حامد الأطير

جريدة شباب مصر 17/11/2014
إن انتشار الفكر الديني المتطرف واستشرائه كالنار في الهشيم وتغلغل الجماعات الدينية منحرفة العقيدة وسط الشعب المصري خاصة بين الشباب البسطاء والفقراء للاستحواذ على فكرهم وعقولهم لتكوين كتائب وميليشيات مسلحة داعمة لنهجها الفاشي وأهدافها السلطوية وكذا غياب القيم وانتشار الفساد والعنف والبلطجة والتطاول على الوطن ومحاربته ودهس القانون وانحطاط الذوق المصري في الفن ، خاصة السينما والمسرح والغناء ، ذلك كله يؤكد الفشل الذريع لمراكز التنوير المجتمعية المتمثلة في الإعلام ووزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة ، رغم أنها مؤسسات لصنع الرأي والتأثير في العقل والوجدان والمنوط بها شرح وتوصيل الأهداف الاستراتيجية وخطط الدولة للشعب وتعبئته وإقناعه بها ليعمل جاهداً على تنفيذها وهو متيقن أنها لصالحه ، لكن وللأسف فإن تلك المؤسسات باءت بالفشل ولم تحقق أياً من المرجو أو المطلوب منها وتحولت إلى قلاع وحصون للجهل والضحالة وملجأ وملاذ لأصحاب الحظوة وصارت مستعمرات تأوي آلاف مؤلفة من الموظفين العاطلين تنهب من أموال الشعب وتكلفه ما لا يطيق ، دون فائدة تعود عليه ، وهي كباقي المؤسسات الحكومية تدار بمفهوم الوسية أو التكية والذي بموجبه يقاتل الكل من أجل التربح والتكسب ونهب المال المباح فاقد الرقابة والحماية ، وسأتناول اليوم الحديث عن الإعلام.
أداء المؤسسة الإعلامية المصرية الرسمية بأضلاعها الثلاثة ، الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب يدعو للحسرة والأسى ، فبعد أن كانت تلك المؤسسة إحدى مكونات قوة مصر الناعمة وإحدى أدواتها عظيمة الأثر و شديدة التأثير في وجدان وعقل محيطنا العربي والأفريقي والإسلامي ، أصبحت مؤسسة خرساء لا تُسمع أحد ، رغم ميزانيتها الضخمة وديونها الأضخم ورغم الجيش الجرار من العاملين ، فعلى سبيل المثال العاملون باتحاد الإذاعة يصل عددهم إلى 43 ألف فى مختلف التخصصات ، ومديونية الاتحاد بلغت 20 مليار جنيه ويضم عدد كبير من القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية المحلية والفضائية والإقليمية والمتخصصة ، ورغم كل ذلك ألا أن مصر لا يوجد لها قناة تليفزيونية إخبارية أو محطة إذاعية ذات أسم ووزن وشهرة لتخاطب العالم الخارجي وتنقل له وتقنعه بوجهة نظرنا وتشرح سياستنا.
و الإعلام المكتوب لا يفرق في خيبته وفشله كثيراً عن الإعلام المرئي رغم أنه يشتمل على عدد من الصحف والمجلات والإصدارات الدورية المسماه بالصحف القومية أو بالأحرى الصحف الحكومية ، وتصدر عن عدد من المؤسسات الصحفية هي مؤسسة الأهرام ومؤسسة أخبار اليوم ومؤسسة دار التحرير و مؤسسة دار المعارف ورغم أن تلك المؤسسات الصحفية تعج بأسراب من البشر ولها ميزانيات مفتوحة ومديونيتها بلغت ما بين 10 إلى 12 مليار جنيه إلا أنها مؤسسات عاجزة لا تؤثر في أحد .
إن الإعلام المصري المرئي والمسموع والمكتوب أحد التكايا الفاسدة الكثيرة المنتشرة في ربوع مصر والتي تستنزف موارد الشعب وتستولي على أمواله وهو إعلام عقيم بليد ضحل مُقلد سمته الرئيسية السطحية والتفاهة ، يخاطب الداخل ببلاهة وسذاجة مُفرطة أفقدته مصداقية وثقة المصريين وخسر مساحات كبيرة شغلتها وسائل إعلام المتطرفين ، وهو يخاطب الخارج بنفس البلاهة ، ولكي تدرك مصيبة هذا الإعلام عليك أن تقارنه بالجماعة الإرهابية التي تعاملت مع وسائل الإعلام في الخارج بحرفية شديدة وروجت لنفسها ولأفكارها الضالة وتفوقت على إعلام الدولة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 17 مشاهدة
نشرت فى 21 سبتمبر 2015 بواسطة elatiar

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

11,391