Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

الثيوقراطية المفهوم والسلبيات

 

د. محمد ماهر الصواف

 

أطلق العلماء علي الحكومة الدينية او الحكم الديني مصطلح الثيوقراطية  .وهي  تتكون من كلمتين مدمجتين في اللغة اليونانية هما ثيو وتعني الدين و قراط وتعني الحكم

 

مر الحكم الديني بتطورات متعددة ففي  الديانات القديمة فى مصر وفارس والهند والصين كان الحاكم يعتبر من طبيعة إلهية وكان المحكومين يقدسون حاكمهم ، وجاءت الديانة المسيحية  ولم تتعرض لنظم الحكم واكتفى الدين المسيحي بالدعوة إلى الفضائل اللازمة لإسعاد البشر فى الدنيا والآخرة وترك ما لقيصر للقيصر وما لله لله.

ورغم  أن الفكر المسيحي رفض النظرة للحكام علي انهم آلهة إلا انه أحيا النظريات الثيوقراطية  بعد ان كادت تندثر حيث انطلق الفكر المسيحى من ان الله خلق كل شئ فى الحياة بما فيها الدولة والحكام وبالتالي فالله خلق الدول وأصطفي لكل منها حكام . وترتب علي ذلك التسليم بأن الحكام مخولين من قبل الله ولا يجوز معارضتهم وأن طاعتهم من طاعة الله. وقد سميت هذه الأفكار بنظرية الحق الإلهي المباشر التي تطورت الي نظرية الحق الإلهي غير المباشر لتخفيف من النظرة المقدسة للحكام وانه يمكن الثورة عليه  .

يذهب أنصار هذه النظريات الثيوقراطية  إلى أن قوة عليا – قوة الله – هى التى أوجدت الدولة والسلطة السياسية فيها، بمعني ان الله هو الذي أختار  الشخص أو الأسرة الذى يكون له حق الحكم فى مجتمع معين ، وعلى ذلك تنظر هذه النظرية لسلطة الملوك علي انها مستمدة من الله تعالى الذى اصطفاهم وأيدهم بقوته ليرعوا مصالح الأفراد الذين يجب عليهم الطاعة. وان الدولة أنشاها الله لرعاية مصالح العباد.  وكأن الاعتقاد السائد أن ما يملكه  الحاكم ورجال الدين من سلطة الإكراه والعقاب هو نتيجة لطبيعة الإنسان الفاسدة وأن الله فرض هذا النوع من الحياة على الإنسان بسبب الخطيئة الأولى ومن ثم فعلى الإنسان أن يطيع الحاكم أيا كانت تصرفاته على أساس أن تلك هى إرادة الله.

وظلت النظريات الثيوقراطية سائدة طوال قرنين تقريباً  وكانت للكنيسة فيهما اليد الطولى فى المجتمع الأوروبى وعلماء الدين وسطاء بين العبد وربه،

 ولكن نفوذ الكنسية وخاصة فيما يتصل بالشئون غير الدينية بدأ يتقلص نتيجة لعدة عوامل اقتصادية واجتماعية وفكرية طرأت على أوروبا فى هذه الفترة.

وهنا يجب الإشارة أن الإسلام والقرآن الكريم لم يتعرض لتفاصيل نظام الدولة الإسلامية أو لشكل المؤسسات ودورها أو كيفية وطرق تشكيلها أو نمط وحدود العلاقة وتوزيع الاختصاصات بينها .... الخ، إلا انه حدد الأسس الثابتة والمبادئ العامة التي يجب أن يقوم عليها أو يسترشد بها نظام الحكم في الدولة الإسلامية.

 كما أن الإسلام جعل العلاقة بين العبد وربه تلقائية ومباشرة دون وساطة رجال الدين أو مؤسسة دينية ، وليس لعالم الدين أو الحاكم وضع خاص ومميز في المجتمع  ، ومكانته عند الله تتحدد بعلمه وتقواه وعليه من حيث التكاليف وأحكام العبادات ما على أي فرد مسلم أخر.

وتتجلي خطورة تبني الحكم الديني في كونه ينطلق من أن "الدين هو الحل" الأمثل لتسيير شؤون العالم.. وكل خلاف معه يصبح كفرا وخروجا عن الدين ومن الطبيعي في ظل هذا المفهوم لإصول الحكم تصبح القوانين   مجحفة  بحق المذاهب الأخرى والأقليات ، وتزول نهائيا المساواة  بين المواطنين . كما قد يؤدي إلى شرذمة في الدين الواحد لظهور مذاهب متعددة وشيع وأحزاب دينية مختلفة وتصبح الأرضية خصبة لنشأة الصراعات الدينية ، فلا حاجة للقول أن تعدد المذاهب والتفسيرات للأحكام الدينية ترجع إلي تعدد الآراء بين الفقهاء حول تفسير وشرح الأحكام والتي عادة ما تعكس عقلية وثقافة شارحها واهتماماته وكذلك ثقافة عصره، ومما يثير الصراع شدة إدعاء كل فريق ملكية "الحقيقة الإلهية" الكاملة لتسيير أمور الناس في هذا العالم ، وعادة ما تفرض هذه الشروح والآراء علي الناس فرضا دون أي نقاش أو نقد.

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 710 مشاهدة

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

326,328

ابحث