د/ أحمد عبد الوهاب برانيه

أستاذ إقتصاد وتنمية الموارد السمكية

إدارة الزراعة المصرية فى إطار التغيرات المحلية والدولية (الجزء الأول)

الموارد السمكية

أ.د أحمد برانيه

مقدمة:

أسفرت أزمة الغذاء التى سادت الموجة الآولى منها فى منتصف عام 2006 وظلت تتفاقم بشكل مضطرد حتى نهاية النصف الأول من عام 2008 ، ثم بدأت الموجه الثانية مؤخراً وما رافقها من تأثيرات سلبية للمتغيرات المناخية عن عدة حقائق منها القصور الواضح فى سياسات وآليات إدارة الموارد الزراعية بصفة عامة والغذائية بصفة عامة والغذائية بصفة عامة والغذائية بصفة خاصة ‘ وكذلك القصور فى السياسات التجارية فى مواجهة الأزمة ، وبالتالى زيادة مخاطر إنكشاف الأمن الغذائى فى الدول التى تعتمد على الواردات فى توفير الغذاء مثل مصر ودول حوض النيل .

وعليه يصبح الأعتماد على مواردنا الذاتية خاصة المتجددة منها وتنميتها وحصر الأعتماد على الخارج فى أضيق الحدود وللضروريات القصوى ، وبحث إمكانيات التعاون مع دول حوض النيل ، أحد الأهداف الأستراتيجية لتحقيق الأمن القومى والغذائى المصرى .

وتعتبر الموارد السمكية بشقيها الطبيعى والمستزرع أحد المجالات الأساسية لتحقيق هذا الهدف الأستراتيجى.

أولاً : الوضع الحالى للموارد السمكية

تقدر مساحة المسطحات المائية المستغلة فى الإنتاج السمكى بأكثر من 13 مليون فدان ، وهى تفوق مساحة الأراضى الزراعية فى مصر ، وتتركز فى مصايد البحرين المتوسط والأحمر وخليج السويس والبحيرات المرة والتمساح والبحيرات الشمالية ( المنزلة ، البرلس ، إدكو ، مريوط ) وملاحة بورفؤاد وهى تمثل رأس مال طبيعى للأنتاج السمكى . بالإضافة إلى المزارع السمكية والتى تقدر مساحتها بحوالى 335 ألف فدان وتشكل هذه المسطحات قاعدة موارد فريدة فى تنوعها تدعم العديد من أشكال الإنتاج السمكى .

وتوضح إحصائيات الإنتاج الكلى للأسماك من مصايد طبيعية ومزارع سمكية خلال الفترة من2001 حتى 2010 إلى تزايد الأنتاج السمكى بنسبة 169% ، كما أرتفعت قيمة الأنتاج عن نفس الفترة بحوالى 242% ، حيث يساهم الأستزراع السمكى فى تحقيق هذه الزيادة ، وبلغت مساهمته فى الأنتاج الكلى عام 2010 حوالى 70%.

وعلى الرغم من زيادة الأنتاج المحلى من الأسماك خلال السنوات الماضية ، فإن مصر مازالت تواجه عجزاً فى سد أحتياجات الأستهلاك ، يتم تغطيته عن طريق الواردات  والتى قدرت بحوالى 257 ألف طن بلغت قيمتها أكثر من 3 مليار جنيه عام 2010 جدول (1) .

إن معدلات الزيادة فى الأنتاج المحلى من الأسماك التى تحققت على مدى السنوات الماضية ، تؤكد إمكانية الأعتماد على مواردنا الذاتية فى تحسين موقف الأكتفاء الذاتى من الأسماك ، وتقليل مخاطر الأعتماد على الواردات ، وضمان توفير مستوى من الأنتاج المحلى يمكن أعتباره بمثابة خط الدفاع الأول لتأمين أحتياجات الأستهلاك ، أو بمعنى أخر تعزيز القدرة على زيادة نسبة الاكتفاء الذاتى عن طريق تغطية الناتج  من الموارد المحلية من المصايد الطبيعية والمزارع السمكية .

محددات التنمية

من أستقراء واقع الموارد السمكية يمكن تحديد أهم التحديات والمحددات التى تواجه تنميتها فيما يلى :

1-     المصايد الطبيعية

·         الأستغلال الجائر للمخزونات السمكية مع قصور فى تطبيق الأدوات الإدارية أو المؤسسيةregulatory or institution instruments  والتى تتضمن القواعد المنظمة لأنشطة الصيد وتقييد إستخدام حرف معينه وتحديد مناطق ومواسم الصيد .

وعلى الرغم من أهمية الأدوات الإدارية أو المؤسسية المطبقة فى إدارة المصايد ، إلا أن التجربة أثبتت تواضع فعاليتها فى تحقيق الهدف منها ، وذلك بسبب صعوبة تنفيذ التشريعات الصادرة وعدم كفاية الوسائل لوضعها موضع التنفيذ ، كما أن بعض هذه الأدوات ( التشريعات ) لا توفر المرونة الكافية بما يسمح بالتعامل مع العديد من الموقف والحالات التى تحدث أو من المتوقع أن تحدث .

·         التوسع العمرانى والزراعى والسياحى فى المناطق الساحلية والبحيرات مع غياب مفهوم الإدارة المتكاملة لهذه المناطق .

