مصـر أم الدنيـا ... التـاريـخ والأنتمـاء
د/عـلى مهـران هشـام
أستاذ البيئة والعمران
------------------------------------------------
سميت مصـر بهذا الأسـم ولقبـت بأم الدنيـا
ولذلك جذور عميقة وتاريخ طويل
يعكس التكريم والتقدير والرمزية والفخر بالأنتماء
لهذه الأرض الطيبة ولشعب مصر الشريف الأصيل والكريم
عموما ,
عرفت مصر في العهد الفرعوني بأسماء منها ” كيمبيت ” وتعني الأرض السوداء و ذلك تمييزاً لها عن الأراضي الصحراوية الصفراء والجبلية الحمراء “وثيميرا” أو “ثامير” وتعني أيضاً الأرض السمراء الخصبة ، ومن الأسماء التي أطلقت علي مدينة ممفيس “هيكو بتاح” أو “كوبتاح” أي قصر أو منزل أو أرض الإله بتاح ومن هذه الكلمة أشتق اليونانيون Aigyptus ومنها أشتق أسم مصر الحالي Egypt
ويقال أن كلمة Egypt بالانجليزية مأخوذة من أسم مصر قديما بالقبطية و هي مزيج من و الهيروغليفية و أسم مصر قديما كان مكون من ثلاثة مقاطع ها - كا – بتاح
ha - ka –
ptah
يذكر أيضا أن
تسمية مصر بهذا الأسم يعود إلى عهد سيدنا نوح عليه السلام
فأسم مصر مشتق من مصرائيم
أبن حام أبن سيدنا نوح عليه السلام
وبعد طوفان سيدنا نوح عليه السلام
كان الجنس الحامى أول من سكن مصر .
ودعا نوح عليه السلام ربه فقال :
اللهم إنه قد أجبت دعوتى وأهلكت الكافرين
فبارك فى ولدى و فى ذريته و أسكنه الأرض الطيبة
المباركه التى هى أم البلاد و غوث العباد
فيذكر عن حفيد سيدنا نوح عليه السلام وهو "مصراييم" الذي سكن مصر قديما وأنجب بها ذريته.
أنه لما قسم نوح عليه السلام الأرض بين ولده، جعل لحام مصر وسواحلها، وغربها وشاطئ النيل ، فلما دخلها بن حام، وبلغ العريش، قال اللهم إن كانت هذه الأرض التي وعدتنا بها على لسان نبيك نوح عليه السلام ، وجعلتها لنا منزلا، فاصرف عنا الوباء، وطيب لنا ثراها، وأجر لنا ماءها، وأنبت كلأها، وبارك لنا فيها، وتمم لنا وعدك فيها ،إنك على كل شيء قدير، وإنك لا تخلف الميعاد.
وقد ذكر تاريخيا بأن مصر سميت بأسم مصريمة
و مصريم ، واللفظتان تعنيان مصر البحرية أو النهرية مصر – يم ، فكلمة مصر تعني بلاد ، و كلمة يم تعني البحر و المياه ، و تعني أيضا النهر باللغة العبرية و العربية ، ) يقول الله عز وجل فى القرآن الكريم في قصة سيدنا موسى عليه السلام الذي ألقته أمه في نهر النيل وهو طفل رضيع ( قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى وَ لَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى أَنِ أقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَأقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِل ) - ( سورة طه : الآيات 36 , 37 , 38 )
فكانت أسم نهر النيل في القرآن – يم
إضافة إلى أن أصل كلمة مصر هو الماء، ومعناها لعله بلاد الماء (الأنهار) أو الملاحة النهرية.
فسبب تسمية مصر هو نهرها العظيم .
كما ذكرت التوراة في سفر التكوين أن أسم مصر ببني كنعان – قنعان - كنانة ، و معناه المستقرين و القانعين في أرضهم ، و ذكرتها بأسم مصريمة
و مصريم .
أما أسم مصر باللغات الأعجمية الغربية Egypt فهو مشتق من لفظة عربية أيضا وهي يقبض – قبط
( إجبت - أقباط ) ، و الأقباط – أسم سكان مصر القدماء و هم القابضين على دينهم و يعود هذا الأسم إلى فترة الأحتلال البيزنطي لمصر . ومن هذه اللفظة العربية أشتق فعل قبض بالأنكليزية و الفرنسية و غيرها مثل كبت ، و كابتيه capture . وقد أطلق هذا اللفظ على أهل مصر المتمسكين بدينهم المسيحي عندما حاول الأباطرة البيزنطيين تحويل عقيدتهم و إجبارهم على أتباع الكنيسة البيزنطية ، كما فعلوا في باقي البلاد التي أحتلوها ولكنهم فشلوا في ذلك في مصر فسموهم القابضين ( الأقباط –( captors كما أطلق العرب أسم القبطي على بعض المسيحيين قبل الأسلام المتمسكين بدينهم أيضا ، لذلك عندما توسعت الفتوحات الأسلامية لتشمل مصر – بقي أسم هؤلاء المصريين القبط و الأقباط.
