مسعود صبري* - موقع القرضاوي / 22-2-2007

يعد الشيخ القرضاوي من أبرز الشخصيات الإسلامية التي اهتمت مبكرا بموضوع حقوق غير المسلمين في المجتمع المسلم، وتأتي أهمية قراءة هذه الحقوق في فكر الشيخ القرضاوي من كونه فقيها أصيلا؛ ففكره متصل بالفقه المبني على الأدلة الشرعية.

ومن أهم هذه الحقوق التي استقرأها القرضاوي من خلال النصوص الشرعية وأقوال الفقهاء ما يلي:

حق تولي وظائف الدولة

ولم يمنع الإسلام أهل الذمة من تولي وظائف الدولة؛ لأنه يعتبرهم جزءا من نسيج هذه الدولة، كما أنه لا يحب لهم أن ينعزلوا، ولأهل الكتاب تولي كل الوظائف إلا ما غلب عليه الصبغة الدينية كالإمامة ورئاسة الدولة والقيادة في الجيش، والقضاء بين المسلمين، والولاية على الصدقات ونحو ذلك.

فالإمامة أو الخلافة رياسة عامة في الدين والدنيا، خلافة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يجوز أن يخلف النبي في ذلك إلا مسلم، ولا يعقل أن ينفذ أحكام الإسلام ويرعاها إلا مسلم.

وقيادة الجيش ليست عملا مدنيًا صرفًا، بل هي عمل من أعمال العبادة في الإسلام إذ الجهاد في قمة العبادات الإسلامية.

والقضاء إنما هو حكم بالشريعة الإسلامية، ولا يطلب من غير المسلم أن يحكم بما لا يؤمن به.

ومثل ذلك الولاية على الصدقات ونحوها من الوظائف الدينية.

وما عدا ذلك من وظائف الدولة يجوز إسناده إلى أهل الذمة إذا تحققت فيهم الشروط التي لا بد منها من الكفاية والأمانة والإخلاص للدولة، بخلاف الحاقدين كالذين قال الله فيهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتِّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} (آل عمران: 118).

بل صرح الإمام الماوردي بجواز تولي الذمي "وزارة التنفيذ" بخلاف وزارة التفويض، ووزير التنفيذ هو الذي يبلغ أوامر الإمام ويقوم بتنفيذها ويمضي ما يصدر عنه من أحكام.

أما "وزارة التفويض" التي يكل فيها الإمام إلى الوزير تدبير الأمور السياسية والإدارية والاقتصادية بما يراه.

وقد تولى الوزارة في زمن العباسيين بعض النصارى أكثر من مرة، منهم نصر بن هارون سنة 369 هـ، وعيسى بن نسطورس سنة 380هـ، وقبل ذلك كان لمعاوية بن أبي سفيان كاتب نصراني اسمه سرجون.

وقد بلغ تسامح المسلمين في هذا الأمر أحيانًا إلى حد المبالغة والجور على حقوق المسلمين؛ مما جعل المسلمين في بعض العصور يشكون من تسلط اليهود والنصارى عليهم بغير حق.

وقد قال المؤرخ الغربي آدم ميتز في كتابه "الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري" (الجزء الأول ص105): "من الأمور التي نعجب لها كثرة عدد العمال (الولاة وكبار الموظفين) والمتصرفين غير المسلمين في الدولة الإسلامية؛ فكأن النصارى هم الذين يحكمون المسلمين في بلاد الإسلام والشكوى من تحكيم أهل الذمة في أبشار المسلمين شكوى قديمة".

المصدر: http://www.qaradawi.net
elmsalmi

احمد المسلمى

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 477 مشاهدة
نشرت فى 2 يناير 2011 بواسطة elmsalmi

ساحة النقاش

ابحث

عدد زيارات الموقع

183,117