موقع علمي للأستاذ الدكتور حسام محمود زكي علي أستاذ ورئيس قسم الصحة النفسية بكلية التربية جامعة المنيا

الأمراض والاضطرابات العقلية (الذهانية)

تضم مجموعة من الأمراض العقلية ، والتي تتميز بتأثيرها الخطير على الشخصية ، بحيث تقعد الشخص عن التوافق مع من يعيشون معه ، وعن العمل المنتج ، بل غالبا ما يصل الأمر بالمريض لأن يصبح خطرا على نفسه وعلى الآخرين ، بحيث يلزم حجزه في المستشفى حماية له ودرءا لخطورته على المجتمع ، والمريض هنا يكون إدراكه للواقع مضطربا ، بحيث لا يعود يدرك في الواقع ما هو موجود به فعلا ، بل ما يدور في ذهنه هو ، حتى ليكاد يختفي الفارق بين الواقع والخيال ، كالنائم الذي يحلم في نومه بأحداث وكأنها الواقع ، بينما هي لا تعدو أن تكون تخيلات لا مقابل لها في الواقع الفعلي المحيط به . وهكذا ، قد يدرك الذهاني أخاه الحميم على أنه عدو لدود ينبغي أن يبادر بالقضاء عليه ، قبل أن يسبقه أخوه هذا فيقضي عليه ، أو قد يرى الذهاني نفسه على أنه مجرم آثم يستحق الإعدام على ما اقترفه من جرائم (وهمية بطبيعة الحال) ، فيبادر إلى تنفيذ حكم الإعدام على نفسه فينتحر ، وذلك بسبب شيوع أعراض الهلوسة والهذاء في الأمراض الذهانية .

       ومن هنا قولنا أن الذهاني – عادة – خطير على نفسه وعلى الآخرين ، ويحتاج إلى احتياطات بالغة لحمايته من نفسه ، وحماية الآخرين من أضراره ، ولهذا فإن الجرائم التي يرتكبها الذهاني لا يعد مسئولا عنها جنائيا في غالبية الأحوال ، بحيث لا يجرم طالما أثبت الفحص أنه مريض ذهاني ، بل إن المحاكم تحكم – في مثل هذه الحالات – بالإيداع بالمستشفى لعلاجه والخروج بعد إتمام العلاج .

 أولا - تعريف الذهان :

       هو اضطراب عقلي خطير ، وخلل شامل في الشخصية ،يجعل السلوك العام للمريض مضطربا ويعوق نشاطه الاجتماعي ، والذهان يقابل الاصطلاح الدارج الشائع " الجنون " ، والذهاني لا يدرك أنه مريض أو شاذ ، لذا قلما يجيء الذهاني إلى المعالج طالبا العلاج ، بل أنه يقاوم العلاج عندما يجبره أهله على التماس العلاج والنكوص للمريض الذهاني يكون إلى مراحل الطفولة المبكرة جدا (المرحلة الفمية والمرحلة الشرجية الأولى) ، وهذا هو السبب في أن مرض الذهان يكون أشد خطورة وأكثر تأثيرا على زعزعة كيان الشخصية وإفقادها اتزانها وتكاملها.

ثانيا - تصنيف الذهان : يصنف العلماء الأمراض الذهانية لقسمين رئيسيين :

أ – الأمراض الذهانية الوظيفية Functional Psychosis :

       أي الأمراض النفسية المنشأ ، وهي الأمراض العقلية الذي لا ترجع إلى أسباب عضوية ، وأهم الأشكال الكلينيكية للذهان الوظيفي هي : الفصام ، والهذاء (البارانويا) ، والاكتئاب ، والهوس.

ب – الأمراض الذهانية العضوية Organic Psychosis :

       أي الأمراض الذي يرجع المرض فيها إلى أسباب وعوامل عضوية ، وترتبط بتلف في الجهاز العصبي ووظائفه ، مثل ذهان الشيخوخة والذهان الناجم عن عدوى ، أو عن اضطراب الغدد الصماء ، أو عن الأورام ، أو عن اضطراب التغذية ، أو الأيض أو عن اضطراب الدورة الدموية.

