الصـــبر ... الصـــبر ... مفتـاح كــل الخــير
د/عـلى مهــران هشــام
الصبر صفة عالية المقام ويتحلى بها أصحاب القلوب السليمة والآمنة الأمينة والراضية والمقبلة على الله بالحمد على نعمه التى لاتعد ولاتحصى والرضا بالمقسوم والمكتوب فى صحيفة الأنسان حتى يلاقى ربه
ذكر الإمام أحمد الصبر بمعنى واسع فى قوله : '' تتبعت الصبر في كتاب الله، فوجدته في أكثر من تسعين موضعاً.. '' أي: أمر الله تعالى بالصبر وحث عليه وبيَّن فضله ومزاياه وما أعد للصابرين، في أكثر من تسعين موضعاً من كتاب الله.
الصبر أمر عظيم؛ لأنَّ كُلاً منا مبتلى، ولأن هذه الحياة كلها ابتلاء كما قال تعالى ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [سورة الملك: الآية 2]، وكما في الحديث القدسي: {إنما أرسلتك وبعثتك لأبتليك وأبتلي بك} ، إنه الأبتلاء فحتى الأنبياء مبتلون! وكل الناس في هذه الحياة عرضة للابتلاء، فالخير والشر كله أبتلاء وفتنة.
فإذا أنعم الله عليك بالعافية والمال والصحة والمنصب والجاه فهذا أبتلاء، وإن كان ضده أو ببعض منه فهو أبتلاء، أينما كنت وكيفما كانت طبيعة حياتك؛ فأنت عرضة للابتلاء؛ لأن الدار كلها دار أبتلاء.
إذاً: لابد أن تحتاط لنفسك، وأن تحرص عليها وتحصنها بسياج الصبر.
حتى على النعم يصبر الإنسان، فقد يأتيك منصب أو رتبة أو مال أو أي إغراء آخر ؛ فعليك أن تصبر عليه كما تصبر على البلاء وبنفس القدر وما ينزل بك من مكروه، فكل إنسان في هذه الدنيا عُرضة لسماع ما يكره، والوقوع فيما يكره من حوادث الدنيا ومصائبها -نسأل الله تعالى أن يلطف بنا وبكم - ولا يخلو أحد منها مهما حاول فلابد من ذلك، فالصبر هو الحل في هذا كله.
على كل حال , الصبر له عدة صور متنوعة مثل الصبر على طلب العلم: فلا ندع الشيطان يلعب برءوسنا نحن طلاب العلم والباحثين والمجتهدين ؛ فنضيع الأوقات فيما لا يفيد ، أو نجد في طلب العلم تعباً ومشقة،
إذن: الصبر على طلب العلم والصبر على الدعوة إلى الله تعالى والصبر على فعل الخير والصبر على أتمام الخير والصبر على الصدقات وفعل الصدقات كل
هذا لابد من أبتلاءٍ فيه، فلابد أن يُبتلى الإنسان حتى ولو بزوجته التي هي تحت قوامته؛ فقد لا تعينك على طاعة الله أو الخير ،أو العكس لا يعين الرجل زوجته على طاعة الله أو لا تصبر وكذلك، أولادك فطبيعة الطفولة متعبة، فلابد أن تصبر على أبنائك حتى تعلمهم طاعة الله، وطاعة الوالدين وتصبر على أختلاف طبائعهم وميولهم أو تشتت أفكارهم وبعضهم يهوى فيغوى وتصبر أيضا على نفسك لأنها شرودة وأمارة بالسوء إلا من رحم ربك ، ولابد من الصبر عليه ا حتى تبلغ ما يرضي الل ه تبارك وتعالى؛ وتصبر على ما يقال عنك، ولابد أن يُقال عنك الكثير والكثير؛ على قدر ما تدعو إليه وهكذا.
إذن الصبر لابد منه، ولا يبالي الإنسان العاقل الحكيم الإنسان أياً كان موقعه، إن كان في الحقل كان ومن فى المصنع أو المكتب فليحمد الله ومن كان في الحراسة والسهر على أمن الناس.
كان المهم أنه جندي وعامل فى أرض الله لتعمير الكون، فربما وضعه في الحراسة أفضل من أن يكون في المقدمة، وربما أن الله اختار له الخير ولو كان في غيره لافتتن به ونالت منه الشرور والآثام وفى دروس التاريخ الماضى وأحداثه الحاضرة عبر وحكم وأفراح وأتراح فليعتبر كل ذو عقل وقلب سليم .
(إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ )
[سورة يوسف: الآية 90]
منازل الصابرين عند الله عز وجل عظيمة
قال الله تعالى(إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
[ سورة الزمر: الآية 10] ؟
.. فالذي يأخذ أجره كاملاً هو الذي صبر؛ لأنه ابتلي فصبر فأخذ أجر العمل كاملاً.
وعلى قدر ما تكون المشقة ومايتبعها من صبر ، يكون الأجر والجزاء وكل الخير .
وفى الختام , أرضى بما قسمه الله لك تكن أغنى وأسعد الناس .
والله المستعــان ,,,,
ساحة النقاش