الموقع الرسمى الخاص ب" الباحثه / دنيا زيدان "

موقع متخصص فى "تكنولوجيا التعليم " "العلوم التربويه " "الدراسات الاجتماعيه " " الدراسات العليا "

التوبة والإستغفار (149)

شرح آيات سورة الروم [21-24]

تعليق على أحداث تفجيرات الأسكندرية

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم الأحبة الكرام سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، موعد ولقاء جديد نخطو فيه سويا خطوات على طريق الهداية، بداية سنتحدث عن نوع جديد من الألم يطل علينا في مصر من محاولة التفرقة وتطبيق سيناريوهات قديمة منذ سنوات عن الفوضى الخلاقة، القصة ليست استهداف لشخص بعينه ولكنها استهداف لجمهورية مصر العربية. وكثيرا ما تردد – خصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر – أن الإسلام بريء من الجرائم ومن الإعتداء على الأبرياء ومن إراقة الدماء والإسلام بريء من كل فكر يدعو للعنف والكراهية مهما كانت الأسباب ومهما كان هناك إختلاف في الأفكار فهذه سنة كونية، للأسف الشديد يبدو أن المنطقة يراد بها أن تُجر مرة أخرى إلى هذه الهاوية. ونريد تعليقا من فضيلتكم بعيدا عن التنديد بالجرائم التي ترتكب باسم الدين لأن التنديد والشجب هذا أمر بديهي، فهل يمكن أن نركز تعليقنا على أنه أي جهات خارجية تريد أن تفتت الأمة لن تنجح مهما خططت ونفذت من عمليات إرهابية طالما أنه لا يوجد عندنا احتقان وعلاقتنا ببعضنا طيبة، فهل هذا هو المخرج؟!

د/ هداية: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم يا ربنا تسليما كثيرا وبعد، سؤالك له أهمية بمكان لأن من الواضح حتى للعين المجردة أن ما يحدث من جرائم بهذا الشكل ليس إسلاميا ولا مصريا إطلاقا، هذا أولا. ثانيا: لو فكرنا قليلا سنعلم أن الذي وراء كل هذا لو كان يعلم أن هناك احتقان لما فعل هذا، فالذي حدث يبين أنه لا يوجد احتقان.

المقدم: فهم يحاولون أن يبينوا لنا أنه يوجد احتقان.

د/ هداية: بالضبط فقبل أن يفعل هذا يحاول أن يظهر أنه يوجد احتقان، فمصر دائما وأبدا يعيش فيها شعبها نصارى ومسلمين نسيج واحد في مختلف الطبقات والأحياء وحتى في الإعلام إذا إلتقينا مع إخواننا النصارى في أي برنامج بمنتهى المودة ونتناقش ونرد ولا يوجد أي مشكلة. وما حدث من تفجيرات ف الأسكندرية كان ردا على قضية الجاسوسية الأخيرة التي تم اكتشافها من قبل السلكات المصرية، وهذا واضح جدا ولا يحتاج لذكاء؛ وكذلك لا يحتاج منا أن نأصل لهذه الجريمة ونقول أن هناك احتقان من قبلها – (من أيام نجع حمادي، وقضية وفاء وكاميليا) – لا بد أن نكون من الوعي بمكان لندرك أن هذا كله مخطط صهيوني ولم يخرج من عباءة الموساد؛ لأن وفاء قسطنطين أو كاميليا شحاتة قضايا مثارة منذ زمن ونحن نتعامل معها بأسلوب مختلف تمام عن أسلوب العنف والإجرام وبيننا وبين النصارى داخل بلدنا نتحدث فيها ولا نقبل أن تدخل خارجي وعندما عرضت مساعدات خارجية لحل هذه المشاكل لم نقبلها لا مسلمين ولا نصارى.

المقدم: هل ما قيل عن أن أخوات أعلنَّ إسلامهن واختفين أو اختطفن – وأنا لست رجل أمن لأتأكد من صحة هذا الكلام – لكن حتى لو تأكدت من هذه المعلومات هل هذا يخول لي أن أقتل نفسا؟!

د/ هداية: بالطبع لا فهذا ليس عملا مصريا ولا إسلاميا، تذكر ماذا قلنا عندما حدثت جريمة أو أحداث 11 سبتمبر قلنا أن هذا ليس إسلاما، أين الإسلام فيها كيف أكون رجل مسلم وأقتل بريئا؟! فلنعرف جيدا ماذا يقول ديننا وبماذا يأمرنا، فمن يدعي الإسلام وهو لا يعلم ما يقوله القرآن هذه مصيبة.

