Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

 

نشأت البعثات الدبلوماسية  

د. محمد ماهر الصواف

 

يعد نظام المبعوثين الدبلوماسيين هو أول النظم  الدولية التي تخضع في تنظيمها للقواعد العرفية , وقد استقر هذا العرف وقت طويل واستمر الوضع علي هذا الحال حتي  عقد مؤتمر فيينا سنة 1815 حيث بدأت المحاولات لإيجاد قانون مكتوب ، أو لتدوين القواعد العرفية لتنظيم التمثيل الدبلوماسي.

 

فقد اجتمعت ثمان دول  من الدول الأوربية وهي النمسا وأسبانيا  وفرنسا وبريطانيا والبرتغال وبروسيا  في مؤتمر فيينا لحل بعض المشكلات التي كانت تعترض التمثيل الدبلوماسي وأسفر هذا المؤتمر عن وضع لائحة فيينا والتي استكملت ببروتوكول إكس لاشابل في 21 نوفمبر 1818 في شأن ترتيب أو درجات الدبلوماسيين.


وفي سنة 1928، بدأت أولى خطوات تدوين القواعد العرفية في هذا المجال في اطار عصبة الأمم ، حيث كان من بين المسائل المكلف بها لجنة الخبراء بالعصبة والمنوط بها تدوين قواعد القانون الدولي ، وكان من بين هذه المسائل الحصانات والامتيازات الدبلوماسية ، وللأسف لم يسفر مؤتمر التدوين عام 1930 عن شيء في هذا الشأن.

 

 وفى عام 1928 عقد المؤتمر السادس للدول الأمريكية الذي أسفر عن إبرام معاهدة هافانا  في شأن الامتيازات والحصانات الدبلوماسية ، ولكنها كانت ذات طابع إقليمي بحت، وعلى إثر الحرب الباردة التي دفعت بالعديد من الدول إلى إساءة معاملة الدبلوماسيين ، تقدم مندوب يوغسلافيا بالأمم المتحدة باقتراح إلى الجمعية العامة في 5 سبتمبر 1956 يطلب فيه تقنين موضوع التمثيل الدبلوماسي، وقد أصدرت بالفعل الجمعية العامة قرارها رقم 685 المؤرخ في 5 ديسمبر 1956 بتكليف لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة بإعطاء أولوية لتدوين العلاقات الدبلوماسية والحصانات.


وفي ديسمبر 1959 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة التوصية رقم 1450 بالدعوة إلى مؤتمر دولي يعقد مدينة فيينا لتدوين قواعد التمثيل الدبلوماسي، وقد أسفر هذا المؤتمر في 18 أبريل 1961 عن اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية. والتي  أوردت فى ديباجتها أنه :   منذ زمن بعيد وشعوب
كل البلدان تعترف بنظام الممثلين الدبلوماسيين ،  وأن هذه الاتفاقية تسهم فى تنمية علاقات الصداقة بين الأمم وأن تقنين العلاقات والامتيازات والحصانات الدبلوماسية سيساعد على تحسين علاقات الصداقة بين البلدان مهما تباينت نظمها الدستورية والاجتماعية .

 

وقد أكدت الدول الموقعة علي هذه الاتفاقية أن الغرض من المزايا والحصانات التي أقرتها الاتفاقية , ليس هو تمييز أفراد , بل هو تأمين أداء البعثات الدبلوماسية لأعمالها على أفضل وجه كممثلة لدولها. وتؤكد أيضا الدول  أنه يجب أن يستمر تطبيق قواعد القانون الدولي التقليدي في المسائل التي لم تفصل فيها نصوص هذه الاتفاقية صراحة.

 

وتعتبر اتفاقية فيينا  بمثابة المصدر الأول والأساسي للنظام القانوني للتمثيل الدبلوماسي بين الدول بالإضافة إلى قواعد القانون الدولي العرفية بالنسبة للمسائل التي لم تفصل فيها صراحة أحكام هذه الاتفاقية ، وهو ما أكدته أيضا ديباجة الاتفاقية.


ومع تطور المجتمع الدولي وظهور  التنظيم الدولي مطلع القرن العشرين تزايدت مهام البعثات الدبلوماسية ، فلم يعد التمثيل الدبلوماسي قاصرا على شكله التقليدي المتمثل في السفارات الدائمة المستقرة على إقليم كل دولة ، بل ظهر نوع جديد من البعثات يختلف في طابعه عن التمثيل الدبلوماسي التقليدي ، يعرف بالبعثات الدبلوماسية الخاصة ويقوم الممثلون الدبلوماسيون في هذه البعثات الخاصة بمهام معينة قد تكون محددة بفترة زمنية معينة أو لغرض معين ، وقد تكون البعثات الخاصة ليست إلى الدول ولكن الى المنظمات الدولية ، وتخضع هذه البعثات في نظامها أساسا إلى العرف وإلى القواعد المستمدة من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية سنة 1961.

 

وفي 8 ديسمبر 1969 أقرت الأمم المتحدة الاتفاقية المتعلقة بالبعثات الخاصة ، وفي 14 مارس 1985 تبنت الأمم المتحدة اتفاقية أخرى بشأن ممثلي الدول في علاقتهم مع المنظمات الدولية العالمية.

 

 

المصدر: د. محمد ماهر الصواف : النظم الدبلوماسية والقنصلية ، مدينة الثقافة والعلوم، 2015

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

276,065

ابحث