الدواجن في الأبحاث العلمية
Poultry in Scientific Research
د/صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي
تُستخدم الدواجن وخصوصاً الدجاج بشكل مُكثف في التجارب البيولوجية، كأداة يستخدمها الإنسان ليتعرف على جوانب بيولوجية أكثر عن نفسه أو عن حيوانات أخرى، حيث تُستخدم الطيور في الأبحاث الطبية الحيوية، وفي مجالات التغذية والوراثة والنمو الجنيني والسلوك والأمراض واللقاحات.
سوف نعرض فيما يلي أهم استخدامات الدواجن في بعض الدراسات البحثية:
1- الدراسات الغذائية Nutritional Studies
تعتبر الكتاكيت من الكائنات التجريبية ذات الحساسية العالية لأي نقص يحدث في العناصر الغذائية بالوجبات المُقدمة إليها، مقارنة بفئران التجارب، وتلك الحساسية العالية جعلت الباحثين في مجال التغذية يكتشفون معلومات جديدة مرتبطة بكل من الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية، وعلاوة على ذلك فإن الكتاكيت تتميز أيضاً بتوافرها ورخص أسعارها، حيث يمكن الحصول على أعداد كبيرة منها قي وقت واحد عند الفقس، كما أن كثيراً من الباحثين يرى أن الاحتياجات الغذائية للإنسان قريبة إلى حد كبير من الاحتياجات الغذائية للدجاج مقارنة بالفئران.
ومن الجدير بالذكر أن التجارب على الفيتامينات بدأت باستخدام الكتاكيت أو البيض، حيث تبين لأول مرة الاحتياج لفيتامين (ك) في تجلط الدم في الكتاكيت. والعديد من أسماء الفيتامينات المُسماة قديماً يرجع لاستخدام إما الكتاكيت أو البيض في الأبحاث الخاصة بها مثل، الأفوفلافين (مشتق من البويضات Ova) والذي يسمى الآن الريبوفلافين، وعامل جرح بياض البيض والذي يسمى الآن البيوتين، وعامل مُضاد التهاب الجلد في الكتكوت والذي يسمى الآن حمض البانتوثنيك، وعامل المُضاد العصبي والذي يسمى الآن الثيامين.
تُستخدم الكتاكيت حالياً في تجارب كثيرة كطائر تجريبي لمعرفة الاحتياجات والوظائف للعناصر الغذائية الأساسية مثل الأحماض الأمينية والدهنية، علاوة على ذلك يُستخدم بروتين البيض على نطاق واسع كمعيار قياسي لتقييم المصادر البروتينية الأخرى. ونظراً لما تتميز به الكتاكيت من نشاط تمثيلي عالي بالجسم والذي يحتاج بالتبعية إلى توازن فسيولوجي وعلائق غذائية متوازنة أيضاً للحصول على معدلات نمو وتطور أمثل، لذلك تُستخدم الكتاكيت في التجارب المعملية بشكل كبير لتقدير مستويات العناصر الغذائية الدقيقة المُثلى للنمو، حيث أي نقص في تلك العناصر سوف يُصاحب بتغيرات مظهرية على الطائر وضعف معدلات نموه وأداؤه.
2- الدراسات الوراثية Genetic Studies
تُعتبر الطيور حيوانات تجريبية مُثلى في الدراسات الوراثية وذلك للأسباب الآتية:
· إمكانية استخدام التلقيح الاصطناعي فيها، حيث يمكن لذكر واحد إخصاب العديد من الإناث من قذفة واحدة فقط للديك.
· إعطاء الإناث عدد كبير من الأجنة في فترة قصيرة.
· فترة الحضانة قصيرة في الدواجن مقارنة بالثدييات.
· تصل الطيور للنضج الجنسي مبكراً، ولذلك فإن فترة الجيل قصيرة.
3- الدراسات الجنينية Embryological Studies
عُرف الكثير عن النمو الجنيني في الدواجن مقارنة ببقية الأنواع الحيوانية الأخرى، فمن المعروف أن التطور الجنيني في الدواجن يتم منفصلاً عن الأم خارج الجسم وذلك في البيضة المُخصبة، لهذا فإنه من السهولة التعامل مع الأجنة وإجراء المزيد من الأبحاث العلمية مقارنة بما عليه الحال في الثدييات، حيث يحدث كامل مراحل النمو الجنيني داخل جسم الأم (بالرحم).
4- الدراسات السلوكية Behavioral Studies
أجريت العديد من الدراسات السلوكية على الدواجن مقارنة بتلك التي أجريت على الحيوانات الأخرى، ومن أهم التجارب في هذا الصدد، التجربة الرائدة التي أجراها عالم الحيوان "لورنز" في أستريا (النمسا)، حيث درس السلوك الاجتماعي في صغار الإوز. كما تم دراسة ظاهرة النقر Pecking والتي لوحظت لأول مرة في الدجاج، كما درس سلوك التزاوج بين الذكور والإناث في الدجاج والرومي. ومن أنماط السلوك غير الطبيعية في الحيوانات والتي تم دراستها هو سلوك الافتراس Cannibalism الشائع في الدجاج. كما لوحظ تأثير هرمون البرولاكتين على سلوك الرقاد في الدواجن، وما لهذا من تأثيرات تطبيقية وبحثية في الدواجن.
الدواجن في الطب Poultry In Medicine
استُخدم بيض الدواجن على نطاق واسع في الأبحاث الطبية البشرية والبيطريعة، وذلك في تحضير المصل (السيرم) واللقاحات والمُستحضرات الدوائية، فإنه علاوة على القيمة الغذائية التي ينفرد بها البيض كمادة غذائية شبه كاملة العناصر الغذائية، فإن له أيضاً دوراً وقائياً وعلاجياً لكثير من الأمراض، حيث يستخدم زيت البيض المُستخلص من صفار البيض في تحضير المراهم Ointments والمُستحلبات الطبية Emulsions، ويحقن أحياناً ألبيومين البيض (البياض) مع مُخدر الكوكايين لإطالة فترة التخدير Anesthesia، ويُستخدم أيضاً بياض البيض في علاج الحروق، كما يُستخدم كترياق (مُضاد للسُم) Antidote في بعض حالات التسمم خصوصاً حالات التسمم بالزرنيخ Arsenic.
كما تَستخدم معامل الدراسات البكترية كميات هائلة من البيض لتحضير البيئات الخاصة بالمزارع البكترية، كما يُستخدم النمو الجنيني في الكتاكيت لدراسة الفيروسات والبكتريا والكائنات وحيدة الخلية، حيث تُعتبر دراسات قليلة التكلفة مقارنة باستخدام حيوانات تجريبية أخرى. ويُستخدم البيض المُحضّن بكفاءة عالية في تشخيص بعض الأمراض مثل مرض الالتهاب السحائي Meningitis، ويعتبر البيض المُخصب Fertile eggs هام بدرجة كبيرة في إنتاج الأمصال المناعية Immunizing sera واللقاحات Vaccines المُختلفة للأمراض البشرية والحيوانية على حد سواء، ومن أهم تلك الأمراض الحصبة والجدري والنوم المرضي.
ساحة النقاش