مقدمه

           حقق الحاسب الآلي خلال هذا العصر تطورا عظيما في جميع مجالات الحياة ، وأصبح جزء مهم لا يمكننا الأستغناء عنه بأي حال من الأحوال ، فهو بطريقة او بأخرى متواجد في كل مكان تقريبا .

فقد كان من ابرز مجالات تطور الحاسب الآلي ، والتي اثرت في كثير من الناس هو مايسمى بالواقع الافتراضي  .

 ومن خلال معرفه ما يعنيه مصطلح الواقع بالأساس يمكننا الوصول بسهوله الى تعريف الواقع الأفتراضي والدخول الي أعماق هذا العالم الجديد .

فالواقع هو المحيط الذي به يمكن التحقق التجريبي و المعاش للأشياء والظواهر التي تستحضرها الذات الواعية من خلال عملية الاحتكاك الواقعي والملموس بالاشياء والمواضيع والظواهر في أبعادها وتحققاتها القابلة للإدراك.

             وما الواقع الافتراضي Virtual Reality ويطلق عليه اختصاراً VR إلا عمل محاكاة للواقع الحقيقي الذي يعيشه الأنسان  Simulation بطريقة  تعمل على  أنغماس المستخدم في بيئة أصطناعية ( لأنها من صنع البشر وليست طبيعية ) تخيلية ( لأنها من وحي الخيال وليست واقعاً ملموساً ) والتحرك والتفاعل مع هذه البيئة ذات الأبعاد الثلاثية 3D  بحيث يعطينا إمكانيات لا نهائية للضوء والامتداد والصوت والإحساس والرؤيا واضطراب المشاعر وذلك باستخدام الزمن الحقيقي Real Time وليس فقط جعل المستخدم مراقباً خارجياً لها .

                ويبدا تاريخ هذة التقنية من أوآخر الستينات من القرن العشرين ، بحيث بدأ مايرون كروجر Myron Krueger  (يلقب بأبي الواقعية الافتراضية) في اختراع أنواع من البيئة الأفتراضية التي يتحرك فيها المستخدم ، فقد كانت تحت مبدأ (تعال كما أنت) comes as you are .

فهو استخدم أجهزة استقبال لإبراز جسم المستخدم حتى يمكنه التفاعل مع صور مولدة بواسطة الحاسب الآلي ، فتكون التحركات كمدخلات يقوم الحاسب الآلي بقراءتها،وتقوم الكاميرات بمتابعة هذه التحركات ورصدها .

كما بنى كروجر بيئة أخرى أسماها الفضاء النفسي Psychic Space  تسمح للمشاركين تفاعليا بأستكشاف متاهه تنسجم فيها كل خطوة قدم مع إيقاع موسيقى معين وجميعها تحدث من خلال صور فيديو حيه يمكن تحريكها وإدارتها دون الأخذ في الأعتبار القوانين التقليديه للسبب والنتيجه .

             ولقد تطورت طرق التفاعل بين الحاسب الآلي وجسم الأنسان من هذه الفكره ، فأصبحت بعد فترة تعمل على خلق بيئات ثلاثية الأبعاد 3D باستخدام الرسومات الكمبيوترية وأجهزة المحاكاة ، يتم إنشاؤها بوساطة الحاسب الآلي ، فمن بداية التسعينيات ظهرت لعبة  3D Wolfe stein Castle والتي كانت عبارة عن متاهه داخل قلعة تظهر في صورة ثلاثية الأبعاد ، وكان بأمكان المستخدم التقدم للأمام والرجوع إلى الخلف وأن يدير وجهة نظره بزاوية تصل إلى 360 درجة ، وهي محاولة لجعل اللاعب ينغمس في بيئة افتراضية لتحقيق او تسهيل أهدافه منها.

             ومنذ سنوات قليلة ماضية، أصبحت الألعاب أكثر تعقيدا لذا ظهرت الحاجة الى نظارات الرؤية المجسمة، فكانت هذه الفكرة تعد انجازا عظيما في تلك الأيام ، ولكن مع تقدم التكنلوجيا ايضا اكتشف العلماء في الوقت الحاضر، فسيولوجيا الرؤية المجسمة .

و بالأضافة لما أصبح  للحاسب من قوة وسرعة، صار بالأمكان لأكثر من مستخدم الأشتراك في نفس العالم التخيلي او الافتراضي ، ويتم ذلك عن طريق استخدام حواسب متصله مع بعضها البعض بشبكة إتصال ، ويتمكن المستخدمون من رؤية بعضهم البعض والتفاعل والتنافس ، وهو مايسمى ب net worked VR  .

