جريدة شباب مصر 1/6/2013
جاء حكم المحكمة الدستورية العليا بمنح حق التصويت لأفراد الجيش والشرطة بمثابة ضربة موجعة وقاصمة لكل الدجالين اللاعبين على الساحة المصرية..والذين يسيطرون على وجدان العامة والبسطاء باسم السياسة تارة وباسم الدين تارة أخرى .. الدجالون إرتعدوا من حكم المحكمة لإدراكهم النتائج المترتبة على هذا الحكم..ذلك أن أفراد الجيش والشرطة قوة تصويتية لا يُستهان بها .. قوة ستكون فاعلة ومرجحة فى أى إنتخابات قادمة ..ويحتج اصحاب الصراخ و العويل المعارضون لقرار الدستورية ..بقولهم أن ذلك سيؤثر فى نزاهة العملية الإنتخابية .. على إفتراض أن القيادات ستوجه الضباط والعساكر بالتصويت لصالح مرشح أو لصالح حزب معين ..نقول لهم إن هذا التوجيه لو تم حسب تخيلهم .. فسيكون توجيهاً معنوياً وغير ملزم لأحد.. وما اكثر التوجيهات والتأثيرات المعنوية القائمة والموجودة فى مصر.. منها مثلاً مانراه مع كل انتخابات من تأثير لرؤساء ومديرى وأصحاب المصانع والمصالح والمؤسسات على عمالهم وموظفيهم .. وتأثير من رؤساء العشائر والقبائل على افراد قبيلتهم أو عشيرتهم ..وتأثير من أرباب العائلات على أفرادها..كما يحدث فى الصعيد .. حين تصوت عائلات بأكملها لصالح مرشح أو حزب بعينه .. وتأثير من الأحزاب على أعضائها وعلى المتعاطفين والمؤيدين لتوجهاتها ..وتأثير من الجماعات الدينية على عامة الناس وبسطائهم..والتأثير بإغراءات وقوة الأموال التى تصرف ببذخ وسفه لشراء الأصوات .. وتأثير من البلطجية والإرهابيين المستأجرين من أحد المرشحين ليرهبوا الناس ليمتنعوا عن الخروج للإدلاء بأصواتهم لصالح الخصوم.. إذاً التأثيرات موجودة بالفعل بأشكال شتى ومتنوعة قبل هذا الحكم ..وبالتالى فإن حكم الدستورية بمنح الجيش والشرطة حق التصويت .. ليس هو السبب فى ظهور تلك التأثيرات المعنوية ..لأنها موجودة بالفعل قبل حكم الدستورية.. وعلينا ان تتذكر أن الشرطة كانت اكثر المؤثرين على سير العملية الإنتخابية ونتيجتها فى أحوال وأزمان وانتخابات كثيرة رغم أنها لم تكن تملك حق التصويت فيما سبق.. إذاً يكذب من يقول أن إبعاد الجيش والشرطة عن التصويت يضمن حياديتهم .. أو يضمن نزاهة العملية الإنتخابية .. ذلك أنهم سواء صوتوا أو لم يصوتوا لن يكونوا حياديين .. بحكم أنهم بشر..يؤثرون ويتأثرون..وبحكم أنهم مواطنون مصريون..يغوصون فى أعماق هذا الوطن ..ويعيشون حالاته وأحواله لحظة بلحظة ..ولا يعيشون فى كبسولة فضائية خارج الحدود بمنأى أو بمعزل عنا..ولأنهم وقبل كل شئ مواطنون مصريون لهم الحق فى التمتع بكل حقوقهم الدستورية ومنها حق التصويت والإختيار.. ولأنهم فيما سبق وحتى منتصف خمسينيات القرن الماضى كانوا يتمتعون بهذا الحق ..ولا عبرة أو حكمة من منعهم من ممارسة حقهم المشروع.. ولتتذكروا أن الدول الغربية التى نقلنا عنها وسائل وأدوات النظام الديمقراطى غالبيتها العظمى تعطى الحق لجنودها فى التصويت..فلما إذاً العويل ؟ ولماذا إذاً شق الجيوب ولطم الخدود..هذا الحكم هو مجرد هدف فى مباراة طويلة علنية ومستترة .. بين القضاء و مؤسسة الرئاسة والأخوان.. ولا تقلقوا فمازالت المباراة قائمة ومازال فيها بقية .. و بالتأكيد سيتم تسجيل مزيداً من الأهدف هنا أو هناك .
ساحة النقاش