جريدة شباب مصر 26/6/2013
البعض أثناء حوارنا ..يقول أن الإخوان لا يحكمون البلاد ..و يؤكدون أن الحكومة و المحافظات ورئاسات المدن والهيئات الرقابية والسيادية والمناصب التنفيذية الأهم فى الدوله ..لا يتولاها إخوان ؟ ...و أن من كان فى موقعه أيام نظام مبارك ..فى الأغلب ظل كما هو بفكره وانتمائه وأسلوب عمله ..و التغيير الذى حدث طفيف جدا ..وليس فى مقدور رئيس الجمهوريه إحداث تغيير فيه إلا وفقا للقانون الذى تم إقراره من عشرات السنين ..ومع ذلك نطالب بإجراءات ثوريه عاجله تعجز أمام القانون غير الثورى ..ويتساءلون ..ماذا يفعل الرئيس مع هذا الفساد المتجذر حتى نحكم عليه بالنجاح والفشل ؟ثم ماذا قدمنا للرئيس حتى ينجح من اجلنا ؟ غير المظاهرات والإعتصامات والتخوين والسباب والتحريض ..دولاً ورجال أعمال ..وبشكل يومى متواصل ولسنه كاملة..الرئيس منتخب لم يحكم سيطرته بعد على أجهزة الدوله العميقة..ويتساءلون..هل نسينا أن قوة مبارك كان يستمدها من أمن الدوله التى فرضت سطوتها على كل مفاصل الدوله ..فكان أى مواطن مجرد رقم ..هل يمتلك مرسى تلك القوه التى حكم بها مبارك خارج إطار القانون؟هل لدى مرسى حبيب العدلى وصفوت الشريف وفتحى سرور وأنس الفقى وأحمد عز وزكريا عزمى وعمر سليمان ؟ وهل بعد الثوره سنسمح لأى رئيس بأن يفعل ذلك ؟ طبعا لا وألف لا !!! إذن لنعمل جميعا على إنجاح أول تجربه فى التاريخ المصرى ونصبر عليها وندعمها حبا فى مصر و إحتراما لقواعد تحكمنا لأن البديل الذى يلوح فى الأفق الآن هو عوده لما تحت الصفر سنحتاج لأعوام وأعوام للخروج منه .
ومع كامل التقدير والإحترام لكل ما ذكره هذا البعض ..فأنى أوضح أنه كان معلوم للكافة..العامة منهم قبل الخاصة ..حال مصر وظروفها بعد الثورة ..وما ينتظر رئيسها القادم من مسئوليات جسام ..لتحقيق آمال وطموحات الشعب المصري الثائر ..وكان من تسابقوا وتنافسوا على منصب الرئاسة على وعى وإدراك تام بهذا ..فلا حجة بجهل أمور البلاد أو بصعوبتها أو بحدوث مفاجآت ..فخريطة الدولة المصرية كانت واضحة للعيان ..وبات المصريين بأحلام عريضة ..وانتظروا ممن سيأتى رئيساً ..أن يغير من حال البلاد ..وأن يعمل على القضاء على مظاهر ومراكز الفساد ..وان يجد المعالجات الناجعة والشافية لكل الأمراض والأوبئة ..وأن يقوم بإصلاح المؤسسات التشريعية والتنفيذية ..وأن يستخدم الصلاحيات والسلطات الرئاسية لإنجاز ذلك ..وجاء مرسى وراقبه الناس وانتظروا ماذا سيفعل ؟ وللأسف لم يأتى بجديد ..ولم يجدوا ولو فروق بسيطة بين أمسهم الذى عاشوه فى ظل نظام ثاروا عليه ..وبين حاضرهم مع الرئيس الجديد الآتى بعد الثورة ..لقد كانت الناس متحمسة وعلى استعداد لمساندة كل خطوات الرئيس ..إذ ما كانت تصب فى صالحهم وتغير من واقعهم المؤلم ..لكن للأسف لا شئ من هذا قد تم ..واصبح واقعهم اشد إيلاماً..وظهر للجميع ضعف الرئيس والرئاسة ..مما شجع القوى الفاسدة التى اشتكى منها الشعب مُر الشكوى ..