التمثيل في مجال الإعلام المرئي (الجزء الثاني)2020
التمثيل .. فن تتعلمه أم مهارة تكتسبها ؟
هل يمكن تعلم التمثيل ؟
كان سائدا عند القدماء و المحدثين مقولة بأن ” الممثلين يولدون لا يصنعون” ، وهناك مقولة أخرى ” إن الوافد الحديث ولد موهوبا على عكس الآخرين ” و هو قول مقنع ولكن ما الموهبة وهل يولد الممثل على شاكلة تختلف عن بقية البشر ؟! و إذا كان الممثلون من طبقة مختلفة فأين يقع جوهر الإختلاف ؟
ولكن على العموم يوجد هناك رأيان مختلفان في مسألة صنع الممثل هما :
أن الممثل يولد ممثلا و أن المسألة كلها موهبة فهم هنا يلغون فكرة تعلم التمثيل ، بينما يرى الرأي الآخر أن التمثيل مثله كبقية الفنون في حاجة إلى التدريب والتعليم.
هل التمثيل إحساس أم لا ؟
تنقسم نظريات التمثيل الفعلية إلى مدرستين أساسيتين هما :
1ـ المدرسة الحرفيةالآلية
و تتجه إلى تناول المشكلة من الظاهر و التشديد على استخدام الجسم و الصوت و الإيماءة و النبرة و التقاليد و الأساليب الحرفية.
2ـ المدرسة النفسية أو الإبداعية
و تتجه إلى تناول المشكلة من الداخل والتأكيد على عناصر من نوع الفهم و الدافع و المخيلة و الغرض و الإنفعال.
و لكن ما هو موقف معلمي التمثيل والمسرح من هذين المدرستين ؟
بالرغم من أن الكثير من المعلمين يفضلون الإبتداء بالحرفية إلا أنهم في أغلب الأحيان يتصدون للدوافع و المسببات الإنفعالية قبل إنتهاء فترة التدريب ، فمنطق الأشياء يؤكد لنا في التحليل النهائي أنه لا أهمية لإحساس الممثل وعدمه إذا لم يحرك أحاسيس الجماهير .
العلاقة المثالية ما بين المخرج و الممثل
يعتقد كثير من السينمائيين أن أهم وظيفة للمخرج هي استخراج أداء جيد من ممثليه ، و تعتمد هذه النظرية على أن المتفرج قد يغفر الأخطاء الفنية إذا كان الأداء التمثيلي مقنعاً و مؤثراً ، وفي المقابل فإن الجمال الفني في تكوين الكادر , والإضاءة , وحركة الكاميرا قد لا تعني شيئاً بالنسبة للمتفرج إذا كان الأداء ضعيفاً . لذلك يجب أن يحاول المخرج الناجح تعديل أسلوبه فيما يختص بالجانب التمثيلي ليتناسب مع أسلوب الممثل في العمل للوصول إلى أفضل النتائج .
أسلوب المخرج و أداء الممثل في الأحوال المعتادة :
هو قيام المخرج بشرح رؤيته للشخصية التي سيقوم الممثل بتمثيلها ,تاركاً له فرصة الرجوع إلى مصادره الخاصة للوصول إلى الطريقة المناسبة في تجسيد الشخصية ، بعد ذلك يعمل الاثنان معاً لتحسين الأداء ، وإذا ظهر خلاف في الرؤية بين الممثل والمخرج , عندها يجب أن يتناقشا سوياً للوصول إلى رؤية واحدة . ومع ذلك فالقرار النهائي يعود إلي المخرج وحده ، وهناك ظروف يكون من المهم أن يفرض المخرج فيها أسلوباً في الأداء على الممثل , فمثلاً عند التعامل مع ممثلين غير مدربين يتحول المخرج إلى معلم , ويكون عليه الانفصال عن أسلوبه الشخصي في التمثيل . و في الحالات التي يجد فيها ممثل ذو خبرة مشكلة في الأداء , فسوف يكون في الأغلب مستعداً للاستماع إلى نصائح المخرج واقتراحاته
و للحصول على أفضل أداء للممثل يجب اختيار أفضل الطرق لتحفيزه على تقديم كل ما لديه ، ومن القواعد التي يجب مراعاتها توجيه الممثل بأسلوب يشجعه على أن يكون إيجابياً ومطوراً لأدائه ، ورغم ما قد يبدو في هذا من مبالغة , فإن اللغة التي يستخدمها المخرج في توجيه الممثل قد تغير كثيراً من النتائج التي يحصل عليها ، و أول ما يجب تفاديه هو أن يطلب من الممثل بشكل مباشر تعبيراً معيناً , كأن يقال له مثلاً : حاول أن تبدو أكثر غضباً . هذا الشكل من التوجيه ربما يتسبب في أن يفتعل الممثل التعبير المطلوب ، و الأفضل أن يحاول المخرج تركيز توجيهاته على الأسلوب الذي سيؤدي به الممثل , وليس على النتيجة التي يريدها من الممثل ، ويعني هذا استخدام أسلوب مختلف في مخاطبة الممثلين والتركيز على ما يساعدهم فعلياً في عملية توليد المشاعر المطلوبة بداخلهم ، فمثلاً إذا كان الموقف التمثيلي هو لزوج و زوجة يتشاجران , والزوج يسخر من زوجته ، فبدلاً من إخبار الممثلة أنها يجب أن تغضب , يمكن تحفيزها بتحريضها على جعله يتوقف عن السخرية منها , من خلال جمل مثل “لا تسمحي له بالسخرية منك” و ترك اختيار الوسيلة لها ، هذا الأسلوب يدفع الممثل للتفكير في تركيبة الشخصية التي يجسدها , و محاولة استخراج هذه المشاعر من بين مفرداتها ، وعند فشل كل الحلول الأخرى , يلجأ المخرجون إلى حلول جذرية للوصول إلى الأداء المطلوب , و لا تحظى هذه الحلول غالباً برضاء الممثلين , كاستفزاز الممثل على المستوى الشخصي ليتمكن من الأداء الغاضب الذي يريده المخرج مثلاً .
لذلك لابد أن يتعامل المخرج مع الممثل بنفس حرصه على التعامل مع العناصر البصرية , ويتطلب هذا بالطبع فهماً جيداً لطبيعة الحرفة
ساحة النقاش