د/ أحمد عبد الوهاب برانيه

أستاذ إقتصاد وتنمية الموارد السمكية

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم 

تنمية الاستزراع السمكى

 

في إطار الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية

 

 

 

إعـــــــــداد

 

دكتور / احمد عبد الوهاب برانية

أستاذ اقتصاد وتنمية الموارد السمكية

معهد التخطيط القومي

 

 

أكتوبر 2010

 

 

         

مقدمـــــة

أصبح التوسع في الاستزراع المائي احد المحاور الأساسية لزيادة الإنتاج من الأسماك والكائنات المائية المختلفة في العديد من الدول  ،  وانه من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في المستقبل لتوفير إمدادات مستمرة من الغذاء بسبب انخفاض معدلات النمو في المصايد الطبيعية وأيضا لما يوفره الاستزراع المائي من مزايا في مجال تدعيم المخزونات السمكية في المسطحات المائية  ،  وتنمية المناطق الريفية والساحلية وخلق فرص عمل  ،  وتأمين الأمن الغذائي.

    

وخلال السنوات الأخيرة تطور الاستزراع المائي في الدول العربية بشكل ملحوظ  ،  وأن المحافظة على قوة الدفع في هذا النشاط يتطلب استغلال الإمكانيات المتاحة من الموارد المائية العذبة والبحرية  ،  الا انه في ظل ندرة المياه العذبة في الدول العربية فأنه من المتوقع أن تكون إمكانيات التوسع في مشروعات الاستزراع المائي في المياه العذبة محدودة حتى بالنسبة للدول التي تمتلك إمدادات وفيرة  أو كافية    نظرا لازدياد الطلب عليها بسبب الزيادة السكانية  ،  ومشروعات التنمية المختلفة.  وفي المقابل تتوفر المياه البحرية في جميع الدول العربية ،  وعلية فأن التوجه الأساسي في تنمية الاستزراع المائي في الوطن العربي يجب أن يعتمد على الاستزراع البحري علي الارض والمياه. 

وتنمية الاستزراع المائي في المناطق الساحلية،  يجب أن يتم في إطار قواعد الإدارة المتكاملة لهذه المناطق،  والتي تضمن تحقيق التوازن وتقليل التعارض بين الأنشطة والمستخدمين المختلفين للموارد الطبيعية  ،  حيث يتأثر ويؤثر كل منها في الأخر.   

 

          الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية 

طبقا للبيانات المتاحة ( 1 ) فإن كل كيلو متر طولي من خط الساحل والمقدر بحوالى 21100 كم على امتداد البحر الأحمر والمتوسط ، والخليج العربي ،والمحيط الهندي والأطلسي  يخدم حوالي 661 كم مربع من مساحة الوطن العربي ككل ، ولهذا تعتبر المناطق الساحلية ذات أهمية بالغة لمعظم الدول العربية ،نتيجة لما توفره من موارد طبيعية في مقدمتها الموارد السمكية،  وكذلك إمكانيات تنمية أنشطة متعددة مثل السياحة والترفيه ، الصناعة  ،  الزراعة،النقل والتجارة، والمجتمعات الحضرية ،وغيرها ،وجميع او معظم هذه الأنشطة ليست متكاملة مع بعضها مما يسبب تعارض المصالح بين مستخدمي الموارد الساحلية سواء في الماء أو الأرض مما يتطلب تكامل التخطيط القطاعي للأنشطة المختلفة من خلال إطار عام لإدارة متكاملة للمنطقة الساحلية  ،  تضمن التحكم في الأنشطة التنموية والخدمية وتحقيق

 

( 1 ) دكتور / محمد خميس الزوكه  -  جغرافية العالم العربى  -  دار المعرفة الجامعية  -  الإسكندرية  -  عام 1988

 

التكامل بين التنمية الاقتصادية من جانب والمحافظة على البيئة من جانب أخر، أو بمعنى أخر أن الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية تهدف إلى التنسيق بين أنشطة التنمية المختلفة والطاقة الاستيعابية للنظم الأيكولوجية في منطقة معنية بهدف الوصول إلى الاستخدام المستدام للموارد المتاحة ، وهذا يتطلب التنسيق بين الجهات المسئولة عن الأنشطة المختلفة من خلال إطار مؤسسي يتولى تحديد المعايير البيئية وتقييم التأثيرات البيئية لكل نشاط اقتصادي وخدمي .     

            ويتطلب تحقيق الإدارة المتكاملة في المناطق الساحلية توفر قاعدة عريضة من المعلومات عن الأنشطة والموارد والمستخدمين  ،  والتي على أساسها يتم وضع السياسات التي تمنع أو تقلل من التعارض بين الأنشطة المستخدمة.  

