تأثير الزيادة السكانية وكيفية التعامل مع آثارها السلبية في الدول النامية
أ.د.ماهر الصواف
تواجه مصر مثل غيرها من مناطق العالم النامى تحديات المشكلة السكانية، ويكاد يتفق الأكاديميون وغيرهم من المعنيين بالقضايا السكانية على أن النمو السكانى المتزايد دون ارتفاع معدلات التنمية يؤدي إلي انخفاض في مستوي المعيشة وتنخفض فرص التعليم والمرافق الصحية وفرص العمل.
ويعد روبرت مالتوس (Malthus )1766 أول من نبه الأذهان إلى خطورة الزيادة السكانية اذا لم يسايرها زيادة مماثلة فى مستوى الموارد بعبارة أخرى يرى مالتوس أن إزدياد عدد السكان دون أن يتبع ذلك وفرة فى المعيشة وزيادة فى الموارد بالمعدل نفسه قد يسبب البؤس والشقاء للإنسان ويرتفع مستوي المجاعة والتخلف .
وقد خالف مالتوس بذلك الإعتقاد السائد فى هذه الفترة والذى كان ينطلق من أن المجد الوطنى فى بلد من البلاد يقوم على مدى إكتفاء الدولة بنفسها وعدد سكانها, وأن مقياس الرخاء والإنتعاش الإقتصادى يضطرد مع زيادة السكان دون النظر إلى نوعية الحياة ومستوى المعيشة التى يجب أن يحياها الأفراد.
وقد جاء مالتوس بنظريته فى السكان بعد أن أجرى دراسة شاملة جمع لها كثير من المعلومات وإستخدم فيها الأرقام والإحصائيات مما ميز دراسته عما سبقه من دراسات . وإنتهي إلى أن زيادة السكان تتضاعف بنسبة متوالية هندسية أى (1 ,2 ,4 ,8 , 16 ,32 , 64 ألخ) وأما الموارد الطبيعية فتتضاعف تبعا لمتوالية حسابية أى (1 ,2 , 3 , 4 ,5 ,6 ,7 .. ألخ وإنتهي إلي أن عدد السكان فى مدى 150 سنة يتضاعف 64 مرة فى حين يزداد رقم الموارد فى هذه المدة إلى 7 مرات فقط.
وعلى ذلك خلص مالتوس إلى نتيجة مؤداها أن الزيادة السكانية غير المناسبة تنتهى بالناس إلى الفقر والشقاء . وقد عبر الكثير من المفكرين عن عدم اتفاقهم مع هذه النتيجة نظرا للتطور العلمي والتكنولوجي والذي ساعد علي حسن استخدام الموارد وزيادة معدلات التنمية .
وعلي أية حال يمكن القول أن كثير من الدول النامية مازالت غير قادرة علي تحقيق القدر المناسب من التوازن بين الزيادة السكانية ومعدلات التنمية ومنها مصر, لذا وضعت الحكومات المتعاقبة في مصر سياسات للحد من الزيادة السكنية، وتم إنشاء المجلس القومي للسكان بالقرار الجمهوري رقم 19 لسنة 1985 ليكون مسئول عن مواجهة مشكلة الزيادة السكانية وتغيرت تبعيته التنظيمية أكثر مرة بهدف دعم نشاطه . هذا وقد حظر مقرر المجلس القومي للسكان في نوفمبر 2018 من خطر الزيادة السكانية مصرحا أن : "الأرقام مرعبة كل 15 ثانية بيتولد طفل". مشيرا إلى أن عدد الأطفال المولودون فى العام يساوى نصف عدد سكان قارة أوروبا، متابعا "مصر بتولد دولة كل عام دون موارد، ما يسبب حملا شديدا على اقتصادها". وأوضح أن أعلى 10 محافظات (محافظات الصعيد) فى الفقر هى الأكثر فى عدد المواليد وأن المسألة ليست أقراصا لتنظيم الأسرة لكن لابد من بدء المعادلة من بدايتها بمحاربة الفقر
ونخلص مما سبق انه يجب عدم النظر للزيادة السكانية من جانب واحد وأن مواجهتها يتطلب ضرورة العمل علي تشجيع الأسر لتنظيم النسل ، إنما لا بد من إجراء الدراسات لتحديد العوامل المتعددة التي تؤدي إلي عدم نجاح سياسات تنظيم الأسرة، بصفة خاصة العوامل المتعلقة بالعادات والتقاليد والمنظور الديني بصفة خاصة في المناطق الريفية ، ومن جانب أخر يجب وضع الخطط المستقبلية للإستفادة الكاملة من القوي البشرية المتاحة من خلال تحسين الخصائص السكانية من تعليم ، وصحة ، وتنمية القدرات الفنية والتقنية ، وإعادة تأهيل قوي العمل بما يتفق مع احتياجات سوق العمل مع مراعاة عدم التميز بين الذكور والإناث، كذلك فإنه من الأهمية معالجة سوء توزيع السكان وتركيزهم في مساحات محدودة من إجمالي مساحة مصر و معالجة الفجوات بين المحافظات الريفية والحضرية .