د/ أحمد عبد الوهاب برانيه

أستاذ إقتصاد وتنمية الموارد السمكية

إن جدوى الاستثمار فى مشروعات الاستزراع السمكى بصفة عامة والاستزراع البحرى بصفة خاصة يمكن فى تقييمها على المستوى الكلى "القومى" والمستوى الجزئى "المشروع" مع التأكيد على الترابط الوثيق بينهما، ذلك أن تحقيق الجدوى الكلية تحتم تهيئة الظروف اللازمة لجذب وتشجيع الاستثمار فى هذا النشاط أو بمعنى أخر توفير مناخ الاستثمار والذى يسمح بتحقيق عائد يجذب رؤوس الأموال إلى هذه المشروعات وعليه فعندما تتحقق الجدوى الجزئية تتحقق الجدوى الكلية لهذه المشروعات.\إن الحاجة إلى تعظيم الجدوى القومية لمشروعات الاستزراع المائى ترجع إلى زيادة أعباء فاتورة الواردات الغذائية ومنها الأسماك ومنتجاتها على الرغم من اتجاه الإنتاج المحلى إلى الزيادة فى السنوات الأخيرة طبقاً للاحصاءات الرسمية, كما أن المتغيرات العالمية التى حدثت فى السنوات الأخيرة تضاعف من مخاوف انكشاف الأمن الغذائى المصرى.

وطبقاً لتقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الانمائى 1993 فإن نسبة اعتماد مصر على واردات الغذاء كانت 20% تقريباً فى حقبة السبعينات.

ارتفعت إلى 42% فى أواخر الثمانينات ويرجع ذلك إلى عدة أسباب من أهمها الزيادة السكانية، إلا انه على الجانب الأخر فإن تقديرات الميزان الغذائى لجمهورية مصر العربية، عام 1991 والذى يصدره قطاع الشئون الاقتصادية التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى تشير إلى أن نسبة الاكتفاء الذاتى للمواد الغذائية قدرت بحوالى 79% عام 90/91 .

ارتفعت إلى حوالى 85% عام 1992.. وهنا يجب التنويه إلى أن الاكتفاء الذاتى من الغذاء ليس ذات أهمية بالنسبة للأمن الغذائى إلا إذا كان التوصل إليه يتم عبر زيادة مستوى التوازن بين العرض والطلب على الغذاء وليس عندما يعادل الطلب المنخفض على الغذاء العرض المحدود منه.

وطبقاً لتصنيف الأمم المتحدة فإن مصر تأتى ضمن مجموعة الدول التى يطلق عليها بلدان العجز المائى ذات الدخل المنخفض، وهى البلدان التى حققت عجزاً فى ميزانها التجارى خلال السنوات الخمس الأخيرة. وأن نصيب الفرد من الناتج القومى الإجمالى يساوى أو يقل عن المعدل المستخدم فى تحديد أهلية الحصول على التمويل من الاتحاد الدولى للتنمية والبنك الدولى وهو 1305 دولارات للفرد من الناتج طبقاً لبيانات 1991.

ومما يزيد من تفاقم المشكلة أنه يتم تخصيص حوالى 75% من حصيلة الصادرات لاستيراد السلع الغذائية مما يترك أثاراُ سلبية على عملية التنمية من حيث انخفاض المتاح من هذه الحصيلة لاستيراد السلع الوسيطة والرأسمالية اللازمة. وأن هذه النسبة معرضة للزيادة نتيجة لعدة عوامل من أهمها:-

خفض المنح والمساعدات الغذائية الخارجية.

وقف دعم المنتجات الزراعية فى أوربا وأمريكا الشمالية مع البدء فى تنفيذ أحكام اتفاقية منظمة التجارة العالمية مما سيؤدى إلى زيادة ملحوظة فى أسعار المواد الغذائية فى الأسواق العالمية.

تقلص حجم المتاح من المواد الغذائية نتيجة السياسات التى تتبعها الدول المنتجة بهدف المحافظة على مستويات الأسعار وتحاشى تكاليف التخزين مما سيؤدى إلى ارتفاع أسعار هذه المواد.

تذبذب مصادر النقد الأجنبى مثل السياحة وتحويلات المصريين وايرادات قناة السويس والبترول نتيجة لعوامل خارجية يصعب التحكم فيها.

انتشار مرض جنون البقر وانخفاض الطلب على اللحوم مما سيؤدى إلى زيادة الطلب على الأسماك وارتفاع أسعارها فى الأسواق العالمية.

مما سبق يتضح أن مشكلة الأمن الغذائى أصبحت تتمثل فى توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل واردات الغذاء المتزايد وكذلك توفير كميات من الامدادات الغذائية من السوق العالمية.

وعليه فمن الأهمية وجود حد أدنى من الإنتاج المحلى يمكن اعتباره بمثابة خط الدفاع الأول لتأمين الغذاء فى مصر أو بمعنى أخر تعزيز القدرة على تأمين إمدادات الغذاء المحلية عن طريق استخدام موارد الأرض والمياه بطريقة سليمة من خلال عدة محاور من أهمها تكثيف وتنوع الإنتاج السمكى من الاستزراع المائى وتشجيع الاستثمار فى هذا النشاط سواء بهدف تحسين إنتاجية المشروعات القائمة أو إقامة مشروعات جديدة.

وفى ظل محدودية موارد المياه العذبة والتنافس الشديد من جانب قطاعات مختلفة على استخدامها يصبح من المحتم الاتجاه إلى الاستزراع البحرى على امتداد سواحلنا البحرية خاصة البحر الأحمر.

المصدر: د/ أحمد عبد الوهاب برانيه أستاذ إقتصاد وتنمية الموارد السمكية
drBarrania

د/ أحمد برانية أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى

  • Currently 50/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
18 تصويتات / 201 مشاهدة

ساحة النقاش

د/ أحمد عبد الوهاب برانية

drBarrania
أستاذ اقتصاد وتنمية المواردالسمكية معهد التخطيط القومى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

333,383