها مستمرة، وأن لجوء مصر لمجلس الأمن هى محاولة صادقة من جانب مصر لدفع المفاوضات قدمها للتغلب على ما تبقى من مسائل خلافية بين الدول الثلاث.

ويؤكد السفير حسين أن المفاوضات مازالت مستمرة وحققت تقدما فى المسائل الخلافية، واللجوء لمجلس الأمن هو وسيلة من وسائل الدبلوماسية المصرية لتحريك الأمور على صعيد التوصل لاتفاق يضمن لمصر حقوقها المائية، ويضمن لإثيوبيا التنمية، خاصة أن قضية التنمية لإثيوبيا محل ترحيب من مصر بما لا يضر بمصالح مصر المائية سواء على المدى القصير أو الطويل.

ويرى أن مجلس الأمن سيجرى مباحثات بين الأعضاء بمشاركة الوفد المصرى الدائم لدى الأمم المتحدة للتوصل إلى صيغة بيان رئيسى يدعم خيار المفاوضات للتوصل إلى حل يرضى الدول الثلاث.

موضحا أن هناك خيارات دبلوماسية أخرى يمكن اللجوء إليها مثل الاتحاد الإفريقى، والاتحاد الأوربى والقوى الكبرى، حيث إن الوسائل الدبلوماسية كثيرة جدا، وليس لها نقطة بداية أو نهاية وهى خيارات متعددة وممتدة. والدولة المصرية تثبت كل مرة أنها الأحرص على المسار التفاوضى وتؤكد حسن النوايا وتعنت الجانب الإثيوبى، فالقيادة والحكومة المصرية حريصة حتى فى تصريحاتها على احترام الجميع والبعد عن أى استفزاز، على عكس الجانب الإثيوبى رغم أن الحق المصرى واضح وأقره الجميع، ولهذا فالمتوقع وفقا للسوابق والأعراف والقوانين الدولية أن تكون هذه الخطوة فى صالح الملف المصرى لأننا لا نريد الإضرار بأى طرف وإنما نؤيد المصلحة للجميع.

elsayda

بوابة الصعايدة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 95 مشاهدة

رئيس التحرير: أشرف التعلبي

elsayda
نحارب الفقر- المرض- الامية -الثأر... هدفنا تنوير محافظات الصعيد- وان نكون صوت للمهمشين »

تسجيل الدخول

بالعقل

ليس كافيا أن تمتلك عقلا جيدا، فالمهم أن تستخدمه جيدا