المنهج التجريبي فى البحث العلمى

أ / محمود الفرماوى


مفهومه :

    للمنهج التجريبي أثر واضح في تقدم العلوم الطبيعية والذي يستطيع الباحث بواسطته أن يعرف أثر السبب ( المتغير المستقل ) على النتيجة        ( المتغير التابع ).
    وعلى الرغم من النتائج الإيجابية التي أحرزها علماء السلوك من تطبيقهم للمنهج التجريبي إلا أن هنالك عقبات كثيرة لا تزال تقلل من أثره في تقدم العلوم السلوكية ، ومن أهم هذه العقبات على الإطلاق  تعقد الظاهرة الإنسانية وصعوبة ضبط المتغيرات ذات الأثر عليها مما يزيد بالتالي في صعوبة قياس اثر السبب على النتيجة ، لذا لجأ علماء المنهجية للبحث عن منهج أكثر ملائمة للظاهرة الإنسانية فطبقوا المنهج الحقلي والذي يتطلب من  الباحث معايشة الظاهرة المدروسة ، لكن بالرغم من أن المنهج الحقلي يتميز بشمولية النظرة للمتغيرات ذات الأثر ، إلا أنه لا يصلح ليكون بديلاً عن المنهج التجريبي وذلك لعدم توافر ضبط المتغيرات من جانب ، ولأنه يعني بالحاضر ودراسة الوقائع فقط دون محاولة لدراسة المستقبل  وماذا يؤول إليه الأمر من جانب آخر .

 

تعريف البحث التجريبي :


تغير متعمد ومضبوط للشروط المحددة للواقعة أو الظاهرة التي تكون موضوع للدراسة ، وملاحظة ما ينتج عن هذا التغير من آثار في هذا الواقع والظاهرة ، أو
ملاحظة تتم تحت ظروف مضبوطة لإثبات الفروض ومعرفة العلاقة السببية ، ويقصد بالظروف المضبوطة إدخال المتغير التجريبي إلى الواقع وضبط تأثير المتغيرات الأخرى ..

وبعبارة أخرى يمكن تعريفه على النحو التالي :
استخدام التجربة في إثبات الفروض ، أو إثبات الفروض عن طريق التجريب .

المصطلحات المتعلقة بالعوامل المؤثرة :


     تتأثر كل ظاهرة بالعديد من العوامل المؤثرة ، وعلى سبيل المثال حوادث السيارات تتأثر حوادث السيارات بعوامل مثل السرعة ومهارة السائق ونوعية الطرق وصلاحية السيارة والأحوال الجوية وكل عامل من هذه العوامل يؤثر بدرجة معينة على الحوادث فلو أردنا معرفة أثر مهارة السائق فإن ذلك يتطلب أن نبعد أثر العوامل الأخرى
    العوامل المؤثرة : هي جميع العوامل التي تؤثر على الموقف .
     العامل المستقل  ( العامل أو المتغير التجريبي ) : هو العامل الذي نريد أن نقيس مدى تأثيره على الموقف
    العامل التابع ( العامل أو المتغير الناتج ) : هو العامل الذي ينتج عن تأثير العامل المستقل .
     ضبط العوامل : إبعاد أثر جميع العوامل الأخرى عدا العامل التجريبي بحيث يتمكن الباحث من الربط بين العامل التجريبي وبين العامل التابع أو الناتج .

المصطلحات المتعلقة بمجموعة الدراسة :

 

     المجموعة التجريبية :

هي المجموعة التي تتعرض للمتغير التجريبي ( المستقل ) لمعرفة تأثير هذا المتغير عليها .

     المجموعة الضابطة :

وهي التي لا تتعرض للمتغير التجريبي ، وتكون تحت ظروف عادية ، وفائدة هذه المجموعة للباحث أن الفروق بين المجموعتين التجريبية والضابطة ناتجة  عن المتغير التجريبي التي تعرضت له المجموعة التجريبية وهي أساس الحكم ومعرفة النتيجة .

ضبط المتغيرات :



     يتأثر العامل التابع بعوامل متعددة غير العامل التجريبي ولذلك لا بد من ضبط هذه العوامل وإتاحة المجال للمتغير التجريبي وحده بالتأثير على المتغير التابع ، ويتأثر المتغير التابع بخصائص الأفراد الذي تجرى عليهم التجربة لذا يفترض أن يجري الباحث تجربته على مجموعتين متكافئتين بحيث لا يكون هنالك أية فروق بين المجموعة الضابطة والمجموعة التجريبية إلا دخول المتغير التجريبي ، كما أن المتغير التابع يتأثر بإجراءات التجربة لذا فمن المفروض أن يميل الباحث إلى ضبط هذه الإجراءات بحيث لا تؤدي إلى تأثير سلبي أو إيجابي على النتيجة ، كما أن المتغير التابع يتأثر بالظروف الخارجية مثل درجة الحرارة والتهوية والإضاءة …الخ ولذلك لا بد من ضبط هذه المتغيرات  بغية تحقيق الأهداف التالية :

‌أ.     عزل المتغيرات

    فالباحث أحياناً يقوم بدراسة أثر متغير ما على سلوك الإنسان ، وهذا السلوك يتأثر أيضاً بمتغيرات وعوامل أخرى ، وفي مثل هذه الحالة لا بد من عزل العوامل الأخرى وإبعادها عن التجربة .