أي نصنف الأمراض الذهانية حسب السبب الذي نشأ عنه الذهان  فإن كان السبب في نشأه الذهان إصابة عضوية يمكن كشفها بالوسائل العلمية المعروفة كان هذا ذهانا عضويا ، أما إن استحال تحديد سبب عضوي للذهان ، سمي ذهانا وظيفيا ، على أننا ينبغي أن نقرر أن الذهان لا ينشأ – في الكثير من الحالات – عن سبب وظيفي فقط ، أو سبب عضوي فقط ، إنما يتكامل السببان – عادة – في تكوين الذهان مع غلبة السبب العضوي في الذهان العضوي ، وغلبة السبب الوظيفي في الذهان الوظيفي . ولهذا ، فليس من المستبعد وجود سبب عضوي وراء الذهان الوظيفي ، ولا وجود سبب وظيفي وراء الذهان العضوي .

ثالثا- أسباب الذهان ، فيما يلي أهم أسباب الذهان :

‌أ -   الوراثية: الاستعداد الوراثي المهيء، إذا توافرت العوامل البيئية المسببة للذهان.

‌ب -  الاجتماعية: الاضطرابات الاجتماعية وانعدام الأمن وأساليب التنشئة الخاطئة في الأسرة مثل الرفض والتسلط والحماية الزائدة.

‌ج -العصبية والسمية والأمراض : مثل التهاب المخ وجروح المخ وأورام المخ والجهاز العصبي المركزي والزهري والتسمم وأمراض الأوعية الدموية والدماغ كالنزيف وتصلب الشرايين.

‌د - النفسية : الصراعات النفسية والاحباطات والتوترات النفسية الشديدة ، وانهيار وسائل الدفاع النفسي أمام هذه الصراعات والاحباطات والتوترات ، والمشكلات الانفعالية في الطفولة والصدمات النفسية المبكرة .

 

رابعا- أعراض الذهان :

       أعراض الذهان شديدة إذا قورنت بأعراض العصاب ، وعادة لا توجد مكاسب ثانوية مرتبطة بالأعراض ، وفيما يلي أهم أعراض الذهان :

‌أ -   اضطراب النشاط الحركي ، فيبدو البطء والجمود والأوضاع الغريبة والحركات الشاذة، وقد يبدو زيادة في النشاط وعدم الاستقرار والهياج والتخريب.

‌ب -  تأخر الوظائف العقلية تأخرا واضحا ، واضطراب التفكير بوضوح  فقد يصبح ذاتيا وخياليا وغير مترابط . ويضطرب سياق التفكير ، فيظهر طيران الأفكار أو تأخرها ، والمداومة والعرقلة ، والخلط ، والتشتت ، عدم الترابط ، ويضطرب محتوى التفكير ، فتظهر الأوهام مثل أوهام العظمة أو الاضطهاد ، أو الإثم أو الانعدام ، واضطراب الفهم بشدة وعادة يكون التفاهم مع المريض صعبا، واضطراب الذاكرة والتداعي ، وتظهر أخطاء الذاكرة كثيرا ، واضطراب الإدراك ووجود الخداع ، ووجود الهلوسات بأنواعها البصرية والسمعية والشمية والذوقية واللمسية والجنسية , واضطراب الكلام وعدم تماسكه ولا منطقيته ، واضطراب مجراه ، فقد يكون سريعا أو بطيئا أو يعرقل ، واضطراب كمه بالنقصان أو الزيادة ، واضطراب محتواه حتى ليصبح في بعض الأحيان لغة جديدة خاصة ، وضعف البصيرة أو فقدانها ، وأحيانا يكون هناك انفصال كامل عن الواقع ، ويشوهه المريض ويعيش في عالم بعيد عن الواقع ، ويبدو عدم استبصار المريض بمرضه مما يجعله لا يسعى للعلاج ولا يتعاون فيه وقد يرفضه ويضطرب التوجيه بالنسبة للمكان والزمان .

