الموقع الرسمى الخاص ب" الباحثه / دنيا زيدان "

موقع متخصص فى "تكنولوجيا التعليم " "العلوم التربويه " "الدراسات الاجتماعيه " " الدراسات العليا "

منذ خمسة أعوام مضَتْ وقع العالَم في قبضة أزمة مالية لا يزال صداها يتردَّد في جميع الأنحاء. يمكن أن يُعزَى قدر كبير من ذلك إلى نقطة ضعف في النفسية البشرية؛ إذ إن لدينا ميلًا جماعيًّا لغضِّ الطرف عن المخاطر التي يمكن أن تتسبَّبَ في انهيار اقتصادات وتعريض الحضارات للخطر.

اليوم يهدِّد هذا الجهل بالمخاطر بوقوع أزمة أكبر. في كتابي «طاقة الأمم»، قلت إنَّ روَّاد صناعة الطاقة يتحمَّلون ذنب الجهل بالمخاطر التي ستؤدي — ما لم تُتخَّذ إجراءات بشأنها — إلى أزمة عالمية، مع العلم أن تغيُّرَ المناخ الذي يتسبَّبون في تفاقُمه ليس السبب الوحيد.

دعوني أبدأ بالحديث عن خلفية تجربتي في هذا الصدد. فقد عملت فيما مضى في قطاع النفط والغاز، ولكوني جيولوجيًّا ضمن هيئة التدريس في الكلية الإمبريالية للعلوم والتكنولوجيا والطب بلندن، فقد تلقَّيْتُ تمويلًا من شركة بريتيش بتروليوم وشركة شِل وغيرهما، وعملتُ في مجال استخراج النفط والغاز من رواسب الطَّفْل الصَّفْحي، إلى جانب أشياء أخرى. لكن أصابني القلق بشأن الإفراط في اعتماد مجتمعنا على الوقود الحفري، وبدأت أتحرَّك بناءً على مخاوفي.

في عام ١٩٨٩، تركت الكلية الإمبريالية لأصبح واحدًا من المشارِكين في الحملات الخاصة بالمناخ، وبعد عقد من الزمان أسَّستُ شركةً للطاقة الشمسية. وفي عام ٢٠٠٠ شاركتُ في تأسيس صندوقِ أَسْهُمٍ خاص للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.

من تلك المواقع راقبتُ نشاط أباطرة قطاع الطاقة والقطاع المالي — عادةً عن قرب وفي كثير من الأحيان خلف الأبواب المغلَقة — أثناء تكشُّف الأزمة المالية ومواصلة أسعار النفط صعودها بلا هوادة. وقد خلصت إلى أنَّ أُناسًا كثيرين في المناصب العليا في قطاع الأعمال والحكومة وجدوا سُبُلًا لإغماض أعينهم وسدِّ آذانهم إزاء مواجهة المخاطر المنهجية. أظنُّ أنَّ حالة الإنكار اكتسبَتْ طابعًا مؤسَّسيًّا.

وبسبب اللامبالاة التي يعيشها هؤلاء الأشخاص، أصبحنا نواجِه أربعةَ مخاطر كبرى. أول تلك المخاطر وأكبرها ليس غريبًا؛ وهو التغيُّر المناخي. فلدينا كميات من الوقود الحفري التقليدي غير المحترق أكثر بكثير من القدر الكافي لإفساد المناخ، غير أن كثيرين في قطاع الطاقة يعملون على اكتشاف وتطوير رواسب غير تقليدية — من غاز الطفل والرمال النفطية على سبيل المثال — مما يزيد الوضع سوءًا، مع التخلي في الوقت نفسه عن الطاقة الشمسية التي تبدو واعدة. وقد أفزعتني إلى حدٍّ ما مشاهدةُ كيفية تعامُل روساء شركات الطاقة الكبرى مع تلك المعضلة.

ثانيًا: إننا نخاطر بخلق فقاعة كربونية في أسواق رأس المال، فإذا نجح صانعو السياسات في تحقيق هدف حصر الاحترار العالمي في درجتين مئويتين، فلا بد من إبقاء ٦٠ إلى ٨٠ في المائة من الاحتياطيات المؤكَّدة من الوقود الحفري في باطن الأرض دون حرقها. إنْ حدث ذلك، فستنهار قيمة شركات النفط والغاز، وسيفقد أناس كُثُر أموالًا طائلة.

أَشْغَلُ منصبَ رئيس أحد المراكز البحثية المالية التي تهدف إلى جذب الانتباه إلى ذلك الخطر. المشجِّع في الأمر أن بعض المؤسسات المالية بدأت تسحب استثماراتها من الوقود الحفري بعد الاطلاع على تحذيراتنا. وينبغي أن يساهِم آخِر التقارير الواردة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ في نَشْر الوعي بمدى الجنون الذي ينطوي عليه السماح لأسواق الطاقة بحساب الأصول، وكأنه لا وجود لصنع السياسات المناخية.

ثالثًا: نحن نخاطِر بالتعرُّض المفاجئ لطفرة في إنتاج غاز الطَّفْل. قد يتضح أنَّ تلك الطفرة فقاعة وهمية هي الأخرى، بل ربما تكون أيضًا أحد مخططات بونزي (من أشهر أشكال الاحتيال المالي)؛ فالإنتاج المتحقق من آبار الطَّفل فُرَادَى آخِذ في التناقص بسرعة، ولا بد من اقتراض كميات كبيرة من رأس المال من أجل حفر آبار بديلة. سيفاجِئ هذا كثيرًا من الأشخاص الذين يتخذون قراراتهم بناءً على فكرةٍ مسلَّمٍ بها مفادها أن القيود على حفر آبار الطَّفل ضئيلة. لكنني لستُ الوحيد الذي تنتابه تلك المخاوف.

