موقع الكاتب محمد خضيري

ادب ومقالات

فإن أعمال المسلم وأقواله ومعتقده الصحيح من العبادة الحقّة المأمور بها في القرآن الكريم وفي حديث رسول الله ، ومن العبادة الإصلاح بمعناه الواسع الذي له سُبُل وطرق كثيرة، وليس محصورًا فيما تعارف عليه الناس بأنه الإصلاح بين متخاصمَيْن أو متخاصِمِين قلّوا أو كثروا، فالإصلاح له سبل كثيرة، ومطلوب من كل مسلم ومسلمة المساهمة بما يستطيعون من ذلك، فالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإماطة الأذى عن الطريق والكلمة الطيبة والعمل الصالح أيًا كان نوعه فيما يعود بالنفع على أفراد المجتمع أو الحيوانات أو الطيور أو غيرها وتعليم العلم النافع والإصلاح بين الناس كل ذلك وغيره من الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله، وينال عليها الأجر من المولى عز وجل إذا صاحبها الإخلاص والصواب، وهي من الإصلاح حقيقة، ومن عمل المصلحين المخلصين الذين يهمهم شأن أمتهم ومجتمعهم ومن يعيشون معهم على هذه الأرض، سواء كانوا في عصرهم أو يأتون ويلحقون بهم فيما بعد، ذلك شأن المصلحين الساعين بالخير الذين يسعد بهم مجتمعهم مع سعادتهم هم أنفسهم بإذن الله عز وجل. إن الهلاك لا ينزل بقوم فيهم المصلحون، والمصلحون غير الصالحين، فشتّان بين الصالح في نفسه الذي لا يتعدّى نفعه إلى غيره، وبين المصلح الذي هو صالح في نفسه ساعٍ للإصلاح في المجتمع، فهو مصلح كما ذكر الله عز وجل عن المجرمين المفسدين في الأرض وعن المصلحين أيضًا، وبأن الله لا يهلك قرية كان أهلها مصلحين، قال تعالى: فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:116، 117]، فلنتنبّه لقول الله تعالى: مُصْلِحُونَ، ولم يقل: وأهلها صالحون، فالمصلح أعم وأشمل وأنفع من الصالح في نفسه؛ لأن المصلح يسعى ويعمل جاهدًا لإصلاح الناس وصلاحهم حتى تستقيم الأمور كما أمر الله عز وجل بأن يدعو إلى الله عز وجل، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويهمه أمر المسلمين بعامة. وذكر الله عز وجل من أوصاف المنافقين وأهل الزيغ والفساد بأنهم مفسدون في الأرض مع ادعائهم الإصلاح وهم على النقيض من ذلك، قال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ [البقرة:11، 12]، وقال عز شأنه: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ [البقرة:204-206]. وعلى العكس من هذا الصنف ذكر الله عز وجل بعد هذه الآيات المتعددة عن هذا النوع بعدها مباشرة ذكر في آية واحدة المصلحين الذين يبيعون أنفسهم يبتغون ما عند الله عز وجل، قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ [البقرة:207]. فمن الناس من يكون مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر، ومنهم من يكون مفتاحًا للشر مغلاقًا للخير، وشتّان بين الفريقين، وسيجازي الله كلاًّ بعمله، ويوفّيه حسابه، وهو يعلم سبحانه المفسدين من المصلحين، قال تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ [البقرة:220]، والذي يتمسك بالكتاب والسنة ويؤدي ما أوجب الله عليه ويقوم به قولاً وعملاً واعتقادًا يُسمّى مصلحًا، ولن يضيع أجره عند الله، وسوف يجزيه الله أحسن الجزاء، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ [الأعراف:170].

elnuamany

الفكره اساس نبني عليه والقلم سلاح يشير الي الحق

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 118 مشاهدة
نشرت فى 28 يونيو 2011 بواسطة elnuamany

محمد خضيري

elnuamany
هذا الموقع الرسمى للكاتب والروائي محمد خضيري الذي صدر له اعمال ادبية منها رواية نيران مستعرة ورواية سنوات الحرمان وكاتب في عدة مواقع اخبارية اخرى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

124,000

الكتب الصادرة للكاتب