‌ج -سوء التوافق الشخصي والاجتماعي والمهني .

‌د - اضطراب الانفعال ، ويبدو التوتر والتبلد وعدم الثبات الانفعالي والتناقض الوجداني والخوف والقلق ومشاعر الذنب الشاذة . وقد تراود المريض فكرة الانتحار .

‌ه - اضطراب السلوك بشكل واضح ، فيبدو شاذا نمطيا انسحابيا ، واكتساب عادات وتقاليد وسلوك يختلف ، ويبتعد عن طبيعة الفرد ، وتبدو الحساسية النفسية الزائدة، ويضطرب مفهوم الذات .

 

خامسا- علاج الذهان :

       جميع حالات الذهان تعالج في مستشفى الأمراض النفسية ، وذلك لما يحدثه الذهان من اضطراب شامل للشخصية ، ولما يؤدي إليه ذلك من سوء التوافق ، ولما يصاحبه من نقص في البصيرة. وفيما يلي أهم ملامح علاج الذهان :

‌أ -   العلاج الطبي بالعقاقير المضادة للذهان، كالمهدئات لضبط الانفعالات والسلوك، والعلاج بالصدمات الكهربائية تمهيدا للعلاج النفسي، والتأهيل الطبي النفسي.

‌ب -  العلاج النفسي الشامل والتدعيمي فرديا أو جماعيا . وتعديل السلوك الغريب أو الشاذ وتحقيق السلوك العادي بقدر الإمكان ، مع الاهتمام بعلاج مشكلات المريض بالاشتراك مع الأسرة .

‌ج -العلاج الاجتماعي وإعادة التطبيع والاندماج الاجتماعي وإعادة التعليم الاجتماعي ، وتشجيع التفاعل الاجتماعي وتنمية المهارات الاجتماعية . والعلاج البيئي والتدخل المباشر في تعديل البيئة . والعلاج بالعمل .

‌د - الجراحة النفسية (كحل أخير وبعد فشل جميع الوسائل العلاجية) ، بشق مقدم الفص الجبهي ، وذلك حتى يقل الإجهاد والتوتر وردود الفعل الانفعالية .

 

 

سادسا- مآل الذهان :

‌أ -    مآل الذهان الوظيفي بصفة عامة أفضل من مآل الذهان العضوي . وفي الحالات المبكرة مع العلاج المناسب ، فإن التحسن أو الشفاء يحدث في حالات تصل نسبتها إلى (80 %) من مرضى الذهان ، في مدة تتراوح بين بضعة أشهر وعام ، والعلاج المتأخر ، أو غير المنتظم ونقص التعاون من جانب المريض بإهمال العلاج من جانبه يؤدي إلى النكسات أو التدهور .

‌ب -  على العموم فإن مآل الذهان يكون أحسن : كلما عولج الذهان مبكرا ، وكلما كان بناء الشخصية قبل المرض أقوى ، وكلما تعاون المريض والأهل في عملية العلاج ، وكلما تضافر العلاج الطبي والنفسي والاجتماعي السليم .

‌ج -ويمكن التفرقة بين الذهان والعصاب كما سبق في المحاضرة الأولى.

 

سابعا - أنماط الاضطرابات العقلية

        ‌أ-        الفصام.

     ‌ب-     الاكتئاب الذهاني.

      ‌ج-      البارانويا.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 986 مشاهدة
نشرت فى 29 نوفمبر 2014 بواسطة dr-hossam-zaki

د.حسام محمود زكي علي

dr-hossam-zaki
موقع شامل متنوع كما يركز على عرض الجانب النفسي السيكولوجي في بعض جوانب الحياة مع الاهتمام بالجانب الإيجابي والتركيز على كيفية تنمية الشخصية وهو لله عز وجل ولا نهدف من ورائه للربح المادي »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

475,946