د/ أحمد عبد الوهاب برانيه

أستاذ إقتصاد وتنمية الموارد السمكية

authentication required

نحو استزراع سمكي صديق للبيئة

بقلم د . احمد برانية

مع تحرير التجارة العالمية زادت حدة المنافسة بين الدول المنتجة على الأسواق العالمية وأصبح التحدي الحقيقي أمام الجميع هو  إمكانية الاحتفاظ  بهذه الأسواق والحصول على اكبر نصيب منها حتى داخل الأسواق المحلية للدول المنتجة نفسها وهذا ينطبق على الدول العربية  ..  كما أصبحت الجودة والتكلفة هما العاملان المحددان للبقاء داخل المنافسة والحفاظ على الأسواق بل والتوسع فيها وهذا هو التحدي الحقيقي أمام المنتجات السمكية العربية والذي يعني إنتاج سلع سمكية عالية الجودة بتكلفة منخفضة خاصة مع التوسع الملحوظ  في مشروعات الاستزراع السمكي فى معظم الدول العربية ولا شك أن لهذه المشروعات انعكاساتها على البيئة من منطلق " إن لكل نشاط تأثيرا على البيئة " ومن هذه الآثار ما يلي  :

*       الأضرار بالموارد الطبيعية  .

*       الصيد الجائر للزريعة أو الأمهات  .

*       الصيد الجائر للمصايد لإنتاج دقيق السمك كعلف  .

*       التأثير في بعض الموائل الطبيعية ( المانجروف والشعاب المرجانية ) .

*       الإضرار ببعض المواقع ذات القيمة الثقافية او الجمالية  .

*       تلوث المياه ( مبيدات الجراثيم  -  المضادات الحيوية  -  مبيدات الفطريات -  اللقاحات  -  فضلات الغذاء                  الهرمونات  ...  الخ )  .

*       خسائر التنوع البيولوجي ومواطن الأراضي الرملية  .

*       المخلفات الصلبة  .

*       عدم المساواة الاجتماعية ( ارتفاع تكاليف الأراضي وارتفاع دخول المزارعين الناجحين ) .

*       الآثار الديموجرافية ( خروج العمالة من الأنشطة الأصلية ) .

*       التأثير على صحة العمال ( نتيجة استخدام المبيدات والمضادات الحيوية  ...  الخ ) .

*       انتشار الأمراض من بعض الأصناف المستزرعة .

*       تأثير سلامة المنتج نتيجة احتفاظ الأسماك المستزرعة ببعض المواد الضارة  .

*       المشاكل الوراثية  0.

وعلية فأن القضية التي تطرحها الورقة هي تنمية الاستزراع السمكي مع المحافظة على البيئة وتوفير جودة وتكلفة تنافسية لمنتجات هذه المشروعات .

*       إن تناول هذا الموضوع يمكن أن يتم من خلال الإجابة على السؤال التالي  " ما هي الوسائل والطرق التي يمكن بها تحقيق هذه الأهداف ؟ " .

*       توجيه وسيلتان او طريقتان لتحقيق هذه الأهداف هما  :-

أولا  : التقييم البيئي  -  ثانيا  :       نظام الإدارة البيئية

أولا  : التقييم البيئى  :-

**     مقــــدمة  :-

*       على مدار العقود الثلاثة المنقضية كان يتم تقييم معظم المشروعات من وجه نظر الجدوى الفنية وتحليل العائد والتكلفة .      

*       الهدف من دراسات الجدوى هو تقييم أثار المشروع من وجهة نظر تكاليف الموارد معبرا عنها بقيم نقدية فى حين ان الآثار البيئية والصحية والاجتماعية المحتملة للمشروع كان يتم تجاهلها  .

*       ان استخدام أسلوب التكلفة والعائد كأداة اقتصادية لتقييم أدى إلى اضطراب شديد فى المكونات الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية للبيئة فى المناطق التي تمت إقامة مشروعات كبيرة فيها .

*       وعلى مدى الـ 20 عاما الماضية طرح المخططون والمفكرون وبعض المنظمات المهتمة بقضايا حماية البيئة وصحة الإنسان العديد من الأسئلة حول الجدوى البيئية للمشروعات والأنشطة التنموية وانه يجب اعتبار البيئة كمورد اقتصادي وليس نوعا من الرفاهية غير الضرورية .