ونجد ان العلماء الآن يبحثون حول إدخال حاستي الشم والتذوق للعالم التخيلي وذلك سيكون في المستقبل القريب بأذن الله .

 

وسائل غمس المستخدم في البيئة الافتراضية:

1-البرمجيات :

              وهي مهمه جدا ، فهي التي تنقلنا من الواقع الحقيقي إلى الواقع الأفتراضي ، فهي لها قدرة خاصه على عرض بياناتها المرئيه المجسمه على شاشة واحدة أو على أكثر من شاشة ، أو على الخوذة والنظارات المستخدمة لهذا الغرض ، وهي ايضا لها القدرة على استقبال وترجمة التحركات ،وإعداد ردود الأفعال المناسبه للحركات التي يقوم بها المستخدم من معدات الحس المتمثله في القفازات واليد وغيرها .

ويضاف اليها ايضا البرمجيات الثانويه الخاصة بالصوتيات التي يمكن لها معالجة الأصوات المناسبة للمجسمات 3D Sound و كذلك معالجة الأصوات التي يصدرها المستخدم .

فهي عبارة عن نظام لقاعدة المعطيات التي تبني العالم الافتراضي وتتابع تفاصيله .


 

2-الأدوات والأنظمة المستخدمه خلاله :

أ _ وسيلة العرض البياني Display :

             التي تعمل على غمس المستخدم في هذا الواقع  إما عن طريق أجهزة العرض والعرض الأسقاطي Displays and Projects  أو عن طريق أجهزة الرأس Head mounted display .

فأما بالنسبة لأجهزة العرض ، فهي تعني ملء المجال البصري للرائي تماما بشاشات تعرض العالم الأفتراضي ، سواء كانت هذه الشاشات متنقله أو حتى على حوائط الغرفة مثلا ، بحيث تسمح للمستخدم بالتجوال ، وهذه ينبغى أن تملأ أكبر قدر من المجال المرئي .

ويوجد لها نظام يسمى العرض المتعدد Multi-Display System  ويكون بأستخدام عدد من الشاشات ، ويحتاج هذا النظام إلى نظام آخر مساند له أكثر تعقيدا يسمى أحيانا بنظام الكهف Cave System  الذي صمم في جامعة ( الينويز الامريكية ) وهو نظام يستخدم 3 شاشات عرض لجعل مجال الرؤية أكبر بحيث يكون المستخدم محاط بالشاشات ، مما يوفر الأنغماس الوهمي بأن يعرض صور مجسمه على الجدران الداخليه لمكعب كامل في حجم الغرفة ، بحيث يتمكن عدة أشخاص من التنقل داخل هذا النظام .

 

             وطريقه العرض الأخرى هي التي تعتمد على خوذه مثبته بالرأس تظهر الصور المعروضة أمام العينين مباشرة وكأنها شاشة عرض صغيرة تعطي انطباعا مجسما للمنظر ، وتحتوي ايضا على أجهزة استشعارية إلكترونية تتبع حركة الرأس ، فهي تعطي المستخدم شعورا كاملا بالانغماس في هذا الواقع ، وفي الوقت الحاضر البحوث قائمة على تطوير هذه الشاشات وتصغير حجمها وتخفيف وزنها لتبدو في النهاية كنظارة شمسية .

  

ب-أدوات الإمساك والتحكم Control and Touch

             هي أجهزة تمكن المستخدم من لمس وإمساك الأجسام الموجوده في الواقع الأفتراضي التي ليس لها أساسا وجود مادي ، وتغيير وضعها من مكان لآخر .

ويستعمل قفازات خاصة لربط يد المستخدم بالواقع الافتراضي ، ويقيس القفاز البيانات مدى انحناء أصابع المستخدم لكي تتبع حركتها و تكون ردود الأفعال المناسبة لها ومعالجتها .


جـ -نظام التنقل خلال الواقع الافتراضي

             وهو نظام يقوم باستخدام معدات وأجهزة معقدة ، توفر مؤثرات كالأهتزاز والأرتفاع و الأنخفاض في المركبات وأجهزة المحاكاة التي يقودها المستخدم في التدريب واللعب وغيره ،وأشهر أنواع الأجهزة التي يستعملها هذا النظام (أجهزة بوم Boom ) ، فهذا النظام  يمكن المستخدم من إمداده بشعور التنقل والحركة كالمشي والطيران في جميع الأتجاهات .

