تمتلئ الساحة السياسية المصرية بالعديد من الصراعات ما بين شخصية وطائفية وفئوية وأيدولوجية........، وما أريد مناقشته اليوم هو الصراع بين الليبراليين (وإن كنت متحفظا على هذا الاسم حيث أرى أن العديد منهم أبعد ما يكونون عن مبادئ الليبرالية) والإسلاميين (وإن كنت متحفظا على هذا اللقب فالكثير منهم أبعد ما يكونون عن روح الإسلام ومبادئه)
ولتحليل الصراع على المستوى النفسي والاجتماعي يجب أن نلفت الانتباه إلى نظرية من أهم نظريات تحليل العلاقات التبادلية والتفاعلية Transactional Analysis بين البشر وهي نظرية إريك بيرن Eric Berne التي تشير إلى أن التفاعل بين البشر قد يكون بين طفلين أو أبوين أو طفل مع أب ولكل شخصية سماتها وتفاعلاتها.
ويرى علماء هذه النظرية أن الشخصية العربية عامة والمصرية خاصة تتميز أثناء الصراع بسمات الوالد الناقد وهو الشخص الذي يرى الآخر دائما على خطأ وأنه لا يفهم ويجادل وأنه عميل أو مأجور أو له أهداف خفية ويستخدم دائما التأنيب والعنف اللفظي غالبا والجسدي أحيانا، ويظهر هذا جليا في اللقاءات الاعلامية بين الطرفين وما يحدث فيها من مهاترات حيث يركز كل منهما على أخطاء الآخر وينتقده في سلوكيات يقوم نفس المنتقد بعملها فيرفض الإسلاميون مظاهرات 4 أغسطس ويصفون مؤيديها بالخوارج والعمالة لكنهم في نفس الوقت كانوا يؤيدون المظاهرات ضد المجلس العسكري ويصفون من فيها بالأبطال.
كما يظهر أيضا سمات الطفل المقيد والتي تتميز بالبحث عن رضا السلطة التي يراها كل طرف في صالحه وهذا يظهر بوضوح بين الإعلاميين فنرى جريدة الأخبار تغازل الرئيس والسلطة فنرى منشيتاتها يوم العيد تقول "20 ألف مصري يهتفون ارفع رأسك فوق إنت مرسي". في نفس الوقت نرى العديد من برامج الفضائيات وبعض الجرائد الأخرى تحاول إرضاء معارضي الرئيس بتشويه صورة أسرته واطلاق العديد من الشائعات المرتبطة بالتخويف من الإسلاميين.
كما أظهرت الساحة مؤخرا بعد الثورة شخصية ثالثة لم تكن موجودة بوفرة قبلها وهي شخصية الطفل الحر وهو الشخص المشاكس المشاغب العنيد الذي لا يعجبه أي شيء ويرفض كل شيء ويسفه كل شيء وهو ما يظهر بوضوح في شخصية توفيق عكاشة حين تجاوز في برنامجه كل الخطوط الحمراء لدرجة سباب الجميع من الثوار مرورا بمبارك والمشير وعنان وانتهاءا بالدعوة إلى قلب نظام الحكم وقتل رئيس الجمهورية.
كما تظهر هذه الشخصية بين رواد الفيس بوك حيث يهاجمون كل شيء ويسخرون من كل شيء بداية من أعضاء مجلسي الشعب والشورى مرورا برئيس الوزراء قنديل ودعوته إلى ترشيد استهلاك الكهرباء بارتداء الملابس القطنية وانتهاءاً بمهاجمة رئيس الجمهورية ودعوته للمصريين بالتخلص من الزبالة والمساعدة في التنظيف.
ومن هنا نجد أن الساحة على المستوى النفسي تشتمل على أب ناقد وطفلين أحدهما مقيد والآخر حر.
وتختفي تماما الشخصية الناضجة نفسيا وعقليا للأسف وهو الشخص الليبرالي الحق والإسلامي بجد حيث يستخدم الحوار الإيجابي وينفذ قوله تعالي ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) فيبتعد عن الاتهامات والبحث في نوايا الآخرين ويهتم بملاحظة سلوكهم ويترك تفسير نواياهم ويحكم على الواقع لا على المتوقع.
ويستخدمون قوله تعالى ( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) فلا يستخدمون لغة التهديد والوعيد والتخوين والصوت العالي والسباب وغيره مما نراه في الحوارات الإعلامية.
واقرأ أيضًا:
رؤية طبيب نفسي لخطاب السيد المشير / السم والعسل في مسلسلات رمضان / أنواع اضطرابات الشخصية / ليلة العمر / ختان الإناث: الأسباب والمعتقدات / الهجوم على رفح.. التوقيت والأهداف / التقاعس الأمني جريمة وخيانة للوطن / مَقاتِلُ الثورة المصرية/ السيد الرئيس ... انتبه صورتك في خطر / لا تفلح ثورة تفشل في تسمية أشيائها / «الريّس» مرسي... لا إيران ولا أردوغان (5/5) / كوباية شاي في الميدان / الثورة المضادة في الشعب نفسه/ خيار العودة إلى "الميدان" وثورة المصريين الثانية/ انتخبوه وعارضوه/ قراءة في أول خطاب رئاسي للدكتور مرسي/ مباركة ثورة مصر العربية / من يصنع صورة الرئيس؟/ مدونات مجانين فوائد انقطاع الكهرباء/ قرارات مرسي.. إنهاء لحكم العسكرتاريا/ مخدرات خاصة بقطاع غزة؟/ هل تنتقم حماس للجنود المصريين؟ / غزة والأمن القومي المصري ...
نشرت فى 26 سبتمبر 2015
بواسطة dralysmail
دكتور علي اسماعيل للطب النفسي و الاستشارات النفسية والتنمية البشرية والمشكلات الزوجية والاجتماعية
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
110,140
ساحة النقاش