**     تعــــريف  :-

*       مجموعة الإجراءات القانونية والإدارية والعلمية التي تستخدم بواسطة الهيئات المسئولة عن البيئة والتخطيط لتحديد اى المشروعات والأنشطة التنموية يجب تقييمها  ؟  وكيف ومتى يتم هذا التقييم ؟  .

**     الهــــــــدف  :-

*       لما كان اى نشاط قد تكون له أثار سلبية على المكونات المختلفة للبيئة فأن هدفه هو ربط مجموعة المعلومات والبيانات عن الموقع على المشروع في بناء نظامي لتحديد وتقييم وتقليل الاثار الضارة للمشروع  .

**     الخطـــــوات  :-

1  -  تحديد ما إذا كان النشاط او المشروع يحتاج الى تقييم بيئي  ،  حيث لا يمكن أجراء تقييم بيئي لكل المشروعات والذي يعتبر  عندئذ ضياعا للوقت والمال  .

               ويمكن تحقيق هذه الخطوة من خلال عدة طرق من أهمها القوائم السلبية ولايجابية حيث تتضمن اللائحة الأخيرة المشروعات التي تحتاج إلى تقييم بيئي  .

2  -  تحديد المكونات المهمة سيتم تقييمها  ،  حيث انه من الصعب تقييم جميع الآثار الذي يحدثها المشروع على الآثار مكونات البيئة المختلفة .

               وأهم الوسائل المستخدمة هي الاستبيان وكذلك خبرة الفريق الذي يقوم بإجراء التقييم البيئي .

3  -  جمع البيانات والمعلومات عن القضايا التى تم تحديدها في المرحلة السابقة .

 

4  -  بعد تحقيق الخطوات السابقة يتم تحديد الأثار المتوقعة وتقييم أثارها على مكونات البيئة من خلال إجراء دراسات علمية مفصلة .

5  -  يتم إعداد بيان يقدم لمتخذ القرار موضحا به الآثار السلبية للمشروع او النشاط وإمكانيات ووسائل تخفيف او إلغاء هذه الآثار . 

6  -  الخطوة الأخيرة وتتم بعد تنفيذ المشروع وتتضمن مراقبة الآثار لمعرفة ما إذا كان التنبؤ بها صحيحا وان وسائل التخفيف منها جعلتها فى حدود المعايير الموضوعة  .

**     اعـتبارات مهمــة  :-

                إن أسلوب التكلفة والعائد يتم تطبيقه بشكل موسع في العديد من الدول المتقدمة والنامية لتقييم المشروعات والأنشطة التنموية  .

        والسؤال المهم هو  ..  هل يعتبر استخدام هذا الأسلوب عند مستوى المشروع او النشاط اداة فعالة لتحقيق التنمية المستدامة ؟ .

                إن الإجابة الحاسمة هي لا وذلك بسبب أن تطبيق هذا الأسلوب على مستوى المشروع يحقق منفعة محدودة في استدامة التنمية وذلك يرجع بدورة إلى أن السياسات والخطط الحكومية يمكن ان تولد أثارا سلبية اكثر مما تسببه المشروعات كل على حده  ..  مثال ذلك أن الأثار البيئية لمشروعات الاستزراع السمكي لكل مشروع على حدة قد تكون في حدود المعايير الموضوعة  ..  ولكن تأثير عدة مشروعات في منطقة واحدة قد يسبب اضرارا بيئية خطيرة في                    هذه المنطقة .    

ثانيا  : نظام الإدارة البيئية  :-

        **     مقــــــدمة  :

*       بعد انعقاد قمة ريودى جانيرو زاد الاهتمام بأهمية ادخال نظام الادارة البيئية في جميع أنواع المؤسسات .

*       وقد حددت المنظمة العالمية للمعايرة  .

        معايير او مقاييس محددة للمؤسسات تضمن المحافظة على البيئة وهذه المعايير او المقاييس تعرف بنظام الإدارة البيئية  .

*       إن أهمية هذه النظم تتمثل فى كونها أساسية للتحكم وإدارة الأثار السلبية الناتجة عن الأنشطة الخدمية أو الإنتاجية سواء للقطاع العام او القطاع الخاص ومنها بالطبع المشروعات السمكية  .