            وقد أتاح التقدم في تكنولوجيا المعلومات زيادة تدفق المعلومات والبيانات الإحصائية  ،  وذلك من خلال إنشاء نظام معلومات للمصايد السمكية  ،  والمزارع السمكية يتيح الإضافة المستمرة له حسب ما يتم من دراسات وهو ما يعرف بنظام المعلومات الجغرافية Geoqraphic Information system " Gis "    كما ان تكنولوجيا الاستشعار من بعد من الطائرات والأقمار الصناعية له  دور كبير حاليا في إنشاء مثل هذا النظام فى العديد من دول العالم  ،  خاصة ما تتيحه هذه الوسائل من إمكانية التعامل واستحضار  كل او بعض هذه المعلومات الخرائطية بطريقة رقمية من خلال الحاسبات الالكترونية المتصلة بأجهزة لتحليل البيانات.  

            وتوفر  هذه الوسائل   بيانات  عن البيئة ، وخرائط الأرصاد الجوية  ( درجات الحرارة والأمطار والرياح وتحرك الكثبان الرملية  ،  وغيرها ) الكثافة السكانية  ،  البيانات والخرائط الطبوغرافية  ،  المعلومات الجيولوجية وتصنيف التربة  ،  معلومات عن الغطاء النباتي  ،  والزراعات  ،  الحدود السياسية والإدارية للأقاليم المختلفة داخل الدولة ،  والرطوبة الأرضية والمياه في التربة السطحية  ،  واستخدامات الأراضي الحالية  ،  وإمكانيات الاراضى وإمكانيات المياه الجوفية ومصادر المياه السطحية  ...  وغيرها.

وقد ثبت فاعلية هذه الوسائل GIS  فى التخطيط واختيار مواقع الاستزراع المائى

           

          تنمية الاستزراع المائي وإدارة المناطق الساحلية 

أن تنمية الاستزراع المائي في إطار إدارة متكاملة للمناطق الساحلية  ،  يعنى العمل على تحقيق التوازن بين الحاجة إلي  تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية من هذا النشاط والمحافظة على البيئة في إطار خطة موحدة ،  اخذين فى الاعتبار ان تنمية الاستزراع المائي لا يهدف فقط إلى تنظيم العائد منه  ،  ولكن أيضا تقليل الأضرار وغيرها من الاثار السلبية على البيئة الطبيعية والاجتماعية  ،  وعلية فأن استراتيجية تنمية الاستزراع البحري يجب أن تقوم على مبدأ أن  " البيئة تضع حدودا للتنمية المستدامة "  ،  وهو نفس المبدأ الذي تقوم علية تنمية جميع الأنشطة الأخرى  في المنطقة الساحلية  ،  وان تنمية الاستزراع المائي يجب أن يتم بالأسلوب الذي يحقق حماية نوعية البيئية للمستخدمين الآخرين  ،  وعلى هذا فأن اختيار الموقع المناسب لإقامة مشروعات الاستزراع المائي هو نقطة البداية لتحقيق أسس  ومبادئ الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية.  

 

                        اختيار موقع المشروع

أن اختيار الموقع الامثل للمشروع يجب أن يتم على أساس تحليل المعلومات المتاحة  لتحديد مدي  الملاءمة البيئية ،  وبالتالي يمكن وضع مواصفات بيئية للمواقع المحتملة  ،  فالاستزراع المائي له أثار سلبية على البيئة الطبيعية نتيجة التغيرات التي يحدثها  ،  والتي قد تتعارض مع المستخدمين للموارد الطبيعية المشتركة  ،  كما إنها تتأثر بالتغيرات البيئية التي تحدثها الأنشطة الأخرى في نفس المنطقة، والتي قد يكون لها أثارا سلبية على كفاءة وجدوى مشروعات الاستزراع المائي.

وللمساعدة في اختيار مواقع المشروعات التي تحقق الملاءمة البيئية ،فأننا نطرح نماذج من الأسئلة التي تساعد الإجابة عليها فى اختيار مواقع المشروعات.           

