أ.د/ صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي Prof. S.A. El-Safty

كلية الزراعة جامعة عين شمس- موقع علمي متخصص في علوم الدواجن - مقالات علمية وثقافية Faculty of Agric

التنوع البيولوجي Biological Diversity

أ.د. صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي

يُقصد بالتنوع البيولوجي التعدد في أنواع الكائنات الحية، وعددها، والتباين بين هذه الأنواع، وكذلك الاختلافات بين أفراد النوع الواحد ويُعرف التنوع البيولوجي بالمُصطلح الانجليزي   Biodiversity   والذي اشتق من دمج كلمتي الأحياء   Biology   والتنوع   Diversity. تم رصد توزيع أنواع الطيور الداجنة حسب الإقليم (تقسيم العالم إلى سبعة أقاليم)، حيث يُظهر الجدول تباين البلدان فيما بينها في إعطاء المعلومات الخاصة بأنواع وسُلالات الطيور، بل ومن المُلاحظ نُدرة المعلومات الخاصة ببعض الطيور الهامة مثل السمان، حيث بلغت نسبة البلدان التي أبلغت عن معلومات خاصة بأنواع هذه الطيور في أفريقيا فقط 2% من بلدان القارة، مما يُمثل عائقًا أمام تتبع التنوع الوراثي الخاص بهذا النوع.

أهمية التنوع البيولوجي   The importance of Biodiversity

          إن استمرار برامج تربية وإنتاج الثروة الحيوانية بشكل عام وإنتاج الدواجن بشكل خاص يتطلب وجود تنوع بيولوجي أو وراثي، وذلك بغرض اختيار صفات مُعينة (الصفات الاقتصادية) لتحسينها باستخدام طرق التحسين التقليدية (الانتخاب والتهجين) أو استخدام تقنيات الوراثة الجزيئية الحديثة توفيرًا للوقت والجهد. وبشكل عام، فإن التحسين الوراثي يُبنى في الأساس على وجود اختلاف وراثي (تنوع وراثي). أوضح الجمالي (2014) في معرض حديثه عن التنوع البيولوجي وأهميته، بأنه يلعب دورًا هامًا وفاعلاً في البلدان النامية خلال هذه الفترة، موضحًا ذلك في النقاط التالية: 

ترجع أهمية التنوع البيولوجي في البلدان النامية في الوقت الحالي إلى أنه:

- تعتمد معظم هذه الدول على المصادر الطبيعية في الغذاء والعلاج.

- معظم اقتصاديات هذه الدول هو الإنتاج النباتي والحيواني والسمكي.

- استخدام السكان المحليين للنباتات البرية في العلاج وكعلف لتغذية الحيوان والطيور.

- تمثل الأصول البرية الموجودة بهذه الدول مصدرًا جينيًا لاستنباط أنواع اقتصادية جديدة.

- اتجاه الدول النامية حديثًا للبحث عن بدائل محلية لإنتاج الطعام والأعلاف والعلاج وغيره.

- اتجاه اهتمام الدول النامية نحو استعمال النباتات البرية المُتوفرة في استخراج المُستحضرات الطبية.

- تحتوي هذه البلدان على مخزون بيولوجي، يؤمن لها حياة أفضل في الظروف الصعبة.

- وجود العديد من الأنواع ذات الأهمية الإنسانية والتاريخية على مستوى العالم.

- وجود آثار للتنوع البيولوجي على مدى 7000 سنة، يُتيح للعلماء البحث عن بدائل تقوم عليها الحياة عند تغير المناخ Climate Change .

تجدر الإشارة إلى أنه تم استئناس الحيوان منذ أكثر من 12,000 سنة، الشيء الذي أفرز ثراءًا في التنوع البيولوجي الحيواني، لكن نسبة قليلة من هذا المخزون الوراثي يتم استخدامه حاليًا. ومن بين هذا العدد الهائل من الثدييات والدواجن (600 ألف نوع حيواني) يوجد 30 نوعا فقط يُستعمل في الزراعة ومن بينهم 14 نوعًا يساهمون بما قيمته 90% من الإنتاج الحيواني الإجمالي.