المقدم: المصيبة أنه تم إعلان مسئولية تنظيم القاعدة عن هذه الأحداث.

د/ هداية: أي قاعدة هذه؟! فهذا إحتيال لأن أمريكا هي المسئول الأول عن هذه الأحداث، وإن كان هناك أصلا رجل اسمه بن لادن ستجده موجود في أمريكا، مثل غورباتشوف تماما، إذا فتشت عن غورباتشوف الآن أين ستجده؟! في أمريكا. فكل ما يحدث من تخطيط أمريكا وتخطيط الموساد، وكنت أتمنى بعد أحداث التفجيرات الأخيرة أن يصدر أشخاص مثل فضيلة شيخ الأزهر وقداسة البابا شنودة بيانا – وهم تحدثوا بالفعل – لكن كنت أتمنى أن يكون أقوى ليبينوا فيه ما حدث بالفعل فأنا لا أقبل أن أكون مغفلا وأقول أن (مسلم) يعتدي على كنيسة أو على أفراد في الشارع هذا غير مقبول ولا يصح. أنا إذا اختلفت مع الكنيسة المصرية اختلافا تاما في بعض النقاط هذا شيء وارد في العقيدة، وعندما حدث واتهمونا بازدراء الأديان بالقانون رددنا عليهم وبالكتب وانتهت المسألة فأنا لست ممن يحلون مشاكلهم بالضرب ولا القتل ولا أوافق على هذا، ولا أقول الضرب أو القتل بل حتى السب أو القذف ليس من صفات المسلم، وأكرر هذا الأمر ليس مسلما ولا مصريا.

المقدم: وما يتعلق بتهديد القاعدة بضرب المزيد من الكنائس المصرية؟!

د/ هداية: رجال الأمن لا تفرق بين كنيسة أو مسجد، المسألة تحتاج رجال الفكر ورجال العلم ورجال الدين في الكنيسة المصرية ونكون واضحين في رفضنا هذا الفكر تماما، ونؤكد على أنه ليس بمصريا ولا مسلما إطلاقا.

شرح آيات سورة الروم

المقدم: الله المستعان في الفترة القادمة ويجب ألا نسمح نحن بأنفسنا أن يستغل أي طرف خارجي هذه الأحداث أبدا لأن الإختلاف والتنوع سنة إلهية كونية لكن بالتزام آداب الخلاف وكفالة حرية الإعتقاد لأي فرد كان. اليوم عندنا إرتحالة في سورة الروم – وكنا وعدنا منذ فترة أن نسجل سلسلة حلقات عن الأمن النفسي والسلام الإجتماعي الذي هو ركيزة أي مجتمع، بمعنى أنني لو لم أتمتع بهذا الأمن والسلام في منزلي مع زوجتي لن أستطيع أن أنجز مهام عملي أو أحقق أي تقدم على أي مستوى سواء أمتي أو قضيتي السياسية؛ فمعظم الآراء الآن تقول بأن السبب الأول لهذا التدهور هو عدم وجود بيوت مقامة على أساس المودة والرحمة والسكينة، وقد صادفنا في هذه الآيات في سورة الروم وقفنا عند آية (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [21] ففي مطلع الآية أشار المولى المولى عز وجل إلى أن الأزواج أو الزواج من آياته سبحانه وتعالى وفي نهاية الآية أيضا أشار إلى أنه آية أخرى لقوم يتفكرون. كيف نتفكر قبل أن نعيد الهدوء والسكينة للبيوت ونعيد التحكيم إلى شرع الله تبارك وتعالى في خلافاتنا الزوجية ؟! نسمع معا الآيات: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ * وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [الروم:21-24] كل مرة يبين المولى عز وجل أنه من آياته كذا وكذا فما الحكمة من تكرار تعدد هذه الآيات على مسامعنا؟!

د/ هداية: في البداية لا بد من التوضيح أن كلمة آية لا تعني آية من القرآن فقط بل أيضا تعني الآيات الكونية فمثلا (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ) [آل عمران:190]

المقدم: الآيات بمعنى المعجزات.