*       هذه النظم ضرورية لتنفيذ التشريعات الدولية ولخفض المخلفات وتقليل التلوث كما إنها قابلة للتطبيق لجميع أشكال المؤسسات على مستوى العالم بغض النظر عن نشاطها وحجمها  .

*       ان الهدف العام لـ 1400 ISO نظم الإدارة البيئية هو دعم حماية البيئة ومنع التلوث بالتوازي مع الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع  .

 

فوائد نظم الإدارة البيئية  :-  

*       إن المشروعات التي تحصل على شهادة 1400 ISO نظم الإدارة البيئية تثبت أنها اتخذت الوسائل لمنع التلوث وتقليل الأثار السلبية الناتجة عن أنشطتها وهى تحقق الفوائد الاتية  :-

        *       خفض تكاليف التعامل مع الأثار السلبية على البيئة ومعالجة المخلفات .

*       تقليل ومنع التناقضات مع التشريعات البيئية وكذلك الجهات المسئولة عن البيئة في المناطق التى يعمل بها المشروع  .

*       توفير فرص تسويقية جيدة لمنتجات المشروع فى عالم تشتد فيه حدة المنافسة وتحسين صورة المشروع بينيا واجتماعيا  .

الخلاصة والتوصيات  :-

*       إن معدلات التنمية المتسارعة فى مشروعات الاستزراع السمكي وزيادة حدة المنافسة فى الأسواق العالمية والمحلية والتي جعلت من مستوي جودة المنتج والتكلفة أهم العوامل الحاكمة فى الحفاظ على الأسواق التقليدية والدخول الى أسواق جديدة تتطلب ضرورة تطبيق الأدوات والأساليب التي تحافظ على البيئة والتي تضمن مستوى مناسبا من الجودة والتكلفة .

*       ان التقييم البيئي لمشروعات الاستزراع السمكي وكذلك نظم الإدارة البيئية 1400 ISO من أهم الأدوات التي يمكن ان تستخدم لتحقيق هذه الأهداف  .

*       ان معظم الدول العربية ان لم يكن كلها لا تستخدم ايا من هذه الأدوات عند اعداد مشروعات الاستزراع السمكي واذا كان تطبيق نظم 1400 ISO يكون اختياريا فأنه يصبح ضروريا للمشروعات التى تنتج للتصدير اما بالنسبة للتقييم البيئي فأنه لابد ان يفرض بقوة القانون  .

        وفى هذا الاطار فأننا نوصى بالاتى  :-

1  -   إصدار تشريع يلزم مشروعات الاستزراع السمكي بإعداد تقييم بيئي مع تحديد مواصفات ومواقع المشروعات التى يطبق عليها هذا المشروع  .

2  -   اعداد دليل تقييم بيئي لمشروعات الاستزراع السمكي حسب التشريعات والظروف البيئية فى كل دولة بحيث يتضمن ما يلى على سبيل المثال وليس الحصر  .

        *       الاطار القانونى للمشروع  .

        *       معايير اختيار الموقع  .

        *       المعايير الخاصة بنوعية المياه الداخلية والمنصرفة من والى المشروع  .

        *       المعايير الخاصة بالاصناف المستزرعة .

        *       معايير استخدام الطاقة وظروف العمل  .

        *       معايير استخدام الاسمدة والاعلاف  .

        *       اساليب وطرق تقليل او منع الاثار السلبية للمشروع على البيئة  .

 

        *       برامج المتابعة والرقابة  .

*       تنفيذ مشروع تجريبي لمزرعة بحرية لصنف او اكثر من المنتجات البحرية والتى لها قيمة تسويقية مرتفعة والتى تتعرض لمخاطر الصيد الجائر فى المصايد الطبيعية تطبق فيه جميع وسائل وادوات حماية البيئة وتقترح فى هذا المجال انشاء مزرعة بحرية لخيار البحر والذى يتعرض لصيد جائر فى كل من مصر والسعودية واليمن بسبب ارتفاع اسعاره التسويقية على ان يكون هذا المشروع التجريبي اساسا لقيام مشروع استثمارى تجارى  .

                وهذه فكرة مطروحة على المستثمرين من القطاع الخاص او هيئات التمويل العربية .

drBarrania

د/ أحمد برانية أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 552 مشاهدة
نشرت فى 21 مايو 2012 بواسطة drBarrania

ساحة النقاش

د/ أحمد عبد الوهاب برانية

drBarrania
أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

363,206