الصورة الذهنية للمنظمات الحكومية
د. محمد ماهر الصواف
في كثير من الأحيان يتعرض المواطن للإهمال وسوء المعاملة عند تعامله مع المنظمات الحكومية ، وبصفة خاصة مع وحدات الشرطة المختلفة ( وحدات المرور والسجل المدني أو أقسام الشرطة ) حتي ان الكثير من المواطنين من الطبقة المتوسطة يتجنبون الذهاب لأقسام الشرطة للإبلاغ عن جرائم السرقة التي يتعرضون لها او في حالات التعدي عليهم ممن يمارسون البلطجة، وحتي في حالات النصب والغش التجاري يفضل المجني علية عدم الإبلاغ خوفا من الإهانة والإهمال من الجهات المختصة . وقد أدي ذلك إلي إفلات الكثير من المجرمين واللصوص من الملاحقة الجنائية، وساعد ذلك بالتالي على إنتشار الجريمة والإخلال بالأمن العام .
ويمكن القول أنه قد اصبح راسخا في أذهان المواطنين صورة المنظمة الحكومية علي أنها تملك السيادة والسلطة ولا يحاسب العاملين فيها عن أساءة استخدام هذه السلطه أوحسن التعامل مع العملاء أو التكاسل في تقديم الخدمة والإهمال في آدائها. وانه من الأفضل تجنب التعامل مع هذه المنظمات وموظفيها إلا في حالات الضرورة .
وتبنى الصورة الذهنية على خبرات الإنسان السابقة من لحظة الميلاد وتقوم بدور هام ومحوري في تكوين الآراء واتخاذ القرارات وتشكيل سلوك الأفراد . وتعرف بأنها الصور العقلية التي تتكون في أذهان الناس عن المنظمات والمؤسسات المختلفة . وقد تتكون هذه الصور من التجربة المباشرة أو غير المباشرة، وقد تكون عقلانية أو غير رشيدة، وقد تعتمد على الأدلة والوثائق أو على الشائعات والأقوال غير الموثقة ، ولكنها فى نهاية الأمر تمثل واقعاً صادقاً بالنسبة لمن يحملونها في رؤوسهم .
وتعرف الصورة الذهنية كذلك بأنها الانطباع العام الذى يدركه الآخرين وينطبع في أذهانهم عن المنظمة، بمعنى أنها تشير إلى كيفية إدراك أصحاب المصالح لهوية المنظمة والطريقة التي تقدم بها نفسها وبالتالي فهي الناتج النهائي لتفاعل الخبرة والمعتقدات والانطباعات التي يكونها جميع أصحاب المصالح وتستدعى من الذاكرة وتتحول إلى صور محدده .
وعلي حق يؤكد علماء الإدارة أن الصورة الذهنية تختلف من فرد لآخر باختلاف بيئته واتجاهاته ونظرته لما حوله وقدراته ومهاراته واحتياجاته . وعلي أية حال فقد توصلت الدراسات إلى أن الخبرة السابقة وأراء الآخرين لها تأثير كبير على الصورة الذهنية المدركة لكثير من المواطنين كوسائل الإعلام ، كما اتضح أن العوامل التنظيمية التي تتحكم فيها المنظمة أكثر تأثيرا على صورها بدرجة اكبر من العوامل الشخصية والبيئية والتي لا تخضع لتحكم المنظمة.
ومن هنا تكتسب الصورة الذهنية تجاه المنظمات الحكومية أهمية خاصة، ويتحتم على هذه المنظمات بصفة خاصة المنظمات الشرطية أن تهتم بدراسة الصورة السائدة عنها في مختلف طبقات المجتمع من اجل التمهيد لوضع الاستراتيجيات الكفيلة بإيجاد صورة ذهنية ايجابية عنها تكفل التعاون والدعم في أداء رسالتها.