د/ هداية: المعجزات الكونية الكبيرة التي تجعل الحجر يخشع، المعنى اللغوي لكلمة آية هو آية كونية أولا قبل أن تكون آية قرآنية حتى في استخدام لسان العرب كلمة آية هي المعجزة – آيات موسى معناها معجزات – فكلمة آية في اللغة بمعنى معجزة بما في الكلمة من معنى ابتداءً ثم أخذت على آيات القرآن لأن القرآن كله كلام مُعجز، وكلمة مُعجز ليس معناها الإنبهار به فقط لكن بمعنى أنه مُلفت أي يجعل أهل اللغة يُفكروا ثم يُعدل لهم اللغة واستخدام الكلمات.

المقدم: أليس من معاني لكمة (مُعجز) أيضا أنه يُعجز ما سوى الله تبارك وتعالى أن يأتي بمثله؟!

د/ هداية: هذه النقطة منتهية إبتداءً فلن يستطيع بل لن يجرؤ أحد على الإقتراب من التقليد لأنه سيُفضح من أول سؤال وهذه سر الحروف المقطعة في القرآن، وقلنا من قبل أن الذي يحاول أن يصل إلى سر الحروف المقطعة لا يفهم الموضوع.

المقدم: وما هو سر الحروف المقطعة في الرأي الراجح عند فضيلتكم لأن فيها إجتهادات كثيرة جدا، بعد الفاصل.

********فاصل **********

د/ هداية: هو الرأي الراجح أنها من أسرار القرآن الكريم التي لا يجب أن تعرف معناها لأنه لو عُرف معناها لكان من الممكن تقليد القرآن؛ أي أني لو عرفت معنى (ألم) سأقول لك أنا (سين كاف صاد) وأقول لك ما معناها قياسا على معنى (ألف لام ميم) وبالتالي سينتهي إعجاز القرآن الذي هو من عهد محمد إلى يوم القيامة، فلا بد أن يبقى سر في القرآن لا يُعرف سبب له ولا يُعرف معناه مهما اجتهدت. عندما كنا ندرس كان هناك 16 رأي لتفسير الحروف المقطعة وحتى الآن الإجتهادات في ازدياد كلها في رأيي خارجة عن مضمون ما قاله الصِّدِّيق رضوان الله عليه وهو ألا يحاول أحد أن يجتهد لأنه لا بد أن يبقى سر في القرآن ليظل التحدي قائماً إلى يوم الدين. (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ) [البقرة:23] وقلنا معنى (من مثله) أي من مثل الأمي وليس من مثل القرآن لأن مثلية القرآن مستحيلة بنص القرآن (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء:88] فلو عُرف معنى (ألم، كهيعص) سيقول شخص مثلا (ر ل س) وسيقيسها على المعنى الذي عُرف لـ(ألم).

المقدم: لكن لم يكن من الحكمة أيضا أن الرسول عندما يتلو القرآن بما فيه الحروف المُقطَّعة ويسمعه العرب فيتعجبوا كيف لهذا الرجل الأمي الذي لا يكتب ولا يقرأ أن ينطق الحرف المجرد (ألف، لام، ميم) من الذي علَّمه؟!

د/ هداية: الله تبارك وتعالى، هناك فرق بين أن أقول أنا (ألف، لام، ميم) وتسألني أنت عن معناها. فأنا قلت (ألف، لام، ميم) في سورة البقرة ثم في سورة الشرح قرأت نفس التركيب (ألم) إذن هي من عند الله هذا أولا، ثانياً هذا الأمي والذي احتفظ له القرآن بصفة الأمية يتهجى حروف الكلمة وينطقها – ونحن نعلم جميعا أن الشخص الأمي حتى في زماننا هذا يمكن أن ينطق أي كلمة لكن لا يستطيع أن يتهجى – فهذه الحروف المقطعة تبين أن هذا الأميّ قد تعلم لكن لا يبين معناها وعدم الوصول للمعنى ليظل الإعجاز قائم (لا يأتون بمثله)

المقدم: نرجع للآيات مرة أخرى لماذا كرر الله تعالى على مسامعنا (من آياته) وذكر الزواج ضمن الآيات الأخرى؟!