حتى إنْ لم يكن حفر الولايات المتحدة لآبار غاز الطَّفل وهمًا، فهو لا يزال غير مُربِح إجمالًا، وأضراره على البيئة تظهر أسبوعًا بعد آخَر على ما يبدو؛ فوفقًا للجنة تكساس لجودة البيئة، ثمة مدن بأكملها في تكساس أوشك مخزونها من المياه على النفاد؛ إذ باعت مستودعات المياه التي تمتلكها لإخضاعها للتكسير الهيدروليكي (لاستخراج الغاز). أشكُّ في أنَّ تلك طفرة ستروق لبقية دول العالم، وكثيرون يشاركونني هذا الرأي.

رابعًا: نحن نعرِّض أنفسنا لكارثة محتمَلَة بافتراضاتنا المتعلقة باستنزاف النفط؛ فمعظمنا يصدِّق مزاعم صناعة النفط بتوافر إمدادات كافية من النفط بأسعار ميسورة إلى حدٍّ ما لعقود قادمة، وأنا أنتمي للقلَّة التي لا تصدِّق ذلك؛ فقد بلغ إنتاج النفط الخام ذروته عام ٢٠٠٥، بينما تتناقَص آبار النفط بمعدل يفوق ٦ في المائة سنويًّا، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية. لا بد من وضع طاقة الولايات المتحدة الإنتاجية الجديدة من الطَّفل البالغة ٢ مليون برميل يوميًّا — والتي اقترنت بضجة شديدة — في سياقها؛ فنحن نعيش في عالَم يستهلك ٩٠ مليون برميل يوميًّا.

نظرًا للانتشار الطاغي للجهل بالمخاطر — إضافةً إلى تفشِّي الاعتماد على النفط في الاقتصادات الحديثة — أخلُص إلى أنَّه لن يكون ثمة مفرٌّ على الأرجح من انهيار المنظومة في غضون بضعة أعوام.

هذا الرأي الذي أتبنَّاه يشاركني فيه قلة من الناس، ولكن من الحكمة أن نتذكَّر قلةَ مَن أنذروا بالخطر قبل الانهيار المالي، وكيف حُطَّ من قَدْرهم مثلما يُحَطُّ اليومَ من قَدْر «مؤيدي نظرية الذروة»؛ الذين يعتقدون في بلوغ ذروة إنتاج النفط قبل أوانها.

لكنني أُومِنُ بأن هناك طريقًا إلى الصحوة، لا سيما إن اتخذنا القرارات الصائبة في أعقاب التحذيرات الأخيرة التي أطلقتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ. فلا بد أن نرعى صناعات الطاقة النظيفة واستراتيجياتها، ونعجِّل بها كأننا بصدد التعبئة للحرب، والتجارب الناشئة في ألمانيا وغيرها من البلدان تزيد مصداقية الرؤية القائلة إن الاقتصادات الحديثة يمكن أن تقوم على خليطٍ من مصادر الطاقة المتجددة. لقد أذهل جيل آبائي نفسه بمدى السرعة التي تمكَّنَ بها من حشد الدبابات والطائرات المقاتِلة وقاذفات القنابل والسفن الحربية، فإذا كان لنا أن نكرِّر المستوى ذاته في التنفيذ، فسيتسنَّى لنا تفادِي الجزء الأكبر من الأهوال التي تنذرنا بها الهيئة الحكومية الدولية المعنِيَّة بتغيُّر المناخ.

حتى هذه اللحظة كنَّا نجد سُبُلًا لدفن رءوسنا في الرمال في مواجهة التحذيرات العلمية الملِحَّة. إذا فشلنا في الانتباه لذلك التقرير وتبعاته كافةً، فستضطرُّنا الأزمة الكبرى القادمة — التي سوف تتعرَّض لها الرأسمالية — إلى التحرُّك، ولن نتمكَّن من غضِّ الطرف عن انقطاع الأنوار وعدم وصول ناقلات النفط.

المصدر: اعداد/ دنيا زيدان
doniakhamies

"كل انسان أصادفه لا بد أن يفوقني من ناحية أو أخرى و لذلك أحاول أن أتعلم منه " إمرسون

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 67 مشاهدة
نشرت فى 30 أغسطس 2014 بواسطة doniakhamies

الباحثه / دنيا زيدان ابراهيم

doniakhamies
الباحثه فى مجال تكنولوجيا التعليم بكليه التربيه جامعه الاسكندريه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

109,841

العلم والايمان


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-

"الدُّعاءَ هوَ العِبادَةُ، ثمَّ قرأَ: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ"
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-

  "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبه قبلت الماء فأنبتت الكلاء والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلاء فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثي الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به"

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
"ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا ، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة"

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: 

«سلوا اللّه علما نافعا، وتعوّذوا باللّه من علم لا ينفع»

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :

 كان من دعاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن دعاء لا يسمع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع »

عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
 «لا تعلّموا العلم لتباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السّفهاء، ولا تخيّروا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنّار النّار»

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
 «يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين»