اليوم نقدم لكم الى جميع صفوف الاعداداية والابتدائية بحث عن هجرة الرسول صل الله عليه وسلم نقدم موضوع تعبير عن هجرة الرسول صل الله عليه وسلم من مكة الى المدينة بالمقدمة وايضا سيكون جاهز للطباعة وسيتم ارفاق الملف فى المرفق فى العين.
هجرة الرسول هي انتقال الأفراد من مكان إلى اّخر لأسباب مختلفة أما الهجرة النبوية هي خروج النبي (صلّ الله عليه وسلم) واصحابه رضوان الله عليهم من مكة إلى المدينة المنورة (الاسم القديم للمدينة المنورة هو يثرب)فرارا من اذى الكفار، ومنها قد بدأ التاريخ الهجري على يد “عمر بن الخطاب ” (رضى الله عنه وارضاه .
الدلالة الدينية
* ولما كان الانتقال جهدا لأصحابه نفسيا وماديا حيث يترك أرضه الأولى وما له فيها من ذكريات ومنافع، إلى أرض أخرى جديدة لا يدري ماذا يحدث له فيها: كان التوجيه القرآنى والترغيب النبوي مصاحبا للمهاجرين الذين اضطهدوا في أرضهم لإيمانهم بربهم وما اقتضاه إيمانهم من انتقالهم إلى العبادة الصحيحة والمعاملة الحسنة ومكارم الأخلاق، فأخرج المؤمنون من ديارهم، وأوذوا في سبيل الله، فكان التوجيه النبوي أن تكون الهجرة لله وحده “فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله”، يؤجر عليها بما جاء من الوعد الصادق، “ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه”، من أغراض محدودة. ذكر القرآن في بيان مكانة المهاجربن في سبيله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾«:». وقال الله: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾.
* وكما أثنى الله على المهاجرين أثنى على من أحسنوا استقبالهم ونصرتهم قال جل شأنه: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم}التوبة:100، وقال الله: {والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}الحشر:6.
وقال رسول الإسلام: “ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار”[1].
الهجرة الأولى إلى الحبشة
لما مكث الرسول على دعوته , فلم يبرح يدعو إلى الله سراً وجهراً. وكان المؤمنون الأوائل مضطهدين ومعذبين ، فاضطروا إلى الخروج مهاجرين متسللين سراً وذلك في شهر رجب سنة خمس بعد النبوة 615 م.
وكان الذين خرجوا أحد عشر رجلاً وأربع نسوة حتى انتهوا إلى الشعيبة، ووفق الله المسلمين ساعة جاؤوا سفينتين للتجار حملوهم فيها إلى أرض الحبشة وخرجت قريش في أثرهم حتى جاؤوا البحر حيث ركبوا فلم يدركوا منهم أحداً، حيث كان خروجهم سـراً.
وكانت هذه الهجرة الأولى مقدمة إلى يثرب. كان ممن هاجر إلى الحبشة عثمان بن عفان وامرأته رقية بنت محمد وأبو حذيفة بن عتبة ومعه امرأته سلمة وعثمان بن مظعون وعبد الله بن عمرو وسهيل.
الهجرة الثانية إلى الحبشة
سبب عودة المسلمين من هجرة الحبشة الأولى إلى مكة: لم تدم هجرة المسلمين الأولى للحبشة طويلاً، حيث رجع المسلمون من أرض هجرتهم إلى مكة بعد أن بلغهم أن قريشاً هادنت الإسلام وتركت أهله أحراراً، إن الإشاعة التي بلغت المؤمنين في أرض الهجرة تركت أثرها في قلوبهم، فقرروا العودة إلى وطنهم، وكان سبب هذه الإشاعة أن النبي () خرج إلى الحرم وفيه جمع كبير من قريش، فقام فيهم وأخذ يتلو سورة النجم، ولم يكن المشركون قد سمعوا القرآن سماع منصت من قبل، لأن أسلوبهم المتواصل كان العمل بما تواصى به بعضهم بعضاً {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون}[فصلت: 26]. فلما فاجأهم النبي () بتلاوة هذه السورة، وقرع آذانهم القرآن في روعة بيانه، وجلالة معانيه، أعطوه سمعهم، فلما قرأ النبي () قوله تعالى:(فاسجدوا لله واعبدوا)[النجم: 62]سجد، فلم يتمالك المشركون أنفسهم فسجدوا. وفي الحقيقة كانت روعة الحق قد صدعت العناد والكبر الذي في نفوسهم، فخروا ساجدين، فبلغ هذا الخبر مهاجري الحبشة، ولكن في صورة تختلف تماماً عن صورته الحقيقية، حيث بلغهم أن قريشاً أسلمت، فرجعوا إلى مكة آملين أن يعيشوا مع رسول الله وبين قومهم وأهلهم آمنين، فلما وصلوا قريباً من مكة عرفوا حقيقة الأمر، وأن ما وصلهم من الأخبار غير صحيح، بل إن قريشاً أشد وأنكى على المسلمين من ذي قبل، فرجع من رجع منهم، ومن دخل مكة دخلها مستخفياً، أوفي جوار رجل من المشركين.
لما قدم أصحاب النبي مكة من الهجرة الأولى (بسبب إسلام عمر وإظهار الإسلام)، اشتد عليهم قومهم واعتدت بهم عشائرهم ولقوا منهم أذى شديداً و قررت مكة من جديد أن تنشط في مواجهة الدعوة، فاستنَّت التشريعات والقرارات التالية:
أولاً: منع المؤمنين من السفر: وفي سبيل ذلك قاموا بتشديد الحراسة على مخارج مكة، ومطاردة كل من يخرج منها من المؤمنين، وقد وضعوا على قائمة الممنوعين من السفر كل من عرف عنه الإيمان أو اشتبه في إيمانه، وذلك كله لوقف الهجرة إلى الحبشة. وقد يرى البعض أنه من المفترض أن يكون المشركون سعداء بترك المسلمين لأرض مكة؛ حيث إنهم سيتخلصون من القلق الذي يسببه وجودهم معهم وبينهم، فلماذا إذن يمنعونهم من الهجرة؟! أما الإجابة فهي أن قريشًا كانت تفكر فيما يلي:
1- المؤمنون ما ذهبوا إلى الحبشة إلا ليعودوا: كان المشركون يرون أن الحبشة ما هي إلا أحد المحاضن التربوية التي يُربَّى فيه المسلمون ليعودوا أشد قوة، فالمؤمنون أصحاب قضية، ولن يرضوا بالحياة المستريحة في الحبشة ويتركوا قضيتهم، وكما ذكر لهم رسول الله فإنه قد بُعث لقومه خاصة وللناس عامة، ولا بد أن المؤمنين سيبذلون قصارى جهدهم ليصلوا بهذه الدعوة إلى مشارق الأرض ومغاربها، ولا شك أن مكة ستكون من أهم النقاط في محطات المسلمين.
2- المؤمنون سيفسدون علاقة الحبشة بمكة: فإذا رأى أهل الحبشة أخلاق المؤمنين ونضجهم ونقاء ما يدعون إليه، فإنهم ما يلبثون أن يستنكروا أفعال الذين عذبوهم، وقد يقطعون علاقاتهم السياسية والاقتصادية بمكة.
3- الخوف من دخول أهل الحبشة في الإسلام، ومن ثَمَّ فقد يُقدِمون على غزو مكة: فلم يكن بعيدًا على أهل مكة تخوفهم من أن يسلم أهل الحبشة، ثم يقبلون بعد ذلك على مكة لغزوها ونشر الإسلام فيها. وقريش تعلم أنها ليس لها طاقة بحرب دولة الحبشة وجيش الحبشة وملك الحبشة، وليس ببعيد من أهل مكة ما حدث من أبرهة، وهو مجرد تابع لملك الحبشة على منطقة اليمن.
4- الخوف من انتشار المد الإسلامي خارج مكة بصفة عامة: كانت قريش على يقين أن دعوة المسلمين مقنعة ودينهم فيِّم وقرآنهم معجز، ولو تركت لهم حرية الدعوة فلا شك أن عموم الناس من أصحاب الفطر السليمة سيدخلون في هذا الدين، إذن فليُمنع المسلمون من السفر، ولتُحدد إقامتهم في أرض مكة.
ثانيًا: استخدام أساليب التعذيب المتنوعة: كانت الوسيلة الثانية التي استخدمها مشركو مكة لمجابهة الدعوة في هذه الفترة هي التعذيب الشديد من جديد، وهي وسيلة العاجز، وسيلة الضعيف، وسيلة المهزوم الذي لا يجد حيلة، وكانت الانتكاسة البشعة في الإنسانية، فقد انقلبوا على كل من بقي من المسلمين في أرض مكة يعذبونهم، ولم يستطع حمزة وعمر -ما- كأفراد أن يقوموا بحماية المؤمنين من هذه الحرب القرشية المنظمة. فأذن () للمسلمين في الخروج مجددا إلى أرض الحبشة فهي المنفذ الوحيد والمخرج بعد الله -من بلاء قريش- لما يتميز به ملكها “النجاشي” من عدل ورحمة وحسن ضيافة، وقد وجده المسلمون كما قال النبي ():”لا يظلم عند أحد).. الهجرة الثانية للحبشة: قرر المسلمون الهجرة مرة ثانية، ولكن الهجرة في هذه المرة كانت أشد وأصعب من سابقتها، حيث تيقظت قريش لها، وقررت إحباطها، لكن المسلمين كانوا قد أحسنوا التخطيط والتدبير لها، ويسر الله لهم السفر، فانحازوا إلى “نجاشي” الحبشة قبل أن تدركهم قريش، وفي هذه المرة هاجر من الرجال ثلاثة وثمانون رجلاً، وثماني عشرة امرأة.محاولة المشركين لاسترداد المسلمين من الحبشة بعد الهجرة الثانية: لما رأت قريش أن أصحاب “محمد”() قد أمنوا واستقروا بأرض الحبشة، ساءهم ذلك فائتمروا بينهم أن يرسلوا وفداً لـ”النجاشي”؛ لإحضار من عنده من المسلمين إلى مكة، بعد أن يوقعوا بينهم وبين ملك الحبشة، ولكن خابت مساعيهم ورد الله كيدهم ووفق الله “جعفر بن أبي طالب” لحسن الرد عليهم، وأسفرت هذه المحاولة عن إسلام “النجاشي” (وإن أخفى إسلامه) وتأمين المسلمين عنده.فقال عثمان: ” يا رسول الله فهجرتنا الأولى وهذه الاخرة إلى النجاشي ولست معنا”. فقال رسول الله: ” أنتم مهاجرون إلى الله جعفر بن أبي طالب]]. فأقام المهاجرون بالحبشة متجرا لقريش يتجرون فيها ويجدون فيها رزقا وأمنا حسنا.
فوائد الهجرة الثانية للحبشة
1.ازداد عدد المسلمين وانتشر خبرهم.
2. كانت أرض الحبشة التي أمنوا فيها على أنفسهم ودينهم منطلقاً للدعوة الإسلامية وملاذاً لكل مضطهد وطريد من المسلمين.
الهجرة إلى المدينة المنورة
في السيرة بعد هجرة الحبشة إلى الهجرة للمدينة
تتميز أحداث هذه الفترة بالوقائع البارزة التالية:
1- مات أبو طالب عم الرسول في السنة العاشرة من البعثة، وكان في حياته شديد الدفاع عن ابن أخيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت قريش لا تستطيع أن تنال النبي بأذى في نفسه طيلة حياة أبي طالب احتراما له وهيبة، فلما مات أبو طالب جرؤت قريش على تشديد الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك كانت وفاته مبعث حزن عميق للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد حرص النبي أن يقول أبو طالب كلمة الإسلام وهو على فراش الموت، فأبى خشية أن يلحقه العار من قومه.
2- ماتت خديجة رضي الله عنها في تلك السنة نفسها، وقد كانت خديجة تخفف عن الرسول همومه وأحزانه لما يلقاه من عداء قريش، فلما ماتت حزن عليها حزنا شديدا، وسمي ذلك العام الذي مات فيه عمه أبو طالب وزوجه خديجة «عام الحزن».
3- ولما اشتد على الرسول كيد قريش وأذاها بعد وفاة عمه وزوجه، توجه إلى الطائف لعله يجد في ثقيف حسن الإصغاء لدعوته والانتصار لها، ولكنهم ردوه ردا غير جميل، وأغروا به صبيانهم فقذفوه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه الطاهرتين، ثم التجأ إلى بستان من بساتين الطائف، وتوجه إلى الله بهذا الدعاء الخاشع: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أو إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو تحل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك».
4- عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف دون أن تستجيب ثقيف لدعوته، اللهم إلا ما كان من إسلام «عدَّاس» غلام عتبة وشيبة ابني ربيعة، وكان غلاما نصرانيا، طلب منه سيداه أن يقدم قطفا من العنب إلى الرسول وهو في البستان لما رأيا من إعيائه وتهجم ثقيف عليه، فلما قدم عدَّاس العنب للرسول صلى الله عليه وسلم أخذ الرسول يبدأ في أكله قائلا: بسم الله، فلفت ذلك نظر عداس، إذ لا يوجد في القوم من يقول مثل هذا. وبعد حديث بين عداس والنبي أسلم عدَّاس.
5- وقعت معجزة الإسراء والمعراج وقد اختلف في تاريخ وقوعها، والمؤكد أنها وقعت قبل الهجرة في السنة العاشرة من بعثته أو بعدها، والصحيح الذي عليه جماهير العلماء أنهما وقعا في ليلة واحدة يقظة بالجسد والروح، أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماوات العلى، ثم عاد إلى بيته في مكة تلك الليلة، وأخبر قريشا بأمر المعجزة، فهزئت وسخرت، وصدقه أبو بكر وأقوياء الإيمان.
6- وفي هذه الليلة فرضت الصلوات خمسا على كل مسلم بالغ عاقل.
7- وفي أثناء مرور الرسول صلى الله عليه وسلم على القبائل في موسم الحج -كعادته في كل عام- لدعوتهم إلى الإسلام وترك عبادة الأوثان، وبينما هو عند العقبة التي ترمى عندها الجمار، لقي رهطا من الأوس والخزرج، فدعاهم إلى الإسلام، فأسلموا، وكان عددهم سبعة، ثم عادوا إلى المدينة، فذكروا لقومهم لقياهم النبي صلى الله عليه وسلم، وما دانوا به من الإسلام.
8- وفي العام التالي لاثنتي عشرة سنة من البعثة وافى موسم الحج اثنا عشر رجلا من الأنصار، فاجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبايعوه، فلما عادوا أرسل معهم مصعب بن عمير إلى المدينة ليقرئ المسلمين فيها القرآن، ويعلمهم الإسلام، فانتشر الإسلام في المدينة انتشارا كبيرا.
9- وفي العام الذي يليه حضر من الأنصار جماعة في موسم الحج فاجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم مستخفين، وكانوا سبعين رجلا وامرأتين، وبايعوه على النصرة والتأييد، وعلى أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، وعادوا إلى المدينة بعد أن اختار منهم اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم.
منذ الهجرة حتى استقرار النبي في المدينة
1- علمت قريش بإسلام فريق من أهل يثرب، فاشتد أذاها للمؤمنين بمكة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، فهاجروا مستخفين، إلا عمر رضي الله عنه، فإنه أعلم مشركي قريش بهجرته [التحرير أن عمر رضي الله عنه هاجر سرا كسائر الصحابة]، وقال لهم: من أراد أن تثكله أمه فليلحق بي غدا ببطن هذا الوادي، فلم يخرج له أحد.
2- ولما أيقنت قريش أن المسلمين قد أصبحوا في المدينة في عزة ومنعة، عقدت مؤتمرا في دار الندوة للتفكير في القضاء على الرسول نفسه، فقرَّ رأيهم على أن يتخيروا من كل قبيلة منهم فتى جلدا، فيقتلوه جميعا، فيتفرق دمه في القبائل، ولا يقدر بنو مناف على حربهم جميعا، فيرضوا بالدية، وهكذا اجتمع الفتيان الموكلون بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم على بابه ليلة الهجرة ينتظرون خروجه ليقتلوه.
3- لم ينم الرسول صلى الله عليه وسلم تلك الليلة على فراشه، وإنما طلب من علي رضي الله عنه أن ينام مكانه، وأمره إذا أصبح أن يرد الودائع التي كان أودعها كفار قريش عنده إلى أصحابها، وغادر الرسول صلى الله عليه وسلم بيته دون أن يشاهده الموكلون بقتله، وذهب إلى بيت أبي بكر، وكان قد هيأ من قبل راحلتين له وللرسول صلى الله عليه وسلم، فعزما على الخروج، واستأجر أبو بكر عبد الله بن أريقط الدِّيلي وكان مشركا ليدلهما على طريق المدينة، على أن يتجنب الطريق المعروفة إلى طريق أخرى لا يهتدي إليها كفار قريش.
4- خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر يوم الخميس أول يوم من ربيع الأول لسنة ثلاث وخمسين من مولده عليه الصلاة والسلام، ولم يعلم بأمر هجرته إلا علي رضي الله عنه وآل أبي بكر رضي الله عنه، وعملت عائشة وأسماء بنتا أبي بكر في تهيئة الزاد لهما، وقطعت أسماء قطعة من نطاقها – وهو ما يشد به الوسط- فربطت به على فم الجراب – وعاء الطعام- فسميت لذلك: ذات النطاقين، واتجها مع دليلهما عن طريق اليمن حتى وصلا إلى «غار ثور»، فكمنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف «حاذق» لقن «سريع الفهم»، فيخرج من عندهما بالسَحَر، ويصبح مع قريش بمكة كأنه كان نائما فيها، فلا يسمع من قريش أمرا يبيتونه لهما إلا وعاه حتى يأتيهما في المساء بخبره.
5- قامت قيامة قريش لنجاة الرسول صلى الله عليه وسلم من القتل، وخرجوا يطلبونه من طريق مكة المعتاد، فلم يجدوه واتجهوا إلى طريق اليمن، ووقفوا عند فم «غار ثور» يقول بعضهم: لعله وصاحبه في هذا الغار. فيجيبه الآخرون: ألا ترى إلى فم الغار كيف تنسج عليه العنكبوت خيوطها، وكيف تعشعش فيه الطيور، مما يدل على أنه لم يخل هذا الغار أحد منذ أمد، وأبو بكر رضي الله عنه يرى أقدامهم وهم واقفون على فم الغار، فيرتعد خوفا على حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول له: والله يا رسول الله، لو نظر أحدهم إلى موطئ قدمه لرآنا، فيطمئنه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟».
6- أرسلت قريش في القبائل تطمع كل من عثر على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه، أو قتله، أو أسره، في دفع مبلغ ضخم من المال يغري الطامعين، فانتدب لذلك سراقة بن جعشم ، وأخذ على نفسه أن يتفقدهما ليظفر وحده بالجائزة.
7- بعد أن انقطع طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، خرجا من الغار مع دليلهما وأخذا طريق الساحل «ساحل البحر الأحمر» وقطعا مسافة بعيدة أدركهما من بعدها سراقة، فلما اقترب منهما، ساخت قوائم فرسه في الرمل فلم تقدر على السير، وحاول ثلاث مرات أن يحملها على السير جهة الرسول صلى الله عليه وسلم، عندئذ أيقن أنه أمام رسول كريم، فطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعده بشيء إن نصره، فوعده بسواري كسرى يلبسهما، ثم عاد سراقة إلى مكة فتظاهر بأنه لم يعثر على أحد.