د/ هداية: ذكر المولى عز وجل آية الزواج ضمن تلك الآيات الأخرى لننتبه فالزواج هذا شيء كل الناس تفعله كل يوم وعلى الرغم من ذلك لا ننتبه إلى الآيات الموجودة فيه ولذلك جاء ذكره مع آية الليل والنهار التي لا ندرك نحن جميع الآيات الموجودة فيها، كأني بالله تبارك وتعالى ينبهنا ويحذرنا من أن يأتي علينا الزمان الذي لا تتفكرون فيه في الآيات الموجودة في الزواج – رغم أننا نفعله كل يوم – مثلما لا تتفكرون في الآيات الموجودة في الليل والنهار. نحن يوميا يكون هناك عقود زواج وبيوت تؤسس ولا زالت المشاكل الزوجية قائمة لأن الزواج أصبح مثل البرق والليل والنهار ومستعصي على العباد. فلو سألت شخصًا مثلا عن الآيات الموجودة في البرق سيقول أنا لا أفهم في هذا أنا لست عالم جيولوجيا، وإذا سألناه عن آيات الزواج هذا الذي يعرفه جيدا أصبح أيضا مستعصيًا عليه – ونسمعهم يقولون عن فلان (هذا مزواج) أي كثير الزواج وبيوته الأربع كلها خربة – ولم يدرك أن الزواج آية من آيات الله تحتاج إلى تفكر وتدبر ووعي ونصح وإرشاد. نحن عندما نشرح آيات الزواج نبين كيف يقام البيت المسلم ونبين كيف تلقف الرسول (صلى الله عليه وسلم) هذه الآيات وبيَّن للناس كيف يكون الزواج. فمن ضمن الأمثلة أنه حتى الآن هناك من يفهم كلمة (الرجال قوامون على النساء) أنها شرف أو إستعلاء ولا يفهم أن قوَّامون تُعني خدَّامون. وكذلك عندما يقول المولى عز وجل (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) فكلمة جعل ليس معناها أنه سبحانه وتعالى أجبر الناس على أن يتعاملوا بالمودة والرحمة، هو جعل مودة ورحمة لكن من الذي بحث عن هذه المودة والرحمة وأخذ من الوعاء الذي جعله الله تبارك وتعالى؟! ففي آخر الآيات (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) وليس يتدبرون أو يعقلون؟! لأن التفكر هو الذي ينقص الزواج اليوم لا يوجد تفكر في الزواج والبيوت مليئة بالمشاكل.

المقدم: وهل معنى ذكر آية الزواج بين الآيات الكونية الكبيرة أن ننتبه إلى أنه شيء معجز وكبير ويستلزم أن نتفكر فيه؛ لأن الجمع بين نفسين مختلفين وجعل بينهما مودة ورحمة ليس شيئا سهلا، وتنبيه لنا من المولى عز وجل أننا قبل أن نُقدم على هذا الأمر لا بد من أن نقيم الدعائم؟!

د/ هداية: مثلا على سبيل المثال – ولله المثل الأعلى – عندما نشرح لساكني الصحراء أن البرق ممكن أن يصعق كهربيا أو يقتل أحيانا، فبدأ ساكني الصحراء يأخذون احتياطهم بمسألة تفريغ الشحنات وما إلى ذلك فبالتالي أخذوا دعائم لكل فعل، أما عندما يأتي الرجل ليتزوج يذهب ويتزوج دون أن يفكر أو يأخذ دعائم الزواج. عندما ننظر للزواج في القرآن نجده قائم على دعامتين أو قائمين وهذين القائمين لا يمكن أن يجمعا معا لو أخذت قائمًا ونجحت فيه لن أحتاج إلى الآخر (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة:229] طالما أنك تؤدي القائم الأول كما يرتضيه الله تبارك وتعالى وكما علمك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كيف تؤديه لن تحتاج للقائم الآخر، أما إذا فشلت في أن تقيم الأولى (إمساك بمعروف) فتقيم الثانية (أو تسريح بإحسان). لو نظرنا لحال المسلمين اليوم نجد الإمساك بالمعروف غير موجود وإذا حدث طلاق يكون العداء والكره والفضائح والسباب؛ فلم يقام الإمساك بالمعروف ولا التسريح أقيم بإحسان. والسبب كما قلت أننا اعتبرناه أمرا سهلا ولا يستحق أن نتفكر فيه.

المقدم: ونجد زيجات كثيرة يحدث فيها طلاق بعد أسبوع أو شهر أو شهرين.

