"وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض، ولديهم القدرة على جعل الأبرياء مذنبين وجعل المذنبين أبرياء، وهذه هي القوة، لأنها تتحكم في عقول الجماهير". مقوله لمالكوم إكس، ناشط حقوقي أمريكي.

ذكرت هذه المقولة لأنها تنطبق علي إثيوبيا التي تدفع بالعشرات بل المئات من الكتائب الإلكترونية باللغة الانجليزية والعربية، علي مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك و تويتر" لترويج أكاذيب ومغالطات تضلل الرأي العام العالمي، من خلال بث معلومات غير دقيقة عن سد النهضة، ويتهمون مصر بأنها ضد التنمية في بلادهم، وهذا علي غير الحقيقة، لأن مصر أكدت مرارا وتكرارا علي الوقوف بجانب إثيوبيا في تنمية بلادها بما لا يضر بحقوقنا المائية.
كما أن هذه الكتائب الإلكترونية التي تمتلك مئات الآلاف من الحسابات المزيفة، على مواقع التواصل الاجتماعي مازالت تروج لأكاذيب ومنها أن الاتفاقيات السابقة التي وقعتها إثيوبيا مع مصر والسودان كانت فترة الاستعمار وهذا غير صحيح، كما تنشر هذه الكتائب فيديوهات لشباب إثيوبي يحاول احداث تفرقة في القضية بين مصر والسودان من خلال دفاع تلك الصفحات المشبوهة عن السودان وأنها المستفيد الاكبر من السد، وأن مصر ليست لها الحق في المياه، ليس هذا فقط بل تقوم هذه الكتائب بهجوم كاسح علي صفحات الخبراء المصريين المعنيين بالمياه في محاولة لإيقافهم عن نشر أي معلومات تخص السد.
وخير شاهد عندما أعلن مجلس الأمن القومي الأمريكي عبر صفحته بـ"تويتر" دعمه للمفاوضات ومطالبة إثيوبيا بأن تتجه لحل عادل قبل الملء، انهالت التعليقات من هذه الكتائب في محاولة لتضليل الرأي العام العالمي.
لقد نجحت إثيوبيا في إقناع الإعلام الغربي خلال السنوات الماضية بأنهم أصحاب حق دون النظر لأي قوانين أو اتفاقيات دولية.. ونحن تركنا لها الساحة تعبث كما تشاء، فوجدنا مقالات في أكبر الصحف العالمية تدافع عن حق إثيوبيا في التنمية، أو عبر استضافتهم في أكبر القنوات الفضائية، وصور هذا الإعلام الدولي أن إثيوبيا تدافع عن حقها في التنمية وأنهم دولة فقيرة وعلي العالم مساندتها، وأن مصر تقف حائلا أمام هذه الرغبة.
وبالفعل وصل الخطاب الإثيوبي للكونجرس الامريكي من خلال القس جيسي جاكسون الذي يحاول إقناع أعضاء الكونجرس بالوقوف مع إثيوبيا ضد مصر بدعوي أن مصر تريد أن تجعل إثيوبيا توقع على اتفاقية استعمارية جديدة تسلبها حقها في النيل.
ورغم كل ما تفعله إثيوبيا من تعنت واضح إلا أن مصر سعت بلا كلل خلال ما يقرب من عشر سنوات إلى التوصل لحل مرضي لكافة الأطراف يحفظ ويعزز حقوق ومصالح دول النيل الأزرق الثلاث، و يحقق الأهداف الإنمائية لإثيوبيا ويقلص من التأثيرات الضارة لهذا السد الضخم على دولتي المصب.
ومن خلال متابعتي لملف السد الإثيوبي خلال السنوات الماضية كلي ثقة في المفاوض المصري الذي تحمل وصبر علي مدار عقد من الزمن المراوغة الإثيوبية التي تحيل دون التوصل لاتفاق، بل كان المفاوض المصري طوال الوقت يقدم بدائل علمية علي أعلي مستوي، وتحقق مصالح الدول الثلاثة، لكن كانت إثيوبيا تتهرب دائما من توقيع اتفاق ملزم، في محاولة لفرض أمر واقع على دولتي المصب.
لقد تبنت إثيوبيا نهجاً مخالفاً لكل الاتفاقيات الدولية، حيث رفضت إبرام اتفاق ملزم بموجب القانون الدولي واقترحت اعتماد ارشادات توجيهية وقواعد يحق لها تعديل مضمونها وفقاً لسلطتها التقديرية، كما عارضت إثيوبيا تطبيق تدابير فعالة للتخفيف من آثار الجفاف والجفاف الممتد على المجتمعات المحلية بدول المصب، الأمر الذي يُعرض مصر والسودان للآثار الاجتماعية والاقتصادية المدمرة الناجمة عن مثل هذه الظروف الهيدرولوجية الخطيرة.
ولتعلم إثيوبيا جيدا أن هناك ثوابت مصرية واضحة للجميع من منطلق ما تمثله مياه النيل من قضية وجودية لشعب مصر، فالنيل بالنسبة لنا مسألة حياة أو موت، وأن مصر لن تتنازل عن حقوقها المائية مهما حدث.
.. الان نحن في حاجة ماسة لتفنيد كل ما يقال من مغالطات وتشويه للحقائق من خلال الجانب الاثيوبي، وهذا لن يأتي الا من خلال إعلام دولي يدعم ويساند مصر في مفاوضات سد النهضة، و فضح التعنت الإثيوبي في كل المحافل الدولية.
وهناك تساؤل يطرح نفسه أين هيئة الاستعلامات في امتلاك منظومة إعلام دولية موجهة باللغات الأجنبية إلى مختلف شعوب العالم، من قنوات واذاعات ومواقع إلكترونية بعشرات اللغات تنقل صوت مصر ومواقفها، بل ونستطيع من خلالها تقديم أنفسنا كما يجب للآخر، فالإعلام الخارجي احد مقومات السياسة العامة للدولة.

والقضية تحتم علينا إعداد فريق من الخبراء والكفاءات في مجال الموارد المائية و الإعلام لتوضيح الحقائق امام الرأي العام العالمي وليس المحلي، حتي يكون لمصر تواجد في كل القنوات الفضائية الدولية والصحف العالمية ليصل صوت مصر إلى كل شعوب العالم، من خلال كتابة مقالات وإذاعة تقارير وعقد ندوات ونشر أبحاث، بكل اللغات ومنهم اللغة الامهرية والسواحلية، فمن الخطأ ان نسمع انفسنا مثل صدي الصوت.

elsayda

بوابة الصعايدة

رئيس التحرير: أشرف التعلبي

elsayda
نحارب الفقر- المرض- الامية -الثأر... هدفنا تنوير محافظات الصعيد- وان نكون صوت للمهمشين »

تسجيل الدخول

بالعقل

ليس كافيا أن تمتلك عقلا جيدا، فالمهم أن تستخدمه جيدا