‌ب.     تثبيت المتغيرات

    إن استخدام المجموعات المتكافئة يعني أن الباحث قام بتثبيت جميع التغيرات المؤثرة ، لأن المجموعة التجريبية تماثل المجموعة الضابطة وما يؤثر على إحدى المجموعتين يؤثر على الأخرى ، فإذا أضاف الباحث المتغير التجريبي فهذا يميز المجموعة التجريبية فقط .

‌ج.     التحكم في مقدار المتغير التجريبي

    يستخدم الباحث هذا الأسلوب من الضبط عن طريق تقديم كمية أو مقدار معين من المتغير التجريبي ، ثم يزيد من هذا المقدار أو ينقص منه لمعرفة أثر الزيادة أو النقص على المتغير التابع .

 

أنواع التجارب :


تتنوع التجارب حسب طريقة إجرائها ، وفي ما يلي توضيح لهذه الأنواع:

 

1.     التجارب المعملية وغير المعملية :

 


    التجارب المعملية هي التي تتم داخل المختبر أو المعمل في ظروف صناعية خاصة تصمم لأغراض التجارب ، ويتميز هذا النوع من التجارب بالدقة وسهولة إعادة إجراء التجربة أكثر من مرة للتأكد من صحة النتائج .
     أما التجارب غير المعملية فتتم في ظروف طبيعية خارج المختبر ، وغالباً ما تجرى على الأفراد ومجموعات من الناس حيث يصعب إدخالهم المختبر ، ونظراً لكونها تتم في ظروف طبيعية فهي أكثر صعوبة وأقل دقة .

 

2.    تجارب تجرى على مجموعة واحدة وتجارب تجرى على أكثر من مجموعة .


     حيث تجرى على مجموعة واحدة من الأفراد لمعرفة أثر عامل مستقل معين عليها ، وتدرس حالة الجماعة قبل وبعد تعرضها لتأثير هذا العامل المستقل أو التجريبي عليها ، فيكون الفرق في الجماعة قبل وبعد تأثرها بالعامل التجريبي ناتجاً عن هذا العامل .

 

3.     تجارب قصيرة وتجارب طويلة


     قد تكون التجارب طويلة تحتاج لوقت طويل كأن تّدرس تأثير التقلبات الجوية على مادة معينة ، أو أثر خضوع الوالدين لبرامج التوجيه التربوي على تعديل سلوك ابنائهم المراهقين ، ومثل هذه التجارب تتطلب وقتاً طويلاً يتحدد بالفترة اللازمة لمرور التقلبات الجوية أو الفترة اللازمة لبرامج التوجيه التربوي .
     وقد تتم التجارب في فترة زمنية قصيرة كأن يّدرس أثر فيلم سينمائي معين على السلوك العدواني للأطفال ، حيث يمكن تصميم تجربة في فترة زمنية قصيرة .

 

أنواع التصميمات التجريبية

 

 

1.    أسلوب المجموعة الواحدة:


     يستخدم هذا الأسلوب مجموعة واحدة فقط ، تتعّرض لاختبار قبلي لمعرفة حالتها قبل إدخال المتغير التجريبي ، ثم نعّرضها للمتغير ونقوم بعد ذلك بإجراء اختبار بعدي ، فيكون الفرق في نتائج المجموعة على الاختبارين القبلي والبعدي ناتجاً عن تأثرها بالمتغير التجريبي .

 

2.     أسلوب المجموعات المتكافئة:


    أي استخدام أكثر من مجموعة ، ندخل العامل التجريبي على المجموعة التجريبية وتترك الأخرى في ظروفها الطبيعية ، وبذلك يكون الفرق ناتجاً عن تأثر المجموعة التجريبية بالعامل التجريبي ، ويشترط أن تكون المجموعات متكافئة تماماً .

 

3.     أسلوب تدوير المجموعات:

 


    حين يريد الباحث أن يقارن بين أسلوبين في العمل أو بين تأثير متغيرين مستقلين فإنه يميل إلى استخدام أسلوب تدوير المجموعات ، ويقصد بهذا الأسلوب أن يعمل الباحث على إعداد مجموعتين متكافئتين ويعرض الأولى للمتغير التجريبي الأول والثانية للمتغير التجريبي الثاني ، وبعد فترة يخضع الأولى للمتغير التجريبي الثاني ويخضع المجموعة الثانية للمتغير التجريبي الأول ، ثم يقارن بين أثر المتغير الأول على المجموعتين وأثر المتغير الثاني على المجموعتين كذلك ، ويحسب الفرق بين أثر المتغيرين .

 

 متى وكيف يطبق المنهج التجريبي :


    يتم تطبيقه عندما يكون الهدف من البحث التنبؤ بالمستقبل حول أي تغيير إصلاحي يجب تطبيقه على الظاهرة المدروسة سواء كان تغييراً وقائياً أو تغييراً علاجياً، وتختلف خطوات تطبيق المنهج التجريبي باختلاف تصميمه ،

ويمكن تصميم البحث عبر عدة خطوات هي :


1.      تحديد مجتمع البحث ومن ثم اختيار عينة منه بشكل عشوائي تتفق في المتغيرات الخارجية المراد ضبطها .
2.     اختبار عينة البحث اختباراً قبلياً في موضوع البحث .
3.     تقسيم عينة البحث تقسيماً عشوائياً ‘إلى مجموعتين .
4.     اختيار إحدى المجموعات عشوائياً لتكون المجموعة الضابطة والأخرى المجموعة التجريبية .
5.     تطبيق المتغير المستقل على المجموعة التجريبية وحجبه عن  المجموعة الضابطة .
6.     اختبار عينة البحث في موضوع التجربة اختباراً بعدياً .
7.    تحليل المعلومات وذلك بمقارنة نتائج الاختبارين قبل وبعد .
8.     تفسير المعلومات في ضوء أسئلة البحث أو فروضه .
9.     تلخيص البحث وعرض أهم النتائج التي توصل إليها الباحث وما يوصي به من توصيات .

 

مميزات المنهج التجريبي :


1.    بواسطة هذا المنهج يمكن الجزم بمعرفة أثر السبب على النتيجة لا عن طريق الاستنتاج كما هو بالبحث السببي المقارن .
2.     هو المنهج الوحيد الذي يتم فيه ضبط المتغيرات الخارجية ذات الأثر على المتغير التابع .
3.     أن تعدد تصميمات هذا المنهج جعله مرن يمكن تكيفه إلى حد كبير إلى حالات كثيرة ومتنوعة .

 

عيوب المنهج التجريبي :


1.    يجرى التجريب في العادة على عينة محدودة من الأفراد وبذلك يصعب تعميم نتائج التجربة إلا إذا كانت العينة ممثلة للمجتمع الأصلي تمثيلاً دقيقاً .
2.    التجربة لا تزود الباحث بمعلومات جديدة إنما يثبت بواسطتها معلومات معينة ويتأكد من علاقات معينة .
3.     دقة النتائج تعتمد على الأدوات التي يستخدمها الباحث
4.     كذلك تتأثر دقة النتائج بمقدار دقة ضبط الباحث للعوامل المؤثرة علماً بصعوبة ضبط العوامل المؤثرة خاصة في مجال الدراسات الإنسانية .
5.     تتم التجارب في معظمها في ظروف صناعية بعيدة عن الظروف الطبيعية ولا شك أن الأفراد الذين يشعرون بأنهم يخضعون للتجربة قد يميلون إلى تعديل بعض استجاباتهم لهذه التجربة .
6.    يواجه استخدام التجريب في دراسة الظواهر الإنسانية صعوبات أخلاقية وفنية وإدارية متعددة .
7.     إن شيوع واستخدام أسلوب تحليل النظم وانتشار مفهوم النظرة النظامية وجهت اهتمام الباحثين إلى أن العوامل والمتغيرات لا تؤثر على الظاهرة على انفراد بل تتفاعل هذه العوامل والمتغيرات وتترابط في علاقات شبكية بحيث يصعب عزل أثر عامل معين على انفراد .

 

 

 

المصدر: المراجع 1) د/ديو بولد ب فان دالين : مناهج البحث في التربية وعلم النفس 1985 م – مكتبة الانجلو المصرية – القاهرة د/ ذوقان عبيدات – د/ عبد الرحمن عدس – د/ كايد عبد الحق : البحث العلمي مفهومه ، أدواته ، قياسه - دار محدولاي للنشر والتوزيع – عمان ل.ر.جاى تعريب د/ جابر عبد الحميد جابر : البحث التربوي 1993 م - دار النهضة العربية - القاهرة د/ صالح بن حمد العساف : المدخل إلى البحث في العلوم السلوكية الطبعة الأولى 1416 هـ / 1995م – مكتبة العبيكان – الرياض د/جابر عبد الحميد جابر،د/أحمد خيري كاظم:مناهج البحث في التربية وعلم النفس -1973م – دار النهضة لعربية – القاهرة 2) د/ فؤاد أبو حطب و د/ آمال صادق : مناهج البحث وطرق التحليل الإحصائي في العلوم النفسية والتربوية والاجتماعية - 1990م – مكتبة الأنجلو المصرية - القاهرة
elfaramawy

محمود الفرماوى

ساحة النقاش

mahmoud elfaramawy

elfaramawy
أ / محمود الفرماوى 1- بكالوريوس تكنولوجيا التعليم كلية التربية النوعية جامعة عين شمس 2009م 2- ماجستير تكنولوجيا التعليم بكلية التربية جامعة العريش 3- باحث دكتوراة تكنولوجيا التعليم بكلية التربية جامعة العريش »

عدد زيارات الموقع

1,543,473

تسجيل الدخول

ابحث