د/ هداية: لماذا يحدث الطلاق بهذه السرعة لأننا لم نفهم أن القائمة الأولى (الأمساك بمعروف) أقيمت على قوائم: (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) [النساء:34] ولم يقل آذوهن بل قال اضربوهن، ولم يفهم أحد معنى الضرب في اللغة فالضرب له توصيف والأذى له توصيف آخر، هل رأيت زوج يطبق هذه الآية (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ) ولم يقل نشزن أي عندما يظهر للزوج في الأفق أنها احتمال تنشز (فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ) وشرحنا معنى في المضجع وليس من المضجع أي تهجرها لكن لا تترك المضجع، (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ) اسمع قول المولى عز وجل (فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) ثم من الذي سيتصدى للزوجة عندما يحدث افتراء عليها من الزوج (إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) فكل هذا لم يُشرح لا للذكور ولا للإناث فبالتالي يحدث الطلاق. فنجد مثلا عندما يريد الرجل أن يتزوج يأخذ معه أهله وأصحابه ويذهب لأهلها وعندما يطلِّقها يقول لها في الساعة الثانية ليلا اذهبي لأهلك؛ هذه قلة أدب. فلا بد أن تطلق كما تزوجت.

المقدم: كما تزوجت بالأدب وبحضور الأهل فالطلاق أيضا يكون بالأدب – إذا كان لا بد واقعا.

د/ هداية: هذه الكلمة تذكرني بمقولة بعض المشايخ (إن أبغض الحلال إلى الله الطلاق) ما معنى هذا الكلام؟! – هل يستطيع أحد أن يجبر المولى عز وجل أن يأمر بشيء هو يبغضه سبحانه وتعالى جل في علاه – هذا ليس حديثا شريفا وليس له معنى ورغم ذلك كثير من المشايخ تقوله. الخطورة في أنك عندما تزوجت هذه المرأة أخذتها من بيت فعندما تُطلِّقها تذهب لأهل البيت الذي أخذتها منه. القرآن يوجه الأسرتين مثلما قال للزوج (وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ) قال لولي أمر الزوج أو الزوجة (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا) فالشقاق لم يقع لكن ولي الزوج مثلا وجد شيئا ليس كالمعتاد بينهما فعلى الفور يبدأ بالتحرك ويتحدث مع ولي الزوجة مثلا ليسأل ما الذي حدث ويحاول تهدئة الأمور قبل أن يقع الشقاق (فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) [النساء:35]

المقدم: عائدة على من (إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا)؟!

د/ هداية: تحتمل كل المعاني وعندنا في اللغة العربية صيانة احتمال رائعة في هذه الآية: (إن يريدا إصلاحا) يمكن أن تعود على الزوج والزوجة، ويمكن تعود على الزوج والحكم الذي من أهله في ناحية والزوجة الحكم الذي من أهلها في ناحية أخرى، وممكن تعود على الزو والزوجة في ناحية والحكمين في ناحية أخرى، لماذا صيانة الإحتمال رائعة في هذه الآية لأنها تبين أنه إذا أيا من الأطراف أراد سيوفق الله بينهما. ولا بد أن ننتبه أن هناك من يدعي انه يريد الإصلاح وهو لا يريد الإصلاح لأن من مقومات الإصلاح أن أبدأ بنفسي فإذا رأيت زوج متكبر وزوجة متكبرة فاعرف أن طريق الإصلاح مغلق.

المقدم: لماذا تحولت المسألة إلى صراع أشبه بصراع كرة القدم الرجال في فريق والنساء في الفريق الآخر وكل يلقي اللوم على الآخر، فدائما الإتهام متبادل الرجل يقول أن المرأة على أسباب تافهة تطلب الطلاق، والمرأة تقول أن الرجل يستخدم كلمة الطلاق كالعلكة في فمه، فما السبب وهل هناك حل لهذه القضية من القرآن. نتابع بعد الفاصل.