          بشكل عام، فإن الثروة الحيوانية تُساهم بنسبة تتراوح من 30 إلى 40% من مُخرجات الزراعة. وقد أدّى تزايد السُكان والنزوح إلى المدن وتحسُن الدخل إلى تزايد الطلب على الغذاء وخاصة الغذاء ذو الأصل الحيواني. تم التركيز على نظم الإنتاج المُكثف واستعمال عدد قليل من السُلالات عالميًا، الشيء الذي أدى إلى إندثار العديد من السُلالات مُنخفضة الإنتاج على الرغم من كونها سُلالات مُتأقلمة، وفقدت في هذه الحالة كثير من المُجتمعات خاصية من خصائص تراثهم الزراعي، كما أصبح المزارعون عاجزون عن إيجاد بدائل لتلبية ذوق المُستهلك المُتغير مع الزمن، وفي هذا الجانب، فقد تم إعداد إستراتيجية عالمية للموارد الجينية الحيوانية لتكون بمثابة الإطار لإرساء سياسات قطرية وإقليمية ودولية تهدف إلى تنمية قدرات الدول ومُساعدتها على حُسن إدارة موروثها الجيني والحفاظ عليه وإرساء نقاط اتصال قطرية وإقليمية لهذا الغرض. وفي عام (1995)،حدث تحولا جذريًا على الصعيد العالمي، حيث تغير اسم لجنة الموارد الجينية النباتية لمُنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) لتصبح لجنة الموارد الجينية للأغذية والزراعة لتضم الموارد الجينية الحيوانية أيضًا. وفي عام (2007) تم تقديم أول تقرير عن حالة الموارد الوراثية الحيوانية في العالم وكان ذلك بمدينة "أنترلاكن بسويسرا". وقد أفرز هذا التقرير مُخطط عمل عالمي يهدف إلى الحد من الإندثار الجيني في الثروة الحيوانية العالمية والتشجيع على استغلال الموارد الجينية الحيوانية غير المُستعملة.

وفقا لاتفاقية التنوع البيولوجي (Convention on Biological Diversity, CBD, 1992)، فإنه يقع على عاتق بلدان العالم المُختلفة المسئولية الرئيسة نحو المُحافظة على التنوع الجيني على المدى طويل الأجل. كما أوضحت  خطة العمل الدولية لمُنظمة الفاو (FAO, 2007) أنه يجب على البلدان المُختلفة تحمل المسؤولية الرئيسة في هذا الشأن. تجدر الإشارة إلى أن قطاع الإنتاج الحيواني بشكل عام، يُعد قطاعاً حيويًا وهامًا للإنسانية، لذا فإن المُحافظة على التنوع الوراثي الحيواني هو الطريق الأمثل نحو الحفاظ على إنتاج الغذاء بشكل آمن في المُستقبل. إن الحفاظ على العشائر الحيوانية في موطنها In Vivo conservation in situ هي الطريقة الأكثر تفضيلاً للحفظ (FAO, 2007)، حيث أنه من الممكن الوصول لكافة أهداف الحفظ بشكل أفضل عن طريق "الحفظ في الموقع"، حيث يوفر الموقع كافة الإمكانات إلى جانب تطور السُلالة وتأقلمها بشكل مُستمر مع الظروف المُحيطة دائمة التغير. إن المخاطر الناجمة عن التربية الداخلية Inbreeding الناتجة عن زواج الأقارب والتي تؤثر سلباً على بعض الصفات الهامة مثل صفات الصلاحية (الخصوبة والفقس)، فضلاً عن الانحراف (الانجراف) العشوائي Random drift (فقدان الأليلات مع انخفاض تكرارها نتيجة للتزاوج العشوائي)، قد لاقت المزيد من الاهتمام في برامج تربية تلك العشائر، والتي غالباً ما تحدث في العشائر قليلة العدد (Oldenbroek, 2007). تجدر الإشارة إلى أنه من المُمكن الدمج بين طريقة الحفظ داخل الموقع In Situ وخارج الموقع Ex Situ، نتيجة لتكاملهما والذي سوف يؤدي بلا شك إلى استراتيجية أكثر قوة لحفظ الأصول الوراثية. إن الحفظ خارج الموقع يعني الحفظ المعملي In Vitro للجاميتات بالتجميد Cryoconservation في بنوك الجينات Gene Banks، حيث أن الحفظ بالتجميد تُعد نتاج لطريقتي الحفظ داخل الموقع وخارجه. إن الحفظ خارج الموقع الأصلي قد يكون في صورة الحفاظ على عدد محدود من الحيوانات الحية في قطيع تربية صغير أو حديقة حيوان، وفي هذه الحالة يتم الاحتفاظ بالحيوانات خارج بيئتها الإنتاجية الأصلية، وقد يحدث مع ذلك تدهورصفات التأقلم مع الظروف الجديدة المُتغيرة.

 

 

المصدر: مصادر متعددة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,117,371