<!--
<!--<!--<!--
وسقطت من الغصن ورقة
بين سهم منطلق نحو هدفه وآخر منتظر في قوسه وثالث صدئ في غمده انقضى العام ... بأفراحه وضحكاته وآماله ، وأحزانه ودمعاته وآلامه انقضي العام .. بابتسامات الفرح وتنهيداته .. وسجدات الشكر ودمعاته .. ونحيب الأسي وعَبراته.. وآهات الألم وأناته انقضي العام ... بين مولود ومفقود ومطروب ومكروب ومنتشي ومتقاعس ورغم أنف الجميع انقضي العام .. صارت كل صعابه وعقباته مجرد خبرات تروى بعَبرة وعِبرة .. وأضحت كل لحظاته الجميلة ذكريات يجنح لها الخيال فتنتزع من القلب تنهيدات سعادة ونشوة ، التقي فيه من التقي واجتمع فيه من اجتمع .. ونأى فيه من نأى وابتعد فيه من ابتعد..
وبين مكاسب جديدة وخسائر عديدة وفي جميع الأحوال طويت صفحة جديدة من كتاب أنت عنوانه ومؤلفه وكاتبه .. صفحة جديدة اكتظت بالخبرات المؤلمة والذكريات السعيدة ، تحققت فيها بعض الأحلام والآمال .. وتجددت فيها بعض الأحزان والآلام .. وبين منتبه وغافل وبمسراتها وكدراتها رغم أنف الجميع طويت الصفحة وانتقل القلم الي التي تليها .. من صفحة تلطخت بكل الألوان إلي ورقة بيضاء تنتظر ما سيدون بين سطورها .. بعضهم اختتم صفحته برقصات وطبول وخمور .. وبعضهم توجها بركوع وسجود وسحور .. وبعضهم تساوت لديه الأيام والسنين والشهور فغفل عن عجزها كعادته يوم غفل عن غرتها...
البعض حزن علي فراق عام سعيد أسعده ومرعليه كالبرق وكم تمنى ألا ينقضي ، والبعض أجهدته نزائل العام ومرعليه كل يوم فيه كالدهر.. منا من ودع عامه بابتسامة الراضى عن نفسه لما قدم فيه .. وعلي النقيض مَن سُرق من عمره عام ودعه ببحور من الدموع ندمًا علي ما فرط فيه .. وفي كلٍ هي ورقة جديدة سقطت من أوراق شجرة لا تتجدد أوراقها وصفحة جديدة طويت من كتاب لا يرجع إلي الخلف أبداً.. فيا تُري في أي موضع سقطت الورقة ؟! ولأي جانب طويت الصفحة ؟! لك عُدت أم عليك حُسبت ؟!
فهل شغل بالك يوماً عزيزي القارئ أن تعد لعامك المنصرم تقييماً وتقويماُ ؟! وأن تحسب ما لك فيه وما عليك؟! إني أدعوك الآن يا عزيزي أن تقتطع لنفسك في لحظة من الصدق مع النفس برهة تلتقط فيها انفاسك وترتب فيها أوراقك من جديد .. أمسك بقلمك ودون عن يمينك ما سعيت لتحقيقه من أحلام وطموحات وآمال ووفقت ، وما سعيت لتحقيقه ولم توفق في عامك المنصرم .. وعن يسارك ما أهملت فيه من حقوق وما أهدرت فيه من فرص .. دون ما نجحت فيه وما أخفقت ثم سل نفسك بصدق أى الصفحتين أكثر سطورًاً ؟! سل نفسك في نهاية عام كامل كم خطوة اقتربت من تحقيق هدفك الذي تسعى إليه؟! كم نجاحاً حققت في عام كامل بشهوره وأيامه ولياليه ؟! كم فرصة اقتنصت وكم فرصة أهدرت؟! كم درجةٍ للنجاح اعتليت وكم دركةٍ للفشل هويت ؟! كم تقدمٍ أحرزت؟! ولكم تقهقر جررت؟! ماذا قدمت لدينك وبلدك وأهلك ووالديك وولدك ونفسك في عام كامل؟!
قارن بين نفسك الآن وأنت أنت منذ عام كيف كنت ولأي صورة صرت .. ثم سل نفسك أي الصورتين أمامك أفضل ؟! بإجابتك ستعلم في أى طريق تسير ولأي نهاية تعمل ؟! أهي النهاية التي تتمنى وتصبو ؟! أهذا ما كنت به تحلم ومن أجله تسعي وتتحمل؟! أنهاية بها تسعد وتفتخر أم أخري منها تخزي وتألم ؟!
إن كانت إجابتك بالإثبات فاحمد الله فبفضله وحده وُفقت وبعونه أُعنت ويسرت لك الأمور, وإن كانت إجابتك بالنفي فاحمد الله أنه مازالت في كتابك صفحة لم تطوي وسطور مازالت بيضاء وقلم لم يقصف سنه ... وفي كلا الحالتين وجب عليك أن تعطي ظهرك لصفحتك الماضية ففي جميع الأحوال طويت ..! وأن تستعد لورقتك التي ما زالت بيضاء .. أختر لها عنوانًاً وهدفًاً وحدد سبيلك لبلوغ هدفك واستعن بربك وعليه توكل ، وأستعد لنفس موقفك هذا في عامك المقبل .. فإن وفقت إلي إدراكه فبفضل الله سطرت ورقة مشرقة تستحق الفخر ، وإن أغلق كتابك قبل اتمامها أجرت علي نيتك ويكفيك ما دونت فيها ولو كان سطرًا ..