********فاصل **********

شرح الحديث (استوصوا بالنساء خيرا ؛ فإن المرأة خلقت من ضلع،)

د/ هداية: الخطأ من البداية من الإختيار وأخطأنا عندما تساهلنا في العقد الذي سمَّاه القرآن (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) [النساء:21] وذهبنا إلى العرفي والمسيار، فنجد أن المولى عز وجل يُعظِّم الزواج ونحن نتساهل فيه، فالزواج هو الزواج هو ما علمنا إياه الرسول (صلى الله عليه وسلم): قبول وإيجاب وإشهاد وإشهار. فالخطأ من البداية لأننا لم نطبق ما علمنا إياه رسول الله (صلى الله عليه وسلم). بالنسبة للسكن (لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) هذه منطقة في منتهى الخطورة أنا ارى أن نسبة النجاح فيها لا تتعدى الـ 1% لماذا ؟! لأن ما علمنا إياه القرآن والسنة الصحيحة فهمناه نحن بأهوائنا، وعندنا في سورة الروم أيضا ليس من قبيل الصدفة (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ) نأخذها في كل شيء ليس في العقيدة فقط. على سبيل المثال – ولله المثل الأعلى – في مسألة حديث الرسول الصحيح 100%: (استوصوا بالنساء خيرا ؛ فإن المرأة خلقت من ضلع، و إن أعوج شيء في الضلع أعلاه ؛ فإن ذهبت تقيمه كسرته، و إن تركته لم يزل أعوج ؛ فاستوصوا بالنساء خيرا) هذا الحديث أخذه اليهود وألَّفوا قصة خيالية يشرحها المسلمون حتى الآن، اليهود قالوا أن حواء خلقت من ضلع آدم، والناس التي لا تفهم قرآن أو حديث يصدقوا هذا الكلام لأن الرسول قال أن المرأة خلقت من ضلع، فهل الرسول قال من ضلع آدم؟! واليهود قالوا أن آدم استيقظ من نومه في الجنة وجد حواء بجانبه خلقت من ضلعه فتزوجها، هذا كلام اليهود. والقرآن يقول: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) [البقرة:35] (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) [الأعراف:19] فأنا كمسلم هل أصدق قرآني أم أصدق كلام اليهود؟!

المقدم: وما معنى الضلع في الحديث؟!

د/ هداية: الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يتكلم بالحديث الشريف فور نزول الوحي بل تكلم بعد فترة تعلم فيها اللغة العربية وبالتحديد لغة القرآن ولغة القرآن الكريم فيها من المجاز ما يجعلنا نقف عند هذه النقطة لنتعلم فاسمع كلام الرسول (استوصوا بالنساء خيرا؛ فإن المرأة خلقت من ضلع) لو تكلمنا بيولوجيا وأخذنا ضلع آدم وحللناه سيعطي تركيب عظمي فقط لأن الضلع عبارة عن عظام ولن يعطي تركيب الجلد او الشعر مثلا.

المقدم: وفكرة الاستنساخ التي يأخذوا فيها خلية صغيرة ؟!

د/ هداية: في فكرة الاستنساخ تأخذ خلية حية فيها كل شيء وليس شيئا واحدا. النقطة الأهم عندما نتكلم في المجاز اللغوي وظيفة الضلع ووظيفة الخلق، فلو وضعت يدك على الضلع في جسمك ستجده يأتي عند منطقة معينة وينحني أي يعوج وهذا هو غاية استقامته لأداء وظيفته. واختار الرسول (صلى الله عليه وسلم) لفظ أعوج على وزن أفعل التفضيل أي أن أفضل وضع أن يكون منحنيا فلو لم يكن الضلع منحنيا لسقط القلب والرئتين لأنه يحتوي الرئتين والقلب، والخالق الأعظم سبحانه وتعالى هو الذي خلقه على هذا الشكل المنحني إذن إعوجاجه بهذا الشكل هو غاية استقامته لأداء وظيفته، وهكذا شبه الرسول المرأة، فالرسول يشبه وظيفة المرأة بأنها تحتوي الرجل والأولاد كما يحتوي الضلع القلب والرئتين فهذا مجاز.

المقدم: أي أن هذا مدح في المرأة وليس ذمَّا.

د/ هداية: بالتأكيد هذا مدح في المرأة فالرسول يقول: (استوصوا بالنساء خيرا) مثلما أقول لك انتبه لضلعك إياك وأن ينكسر وإلا ستتعرض لمشاكل صحية كبيرة، هذه هي اللغة العربية، (استوصوا بالنساء خيرا) يعني انتبه لها لأنها خلقت لراحتك (فإن ذهبت تقيمه كسرته، و إن تركته لم يزل أعوج) ما معنى كسرته أي أفشلته في أداء وظيفته.