·         تجفيف أجزاء من البحيرات فى غياب أسس المحاسبة البيئية التى على أساسها يتم حساب التكلفة والعائد من الأستخدامات البديلة ، وذلك بأعتبار أن البحيرات تمثل رأس مال طبيعى .

 

 

نسبة الأكتفاء الذاتى = كمية الإنتاج المحلى منسوباً للمتاح للأستهلاك

 

قيمة الصادرات والواردات لعام 2009 غير متاح

المصدر : كتاب الأحصاء السنوى – الهيئة العامة لتنمية الثروة المائية ، عام 2011

سياسات وأليات التنمية

إن زيادة معدلات الأكتفاء الذاتى من الأسماك يمكن تحقيقها من خلال إزالة المعوقات التى تواجه تنمية الإنتاج السمكى وإستغلال الموارد الغير مستغلة من خلال أتباع سياسات وتطبيق حزمه من الأجراءات التصحيحية والتنموية تتضمن ما يلى :-

·         المصايد الطبيعية :

حماية المسطحات المائية خاصة البحيرات والمناطق الساحلية من عمليات التجفيف والردم لأغراض مختلفة والتى تؤدى إلى تقليص مساحتها وبالتالى أنخفاض إنتاجها .

التطبيق الدقيق للتشريعات البيئية التى تحمى المسطحات المائية من جميع أنواع التلوث والذى يؤثر فى قدرة الموارد السمكية على العطاء والتجدد .

تطبيق أسس ومبادىء الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية بما يحقق الأستخدام المتوازن للموارد المتاحة ، وعدم الإضرار بالموارد السمكية نتيجة التنمية الغير مخططة للأنشطة المختلفة خاصة السياحية ، وما تتركه من أثار سلبية على مكونات البيئة البحرية ، كما هو حادث بساحل البحر الأحمر .

تطوير نظم إدارة وإستغلال المخزونات السمكية من خلال تطبيق سياسات وأدوات يتناسب مع حالة المخزونات السمكية والتى تتحكم فيها المتغيرات البيئية .

أستغلال الموارد الغير مستغلة خاصة فى مصايد البحر المتوسط والتى تقدر بحوالى 60 ألف طن ، مع أهمية تحديث هذه البيانات .

·       ·         المزارع السمكية :

إزالة جميع المحددات والمعوقات التى تحد من إستخدامات المياه والأراضى فى الأستزراع السمكى ، خاصة وأن الأسماك تستخدم المياه ولا تستهلكها ، كما أن مشروعات المزارع السمكية يتم إقامتها على الأراضى الغير زراعية أو غير القابلة للزراعة .

التوسع فى أسلوب الزراعة المتكاملة فى الأراضى الصحراوية والتى نجحت بشكل كبير فى منطقة وادى النطرون ، حيث يتم تعظيم الأستفادة من وحدة المياه فى إنتاج الأسماك والمحاصيل وتربية الماشية .

التوسع فى إستخدام الأقفاص فى تربية الأسماك فى جميع المجارى المائية المناسبة لذلك مع وضع المعايير البيئية اللازمة حيث تتميز معدلات الإنتاج وكفاءتها الأقتصادية .

توفير الحوافز اللازمة لتشجيع الاستثمار فى هذا النشاط من خلال الأعفاءات الضريبية فى المراحل الأولى للمشروع ، وتحديد القيمة و المدة الإيجارية للأراضى المستغلة بما يساعد على جذب استثمارات جديدة .

فى ظل محدودية الموارد المائية العذبة خاصة مع إعادة إستخدام مياه الصرف الزراعى فى الإنتاج النباتى ، فإن التوجه للأستزراع البحرى أصبح مطلباً أساسيا للمحافظة على قوة الدفع الذى حققه الأستزراع السمكى فى السنوات الأخيرة .

4- تطوير التشريعات :

تفرض المتغيرات البيئية والأقتصادية والأجتماعية والسياسية المستجدة إعادة النظر فى الكثير من التشريعات المنظمة لأنشطة قطاع الثروة السمكية سواء فى مجال المصايد أو المزراع السمكية والتنظيمات التعاونية ، فعلى سبيل المثال يصبح من غير المعقول أن يدار القطاع بتشريعات الاقتصاد المواجهة فى ظل توجيهات تقوم على تقليص دور الدولة فى النشاط الأقتصادى وزيادة دور القطاع الخاص بما يتضمنه من أشكال تعاونية والتى تعتبر قاطرة التنمية فى قطاع الثروة السمكية حيث تملك التعاونيات أستثمارات ضخة ( 2 مليار جنية ) وتساهم بأكثر من 95% من الإنتاج القومى من الأسماك .

5- إدارة القطاع :

إن التعامل مع القضايا المترتبة بحماية الموارد السمكية وتنميتها فى ظل الهياكل الإدارية القائمة والممارسات السابقة وانطلاقا من الأهمية الأقتصادية والأجتماعية والأمنية لقطاع الموارد السمكية ، يتطلب إعادة تنظيم إدارة هذه الموارد من خلال توحيد جهة الإشراف على القطاع والممثلة فى الهيئة العامة لتنمية الثروة المائية.

                         أعدته للنشر وراجعته / نورهان كيره      

المصدر: د/ أحمد برانيه
drBarrania

د/ أحمد برانية أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 470 مشاهدة
نشرت فى 11 أغسطس 2012 بواسطة drBarrania

ساحة النقاش

د/ أحمد عبد الوهاب برانية

drBarrania
أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

336,617