وظنوا أنه وحيداً
بقلم / حامد الأطير
جريدة شباب مصر فبراير 2013
إعتذروا له بشدة حين لاحظوا أنه صمت وسرح بفكره بعيداً ، بينما كان كُلاً منهم يحكى و يقص مواقف إخوته وأخواته النبيلة الصادرة تجاههم ، وما فعله أخوتهم دعم و تماسك ووفاء وحب وتضحية..وانتبه لأسفهم ولكلماتهم المعتذرة .. وتبسم لهم ابتسامة خفيفة غير مفهومة .. وسألهم بصوت خفيض منكسر ولما إعتذاركم ؟ فرد أحدهم لأننا نتباهى أمامك بقصص ومواقف إخوتنا وأخواتنا ونحكى عن حبهم وعطفهم ونبلهم وتوقيرهم لنا ، ولم نلتفت الى أنك وحيد وليس لك أخوة من أبويك .. وزادوا فى أسفهم وشددوا على أنهم إخوته الذين لم تلدهم أمه ، وأكدوا على محبتهم وإعزازهم وإكبارهم له .. وكانت حيرته واضحة والإرتباك ظاهراً على محياه .. وسألهم بتردد .. وكيف عرفتم اننى وحيد بلا اخوة ؟.. اجابوه .. لأنك ومنذ عرفناك لم تخبرنا بأن لك أخوة .. كما لم نرى لك يوماً أخاً ،ولم يأت على لسانك ذكر لأحدهم .. فما كان منه إلا أن أخبرهم أنه سعيد بهم أيما سعادة وبقصص أخوتهم الأوفياء وأردف قائلاً أنتم بالفعل نعم الأخوة ونعم الأصدقاء ونعم العون ولو كان لي أشقاء فلن يكونوا فى عطفكم.. وأستاذن وأنصرف معتذراً .. وما لبث أن أوقف سيارته بطريق الكورنيش الهادئ وترجل منها .. و تعلق نظره بالسماء وصرخ باكياً فى الفضاء الساكن.. لماذا يا الله حرمتنى أخاً أو أختاً عطوف كأخوة أصدقائى وظل يردد بهستيريا .. لماذا يا الله لماذا يا الله لماذا يا الله .. لماذا ترزقنى ستة أخوة وأخوات قاسية قلوبهم ، ليس منهم من يعرف معنى الأخوة ولا حقها ولا يتذكر ما ضاع من عمري من أجلهم .. ظل يردد يا الله يا الله ليس لي إلاك ولست أرجو إلا أنت .. فأنت وأنت فقط الأحن على الوليد من أمه .. وجلس صامتاً دامعاً لساعة وهواء يناير البارد يلحف وجهه ويملأ رئتيه ويبرد صدره وما لبث أن أحس بالسكينة والهدوء وكأنه أخرج كل مشاعر الألم والأسى والحزن مع صرخاته وأناته .. وأنطلق بسيارته وأمتدت يده لتشغيل مسجل السيارة لتنطلق منه أغنية لطالما أحبها لوديع الصافى وهو يصدح بكلماتها .. دار يا دار يادار راحو فين حبايب الدار .. قولي
ساحة النقاش