المقدم: السؤال هنا في الحديث لماذا أذهب لأقيمه وأجعله يفشل والمفترض أنه يؤدي وظيفته على أكمل وجه؟!

د/ هداية: معنى أنك اشتكيت من عدم أداء وظيفته على أكمل وجه أنك أخطأت في الاختيار من البداية وهذه هي المنطقة بين الحديث والآية فالرسول متى تكلم؟! بعد نزول الآية فكلامه (صلى الله عليه وسلم) مبني على آيات القرآن فلو أخذت من الآية والحديث ستنعم بالسعادة إنما أنت اخترت من البداية بطريقة خاطئة فعندما يشرح لنا الرسول ويقول (تنكح المرأة لأربع) وتأتي أنت وتختار واحدة غير التي اختارها الرسول من الذي سيشتكي؟! أنت. فعندما تبحث عن زوجة اجعل كل مقاييسك تأتي بعد الدين.

المقدم: كيف نطبق هذا من الناحية العملية؟!

د/ هداية: بألا تتعجل وتختار بتأني وتستمع لكلام الكبار.

المقدم: وتطبيق (لتسكنوا إليها) هذا نجده عندما نجد مثلا زوجان حديثي الزواج ونلاحظ أن الزوج عاداته تغيرت للأفضل.

د/ هداية: وهذا هو الغرض من الحديث والآية فإما أن تجد الزوج تغير للأفضل أو الزوجة تغيرت للأفضل أو الإثنان تغيرا للأفضل. فعدم اتباع القرآن والسنة في مسألة مثل الزواج يمكن أن يؤدي لمشاكل في المجتمع تظهر بعد فترة.

المقدم: فهل هذا يستلزم أن نوعي شبابنا وبناتنا المقبلين على الزواج أن الزواج مسئولية كبيرة ويحتاج لتفكر وليس فقط أحلام وردية.

د/ هداية: وعلى هذا يبكي العارف فالمسألة ليست بيت سيؤسس وفقط بل يحتاج لمؤهلات لأنك ستربي وتعلم لأن التربية قضية هامة جدا واختيار الزوجة التي تربي قضية أكثر أهمية. هذا الموضوع الحل فيه هو الوقوف بين الآية والحديث.

المقدم: أرجو أن نراجع نفسنا في مسألة الزواج ولا نتعجل وأن نتبنى فكرة وندعو لها فكما أننا نجبر من يريد رخصة لقيادة السيارة أن يتعلم ويجتاز امتحانات معينة لثبيت أن هذا الشخص آمن ليقود سيارة في الشوارع وكما أن بعض الدول تطبق مسألة الكشف الطبي قبل الزواج منها مصر فلماذا لا نطبق فكرة التأهيل النفسي والإجتماعي والشرعي للمقبلين على الزواج لنتأكد من قدرتهم على تأسيس بيت مسلم يفيدوا أنفسهم وأولادهم والمجتمع ككل ونحدد لها مناهج مدروسة لإنقاذ الذرية من الفساد والضلال الذي يضر بالمجتمع. جزاكم الله خيرا ونراكم على خير وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

بُثّت الحلقة بتاريخ 14/1/2011م وطبعتها الأخت نسمة عبد الحميد جزاها الله خيرا وتم تنقيحها

المصدر: اعداد/ دنيا زيدان
doniakhamies

"كل انسان أصادفه لا بد أن يفوقني من ناحية أو أخرى و لذلك أحاول أن أتعلم منه " إمرسون

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 68 مشاهدة
نشرت فى 29 أغسطس 2014 بواسطة doniakhamies

الباحثه / دنيا زيدان ابراهيم

doniakhamies
الباحثه فى مجال تكنولوجيا التعليم بكليه التربيه جامعه الاسكندريه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

113,595

العلم والايمان


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-

"الدُّعاءَ هوَ العِبادَةُ، ثمَّ قرأَ: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ"
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-

  "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبه قبلت الماء فأنبتت الكلاء والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلاء فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثي الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به"

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
"ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا ، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة"

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: 

«سلوا اللّه علما نافعا، وتعوّذوا باللّه من علم لا ينفع»

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :

 كان من دعاء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن دعاء لا يسمع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع »

عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
 «لا تعلّموا العلم لتباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السّفهاء، ولا تخيّروا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنّار النّار»

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
 «يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين»