د/ أحمد عبد الوهاب برانيه

أستاذ إقتصاد وتنمية الموارد السمكية

 

الاثار الاقتصادية والاجتماعية لزيادة جهد الصيد في خليج السويس

نتيجة استخدام بعض لنشات الصيد بحرفة السنار

شباك الجر والشانشولا



    ان تناول الاثار الاقتصادية والاجتماعية لانشطة الصيد – يتطلب بداية استعراض بعض الحقائق العلمية والتي تعتبر معلومات اساسية والتي على اساسها يمكن تحليل  وقياس تلك الاثار وبالتالي وضع السياسات المناسبة للمحافظة على الموارد السمكية واستدامتها .

**    معلومات اساسية  :-

-    ان الطبيعة الدنياميكية للموارد السمكية هي عملية تبادل مستمرة للاجيال على مر الزمن  تتضمن ولادة للاجيال المتابعة ثم نموها ثم هلاكها وذلك من خلال نظام بيئي منضبط  ،  هذه الخاصية تجعل الموارد السمكية موارد مستدامة .
-    لضمان استدامة الموارد السمكية فأن انشطة الصيد يجب ان تراعي قدرة هذه الموارد على استعادة عناصرها ( مكوناتها ) بواسطة التوالد والنمو فاذا لم يتحقق التوازن بين معدلات الصيد ومعدلات التعويض للموارد السمكية ،  وكانت معدلات الصيد اكبر من معدلات التعويض فأن هذا يؤدي الى تناقص الموارد ثم انقرضها في النهاية . 
-    ان المهمة الاساسية للادارة الرشيدة للمصايد هي تحديد مستوي الاستغلال البيولوجي الامثل والذي يعني اكبر كمية من الاسماك يمكن ان تحصل عليها على المدى الطويل والذى تسمي ايضا المستوى الحرج للاستغلال بحيث اذا زادت الكميات من صنف او مجموعة من الاصناف عن هذا المستوي ،  فانه يكون بداية لتناقص الكميات المنتجة في السنوات التالية والذى يترتب علية مع اثبات جهد الصيد ( اعداد وحدات الصيد – حرف الصيد  -   وقت الصيد  وغيرها  ) الى انقراض هذه الاصناف . 
-    ان محاولة استعادة انتاجية المصايد والوصول مرة اخري الى مستوي الاستغلال البيولوجي الامثل سيحتاج الى وقت طويل وادارة جيده للمصايد تتضمن تحديد اعداد ومواصفات وحدات الصيد ومعدات الصيد وفترات الصيد والتي قد تتطلب تضحيات اقتصادية واجتماعية غير قليلة . 
-    ان هناك عدة عوامل تؤدي الى الصيد الجائر ( تخطي مستوي الاستغلال البيرلوجي الامثل ) من اهمها التلوث بأنواعه المختلفة حيث يسبب التلوث انخفاض مستوي الاستغلال البيولوجي وفي ظل ثبات وحدات الصيد العاملة في المنطقة فإن هذا يعني ظهور الصيد الجائر وهو ما يحدث في معظم المصايد المصرية ، كما أن إدخال تعديلات علي تقنيات الصيد ( وحدات صيد ومعداته) دون دراسة علمية  يؤدي إلي ظهور الصيد الجائر أيضا ، ذلك أن هذه التعديلات تزيد من قيمة رأس المال المستثمر والذي يعني زيادة التكاليف ، وهذا بدوره يتطلب زيادة إنتاجية وحدة الصيد لتغطية تلك الزيادة وبالتالي تخطي مستوي الاستغلال البيولوجي وبداية استنزاف الموارد ، والمثال الواضح لذلك هو ما حدث لبعض وحدات الصيد بالسنار في خليج السويس والتي تم تطويرها لاستخدام حرفتي الجر والشانشولا بالمخالفة للقانون . 

مصايد خليج السويس :

-    تنقسم مصايد خليج السويس إلي ثلاثة مجموعات :

    -    مصايد الشباك الحلقية ( الشانشولا – مصايد الأسماك القاعية ). 
    -    مصايد شباك الجر ( مصايد الأسماك القاعية ).

    -    مصايد السنار .

    وطبقا للبحوث والدراسات التي قامت بها منظمة الأغذية والزراعة (مشروع تنمية مصايد البحر الأحمر وخليج عدن) في إطار إدارة مصايد خليج السويس بفروعيها الثلاث ( وهي الدراسة الوحيده التي تمت في هذا الموضوع) والتي نشرت نتائجها في عام 1985 فإنه يمكن استعراض أهم النتائج فيما يلي : - 

مصايد الشانشولا :

-    أن اعداد المراكب المرخصه كان 84 منها 11 مصرح لها بالعمل خارج الخليج . 
-    أن أي زيادة في مجهود الصيد ( عدد الوحدات – وقت الصيد ) لن يحقق أية زيادة في الإنتاج والمقدر بحوالي  10 – 15 ألف طن . 
-    أنه يمكن الحصول علي نفس الإنتاج (10 – 15 ألف طن ) إذا تم تخفيض عدد مراكب الصيد إلي النصف أي حوالي 40 مركب صيد فقط وهذا يؤدي إلي زيادة الكفاءة الاقتصادية للوحدات . 
-    يجب إلا يسمح بإصدار تراخيص صيد جديدة ، كما لا يسمح بحدوث تعديلات  في المراكب العاملة ( تعديل تقنيات الصيد ) . 
-    تخفيض مدة موسم الصيد لتقليل جهد الصيد . 

مصايد الجــر :

    -    أن عدد المراكب المرخص لها 74 مركب ( عند اعداد الدراسة) .
    -     يمكن تحقيق زيادة قليله إلي الإنتاج من خلال السماح  بزيادة مجهود الصيد(مراكب الجر المرخصه حاليا 78 مركب ) وأن أي مجهود أضافي سينتج عنه نقص في الإنتاج السنوي).
    -    أن الإنتاج السنوي المستدام ( مستوي الاستغلال الأمثل) حوالي 5500طن .
    -    لرفع الكفاءة الاقتصادية للوحدات العاملة في مصايد الجر يفضل تخفيض عدد الوحدات العاملة بنسبة 10% . 

مصايد السنار :

    -      يعمل بها وحدات صيد صغيرة نسبيا ( لنشات) يقدر عددها بحوالي 120 لنش تعمل بحرفة السنار وبعض أنواع الشباك الخيشونية .
    -     أن جهد الصيد ( اعداد اللنشات وحرف الصيد المستخدمة ) مناسب والذي يمكن أن يحقق إنتاج سنوي قدره 1.6 ألف طن . 
    -    أن أية زيادة في جهد الصيد ( اعداد وحدات وحرف الصيد) سوف يؤدي إلي تناقص الإنتاج . 
الخــــلاصة : 
    أن مستوي الاستغلال البيولوجي الأمثل الذي يحقق استدامة الإنتاج في مصايد خليج السويس تم تقديرها كما يلي : - 

-    مصايد الشانشولا :

الإنتاج الأمثل        10 – 15 ألف طن سنوي 
    عدد الوحدات    82 مركب (يمكن خفض هذه الاعداد لزيادة متوسط العائد لوحدة الصيد )

-    مصايد الجـــر  :   

الإنتاج الأمثل         5500 طـن
عدد الوحدات         78   مركب (يمكن خفض هذه الاعداد لزيادة متوسط العائد لوحدة الصيد)

-    مصايد السنار :

الإنتاج الأمثل     1600 طــن
عدد الوحدات     120  لنـش (يمكن خفض هذه الاعداد لزيادة متوسط العائد لوحدة الصيد)
-    أن أية زيادة في جهد الصيد الحالي في المصايد الثلاثة نتيجة زيادة اعداد مراكب و لنشات الصيد وتعديل حرف الصيد من خلال ادخال معدات صيد غير المرخص بها أو أية تعديلات أخري سوف يكون لها أثار سلبية علي استدامه الإنتاج وحدوث تداعيات اقتصادية واجتماعية علي المستوي القومي وعلي العاملين في قطاع المصايد والأنشطة المساعدة والحديثة . 

الأهمية الاقتصادية والأجتماعية لمصايد خليج السويس :

-    حجم الاستثمارات في وحدات الصيد تقدر بحوالي 434 مليون جنيه موزعة كالآتي : - 
    -    مصايد الجــر     234 مليون جنيه
    -    مصايد الشانشولا    164 مليون جنيه
    -    مصايـد السنـار    36   مليون جنيه
-    هناك استثمارات أخري لم نتمكن من حصرها مثل مواني الصيد ، الخدمات المساعده . 
-    يقدر حجم العمالة المباشرة العاملة علي وحدات الصيد بحوالي 5890 عامل :
    -    مصايد الجــر     1170 عامل 
    -    مصايد الشانشولا    3380 عامل
    -    مصايـد السنـار    1440 عامل
-    تقدر العمالة في الأنشطة الخدمية والمساعدة بحوالي 23560 عامل 
-    علي أساس أن متوسط عدد أفراد الأسرة خمسة أفراد يكون إجمالي عدد الأفراد المعتمدين علي مصايد خليج السويس حوالي 2945 فرد . 

-    أن قيمة الإنتاج من مصايد خليج الصيد عند مستوي الاستغلال البيولوجي الأمثل مقدره بأسعار موسم 2011/2012 بلغت حوالي 180 مليون جنيه بيانها كالآتي : - 
-    مصايد الجــر ( أسماك )     5000 طن X  7000 جنيه =  35 مليون جنيه
 ( جمبري )    500   طن X  60000جنيه = 30 مليون جنيه

- مصايد الشانشولا   15000 طن X  5000جنيه = 75 مليون جنيه

    -    مصايـد السنـار 16000 طن25000X جنيه =40 مليون جنيه

الآثار الاقتصادية والاجتماعية للصيد الجائر في خليج السويس :

    باستعراض تطوير الإنتاج السمكي خلال مواسم الإنتاج 2000/2001 حتي 2011/2012 من المصايد الجر والشانشولا وهي الأكثر تعرضا للأستنزاف يمكن استنتاج وجود اتجاه عام نحو تناقص في الإنتاج (جدول 1) وأنه في جميع الأحوال يقل عن مستوي الاستغلال البيولوجي الذي كان مقدراً بواسطة منظمة الأغذية والزراعة في فترة الثمانينات مما يؤكد علي وجود صيد جائر يهدد استدامة الإنتاج ، كما سبق وان ذكرنا . وقد ادي هذا إلي خسائر واضرار اقتصادية واجتماعية علي كل من المستوي الكلي والجزئي يمكن تقديرها من خلال مقارنة الإنتاج مصايد الجر والشانشولا( وهي الأكثر تأثرا اذا تم  استخدام مراكب السنار لهذه الحرف  كما يطلب البعض )  في موسم 2011/2012 بمستوي الاستغلال البيولوجي الأمثل مقدرا بأسعار نفس الموسم (جدول 1 ،2)

-    مصايد الشانشولا :

    كمية الفقد في الإنتاج  = 11442 طن 
    قيمة الفقد في الإنتاج  = 57.2 مليون جنيه 

-    مصايـد الجــر   :

    كمية الفقد في الأسماك والجمبري = 1429 طن 
    قيمة الفقد في الإنتاج = 27.7 مليون جنيه 
-    تزايد اعداد مراكب الشانشولا التي توقفت عن العمل خلال موسم 2011/2012 بسبب انخفاض الإنتاج ( جدول 3) وبالتالي تحقيق خسائر ، وهذا أخطر تداعيات تدهور المصايد و الذي يهدد بخروج استثمارات كبيرة   من النشاط حيث توقفت  28 مركب عن الصيد  قيمتها حوالي 56 مليون جنيه ، وبطالة حوالي 1120 صياد يتبعهم حوالي 5000 عامل في الأنشطة الخدمية والمساعدة وتأثر حوالي 125 ألف فرد يعولونهم وهذه الاعداد قابلة للزيادة سواء في مصايد الشانشولا او الجر  . 
-    انخفاض المعروض من الأسماك البحرية وبالتالي إرتفاع أسعارها وهو ما يفسر إرتفاع أسعار الأسماك البحرية في الفترة الأخيرة بنسبة 80% طبقا لبيانات مركز معلومات مجلس الوزراء . 

-    تعويض النقص في الإنتاج المحلي من خلال الاستيراد وهو ما يتزيد من عجز الميزان التجاري الغذائي ويزيد الطلب علي العملات الأجنبية .


الخلاصـــه :

    تتعرض مصايد خليج السويس بفروعها الجر والشانشولا والسنار للصيد الجائر وتخطي مستوي الاستغلال البيولوجي الأمثل والتي حددته دراسات منظمة الأغذية والزراعة  مما أدي إلي تناقص الإنتاج في المصايد الثلاثة وتهديد استدامتها ويرجع ذلك إلي أسباب مختلفة منها التلوث والاسترخاء في تنفيذ القوانيين والتشريعات المحدودة لاعداد المراكب وحرف الصيد ومواسم الصيد وأن أكثر المصايد تضرراً هي مصايد الشانشولا والجر ، وعليه فإن زيادة جهد الصيد في هذه المصايد نتيجة الموافقة علي قيام بعض مراكب حرفة  السنار باستخدام حرفتي الجر والشانشولا بالمخالفة للقانون يؤدي إلي تداعيات اقتصادية واجتماعية تؤثر علي جميع العاملين في مصايد خليج السويس بما فيهم هؤلاء المخالفيين . 

الــــــــرأي :

-      أن المحافظة علي استدامة الإنتاج  السمكي من مصايد خليج السويس يتطلب اجرائين : 
-    الاول : وقف أي زيادة في جهد الصيد في مصايد خليج السويس خاصة بالنسبة للجر والشانشولا فوراً و تطبيق القانون . 
-    الثاني:    اعادة تقيم المخزونات السمكية في الخليج في ظل المتغيرات التي حدثت منذ الثمانيات وبالتالي وضع سياسات علي اساس علمي لإدارة هذه المصايد بما يحقق استدامتها . 

 

المصدر: أ . د . احمد عبد الوهاب برانية استاذ اقتصاد وتنمية الموارد السمكية – معهد التخطيط القومي مستشار منظمة الاغذيه والزراعة F A O اكتوبر 2012
drBarrania

د/ أحمد برانية أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى

ساحة النقاش

د/ أحمد عبد الوهاب برانية

drBarrania
أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

366,994