 

 

 1  -    ما هي طريقة الاستزراع المقترحة  ؟  ( أحواض  -  أقفاص عائمة  -  استزراع القاع  ،  حظائر  ... )     

                        حدد أسباب اختيار طريقة الاستزراع المقترحة  ؟ 

2  -     هل نظام الاستزراع سيعتمد على الأسلوب المكثف ام الغير مكثف  ؟  قيم مدي المتاح من الموارد المطلوبة ومدي القدرة على توفيرها  ؟

3   -    هل الأرض او مساحات المياه المطلوبة تتطلب إجراء تغييرات في نظم أيكولوجية أو استخدامات قائمة ( أشجار  المانجروف  -  مصايد طبيعية  -  أراضى زراعية  - تجمعات سكنية ..   الخ )  ؟

4  -     هل تمت دراسة وفحص الاثار المتوقعة على هذه المناطق او الاستخدامات  ؟  حدد المجتمعات المستفيدة او المضارين من تنفيذ المشروع  ؟ 

5  -     هل الموقع الذي تم اختياره قادر على توفير الاستمرارية لفترة زمنية طويلة للمشروع المقترح  ؟  وما هي المحددات او الصعوبات  ؟ 

            6  -     هل المشروع سوف يؤثر على الموارد التي تستخدم في أنشطة الصيد  ؟ 

( على سبيل المثال نوعية المياه  ،  الشعب المرجانية  ) حدد مدى وشدة الاثار المتوقعة  ؟ 

            7  -     هل المشروع سوف يؤثر على الموارد التي تستخدم بواسطة أنشطة أرضية أخرى  ؟ 

( على سبيل المثال هل إنشاء المشروعات تزيد ملوحة التربة فى المناطق الزراعية القريبة؟)  حدد مدى وشدة الاثار المتوقعة ؟ 

8  -     هل سيتم إقامة المشروع في منطقة معرضة لمخاطر طبيعية مثل الفيضانات، والأمواج ، والعواصف  ...  الخ ؟

9  -     هل الموقع المقترح معرض لمخاطر من فعل الإنسان مثل التلوث الصناعي والزراعي والصحي والحراري ؟ حدد هذه المخاطر  ؟ 

            10  -  هل توجد مخاطر على صحة الإنسان من الموقع المقترح  ؟ 

11  -  هل المشروع سيزيد من ظهور الأمراض المرتبطة بالمياه  ؟ 

 

          الاعتبارات البيئية فى مشروعات الاستزراع المائى 

 

أن تحقيق استدامة مشروعات الاستزراع المائي في المناطق الساحلية، تحتاج إلى المتابعة ،والمراقبة المستمرة لأثار هذه المشروعات على البيئة وذلك لضمان استمرار الملاءمة البيئية لها  ،  ولتحقيق ذلك يمكن اقتراح حزمة من الإجراءات والسياسات تتضمن ما يلي  :-    

 

 

1  - إجراء تقييم بيئى للمشروعات المقترحة EIA وذلك للنأكد من أن الفوائد المالية المتوقعة من مشروعات الاستزراع المائى يجب الا تقل عن الخسارة التى يمكن أن تحدث للبيئة، وذلك من خلال تضمين دراسات الجدوى للمشروعات المقترحة وتكاليف معالجة الآثار الضارة بالبيئة.  

   

2  -     التنبؤ وتقييم الاثار السلبية للمشروعات وتحديد الوسائل التي تضمن أن تظل هذه الاثار في إطار مقبول بيئيا.

3  -     وضع نظام للمراقبة والرصد البيئي للتأكد من أن الاثار الضارة تظل في الحدود المقبولة بيئيا، ويضمن وجود إنذار مبكر لأي مخاطر متوقعة،مع تكامل نظم المراقبة الخاصة بالاستزراع المائي مع نظم مراقبة تلوث المياه.

4  -     التركيز على أخطار التلوث الذاتي Self – pollution   وغيرها من الاثار السلبية المرتدة  ،  وبصفة خاصة مخاطر التلوث الذاتي الناتج عن زيادة أعداد المزارع السمكية في منطقة معينة.  

5  -     إصدار لوائح بيئية للاستزراع المائي عند الضرورة مثل حدود تصريف المخالفات،ومواصفات وطرق معالجة المخلفات،تطبيق الحوافز والعقوبات لخفض الإنهاك البيئي الناتج عن أنشطة الاستزراع المائي،وكذلك إصدار اللوائح التي تحكم نقل الكائنات المائية،وحركة الأصناف من والى مواقع الاستزراع. 

6  -     منع استخدام الجرعات الضارة من المواد الكيماوية  ، وتقليل استخدام العقاقير إلى اقل حد ممكن  ،  وترشيد استخدام الأغذية والمخصبات.

7  -     إقامة  -  كلما كان ضروري  -  إدارة  للخدمات الصحية للاستزراع المائي لتغطية المتطلبات الخاصة بالحجر الصحي  ،  والتشخيص والمعالجة والمراقبة.

                

 

drBarrania

د/ أحمد برانية أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى

ساحة النقاش

د/ أحمد عبد الوهاب برانية

drBarrania
أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

336,545