 د- نظام التتبع Tracking:

              والذي يرصد بأستمرار موقع وأتجاه رأس المستخدم وحركة ذراعيه باستخدام الكاميرا التي تراقب حركة المستخدم ، أو عن طريق التأثر بوجود المستخدم من خلال أجهزة تتبع الوضع Position Trackers  والتي تحتوي على حساسات لحركة المستخدم ووضعه ، فهي تعمل بسرعه ودقه عاليه بحيث يقوم بتغير المشهد في شاشات العرض عند تغير وضع الرأس مثلا ، وذلك عن طريق قياس اتجاهات حركة الرأس ونقلها للحاسب الآلي .

كما أن المتتبع يتحكم في البيانات الخاصة بمولد الصوت  3D Sound بحيث يكون حجم الصوت متساوي مع حالة الحركة مع كل لفه وحركة .


 

استخدامات الواقع الإفتراضي في الواقع الحقيقي :

الوكالات العسكريه

             فيستطيع الجندي التدرب على جميع انواع الأسلحة ، ومقاتلة ومطاردة اعداءه ، ولأفراد الشرطة التعلم من المواقف الخطرة التي يمكن أن يواجهها خلال مهنته ، كما يمكن استخدام محاكات الطيران Flight Simulation  والقيام  بالتدريب للطياريين المبتدئين ، ففي بريطانيا هناك 18 محاكي طيران تابع للخطوط الجوية البريطانية ، وهذا كله طبعاً يخفض من كلفة التدريب الفعلي ، كما يستطيع الطيارون الحربيون أن يتدربوا على المناورات الجويه والإستعداد لحالات الطوارئ دون مجازفات او أضرار . 

 الوكالات الفضائية

 

             ففي عمليات التدريب الفضائي يمكن أعطاء المتدرب خبرات عن أوضاع وأحوال الفضاء لا يمكن تحقيقها على سطح الأرض ، كالتجول حول المركبة الفضائية والسباحة في أنعدام الوزن  .
وقد أسست وكالة أبحاث الفضاء الأميركية (ناسا) جزيرتين جديدتين في الموقع الإلكتروني الشهير المسمى (Second lifeالحياة الثانية(، بحيث يستطيع أي شخص مهتم بالترحال في الفضاء أو عالم التكنولوجيا، أن يزور الجزيرتين بغرض الإستكشاف والمساهمة في المهمة التي تؤديها وكالة ناسا.
التطبيقات الترفيهية والألعاب (أكثر المجالات استخداما)
             إن التطور في هذا المجال واسعا جدا بحيث أنها أصبحت متوفره في كل مكان تقريبا ، فبأمكان اللاعب الأنمداج التام في اللعبه ، ومحاكاة جميع الظروف الموجودة بها .

فيديو YouTube


 التصاميم المعمارية والديكور

             فقد اصبح بالامكان تمثيل وتجسيم مبنى كامل بأساساته وقواعده ، ورؤية ماذا يمكن ان يحدث له في حاله الحريق او السقوط او غيره من الحوادث ، والبحث على ايجاد الحلول لها وتطبيقها ، كما ساعدت في تحديد الديكور للمنزل و تجربة الألوان و تجسيد الأثاث في الواقع الأفتراضي ، فأصبح بالأستطاعه وضع المعايير التي تناسب المكان .


التطبيقات الطبية

 


 التعليم  (وهي أكثر المجالات أهميه)

             يمكن جعل الأطفال أو الطلاب يجولون في بيئة فضائية افتراضية لمشاهدة الفضاء الخارجي والمجموعة الشمسية بدل مشاهدة الصور  ، كما يمكن تمثيل المجالات المغناطيسية والكهربية وتدفق الموائع وعمل التجارب بأقل الأضرار ، كما يمكن أخذ الطالب إلى رحلات وزيارة أماكن لاتستطيع المدرسة الوصول إليها ، أو يمكن تمثيل جسم الأنسان و التجول داخله واستكشاف الأعضاء الموجوده فيه ، وأيضا يستطيع المدرس خلق فصل للطلاب وشرح مكونات الماده بطريقه مجسمه لكي تعزز الاندماج لدى الطلاب وفهمهم للماده .

 
 الفن

 
             لقد أعطت تقنيات الواقع الافتراضي أساليب وحريات جديدة في التعبير عن أفكار الفنيين وزيادة إبداعاتهم ، فإن شركات إنتاج الأفلام تعتمد كثيرا على الواقع الافتراضي ، فيمكن بناء خلفيات من مباني وغابات وبحار وغيرها ، ومحاكاة الجريمه وطريقة التفاعل في التحركات الصعبه (مثل سلسلة أفلام Harry Potter ) ،وليس كما كان يفعل في الأفلام منذ زمن ليس ببعيد (مثل فيلم الفك المفترس) ، حيث تم بناء المكان على أرض الواقع لكي يتم إيجاد البيئة المناسبة للتمثيل فيها.