8- وصل الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه المدينة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول وبعد أن طال انتظار أصحابه له، يخرجون كل صباح إلى مشارف المدينة، فلا يرجعون إلا حين تحمى الشمس وقت الظهيرة، فلما رأوه فرحوا به فرحا عظيما، وأخذت الولائد ينشدن بالدفوف:
طلع البدر عـلـيـنـا من ثـنـيـات الـوداع
وجب الشـكر عـلـيـنا مـا دعــا لله داع
أيها المبعوث فـيـنـا جئـت بالأمر المـطاع
9- كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في طريقه إلى المدينة قد وصل إلى «قباء» وهي قرية جنوب المدينة على بعد ميلين منها، فأسس فيها أول مسجد بني في الإسلام، وأقام فيها أربعة أيام، ثم سار صباح الجمعة إلى المدينة، فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف، فبنى مسجدا هناك وأقام أول جمعة في الإسلام، وأول خطبة خطبها في الإسلام، ثم سار إلى المدينة، فلما وصلها كان أول عمل عمله بعد وصوله أن اختار المكان الذي بركت فيه ناقته ليكون مسجدا له، وكان المكان لغلامين يتيمين من الأنصار، فساومهما على ثمنه، فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى إلا أن يبتاعه منهما بعشرة دنانير ذهبا أداها من مال أبي بكر، ثم ندب المسلمين للاشتراك في بناء المسجد، فأسرعوا إلى ذلك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللَّبِن [الطوب]، حتى تم بناء المسجد جدرانه من لَبِن، وسقفه من جريد النخل مقاما على الجذوع.
10- ثم كان أن آخى المهاجرين والأنصار، فجعل لكل أنصاري أخا من المهاجرين، فكان الأنصاري يذهب بأخيه المهاجر إلى بيته، فيعرض عليه أن يقتسم معه كل شيء في بيته.
11- ثم كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه اليهود، وأقرهم على دينهم وأموالهم، وقد ذكر ابن هشام هذا الكتاب بطوله في سيرته، وهو يتضمن المبادئ التي قامت عليها أول دولة في الإسلام، وفيها من الإنسانية والعدالة الاجتماعية والتسامح الديني والتعاون على مصلحة المجتمع ما يجدر بكل طالب أن يرجع إليه ويتفهمه ويحفظ مبادئه.
ونحن نذكر المبادئ العامة التي تضمنتها هذه الوثيقة التاريخية الخالدة:
- وحدة الأمة المسلمة من غير تفرقة بينها.
- تساوي أبناء الأمة في الحقوق والكرامة.
- تكاتف الأمة دون الظلم والإثم والعدوان.
- اشتراك الأمة في تقرير العلاقات مع أعدائها لا يسالم مؤمن دون مؤمن.
- تأسيس المجتمع على أحدث النظم وأهداها وأقومها.
- مكافحة الخارجين على الدولة ونظامها العام، ووجوب الامتناع عن نصرتهم.
- حماية من أراد العيش مع المسلمين مسالما متعاونا، والامتناع عن ظلمهم والبغي عليهم.
- لغير المسلمين دينهم وأموالهم، لا يجبرون على دين المسلمين ولا تؤخذ منهم أموالهم.
- على غير المسلمين أن يسهموا في نفقات الدولة كما يسهم المسلمون.
- على غير المسلمين أن يتعاونوا معهم لدرء الخطر عن كيان الدولة ضد أي عدوان.
- وعليهم أن يشتركوا في نفقات القتال ما دامت الدولة في حالة حرب.
- على الدولة أن تنصر من يظلم منهم، كما تنصر كل مسلم يعتدى عليه.
- على المسلمين وغيرهم أن يمتنعوا عن حماية أعداء الدولة ومن يناصرهم.
- إذا كانت مصلحة الأمة في الصلح، وجب على جميع أبنائها مسلمين وغير مسلمين أن يقبلوا بالصلح.
- لا يؤاخذ إنسان بذنب غيره، ولا يجني جان إلا على نفسه وأهله.
- حرية الانتقال داخل الدولة وخارجها مصونة بحماية الدولة.
- لا حماية لآثم ولا لظالم.
- المجتمع يقوم على أساس التعاون على البر والتقوى، لا على الإثم والعدوان.
هذه المبادئ تحميها قوتان:
• قوة معنوية، وهي: إيمان الشعب بالله ومراقبته له، ورعاية الله لمن [عاهد] ووفى.
• وقوة مادية، وهي رئاسة الدولة التي يمثلها محمد صلى الله عليه وسلم.