على التبجح و التحدى ..وتحولت من موقف الخائف المترقب الى موقف المهاجم الشرس ..ودار الصراع بين تلك القوى الفاسدة وبين الرئيس الضعيف ..والنتيجة كانت سيئة على هذا الشعب أيما سوء ..دون ذنب منه أو جريرة ..وتباطأت عجلة الإنتاج وشحت الإستثمارات الداخلية والخارجية ..وزاد الاقتراض الخارجى بفوائد عالية ..وتعطلت كثير من المصانع وعم البلاد الكساد والغلاء ..وعانى الشعب أشد المعاناة لتدبير احتياجاته الأساسية ..والتى كان يجدها بشكل أفضل وأيسر فى ظل النظام السابق رغم كل ما يقال عنه ..وانعكس ذلك على المزاج العام للمصريين ..فضاقت صدورهم وتأزمت نفوسهم بما يجرى لهم على يد الرئيس الكارثة ..وبمرور الوقت ارتعشت الرئاسة وترددت وتراجعت وتوددت بشكل أثبت فشلها وحزمها فى القيادة ..ولم يجد المصريين لدى رئيسهم وحزبه وجماعته أى خطة للنهوض بالبلاد ..غير خطة نهضتهم ..نهضتهم من النوم مبكراً للوثوب على الحكم ..واستغلال جهل الجهلاء والتغرير بالبسطاء باسم الدين حتى تحقق لهم ما خططوا له ..وقفزوا وجلسوا على كرسى الحكم ..ولم تكن هناك سياسات خلاقة ولا اجراءات أو قرارات مبدعة منقذة ومغيرة لأوضاع المصريين السيئة ..يزيد على هذا تصدر جماعة الإخوان ومرشدها والبارزين فيها المشهد ..وتواري الرئيس بحكم شخصيته الباهتة ..وبحكم سيطرة اباطرة الإخوان ..وتكرر ما كان ايام مبارك ..من تصدر بعض الشخصيات للمشهد كاملاً ..فكان المرشد وهو صاحب الكلمة العليا على الرئيس ..وخيرت الشاطر ..راسبوتين الإخوان والمحرك الأول للإحداث ..وآخرين مثل حسن مالك والعريان والبلتاجى وغيرهم ..وتصدت الكتائب الإعلامية الإخوانية لمعارضى الرئيس والجماعة ..واستخدمت سلاح قذر هو سلاح التكفير والتأثيم والمعصية ..مما جعلنا أمام مشهد مستنسخ حرفياً من العصور السابقة ..رئيس و جماعة وحزب مساند له فى كل أحواله ..يطبل له ويزغرد ..سواء كان موفق أو غير موفق ..لقد كان تصدر الإخوان للمشهد خطأ مريع وصادم للمصريين ..لأنه نفس المشهد الذى ثاروا عليه بالأمس القريب .
وإجمالا ودون النيل من أحد ..يجب أن نقر بأن الإخوان جماعة - شئنا أم ابينا - شديدة التنظيم ..وأعضائها شديدى الولاء لمرشدها ولتعاليمه ورؤيته ..ولا مجال فيها للمناقشة أو للحوار ..أى انها تحمل فى طياتها و بنيتها الأساسية كل سمات الديكتاتورية والتسلط ..وهى أشد تسلط من الحزب الوطنى غير المأسوف عليه ..لأن اعضاء هذا الحزب جمعتهم المصالح والمنافع .. ولم تجمعهم المبادئ ..وكان من السهل ..وبلا مبالغة تفريقهم وتشتيتهم بعطسة واحدة ..عكس جماعة الإخوان قوية البنيان ..والرئيس مرسى مع كامل التقدير له على المستوى الشخصى والإنسانى ..لا تتوفر فيه صفات القيادة بأى شكل من الأشكال ..وصلاحيته منتهية قبل أن يحكم ..وبناء عليه فمصر انتظرت بعد الثورة أملاً لم يأت ولم يتحقق..ولذا فمصر تخرج اليوم للبحث عن غدها الذى ترنو اليه وتتمناه.
ساحة النقاش