فوائد وأضرار هذا الواقع على المستخدم

             من  المنظور الحالي لقدرات أنظمة الواقع الافتراضي، وهي قدرات مرتبطة بالمستوى المتاح من معطيات التكنولوجيا، فإن للواقع الافتراضي مزايا لا يمكن تجاهلها منها:


 -1  
توفير نفقات إنشاء أنظمة حقيقية.

 -2
محاكاة الأنظمة التي يحول البعد أو الخطورة دون ارتيادها.

 -3
محاكاة الأنظمة التي تفرض الظروف ضرورة التواجد بداخلها لإنشائها فعلياً (المباني /السيارات /الطائرات.. (.

 -4
محاكاة الأنظمة المعقدة صعبة الإنشاء أو غير المستقرة.

 -5
محاكاة الأنظمة التي يصعب التواجد بقربها أو بداخلها، وتسخير التفاعل معها لتعظيم فرص تفهم أدائها لوظائفها.

 -6
الاقتراب الشديد من العوالم الضئيلة (في مستوى الجسيمات) والعظمى (في مستوى الأجرام السماوية) وزيادة تفاعلنا معها عن طريق تمثيلها فراغياً بنسب وأبعاد محسوسة.

 -7
تتيح تقنيات الواقع الافتراضي إمكانيات جديدة لنشر الثقافة، فإذا كانت وسائل الاتصـال السمعية والبصرية قد حققت الاتصال المكاني وإمكانية (تسجيل) الثقافات المختلفة، فإن تقنيات الواقع الافتراضي تحقق اتصالاً من نوع جديد، زمانياً/مكانياً، بالإضافة إلى ما تتضمنه من قدرات تفاعلية، بدلاً من الاكتفاء بالتلقي السلبي، فقد أصبح ممكناً إحياء أو إعادة عرض لثقافات مغايرة، منفصلة عنَّا زمانياً ومكانياً، ليس فقط كنصوص، بل كنمط حياة.

             ومن الأهمية الإشارة إلى احتمالات أن يكون ارتياد العوالم الافتراضية مصدر خطر لمرتاديها، ويرى البعض أن التوسع في أنواع الواقع الافتراضي التي تخاطب العقل عن طريق الحواس قد يكون له تأثيراته الضارة على مستخدميها ،كحالة عدم القدرة على التفرقة بين ما هو حقيقي وما هو واقعي افتراضي ، حيث يعتبر المستخدم العالم الحقيقي امتدادا لما كان يفعله بالواقع الافتراضي، ويتصرف معه بنفس مستوى الجدية و الإهتمام، ولهذا لا يسمح للطيارين، الذين تمرنوا على أجهزة المحاكاة، بممارسة الطيران الحقيقي قبل مرور 24 ساعة على انتهاء التمرين، وهي أيضا تعمل على تطوير سلوك تمت تنميته أثناء التواجد في الواقع الافتراضي، ويستمر مع الإنسان في العالم الحقيقي، والخوف أن يكون هذا السلوك عنفاً جسدياً أو إرهابا ، كأنها تولد حالة من عملية غسيل العقول، فالأنظمة المستخدمة بهذه التقنية يمكنها توليد التأثير النفسي الكفيل بإزالة أنواع من الرهاب أو الفوبيا، ألا يمكنها أيضا زرعها في أشخاص أسوياء؟!

 وفي الاخير،

يمكن القول بأن الواقع الإفتراضي هو من أعظم وأروع أنجازات العصر الحديث ، فالأمثله كثيره على استخدامات هذه التقنيه في شتى المجالات ولا يمكن حصرها .

 فالأمنيات ان يستخدم هذا الواقع الأفتراضي كأحد الأسباب لتغيير واقع المسلمين الحالي  ، بحيث تتم الأستفاده منه بأكمل وجه في مجتمعاتنا والأبتعاد عن أضراره ، لأنه مجال خصب للتطور و الأختراع .

 

 

 

 

edunet

شعبة تكنولوجيا التعليم

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 2284 مشاهدة
نشرت فى 28 إبريل 2011 بواسطة edunet

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

التكنولوجيا الحديثة

edunet
تعرف علينا جامعة أسيوط_كلية التربية دراسات عليا »

عدد زيارات الموقع

40,081