وصدق قول الرسول الكريم محمد
صلى الله عليه وسلم
ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بأهلها خيراً فإن لهم ذمة ورحمًا
ويقصد هنا أن المصريين هم أخوال ولده أبراهيم عليه السلام
أما عن الأصل المصري لكلمة مصر والمرجح أنه أنتقل لهذه اللغات - فهو كلمة " مجر" أو " مشِر "، والتي تعني المكنون أو المُحصن... وهي كلمة تدل على الأمن والأمان كون مصر محمية وآمنة بفضل طبيعتها الطبوغرافية والبيئية ، ففي الشمال بحر ، وفي الشرق صحراء ثم بحر، وفي الجنوب جنادل (صخور كبيرة) تعوق الإبحار في النيل، أما الغرب فتوجد صحراء أخرى .
أما تسمية مصر بأم الدنيا فيعود إلى أسباب عديدة نذكر منها :
أن السيدة هاجر زوجة سيدنا أبراهيم عليه السلام
كانت مصرية وأبراهيم عليه السلام
هو أبو الانبياء وخليل الله
والسيدة هاجر هى أم لكل الأنبياء وأم العرب جميعهم
لأن الأصل العربى ينبع من أبناء سيدنا أبراهيم عليه السلام
والعرب جميعهم أبناء أبراهيم عليه السلام والسيدة هاجر
فتكريما للسيدة هاجر المصرية لقبت مصر بأم العرب وأم الدنيا
وأيضا
ماقامت به مصر من التصدى للحملات التتارية المغولية الوحشية
التى جائت من شرق آسيا وأجتاحت العالم بأسره
وهلكت الزرع ودمرت العمران فى البلاد وعدمت الأفراد والقادة العرب حتى وصلت إلى مصر
فتصدى لها المماليك بقيادة سيف الدين قطز والظاهر بيبرس
وسحقوهم وقضوا عليهم وهزموهم بإذن الله وشجاعة
وبسالة شعب مصر
ولولا وحدة وقوة مصر فى ذاك الزمان
لأجتاحت جيوش المغول العالم وأصبح العالم يئن ويعانى
من الظلم والطغيان حتى الآن ؟!!
ولاننسى الحملات العسكرية الغربية و التى حملت الصليب أدعاءا
وزورا حتى يتستروا خلفه وينالوا عطفا أو دعما من الشرق بأستخدامهم هذا الشعار الدينى وهو منهم براء
فالدين سماحة وتسامح ومحبة وعدالة وخير وتعميرمادى وروحى متواصل
ولكن وحدة المصريين وسماحة التى تأبى القهر وترفض الظلم قادت مصر إلى الأنتصار
وتم أسر قائدهم لويس التاسع
فى معركة المنصورة المصرية الشهيرة
إن أسم مصر مكرم فى الديانات السماوية
فقد ذكر صراحة فى أكثر من موضع فى القرآن الكريم
الذى حفظه الله إلى يوم الساعة
كما ذكرت مصر تلميحا وكناية فى أكثر من موضع
أيضا
كما أن العائلة المقدسة سلكت أرض مصر وطرقها ونيلها
فى رحلتها المقدسة
ومريم العذراء عليها السلام لها مقام ودير
وسير ة تاريخية وروحية مقدسة وعطرة عند كل
المصريين أقباطا ومسلمين.
وعلى جبال مصر وترابها خاطب موسى
عليه السلام ربه وكلمه تكليما
نفائح إيمانية ونسائم عطرة وروح
ووحدة وتضامن وتقدير وتكريم لمصر
من فوق سبع سموات إنها مصر ... منظومة
إيمانية واحدة .
.مصر.
هذا البلد الأمين.
المسجد والكنيسة والصومعة والمعبد
شعارها الدين لله والوطن للجميع
وخلاصة القول , إن أسم مصر تناولته كل اللغات
فمصر فى اللغة الأكدية تعنى مصرى ، وفى اللغة الآشورية تعنى مشر ،وفى اللغة البابلية تعنى مصر ، وفى اللغة الفينيقية تعنى مصور ،وفى اللغة العربية القديمة = مصرو ، وفى العبرية = مصراييم.
, كما أن كلمة " مصر" و جمعها " أمصار" تعنى المدينة الكبيرة ، التى تقام فيها الدور والأسواق وغيرها من المرافق والخدمات العامة ويعكس هذا كون مصر من أقدم المدنيات الباقية .وهى مسار الأنبياء والصالحين ومجمع الأديان والرسل وهى الرخاء والأمان وأم الدنيا .. وحتى اليوم تعرف مصر لدى المصريين والعرب بأنها " المحروسة ". وهى فى رباط إلى يوم الدين
. ( أدخلوا مصر إن شاء الله آمنين )
( سورة يوسف : الآية 99 )
والله المستعـان ,,,,
ساحة النقاش